اسماعيل آدم محمد زين

ثمة مؤسسة تقع علي شاطئ النيل الأزرق ،قريبا من كبري كوبر ،اطلقوا عليها اسم "المجلس القومي لمحو الامية وتعليم الكبار" وظلت في مكانها المميز راكدة لعقود،دون ان ترفع عقيرتها بمحو امية عشرة أفراد! ليرتقوا من بعد مكانا عليا!
ولئن نظرنا في اسباب الكارثة الماثلة والحرب العبثية و شحذنا الاذهان لنتعرف عليها،لوجدنا انتشار الامية،هو السبب الأول مع انتشار البطالة.

حيث تحرك آلاف الشباب،مدفوعين بالبحث عن المال السريع،فوجدوه في الحركات المسلحة ومع موروث الثقافة المحلية التي تشجع علي الفروسية والهمبتة وطبيعة الحياة الرعوية القاسية وابتعاد الحكومة وضعف القيادة في كافة المستويات.حدثت الفوضي وساهمت فيها الحكومة العسكرية المتسلحة بالنزعة الدينية واستغلال الدين لخدمة اهدافها.وهي اهداف بعيدة عن حياة الناس،نراها في مشاريع لم تجلب الا الضرر علي البلاد واكتساب العداء من دول الجوار،بدءا بتكوين المجلس الشعبي العربي الاسلامي،حيث جمعوا كل اطياف المغامرين ومن كافة بقاع العالم.وهو امر معروف.ثم مجلس الصداقة الشعبية،كجسم موازي لوزارة الخارجية،تحت أوهام خلق علاقات مباشرة بين الشعوب!وهو عمل للسفارات دور في تعزيزها! ولكنهم قوم يجهلون! إذ تراهم يكيلون اللوم علي بعض السفراء الذين يعملون بنوايا طيبة في ترسيخ العلاقات الشعبية..من ذلك هجومهم علي سفير ولايات اميركا المتحدات وهو يقوم بزياراته لشيوخ الطرق الصوفية.او لبعض الجهات التي يرون في زيارتها خدمة للعلاقات وللدبلوماسية! الدبلوماسي لم يعرفوها كما عرفها الوزير أحمد محمد خير او د.منصور خالد! إذ يرونها في تقديم اوراق الاعتماد وفي ارتياد الحفلات الرسمية.في ربطة العنق والبدلة الانيقة!
انشاء جامعة عالمية وهو عمل مكلف ،مع العجز في الصرف علي الجامعات التي تخدم مواطنيها الغبش! والتي لو لا وجودها ،لما رأيناهم في الحياة العامة! مثل هذه الجامعة لم يقدم الا عليها الاتحاد السوفيتي ،ايام مجده وسعيه لبسط النظام الاشتراكي و في منافسته لاميركا.فقد اقام جامعة كبيرة،حملت اسم المناضل الافريقي،باتريس لوممبا.وقد كان للسودان نصيب ممن ارتادوها.
ايضا اقاموا مصحفا أسموه،مصحف افريقيا،كلف ما يزيد علي 5 مليون دولار! في وقت يحتاج فيه الاطفال الي الغذاء والكساء،بل العلاج والتطعيم! ولا يستطيع أحد توجيه النقد او النصح لخطل الرأي وزيغ العقول! لعلة ،الا يوصم بالعداء للدين او الكفر المبين! في الوقت الذي توزع فيه المملكة العربية السعودية ،المصاحف لقاصديها مجانا! وربما ترسلها للوزارات القائمة علي شؤون الدين! فقد قمت قبل اكثر من ثلاثة عقود بأخذ كرتونة مليئة بالمصاحف من مكتب وكيل وزارة الشؤون الدينية،لتوزع مجانا علي المساجد!
