لفت وزير العدل القاضي هنري الخوري إلى أنه "لطالما سعت وزارة العدل وفقاً للدور والمسؤوليات الملقاة على عاتقها الى تأمين الحماية اللازمة لأطفال لبنان بدعم من المجتمع الدولي وبالتنسيق مع مختلف الجهات الرسمية ومنظمات المجتمع المدني، إيماناً بمفهوم الحماية المتعدد الأبعاد الإنسانية والمجتمعية والقانونية".



كلام وزير العدل جاء في خلال احتفال أُقيم ظهرا، في "قاعة 4 آب 2020" في وزارة العدل التي أطلقت، في إطار مشروع يموله الاتحاد الأوروبي وتنفذه منظمة اليونيسف، أداةً تعليمية إلكترونية شاملة حول "عدالة الأحداث" لتعزيز قدرات القضاة في مجال قضاء الأحداث.

ويساهم هذا التدريب عبر الانترنت في تعزيز العدالة الصديقة للطفل ونظام حماية الأطفال ومصالحهم الفضلى عندما يكونون في تماسٍ مع القانون، ما سيمكن القضاة من الوصول الى مورد تعليمي باللغة العربية، متخصص وموحد وشامل حول قضاء الأطفال، بحيث يقدم هذا البرنامج المبتكر مقاطع فيديو وأنشطة تفاعلية وعناصر وسائط متعددة أخرى تستند في محتواها الى الإطار القانوني اللبناني وكذلك الى المبادىء الدولية لقضاء الأطفال.

وقال الخوري في كلمته: "نحن في وزارة العدل، بين تحدّ وآخر وبين أزمة وأخرى، نتمسّك بالقليل المتاح من الإمكانات والكثير من الايمان بأحقية قضية الطفل والطفولة التي تثنينا عن الاستسلام وتمدّنا بالقوة لمواصلة ما بدأنا به من تنفيذ برامج وسياسات وخطط استجابة، وفي هذا السياق يأتي لقاؤنا اليوم. فهو يندرج ضمن إطار اتفاق التعاون الموقع مع منظمة اليونيسف حول عدالة الأحداث بتمويل من الاتحاد الأوروبي وقد نفّذ بالتعاون مع الجامعة الأميركية في بيروت. ويتوجه هذا البرنامج الى السادة القضاة لتعزيز معرفتهم بحقوق الاطفال وبالممارسات الفضلى الواجب اعتمادها في الاجراءات القضائية ليتلاقى بذلك مع الملاحظات الختامية للّجنة الدولية لحقوق الطفل بشأن التقرير الجامع للتقريرين الدوريين الرابع والخامس للبنان التي أشارت صراحة الى تعزيز قدرات قضاة الأحداث والنيابة العامة في ما يتعلق بعدالة الأحداث".

اضاف: "تكمن أهمية هذا البرنامج انه يلاقي القضاء اللبناني في سعيه الدائم الى مواكبة التطور في الانظمة القانونية الدولية خاصة في عصر التحول الرقمي الذي نعيشه اليوم، لينضم بدوره الى الجهود التي تبذلها وزارة العدل في هذا الإطار ولعل أهمها تلك المتعلقة بصدور المرسوم التطبيقي للقانون 81/2018 حول المعاملات الالكترونية، فضلا عن كونه يأتي ضمن إطار سياسة التدريب المستمر للسادة القضاة حول مفاهيم حقوق الانسان بشكل عام وحقوق الأطفال بشكل خاص بهدف تعزيز فاعلية وكفاية النظام القضائي وصولا لتحقيق أهداف الدولة ورسالتها الاساسية المتمثلة في إقامة العدل والمساواة وحماية الحقوق والحريات".

وتابع: "إن وزارة العدل، وإذ تأمل ان يحقق هذا البرنامج الغاية المتوخاة منه في تعزيز مفهوم حماية الأطفال وضمان حقوقهم، تعوّل على استكمال تنفيذ سائر البرامج المنضوية ضمن إطار شراكتنا مع منظمة اليونيسف بدعم من الاتحاد الأوروبي وسائر الأصدقاء من المجتمع الدولي لا سيما إعادة تأهيل وإدماج الأحداث وتشجيع التدابير البديلة، وتتطلع بشكل خاص الى تكوين فريق العمل المعني بعدالة الأحداث باعتباره المدماك الأساسي في إرساء نظام عدالة صديق للاطفال".

