تابع أحدث الأخبار عبر تطبيق

أثار التقدم السريع في مجال الذكاء الاصطناعي artificial intelligence  (AI) مخاوف بشأن احتمال إساءة استخدام هذه التكنولوجيا من قبل التنظيمات الإرهابية، بعد أن أصبحت سلاحًا ذا حدين، في ظل كثرة أدواتها وإمكانية امتلاكها وسهولة استخدامها وسرعة انتشارها وقوة تأثيرها، مما زاد الطلب على استخدامها من قبل المتطرفين، الأمر الذي يشكل خطورة على مستقبل الظاهرة الإرهابية القابلة للتوسع، وانتشار الإرهاب السيبراني.

على الرغم من أن طيور الظلام مثل داعش والقاعدة وغيرهما من التنظيمات الإرهابية، يعيشون في كهوفهم الفكرية، إلا أنهم ليسوا بمنأى عن التقدم التكنولوجي الهائل الذي يتطور كل لحظة، ويسعون بشكل مستمر لتطوير قدراتهم، واستكشاف كل ما هو جديد ويخدم أهدافهم الأساسية، مثل تقنيات الذكاء الاصطناعي التي تمكنهم من تعزيز قدراتهم التشغيلية. 

التعرف على الوجوه

يقول جون ديفيس، أستاذ القانون في جامعة هارفارد، في دراسة له بعنوان: "الخصوصية والأمن في عصر التعرف على الوجوه"، أن خاصية التعرف على الوجوه أحد أهم الخصائص التي كشف عنها الذكاء الاصطناعي، فمن خلال عدسة كاميرا يمكن التعرف على هوية شخص من صورة وجهه، وهو ما يمكن الإرهابيين من تتبع شخص بعينة واستهدافه حتى ولو كان بين آخرين، بحيث يتم توجيه الضربة له واغتياله بشكل دقيق.

وأشار إلى أن  تحليل بيانات التعرف على الوجوه تساعد الإرهابيين على التنبؤ بالأماكن التي قد يتواجد بها الأفراد المستهدفون في المستقبل، بالإضافة لاستخدام التحليلات التنبؤية لتحديد أنماط السلوك والتنبؤ بأنشطة هؤلاء الأفراد المحتملة، والتنبؤ بالأنماط الأمنية ونقاط الضعف، مما يمكن التنظيمات من التخطيط الجيد لعمليات إرهابية محددة.

الأسلحة المستقلة

تسلط دراسة أجراها مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية (CSIS) الضوء على كيفية استخدام الإرهابيين لأنظمة الأسلحة المستقلة، التي تستطيع اختيار وملاحقة الأهداف واستخدام القوة بدون تدخل بشري مباشر؛ بالاعتماد على الذكاء الاصطناعي والروبوتات لتنفيذ المهام العسكرية، مؤكدة أن هذه الأنظمة لديها القدرة على اتخاذ القرارات بشكل مستقل دون تحكم بشري مباشر، وهو ما يتعلق بقدر الآلة على التعلم والتصرف كإنسان.

وأشارت الدراسة إلى أن تقنيات الذكاء الاصطناعي تحقق أهدافًا استراتيجيةً للإرهابيين، فمن ناحية تنفذ العمليات المخططة بدقة عالية تفوق البشر، وسرعة في التنفيذ مع قلة احتمالية الخطأ، والهروب من الملاحقة القانونية، وحماية عناصر التنظيم من الموت والقبض عليهم، كما أن أنظمة الأسلحة المستقلة التي تعمل بالذكاء الاصطناعي يمكنها العمل في بيئات معقدة وديناميكية، قد لا يتحمها البشر العاديون.

إلى جانب ما سبق يمكن للإرهابيين إساءة استخدام أنظمة الأسلحة المستقلة للسيطرة على الأنظمة من خلال الهجمات السيبرانية لمهاجمة أهدافهم الخاصة، والتسبب في خسائر غير مقصودة في صفوف المدنيين، تسلط هذه التهديدات الضوء على الحاجة إلى لوائح دولية صارمة وتدابير أمنية وضوابط لاستخدام أنظمة الأسلحة المستقلة لمنع وقوعها سوء الاستخدام من قبل الإرهابيين.