مثل هذه الوزارة ايضا من الانشطة التي لا ضرورة لها،فهي تخدم طائفة من اهل البلاد وتترك طوائف اخري.وهو عمل يقوده المجتمع و يشرف عليه بشكل جيد. علي الحكومة التفرغ لما يخدم كل المواطنين،في تعليمهم،صحتهم وامنهم.وفي توفير بقية الخدمات من مياه وكهرباء واتصالات.
نجد الحكومة،خلال عهد الانقاذ اولت اهتماما بالزكاة وجمعها في عسف وعنف، لتشرف علي توزيعها في غير مصارفها المعروفة! الزكاة من امور الدين التي كان يقدم عليها كثير من الناس و يصرفونها دون تكلفة علي ما يرونه وفقا لفهم غير سقيم للدين! بينما تم توزيعها علي انشاء قناة تلفزيونية ولرجل من غير العاملين في هذا المجال! ولعل بعض القراء يعلمون مصارف اخري ذهبت اليها اموال الزكاة.وفي تقديري ،كان في وسع العاملين في ديوان الضرائب،ان يقوموا بذات العمل و بشكل جيد،علي ان يذهب المال للخزينة العامة وليصرف من بعد و بشكل أفضل علي الضمان الاجتماعي،علاج الفقراء والمعوزين،في التعليم و غير ذلك من انشطة الدولة الحديثة.نحتاج الي فقه جديد،يصدر من عقول جميلة.اذ الدين معاملة،رأفة و رحمة.
شاهدت اعرابيا في أحد برامج التلفزيون،يجلس ،تحيط به الخضرة وهو يسخر من جهل متحصلي الزكاة وعدم تمييزهم لبنت اللبون من غيرها.
اردت من هذه النماذج في صرف او هدر المال العام ان يتم توجيهه وفقا لسياسات عامة جيدة وخطط جيدة وفقا للاولويات.
مع ضرورة ضم كل الشركات التي تتبع للجيش والجهات الشرطية والامنية لوزارة المالية.وهو من ضرورات اصلاح الحكم.
ولن يكتمل اصلاح الحكم ،الا باصلاح الاقتصاد.وهنا يلزمنا مواكبة العالم وذلك بالتفكير الجاد في اصدار عملة رقمية ،تخلص الناس من مشاكل التضخم و تزوير العملة وغير ذلك.مما هو معروف،مثل ادخال السيولة الي النظام المصرفي.لقد ادرك المواطنون أهمية التعامل الرقمي،في تحويل الاموال واستلامها.
نري هدر المال في إرسال القوات المسلحة الي حرب اليمن ولعلها ما زالت هنالك! في الوقت الذي تسعي فيه الحكومة الي تجنيد المواطنين! لا بد من اعادة النظر في مشاركة البلاد في تلك الحرب.واعادة القوات كلها للدفاع عن البلاد.للاسراع في استعادة السلام. وتحريك انشطة الدولة.بما في ذلك محو الامية والتعليم.
الآن نواجه باثار انتشار الامية والجهل ،لذلك علينا التفكير الجاد في القضاء عليها،منذ الآن وحتي في ظروفنا الحالية،اذ الناس لا شغل لهم ولا مشغلة، فلنخصص عاما كاملا او نصف عام لمحو الامية.بعد حل المؤسسة الموجودة وليتم هذا البرنامج باشراف وزارة التربية والتعليم،ربما تحت ادارة التعليم قبل المدرسي و تعليم مرحلة الاساس.اضافة الي الخدمة الوطنية.
يمكن للجميع المساهمة في هذا المشروع الهام ،ان اردنا سلاما مستداما وتنمية وتقدم البلاد.
لقد تداخلت الأمور وتشعبت! ولا بأس في شحذ الاذهان وعصف العقول.فهيا ولتكن هذه الكارثة بداية للتغيير.
مع ابتكار مشاريع لتشغيل الشباب والباحثين عن العمل في ذات الوقت...