وختم مؤكدا أن "هذا العمل لم يكن ليرى النور لولا التزام أعضاء الفريق المكلف به سواء من قبل الاتحاد الأوروبي ومنظمة اليونيسف او من قبل وزارة العدل والجامعة الأميركية في بيروت، الذين عملوا بجهد لتحقيق الأهداف التي صبا اليها المشروع أملا بإحداث فرق ايجابي لصالح الأطفال في لبنان، كما أتوجه بالشكر إلى الاتحاد الأوروبي ومنظمة اليونيسف على دعمهم المستمر وحرصهم الدائم على تعزيز حقوق الأطفال في لبنان وكذلك أشكر مركز التواصل والعمل المجتمعي في كلية العلوم الصحية في الجامعة الأميركية في بيروت طامحين ان يكون هذا البرنامج باكورة نشاط مستدام. وعلى امل لقاء قريب، اشكر لكم حضوركم وطيب استماعكم".

تجدر الإشارة الى أن البرنامج يتكون من أربعة محاور: الأطفال ونظام العدالة، الطفل المعرّض للخطر، الأطفال الضحايا والشهود والطفل المخالف للقانون.

 

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبی هذا البرنامج وزارة العدل

إقرأ أيضاً:

الطفل القاتل يستلهم الجريمة من ديكستر


الإنترنت .. ساحة مفتوحة لتغذية العنف
آن الأوان لتغيير قانون الطفل بعد الجرائم البشعة
رسائل خفية فى أفلام الكرتون تدفع للعنف والعدوانية


هزت جريمة الإسماعيلية الأخيرة المجتمع، بعدما أقدم طفل لم يتجاوز الثالثة عشرة من عمره على قتل زميله بوحشية وتقطيع جثته بمنشار، استلهم طريقة التنفيذ من مسلسل أجنبى «ديكستر» قاتل متسلسل يستخدم الأسلوب ذاته فى التخلص من ضحاياه، فى مشهد لم تألفه ذاكرة المجتمع المصرى من قبل، لم تكن الجريمة وليدة لحظة غضب، بل نتاج تربة خصبة نمت فيها بذور العنف، فى زمن تتراجع فيه القيم الأسرية وتغيب الرقابة، ويهيمن فيه عالم الإنترنت المُظلم ومحتوى العنف المفرط على عقول الصغار.
لم تكن واقعة الإسماعيلية استثناءً، بل حلقة جديدة فى سلسلة جرائم ارتكبها أطفال، تحولت فيها براءة الطفولة إلى عنف دموى صادم من طفل يقتل زميله انتقاماً، إلى آخر يعتدى على زميلته، وثالث يستلهم جريمته من لعبة إلكترونية أو مقطع فيديو على «الدارك ويب» حيث تنعدم القوانين وتُغذى الغرائز المريضة بلا وازع أو رقابة.
لم تكن جريمة الإسماعيلية سوى واحدة من سلسلة طويلة من الجرائم التى نفذها أطفال خلال السنوات الأخيرة، كشفت جميعها عن تحولات خطيرة فى سلوك النشء.
ففى عام 2023، شهدت محافظة البحيرة جريمة مشابهة حين أقدم طفل فى الرابعة عشرة على قتل زميله طعناً بالسكين بسبب خلاف تافه أثناء اللعب، وفى الجيزة، لقى طفل مصرعه على يد أصدقائه بعد محاكاة مشهد من أحد أفلام الأكشن التى اعتادوا مشاهدتها على الإنترنت.
كما انتشرت حوادث أخرى متفرقة فى القاهرة والمنوفية والدقهلية، جميعها تشترك فى خيط واحد، أطفال يتصرفون بعنف يفوق أعمارهم، ودوافع مستوحاة من محتوى رقمى دموى أو بيئة أسرية مفككة. 
تعددت الأسباب، لكن الخطر واحد غياب الدور الأسرى وضعف الوعى، وفوضى المحتوى الذى يتلقاه الأطفال عبر الإنترنت، داخل البيوت تغيب لغة الحوار لتحل محلها العزلة الرقمية، وفى المدارس تُختزل التربية فى المناهج، بينما تتسلل ثقافة الانتقام والعنف إلى وجدان جيل يتعلم القسوة قبل أن يعرف معنى الرحمة.
وتبقى الأسئلة المقلقة، كيف تحول طفل إلى قاتل بهذه البشاعة؟ ما الدور الذى لعبته أفلام العنف والألعاب الإلكترونية والدارك ويب فى تشكيل سلوكه؟ وأين مؤسسات الدولة من حماية النشء من هذا الانحدار الأخلاقى؟
أما السؤال الأهم، فيبقى عن الموقف القانونى كيف يتعامل القانون مع «قاتل طفل» ارتكب جريمته بوحشية لم يبلغ السن القانونية؟ 
وفى هذا الصدد قالت الدكتورة نادية جمال، استشارى الصحة النفسية والعلاقات الأسرية، إن انتشار جرائم الأطفال فى السنوات الأخيرة يعكس خللاً عميقاً فى منظومة التنشئة الاجتماعية، التى لم تعد مقتصرة على دور الأسرة فقط كما فى السابق.
وأوضحت أن الأسرة أصبحت جزءاً من عملية التربية، بينما باتت المدرسة والأصدقاء ووسائل الإعلام، وخاصة مواقع التواصل الاجتماعى، شركاء مؤثرين فى تشكيل شخصية الطفل وأخلاقه وسلوكياته.


