صحيفة التغيير السودانية:
2025-12-14@12:49:17 GMT

عام على الحرب العبثية

تاريخ النشر: 16th, April 2024 GMT

عام على الحرب العبثية

 

محمد عبد الرحمن الناير (بوتشر)

مر عام على حرب 15 أبريل العبثية بكل بشاعتها وفظائعها، وقد بات السودان على عتبة الانهيار والتمزق، وملايين من القتلى والمشردين والمفقودين والمحاصرين تحت وابل الرصاص وحمم القنابل التي تُسْقَط على رؤوس المواطنين العزل في دارفور وكردفان والخرطوم والجزيرة. أطراف الصراع ارتكبت انتهاكات فظيعة ترتقي لمرتبة جرائم الحرب والتطهير العرقي والإبادة الجماعية، وقد استخدام الجيش الغذاء والمساعدات الإنسانية كسلاح في مواجهة المواطنين الجوعى، لا سيما في غرب السودان.

هنالك نذر مجاعة طاحنة تلوح في الأفق، حيث العشرات من الأطفال والنساء الحوامل وكبار السن يموتون يومياً في دارفور بسبب سوء التغذية وانعدام الغذاء والأمراض الفتاكة. ساد خطاب الكراهية والعنصرية العرقية والجهوية والتحشيد القبلي والمناطقي لتوسعة رقعة الحرب، فإن تسليح المواطنين وعسكرتهم على هذه الأسس سيقود السودان حتماً للحرب الأهلية الشاملة التي باتت أقرب من أي وقت مضى، مما يجر الإقليم بأكمله في أتون حرب مدمرة، لا سيما دول جوار السودان التي توجد فيها امتدادات عرقية وقبلية لكثير من المكونات السودانية. دخول التنظيمات الإرهابية المتطرفة العابرة للحدود إلى ساحة الصراع موالية لفلول نظام المؤتمر الوطني والحركة الإسلامية الذين أشعلوا هذه الحرب بحثاً عن العودة إلى السلطة بعد أن أسقط الشعب نظامهم بثورة شعبية سلمية، ومن أجل قطع الطريق أمام التحول المدني الديمقراطي الذي يؤسس إلى بناء دولة مواطنة متساوية بين جميع السودانيين وإعادة بناء جميع مؤسسات الدولة وفق أسس قومية جديدة وبناء جيش وطني واحد وخروج العسكر من ممارسة العمل السياسي والاقتصادي. لا يلوح الأفق القريب حسم عسكري نهائي لأي من الأطراف المتحاربة، ولا يزال الحل السلمي عبر التفاوض والحوار بعيد المنال، في ظل تعثر منبر جدة والمبادرات الإقليمية والمحلية، والتعنت في إقرار وقف إطلاق النار وفتح المسارات الإنسانية لإيصال الإغاثة والمساعدات الإنسانية للمواطنين المحاصرين في المدن والمخيمات. آمل أن تتحلى أطراف الصراع بروح المسؤولية الوطنية والأخلاقية، وينظروا إلى معاناة شعبنا العظيم؛ بسبب هذه الحرب اللعينة التي أزهقت الأرواح، ودمرت البنية التحتية، وعرضت النسيج الاجتماعي والوجدان الوطني إلى هزة عنيفة تحتاج إلى عقود من الزمان لاستعادة لحمتها وتضميد جراحاتها. هناك ضرورة ملحة وآنية لإعلان وقف شامل لإطلاق النار وفتح المسارات الإنسانية والجنوح إلى للحلول السلمية وتجنيب بلادنا خطر الانزلاق في أتون حرب أهلية وشبح التفكك والانهيار، لجهة أن الحوار والتفاوض هو أقصر الطرق للحل وأقلها تكلفة، وشعبنا العظيم يستحق أن ننظر إليه بعين الرحمة والإنسانية. المجتمع الدولي صامت عما يجري في السودان، ولم يحرك ساكناً لإجبار أطراف الصراع بوقف الحرب وفتح المسارات الإنسانية والدخول في عملية سلمية جادة تؤسس لإنهاء الحرب والدخول في عملية سياسية شاملة لا تستثني سوى نظام المؤتمر الوطني وواجهاته؛ ولم يقم بواجبه الإنساني والأخلاقي بتقديم المساعدات الإنسانية وإغاثة الجوعى الذين يموتون يومياً. يجب على القوى السياسية السودانية الشريفة التي يهمها أمر السودان وحاضره ومستقبله عدم التورط في اصطفافات الحرب لأجل مكاسب شخصية وحزبية رخيصة، ويجب أن يصطفوا مع السودان أرضاً وشعباً وعدم دعم مخططات تدمير وتفكيك السودان، ويجب أن نسعى جميعاً بكل صدق وإخلاص وتجرد لتكوين أكبر جبهة وطنية لوقف وإنهاء الحرب وممارسة الضغط السياسي والجماهيري والدبلوماسي على أطراف الصراع وإنقاذ ما تبقى من السودان، واستشراف المستقبل والتحول المدني الديموقراطي ومخاطبة جذور الأزمة التاريخية بصورة صحيحة، والتوافق على تشكيل حكومة انتقالية مدنية بالكامل من شخصيات مستقلة، تلبي شعارات ثورة شعبنا وتضحياته العظيمة، تعمل على تضميد الجراحات وإنصاف الضحايا ومحاسبة الجناة وكافة المجرمين قديماً وحديثاً، فلا تصالح أو عفو مع أي قطرة دم أهدرت في وطننا الجريح. الوسوممحمد عبد الرحمن الناير (بوتشر)