azaim1717@gmail.com
//////////////////////////  

المصدر: سودانايل

إقرأ أيضاً:

السلام طريق الخلاص الوطني الآمن

السلام طريق الخلاص الوطني الآمن

مصباح أحمد محمد

إنّ الموقف الرافض للحرب والداعي للسلام ليس مجرد تعبيرٍ عن القيم الأخلاقية والوطنية فحسب، بل هو الموقف الراشد والمسؤول الذي يضع مصلحة الوطن والشعب فوق كل نزعةٍ ذاتية أو حسابٍات ضيّقة. فمهما حاول دعاة الفتنة وأصحاب الردّة التمسك بخيار الدم والخراب والتشريد، فإنّ إرادة السلام ستنتصر لا محالة، لأنها تمثل تطلعات الشعب السوداني الذي أنهكته الحروب المتطاولة وجرّعته ويلات المعاناة والفقد والدمار.

إنّ الواجب الوطني اليوم يفرض توحيد الموقف الحادب على السلام لهزيمة مشاريع التدمير وإعادة إنتاج الاستبداد، تلك المشاريع التي تجمّلت بشعاراتٍ زائفة عن الكرامة والعزة، بينما هي في حقيقتها تكرّس للمهانة والإذلال وتعمّق جراح الوطن المنهك بدماء أبنائه، عبر استمرار نزيف الحرب وتمزيق النسيج الاجتماعي وتفتيت الدولة، تحقيقًا لأجنداتٍ ذاتية على حساب القضية الوطنية الكبرى.

لقد دأبت قوى الحرب والردّة على شيطنة القوى المدنية الرافضة للحرب والمتمسكة بخيار السلام، فاختلقت ضدها سردياتٍ مضلّلة وتهمًا باطلة، وصوّرتها زورًا كقوى خيانةٍ وانحياز، بينما هي في الواقع صاحبة الموقف الوطني الأصيل الذي يستلهم قيم الثورة ويعبّر عن ضمير الشعب السوداني الحيّ. والمفارقة المضحكة المبكية أنّ أولئك الذين ظلّوا ينفخون في كير الحرب لعامين كاملين، ويبثّون الكراهية والتحريض والتوحش، عادوا اليوم يتحدثون عن “السلام العادل” بعد أن انهزمت سردياتهم وتبددت أوهامهم وانكشف زيف دعاواهم أمام وعي هذا الشعب الذي بات يميز بين من أراد له الحرية والسلام، ومن أراد له القهر والهوان.

إنّ السلام المستدام لا يُنال بالشعارات الجوفاء ولا بالسرديات الخرقاء، بل يحتاج إلى شجاعةٍ حقيقية وإرادةٍ صادقة وتجردٍ من الأنانية، وإلى عملٍ جادٍ للاعتراف بالحقائق وتحقيق العدالة الانتقالية والجنائية الكاملة، التي تقتضي محاكمة كل من أشعل نار الحرب أو أجّجها أو مجّدها وساهم في استمرارها، أيًا كانت صفته أو موقعه، وسواء أكان ذلك بصورة مباشرة أو غير مباشرة. فـالمساءلة هي الركيزة الأولى للسلام العادل، والعدالة هي أساس المصالحة الوطنية الحقيقية.

إنّ السلام الشامل والعادل هو الطريق الوحيد لإنهاء معاناة السودانيين وصون كرامتهم و بناء الدوله علي أسس جديدة وبعقد اجتماعي جامع واصلاح المؤسسات المعطوبة، وبناء نظام الحكم المدني الراشد القائم على العدالة والمساواة والديمقراطية. فالسلام ليس ضعفًا كما يتوهم الواهمون، بل هو قوة الحق على باطل الحرب، وهو طريق الخلاص الوطني الآمن نحو سودانٍ موحدٍ حرٍّ تسوده الحرية والسلام والعدالة.

[email protected]

الوسومالحكم الراشد الديمقراطية السلام السودان القوى المدنية عقد اجتماعي قوى الحرب مصباح أحمد محمد

مقالات مشابهة

  • إغلاق صناديق الاقتراع في الكاميرون وبيا الأوفر حظا لولاية ثامنة
  • الكاميرون تنتخب رئيسها.. وبيا يسعى لتمديد حكمه المستمر منذ 43 عاما
  • الفنان علي كايرو يكتب رسالة مؤثرة من سرير المرض: (اتعلمت الدرس وراجعت نفسي وقررت أكون سبب في الخير مش في الأذى وشكراً الشعب السوداني العظيم) والجمهور: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء)
  • الحكومة الألمانية: المستشار ميرتز سيتوجه إلى مصر غدا لحضور قمة السلام بشرم الشيخ
  • شرم الشيخ.. مدينة السلام التي تحتضن الأمل من جديد
  • الحكومة البريطانية: رئيس الوزراء سيتوجه إلى مصر لحضور مؤتمر السلام في شرم الشيخ
  • العراق يرحب بإتفاق السلام في غزة
  • كاتب إسرائيلي: دور أميركا في صنع السلام محوري واعتمادنا عليها كبير
  • صالون نفرتيتي يحتفي بالحرب والسلام وأمجاد مصر التي خلدها التاريخ بمركز إبداع.. غدا
  • السلام طريق الخلاص الوطني الآمن