وأضافت أن السوشيال ميديا أصبحت من أبرز عوامل التربية الحديثة، إذ يقضى الأطفال ساعات طويلة أمام الشاشات يتعرضون خلالها لمحتوى عنيف فى الكرتون أو الألعاب الإلكترونية أو المسلسلات، وغالباً ما تُقدَّم شخصيات العنف كرموز للقوة والبطولة. 
وأشارت إلى أن استخدام تقنيات الذكاء الاصطناعى فى بعض المحتويات يجعل الطفل يرى شخصية تشبهه، فيتقمصها ويمارس السلوك العدوانى ذاته، مما يُرسّخ داخله فكرة أن القوة تُكتسب بالعنف وأن الشخص المسالم ضعيف لا مكان له.
وأوضحت جمال أن غياب القدوة الحسنة يمثل أحد أخطر أسباب انحراف السلوك، فالمجتمع لم يعد يقدّم للأطفال نماذج إيجابية يُحتذى بها، بل أصبحت الشهرة ترتبط بسلوكيات سطحية أو سلبية، مما يُربك معايير الطفل تجاه الصواب والخطأ.
وأكدت أن مسئولية الأسرة اليوم أصبحت أكثر صعوبة فى ظل طغيان التكنولوجيا، لكنها تظل الأساس فى حماية الطفل من الانحراف، من خلال الحوار الدائم، وتصحيح المفاهيم الخاطئة، وتنمية قيم المشاركة والاحترام والعمل الجاد.
وشددت على أهمية اكتشاف ميول العنف مبكراً، والتى تظهر من خلال سلوكيات مثل تكسير الأشياء أو العصبية الزائدة أو افتعال المشكلات أو قضاء وقت طويل على الهاتف.
واختتمت حديثها قائلة إن الاحتواء والحوار الهادئ هما الطريق الأنجع لتقويم الطفل، فبدل العقاب أو الصراخ يجب على الأم أو الأب التحدث مع الطفل لفهم سبب تصرفه، وتوجيه طاقته نحو الرياضة والأنشطة المفيدة، مؤكدة أن تغيير السلوك ممكن وسهل إذا وجد الطفل من يفهمه ويحتويه دون خوف أو قسوة.
أكد الدكتور مصطفى كامل، الخبير التربوى، أن الفن والدراما سلاح ذو حدين؛ فبينما يمكن أن يساهما فى التوعية وغرس القيم الإيجابية، قد يتحولان إلى محفز للعنف عندما يُقدمان بشكل مثير أو دون إبراز العواقب القانونية للجريمة، ما يؤدى إلى «تطبيع العنف» فى وعى الأطفال والمراهقين.