التجنيد

يساعد الذكاء الاصطناعي التنظيمات الإرهابية على التجنيد عن بعد، حيث أكدت دراسة أجرتها وكالة الاتحاد الأوروبي للتعاون في مجال إنفاذ القانون (يوروبول) أن المنظمات المتطرفة تستخدم بشكل متزايد خوارزميات وسائل التواصل الاجتماعي المدعومة بالذكاء الاصطناعي لتحديد واستهداف الأفراد الضعفاء، وتصميم رسائلهم ومحتواها لتحقيق أقصى قدر من تأثير دعايتها.

وأكدت الدراسة أنه من خلال الاستفادة من التحليلات التنبؤية ومعالجة اللغة الطبيعية، يمكن لهذه المجموعات تخصيص تواصلها بشكل أكثر فعالية مع المظالم المحددة ونقاط الضعف النفسية للمجندين المحتملين.

بالإضافة لاستخدام روبوتات الدردشة المدعومة بالذكاء الاصطناعي والمساعدين الافتراضيين "chatboot"، لإجراء المحادثات والتفاعلات الفردية، وبناء الثقة والعلاقة مع الأفراد من أجل السيطرة عليهم وتجنيدهم تدريجيًا، وتتميز هذه الأنظمة بالردود الآلية المتاحة على مدار الساعة طوال أيام الأسبوع، ما يعني أن جهود تجنيد المتطرفين المحتملين إلكترونيًا ستتزايد؛ لتعوض الفقد الكبير لعناصر التنظيمات الإرهابية التي تتم خلال المواجهات العسكرية مع أجهزة الأمن في مختلف مناطق الصراعات، حسبما يؤكد تقرير معهد الأمم المتحدة الأقليمي لبحوث الجريمة والعدالة (UNICRI) علم 2019.

 التزييف العميق

لا يخفى على أحد لجوء التنظيمات الإرهابية لاستخدام تقنية التزييف العميق الناتجة عن الذكاء الاصطناعي لإنشاء مواد دعائية (مصورة) ذات مظهر واقعي وأدلة مزورة، مما يزيد من تعقيد الجهود المبذولة لمواجهة هذه الدعايات المزيفة، التي يشكل انتشارها إلى جانب التطور المتزايد لأنظمة الذكاء الاصطناعي الأخرى، تحديًا كبيرًا للحكومات وشركات التكنولوجيا في اكتشاف وتخفيف انتشار المعلومات المضللة.

 

المصدر: البوابة نيوز

كلمات دلالية: الذكاء الاصطناعي الذكاء الاصطناعي AI الارهاب التكنولوجيا الذكاء مصطفى حمزة التنظیمات الإرهابیة الذکاء الاصطناعی التعرف على

إقرأ أيضاً:

السباق الاستخباراتي على الذكاء الاصطناعي

في لحظة فارقة على الساحة التكنولوجية الدولية، جاء إطلاق شركة "ديب سيك" الصينية نموذجا لغويا ضخما يُعد من بين الأفضل في العالم، بالتزامن مع تنصيب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، ليدق ناقوس الخطر في الأوساط الاستخباراتية الأميركية.

واعتبر ترامب ما جرى "جرس إنذار" في حين أقر مارك وارنر نائب رئيس لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ بأن مجتمع الاستخبارات الأميركي "فوجئ" بسرعة التقدم الصيني، وفق مجلة إيكونوميست.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2النيجريون لفرنسا: اعترفي بالجرائم الاستعمارية وعوضي عنهاlist 2 of 2أنقذونا نحن نموت.. المجاعة تجتاح غزةend of list

وفي العام الماضي، أبدت إدارة الرئيس الأميركي السابق جو بايدن قلقها من احتمال أن يتفوق الجواسيس والجنود الصينيون في سرعة تبنّي الذكاء الاصطناعي "إيه آي" (AI) فأطلقت خطة طوارئ لتعزيز اعتماد المجالين الاستخباراتي والعسكري على هذه التقنية.

وأوضحت المجلة في تقريرها أن الخطة تضمنت توجيه وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) ووكالات الاستخبارات ووزارة الطاقة (المسؤولة عن إنتاج الأسلحة النووية) بتكثيف تجاربها على النماذج الأحدث من الذكاء الاصطناعي، وتوثيق التعاون مع مختبرات القطاع الخاص الرائدة مثل أنثروبيك وغوغل ديب مايند، وأوبن إيه آي.