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

إقرأ أيضاً:

حوار مع صديقي المصري عاشق السودان

ليس كلُّ مصري يعرف أىَّ شئ عن السودان، واِنْ كان معظمهم يزعمون ذلك خاصةً سائقي سيارات الأُجرة!! ولعل مردّ ذلك ناتج من كثرة مخالطتهم (لاخواتهم) السودانيين ولكثافة وجود أبناء السودان منذ زمن بعيد في مصر، لكن صديقي المصري عاشق السودان يعرف بلادنا عن قرب ومعايشة لصيقة بأهله، ذلكم هو الدكتور عبدالعاطي المناعي الطبيب الانسان رائد السياحة العلاجية، ومن المفارقات أنه لم يدخل السودان أولَ مرةٍ بصفته طبيباً- إنَّما زاره بصفته مديراً لأعمال المحسن الكبير الشيخ الحاج سعيد لوتاه، لينفذ مشروعاً له في ولاية الجزيرة حيث توطدت صلته بالأستاذ عبد المنعم الدمياطي، والبروفسير الزبير بشير طه، والفريق أول عبد الرحمن سرالختم، والأستاذ عبد الباسط عبد الماجد، وغيرهم كثير، ومن ثم انداحت علاقاته مع أهل السودان، الذي زاره لأكثر من خمسين مرة، وأقام فيه السنوات ذوات العدد وأسس فرعاً لمركز ترافيكير، وشهد لحظة اندلاع الحرب، وعاش في قلب المعارك بالخرطوم لمدة تزيد عن شهرين متتاليين وانتقل لمدني ثم بورتسودان قبل أن يغادر إلى جوبا عاصمة جنوب السودان، وكتب كتاباً- تحت الطبع- وثَّق فيه بعضاً من شهادته على الحرب!!

د.المناعي قال لي وهو في حالٍ من الدهشة عن ما يجري من بعض ضيوف مصر من أهل السودان الذين وصلوا بعد الحرب إذ لم يجد فيهم مثل من عرفهم من قبل!!
قال: شهدت مصر لجوء كثيرٍ من العرب من دول مختلفة، ولكنها لا تعتبر السودانيين لاجئين، فأهل مصر يعتبرون أهل السودان أشقاء بحق وحقيقة، هذه هي القاعدة، وإن كان لكل قاعدة شواذ!!
لكن ما تُظهره بعض فئات السودانيين من سلوكيات غير مناسِبة لأناسٍ وطنهم فى حالة حرب وجودية يكون بعدها أو لا يكون .. شئ يجعل الحكيم حيران!!

حفلات ساهرة ورقص خليع، نحن لم نَرَ مثل ذلك من جنسيات أخرى سبق وصولها لمصر وصول السودانيين بعد الحرب!!

صحيح أن معظم السودانيين فى حالة ذهول وحزن شديدين، ويتحرَّقون شوقاً للعودة لبلادهم، لكن تفشي ظاهرة هذه السهرات طغىٰ على ما سواه من ما يعانيه أهل السودان في مصر من آلام مع قسوة الحياة خارج أرضهم وديارهم !!

والناشطون من السودانيين على وسائل التواصل الإجتماعي، وهو الإعلام الأكثر تأثيراً والأسرع وصولاً للمتلقي، مشغول بسفاسف الأمور ومحاربة طواحين الهواء أما الإعلام الرسمي فمحصلته صفر كبير مع شديد الأسف.

وعلى ذكر الإعلام يقول د.المَنَّاعى لماذا لا نلحظ اهتماماً من إعلام سائر الدول العربية تجاه ما يدور فى السودان، ومصر ليست أستثناءً ؟؟
فى الوقت الذي نجد فيه إعلاماً سالباً تنشط فيه دولة الإمارات مع دورها المعروف في هذه الحرب، لدى كل دول العالم !!

ويختم د.المناعى هذه التساؤلات الحيرىٰ بتأكيده أن السياسة ليست من اهتمامته، لكن الوضع الماثل قد اضْطَره لطرح هذا الموضوع على كل سوداني يلتقي به، فهو عاشق للسودان ولكل ماهو سوداني!!!