وأشار إلى أن الأسرة هى خط الدفاع الأول، وعليها بناء منظومة قيم وأخلاق متماسكة، وتوفير بيئة آمنة تحتوى الأبناء نفسياً، مع ضرورة القدوة الحسنة والتواصل الدائم، وعدم ترك الأطفال فريسة للعزلة الرقمية أو لمحتوى الإنترنت دون رقابة.
وحذر من خطورة الدارك ويب والمحتوى العنيف على الإنترنت، داعياً إلى الحوار الصريح مع الأبناء، واستخدام أدوات الرقابة الأبوية وتشجيع الأنشطة البديلة.
كما شدد على دور المدرسة فى تعزيز الوعى، وتنفيذ برامج لمكافحة العنف والتنمر، وتفعيل الإرشاد النفسى والاجتماعى، مؤكداً أن التركيز على الوقاية والتعاون بين الأسرة والمدرسة هو السبيل لحماية النشء من الانحراف والعنف.
وقال أ.د. حسن شحاتة، أستاذ المناهج وطرق التدريس بكلية التربية عين شمس، أن جرائم القتل التى يرتكبها الأطفال لا يمكن وصفها بأنها ظاهرة عامة فى المجتمع المصرى، بل تظل حالات فردية نادرة، تنشأ نتيجة ضغوط نفسية واجتماعية حادة يتعرض لها الطفل أو أسرته.
وأوضح أن بعض هذه الجرائم ترتبط بعوامل نفسية عميقة، مثل الأمراض أو العقد النفسية التى يعانى منها بعض الآباء والأمهات، والتى تنعكس سلباً على الأبناء، فتؤدى إلى سلوكيات غير متزنة أو عنيفة.