سباق مفتوح

وفي خطوة ملموسة، منح البنتاغون، في 14 يوليو/تموز الجاري، عقودا تصل قيمتها إلى 200 مليون دولار لكل من تلك الشركات بالإضافة إلى "إكس إيه آي" المملوكة للملياردير إيلون ماسك، بهدف تطوير نماذج من الذكاء الاصطناعي الوكيل الذي يمكنه اتخاذ القرارات، والتعلم المستمر من التفاعلات، وتنفيذ مهام متعددة من خلال تقسيمها إلى خطوات وتحكّمها بأجهزة أخرى مثل الحواسيب أو المركبات.

لكن هذا السباق لا يقتصر -برأي إيكونوميست- على البنتاغون. إذ باتت نماذج الذكاء الاصطناعي تنتشر بسرعة داخل الوكالات الاستخباراتية، لتُستخدم في تحليل البيانات السرية والتفاعل مع المعلومات الحساسة.

الشركات طورت نسخا مُعدّلة من نماذجها تتيح التعامل مع وثائق مصنّفة سرّيا، وتتمتع بإتقان لغات ولهجات حساسة لاحتياجات الاستخبارات، مع تشغيلها على خوادم مفصولة عن الإنترنت العام

كما طوّرت الشركات نسخا مُعدّلة من نماذجها تتيح التعامل مع وثائق مصنّفة سرّيا، وتتمتع بإتقان لغات ولهجات حساسة لاحتياجات الاستخبارات، مع تشغيلها على خوادم مفصولة عن الإنترنت العام.

إعلان

ففي يناير/كانون الثاني الماضي، أعلنت شركة مايكروسوفت أن 26 من منتجاتها في الحوسبة السحابية حصلت على تصريح لاستخدامها في وكالات الاستخبارات.

وفي يونيو/حزيران، أعلنت أنثروبيك عن إطلاق نموذج "كلود غوف" (Claude Gov) وهو روبوت دردشة جديد مصمم خصيصا للجهات العسكرية والاستخباراتية بالولايات المتحدة، مشيرة إلى أنه يُستخدم بالفعل على نطاق واسع في جميع أجهزة الاستخبارات الأميركية، إلى جانب نماذج أخرى من مختبرات منافسة.

منافسون آخرون

ليست وحدها الولايات المتحدة التي تشهد مثل هذه التطورات، حيث تفيد المجلة أن بريطانيا تسعى إلى تسريع وتيرة اللحاق بالركب، ناقلة عن مصدر بريطاني رفيع -لم تُسمِّه- تأكيده أن جميع أعضاء مجتمع الاستخبارات في بلاده بات لديهم إمكانية الوصول إلى "نماذج لغوية ضخمة عالية السرية".

وعلى البر الرئيسي للقارة، تحالفت شركة ميسترال الفرنسية -الرائدة والوحيدة تقريبا في مجال الذكاء الاصطناعي على مستوى أوروبا- مع وكالة الذكاء الاصطناعي العسكري بالبلاد، لتطوير نموذج "سابا" (Saba) المدرّب على بيانات من الشرق الأوسط وجنوب آسيا، ويتميز بإتقانه العربية ولغات إقليمية أخرى مثل التاميلية.

أما في إسرائيل، فقد أفادت مجلة "+972" أن استخدام الجيش نموذج "جي بي تي-4" (GPT-4) الذي تنتجه شركة "أوبن إيه آي" قد تضاعف 20 مرة منذ اندلاع الحرب على قطاع غزة، في مؤشر إلى مدى تسارع تبنّي هذه النماذج في السياقات العسكرية الحية.

ورغم هذا النشاط المحموم، يقرّ خبراء داخل القطاع بأن تبنّي الذكاء الاصطناعي بأجهزة الأمن لا يزال متواضعا. وتقول كاترينا مولِّيغان المسؤولة عن شراكات الأمن في "أوبن إيه آي" إن اعتماد الذكاء الاصطناعي "لم يصل بعد إلى المستوى الذي نأمله".

وحتى مع وجود جيوب من التميز، كوكالة الأمن القومي الأميركية، إلا أن العديد من الوكالات ما تزال تتخلف عن الركب، إما بسبب تصميمها واجهات تشغيل خاصة بها، أو بسبب الحذر البيروقراطي في تبني التحديثات السريعة التي تشهدها النماذج العامة.

ويرى بعض الخبراء أن التحول الحقيقي لا يكمن في استخدام روبوتات دردشة فحسب، بل في "إعادة هندسة المهام الاستخباراتية نفسها" كما يقول تارون تشابرا المسؤول السابق بمجلس الأمن القومي الأميركي، والمدير الحالي للسياسات الأمنية في شركة أنثروبيك.