وهكذا لم يَدَعْ صديقي المصري عاشق السودان، لِىَ ما أقول!! فالحقُّ أًنطَقه وأخْرَسَني، وبدا الحوار وكأنه من طرفٍ واحد.

والحقيقة أن ماتنضح به مجالس السودانيين في مصر أو بالأحرىٰ في القاهرة عن مثل هذه الممارسات الشائنة شئ لا يمكن الدفاع عنه، بل هى أشياءَ لا يمكن السكوت عليها، ولكن ما باليد حيلة، اللهم أهدِ قومي فإنهم لا يشعرون، ولا أقول لا يعلمون، فالأمر لا يحتاج إلى علمٍ أو كثير بيان، ومع كون أن التعميم ظالم، فهنا في مصر الكثير جداً من الأسر الكريمة المتعففة التي تعانى من شظف العيش في بلد ليس له فيها مصدر رزق ولا قريب قادر على التخفيف من وطأة الحياة اليومية فهم فى بلد [مافيهاش يامَّه أرحمينى] !!

ولربما وجد بعضاً من المطربين والمطربات وفِرَقَهم العذر في أن ما يفعلونه هو لجني المال لأنهم في بلد القول المأثور فيها [معاك قرش تساوي قرش، ما معاكش ما تسواش] !! لعن الله الفقر فإنه يذل أعناق الرجال، ولربما امتثلوا للمقولة الشعبية السودانية [بلداً ما بلدك أمشي فيها عريان] !!
لكن تلك المقولة -على عوارها- كانت مبلوعة قبل أن يصبح العالم كقرية واحدة يُرى فيها العريان أين ما كان !!

عفواً صديقي الفاضل فإن ما تراه هو من عقابيل الحرب التي لم تكن في الحسبان، أو على الأقل ليست بمثل هذه الصورة البشعة، عسىٰ أن تكون خيراً لنا،قال تعالى:-
﴿كُتِبَ عَلَیۡكُمُ ٱلۡقِتَالُ وَهُوَ كُرۡهࣱ لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰۤ أَن تَكۡرَهُوا۟ شَیۡـࣰٔا وَهُوَ خَیۡرࣱ لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰۤ أَن تُحِبُّوا۟ شَیۡـࣰٔا وَهُوَ شَرࣱّ لَّكُمۡۚ وَٱللَّهُ یَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ﴾

جزىٰ اللهُ الشدائدَ كلَّ خيرٍ عرفت بها عدوِّى من صديقى ، ياصديقى.

محجوب فضل بدري

إنضم لقناة النيلين على واتساب

Promotion Content

أعشاب ونباتات           رجيم وأنظمة غذائية            لحوم وأسماك

2025/12/11 فيسبوك ‫X لينكدإن واتساب تيلقرام مشاركة عبر البريد طباعة مقالات ذات صلة نسمع ضجيجاً ولا نرى2025/12/11 إبراهيم شقلاوي يكتب: العودة للخرطوم ورسائل مفضل2025/12/11 إسحق أحمد فضل الله يكتب: (يا أيها القبر… كم أنت حلو)2025/12/11 هذه المقالة حِصراً لغير المتزوجين2025/12/10 قصة السرير !!2025/12/10 الجيش والمليشيات: لكن الدعم السريع وحش آخر2025/12/10شاهد أيضاً إغلاق رأي ومقالات آلهة “تقدم” تعاقبنا بحمل صخرة الكيزان صعوداً وهبوطاً إلى قيام الساعة 2025/12/10

الحقوق محفوظة النيلين 2025بنود الاستخدامسياسة الخصوصيةروابطة مهمة فيسبوك ‫X ماسنجر ماسنجر واتساب إغلاق البحث عن: فيسبوك إغلاق بحث عن

مقالات مشابهة

  • التصعيد يعود لشرق الكونغو وقلق من تمدد الحرب.. هل انهار اتفاق السلام؟
  • الفظائع التي تتكشّف في السودان “تترك ندبة في ضمير العالم”
  • خبراء في الشؤون الأفريقية لـ«الاتحاد»: تدهور خطير للأوضاع الإنسانية في السودان
  • سقوط هجليج
  • السودان بين العواصف الدبلوماسية وتضييق الخناق الدولي على المليشيات وتصاعد الأزمة الإنسانية
  • أكد عدم اطلاعهم عليها بعد.. مسؤول بالكرملين: قد لا نرحب بالمقترحات الأمريكية الأخيرة بشأن الصراع في أوكرانيا
  • “قداسة البابا “: من الأسرة يخرج القديسون وهي التي تحفظ المجتمع بترسيخ القيم الإنسانية لدى أعضائها
  • حوار مع صديقي المصري عاشق السودان
  • الصليب الأحمر: المدنيون في السودان يواجهون واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية عالميًا
  • علي فوزي يكتب.. السودان بين الصراع والبحث عن قائدٍ وطني