وأشار إلى أن الفقر والضيق الشديد وعدم قدرة الأسرة على تحمل أعباء المعيشة قد يولد توتراً وعنفاً داخل البيت ينتقل إلى الأبناء، فيتكون لديهم إحساس بالقهر أو العدوانية، كما أن الخلافات الزوجية الحادة، تخلق بيئة غير آمنة نفسياً، تضعف قدرة الطفل على التمييز بين الصواب والخطأ، وتغذى داخله مشاعر الغضب والتمرد.
ولمواجهة هذه الجرائم يجب تفعيل دور المؤسسات الاجتماعية والنفسية، إلى جانب الهيئات المعنية بالمرأة والطفل، لتقديم الدعم والإرشاد للأسر، ومتابعة الأطفال المعرضين للانحراف مبكراً.
التقطت أطراف الحديث الدكتورة إلهام المهدى المحامية، قائلة؛ إنها جريمة تفرض علينا جميعاً، دولةً ومجتمعاً وتشريعاً، أن نعيد النظر جذرياً فى كيفية التعامل مع مثل هذه الوقائع، لأننا أمام واقع جديد لم يعد القانون القائم كافياً للتصدى له، فقانون الطفل، فى فلسفته وأهدافه، جاء ليحمى الصغار من الانحراف وليُصلح من شأنهم، لا ليمنح غطاءً لمن ارتكب جريمة تتنافى مع أبسط معانى الإنسانية.
وأوضحت أن القانون الحالى يقسم مراحل الطفولة إلى ثلاث:
من الميلاد حتى السابعة، لا مسؤولية جنائية.
ومن السابعة حتى الثانية عشرة، لا عقوبة بل تدبير إصلاحى.
أما من الثانية عشرة حتى الثامنة عشرة، فالمسؤولية نسبية ومخففة، تُراعى السن والبيئة والظروف.
ولأن ما نراه اليوم، أمام هذا النوع من الجرائم التى تتجاوز الفعل إلى وحشية التنفيذ، يصبح لزاماً علينا أن نقف وقفة مراجعة شجاعة، أن بقاء النصوص القانونية على حالها دون تطوير يعنى أننا نترك المجتمع مكشوفاً أمام انحرافٍ غير مسبوق، لا يُعقل أن نُعامل من يقتل ويُقطّع جسد إنسان، كما نعامل من ارتكب خطأ طفولياً أو سلوكاً جانحاً بسيطاً.
القانون يجب ألا يكون أعمى أمام بشاعة الفعل، ولا صامتاً أمام التحلل الأخلاقى، حماية المجتمع تقتضى أن يُعاد النظر فى مواد قانون الطفل لتضع حدوداً واضحة بين الحدث الذى يحتاج إلى إصلاح، وبين من ارتكب جريمة تستوجب ردعاً يتناسب مع خطورتها، أيا كان عمره.
إن الرحمة لا تعنى التساهل، والعدالة لا تتحقق إلا إذا وازنت بين حماية الطفل من القسوة وحماية المجتمع من الجريمة، وهذه الواقعة المؤلمة فى الإسماعيلية يجب أن تكون جرس إنذار للمشرّع، بأن الوقت قد حان لتعديل قانون الطفل، ليكون أكثر اتزاناً وعدلاً مع الواقع الجديد الذى نعيشه.
وفقاً لأحكام قانون الطفل المصرى، لا يجوز حبس الطفل الذى لم يبلغ الخامسة عشرة من عمره، مهما كانت طبيعة الجريمة التى ارتكبها، سواء كانت جناية أو جنحة، وفى هذه الحالة لا تُوقع عليه عقوبة سالبة للحرية، بل يُستبدل ذلك بما يُعرف بالتدابير المنصوص عليها فى القانون.
ويتمثل التدبير الأساسى فى إيداع الطفل بإحدى مؤسسات الرعاية الاجتماعية للأحداث التابعة للوزارة المختصة أو المعترف بها منها، حيث يخضع للإشراف والتقويم داخل المؤسسة بدلاً من الحبس فى السجون.
إذا كان الطفل من ذوى الإعاقة، يتم إيداعه فى معهد متخصص يتناسب مع حالته الصحية أو العقلية، لتأهيله بما يلائم وضعه.
لا تُحدد المحكمة فى حكمها مدة زمنية ثابتة لهذا الإيداع، وإنما تتابع حالة الطفل من خلال تقارير دورية تقدمها المؤسسة التى أودع بها كل شهرين على الأكثر، تتضمن سلوكه ومدى استجابته للتقويم.
وفى حال بلوغ الطفل سن الثامنة عشرة وهو لا يزال تحت الإيداع، تُعيد المحكمة النظر فى أمره، ولها أن تستبدل التدبير بآخر مثل الاختبار القضائى لمدة لا تزيد عن عامين، أو أى إجراء  آخر تراه مناسباً لحالته.
وبذلك يكون تنفيذ العقوبة فى جرائم الأطفال دون الخامسة عشرة مقصوراً على التدابير الاجتماعية والإصلاحية فقط، دون تطبيق الحبس أو السجن فى أى صورة من صوره.