لعبة تجسس بالذكاء الاصطناعي

في المقابل، تُحذر جهات بحثية من المبالغة في الآمال المعقودة على هذه النماذج، حيث يرى الدكتور ريتشارد كارتر (من معهد آلان تورينغ البريطاني) أن المشكلة الأساسية تكمن في ما تُنتجه النماذج من "هلوسات" -أي إجابات غير دقيقة أو مضللة- وهو خطر كبير في بيئة تتطلب الموثوقية المطلقة.

وقد بلغت نسبة الهلوسة في أحدث نموذج للذكاء الاصطناعي "الوكيل" الذي تنتجه "أوبن إيه آي" حوالي 8%، وهي نسبة أعلى من النماذج السابقة.

وتُعد هذه المخاوف -بحسب إيكونوميست- جزءا من تحفظ مؤسسي مشروع، خاصة في أجهزة مثل وكالة الاستخبارات والأمن البريطانية المعروفة اختصارا بحروفها الإنجليزية الأولى "جي سي إتش كيو" (GCHQ) التي تضم مهندسين لديهم طبيعة متشككة تجاه التقنيات الجديدة غير المُختبرة جيدا.

إعلان

ويتصل هذا بجدل أوسع حول مستقبل الذكاء الاصطناعي. فالدكتور كارتر من بين أولئك الذين يرون أن بنية النماذج اللغوية العامة الحالية لا تُناسب نوع التفكير السببي الذي يمنحها فهما متينا للعالم. ومن وجهة نظره، فإن الأولوية بالنسبة لوكالات الاستخبارات يجب أن تكون دفع المختبرات نحو تطوير نماذج جديدة تعتمد على أنماط تفكير واستدلال مختلفة.

الصين في الصورة

ورغم تحفّظ المؤسسات الغربية، يتصاعد القلق من تفوق الصين المحتمل. يقول فيليب راينر من معهد الأمن والتكنولوجيا في وادي السيليكون "لا نزال نجهل مدى استخدام الصين نموذج ديب سيك (DeepSeek) في المجالين العسكري والاستخباراتي" مرجحاً أن "غياب القيود الأخلاقية الصارمة لدى الصين قد يسمح لها باستخلاص رؤى أقوى وبوتيرة أسرع".

موليغان: ما يُقلقني فعلا هو أن نكسب سباق الوصول إلى الذكاء الاصطناعي العام (AGI)، لكن نخسر سباق التبني الفعلي له

وإزاء هذا القلق، أمرت إدارة ترامب، في 23 يوليو/تموز الجاري، وزارة الدفاع ووكالات الاستخبارات بإجراء تقييمات دورية لمستوى تبنّي الذكاء الاصطناعي في المؤسسات الأمنية الأميركية مقارنة بمنافسين مثل الصين، وتطوير آلية للتكيّف المستمر.

ويجمع المراقبون تقريبا على نقطة جوهرية، وهي أن الخطر الأكبر لا يكمن في أن تندفع أميركا بلا بصيرة نحو تبني الذكاء الاصطناعي، بل في أن تظل مؤسساتها عالقة في نمطها البيروقراطي القديم.

وتقول كاترينا مولِّيغان "ما يُقلقني فعلا هو أن نكسب سباق الوصول إلى الذكاء الاصطناعي العام (إيه جي آي AGI) لكن نخسر سباق التبني الفعلي له".

مقالات مشابهة

  • جمال شعبان: هناك أمل في تعافي مرضى الشلل والزهايمر باستخدام الذكاء الاصطناعي
  • ابتكار جهاز جديد يفرز النفايات باستخدام الذكاء الاصطناعي
  • أردوغان: دولة الإرهاب إسرائيل تقتل الشعب الفلسطيني بإجرام منذ 22 شهرا
  • السباق الاستخباراتي على الذكاء الاصطناعي
  • معضلة الذكاء الاصطناعي والمؤلف العلمي
  • أردوغان: دولة الإرهاب "إسرائيل" تقتل الشعب الفلسطيني بإجرام منذ 22 شهرا
  • Google Photos تستعد لإطلاق أداة جديدة لتحرير الصور باستخدام الذكاء الاصطناعي
  • هل قصفت تايلند كمبوديا بغازات كيميائية سامة؟
  • الذكاء الاصطناعي 2025: ملامح حياة يعاد تشكيل مستقبلها
  • تعرف على أحدث الروبوتات المساعدة المعززة بالذكاء الاصطناعي