قانون الطفل رقم 12 لسنة 1996 والمعدل بالقانون رقم 126 لسنة 2008، وضع فلسفة تقوم على «الإصلاح لا العقاب»، وهو مبدأ إنسانى فى جوهره، لكنه فى التطبيق العملى أصبح يحمل ثغرات سمحت للبعض بالإفلات من المساءلة العادلة فى جرائم تجاوزت حدود السلوك الطفولى.
ونرى أبرز الثغرات تتمثل فى النقاط التالى ذكرها 
1- عدم جواز الحبس لمن هم دون 15 عاماً
أى طفل لم يبلغ الخامسة عشرة لا يمكن حبسه أو سجنه، مهما بلغت بشاعة الجريمة التى ارتكبها، حتى لو كانت قتلاً عمداً مع سبق الإصرار، أو اعتداءً جنسياً، أو تقطيع أوصال كما رأينا فى بعض الوقائع الأخيرة.
وهذا يعنى أن أقصى ما يمكن للمحكمة أن تفعله هو إيداعه بدار رعاية، وهى فى حقيقتها ليست مؤسسة عقابية، بل مكان مخصص للتقويم والرعاية الاجتماعية، مما يجعل الفعل الإجرامى بلا عقوبة رادعة بالمعنى الجنائى.
2- عدم تحديد مدة الإيداع
القانون ترك تحديد مدة الإيداع لتقدير المحكمة وتقييم المؤسسة الاجتماعية، وهو ما يجعل الأمر فى بعض الحالات بلا إطار زمنى واضح، فتتحول «التدابير» إلى إجراء  إدارى أكثر منه حكماً قضائياً محدداً بالعقوبة والمدة.
3- عدم وجود تدرج فى المسؤولية الجنائية
القانون قسم الأطفال إلى مرحلتين رئيسيتين (أقل من 12 عاماً / من 12 إلى 18 عاماً)، لكنه لم يضع تفصيلاً دقيقاً يراعى اختلاف الإدراك بين طفل فى الـ13 وآخر فى الـ17. فكلاهما يُعامل تقريباً بذات المنطق، رغم التباين الكبير فى الوعى والتمييز.
4 - غياب الردع فى الجرائم الجسيمة
بعض الوقائع أثبتت أن غياب العقوبة الرادعة يؤدى إلى تكرار الجرائم من أطفال فى سن المراهقة، خاصة فى ظل بيئة اجتماعية تضعف فيها الرقابة الأسرية أو التعليمية.
وما نود قوله هنا أن قانون الطفل بصيغته الحالية يحتاج إلى تعديل جوهرى، لا بهدف القسوة، بل لتحقيق العدالة. يجب أن يُعاد النظر فى المواد التى تمنع الحبس المطلق لمن هم دون 15 عاماً، بحيث تُفرَّق بين الجريمة البسيطة والسلوك الإجرامى البشع.
فمن غير المنطقى أن يُعامل من يسرق حلوى من متجر، كمن يقتل ويُقطّع جثة زميله.
القانون لا بد أن يُوازن بين حق الطفل فى الحماية وحق المجتمع فى العدالة والأمن.
ونهيب علماً بأن التعديلات الأخيرة لبعض نصوص قانون الطفل بالرغم من أهميتها إلا أنها لم تشير من قريب ولا من بعيد للعمل على تدارك تلك الثغرات لضرورة الردع خصوصا وعقلية أطفال هذا الجيل تختلف تماما مع عقلية الأجيال السابقة نظراً لأنهم جيل التكنولوجيا الحديثة بما لها وبما عليها ومما تقدم ذكره نشير إلى أنه لابد من تحرك عاجل لسد تلك الثغرات خصوصا مع انتشار الإنترنت والمحتويات المحرضة على العنف والفساد وغياب الرعاية من الأهل والذين إلا من رحم ربى باتوا يحتاجون نفسهم إلى رعاية بما يفعلونه أو يقبلونه أو يشاهدونه أو يشاركونه من فساد التيك توك على سبيل المثال عبر صفحاتهم الشخصية لابد من تحرك جماعى من المجتمع سواء دولة أو ازهر أو رجال قانون أو إعلام وصحافة هادفة ونسأل الله العفو والعافية لبلادنا وأبنائنا.

مقالات مشابهة

  • وزير العمل يبحث مع نائب رئيس غرفة تجارة وصناعة قطر تعزيز التعاون
  • القبض على 11 متهمًا باستغلال الأطفال في التسول بالقاهرة والجيزة
  • بعد سرقة متحف اللوفر.. وزير العدل الفرنسي يقر بـالفشل
  • الطفل القاتل يستلهم الجريمة من ديكستر
  • اللجنة العامة لحماية الطفل تبحث تعزيز سبل الدعم والرعاية للأطفال في الشرقية
  • حبس أفراد عصابات استغلال الأطفال في التسول بالجيزة
  • غدا .. محاكمة 73 متهما في قضية “خلية التجمع”
  • “اليونيسف”: الوضع في غزة كارثي ويجب السماح بدخول المساعدات دون قيود
  • عصابات «الكتعة».. القبض على المتهمين باستغلال الأطفال في التسول بالجيزة
  • الشرطة تنقذ 18 طفلًا من عصابات التسول في الجيزة