لجريدة عمان:
2024-06-12@14:14:33 GMT

اليمين المتطرف يريد السيطرة على أوروبا

تاريخ النشر: 23rd, April 2024 GMT

«ليس في يوم التصويت إلا سؤال واحد فقط: هل تريدون أوروبا مسلمة أم أوروبا أوروبية؟»

هذا هو الاختيار الصارخ الذي طرحته ماريون ماريشال، نجمة اليمين المتطرف الصاعدة في فرنسا، عند إطلاق حملة حزبها في الانتخابات الأوروبية في يونيو. وفي خطاب ناري، تحدثت بأن أوروبا واقعة تحت حصار «الكثير من القوى الأجنبية والمنظمات الإسلامية التي تستغل الهجرة الفوضوية في جهودها الرامية إلى زعزعة الاستقرار، وإفساد شبابنا، وتنظيم ما يشبه الطابور الخامس في بلادنا وتجنيد جنود جهاديين قتلة».

وانضم إليها مجموعة من الخطباء الذين مضوا يندبون مشروعا أوروبيا سطا عليه النشطاء المثليون والمتعصبون البيئيون والأيديولوجيون المناهضون للغرب.

وبرغم كل ذلك الغضب المروع، لم تكن هذه دعوة للخروج من الاتحاد الأوروبي. ففي حين يوجه حزب «الاسترداد» ـ الذي تنتمي إليه ماريشال ـ تهما ملتهبة إلى النخب بتدبير عملية كبرى لإحلال المسلمين محل المسيحيين، فإنه يسعى للحصول على مكان خاص به في أروقة السلطة، وفي جميع أنحاء القارة، لا تهدف الأحزاب اليمينية المتطرفة المماثلة لحزبها إلى الخروج من التكتل، وإنما تهدف بشكل متزايد إلى الاستيلاء على الكتلة، ولديهم في سعيهم إلى هذا المشروع نموذج يتبعونه، وهو رئيسة وزراء إيطاليا جيورجيا ميلوني.

ميلوني بالفعل مصدر إلهام لليمين المتطرف الأوروبي. فقد أشرفت، وصفها رئيسة الائتلاف اليميني في إيطاليا، على الهجمات على جماعات المثليين ومنظمات إنقاذ المهاجرين والاستيلاء على هيئة الإذاعة العامة والمحاولة المستمرة لتغيير الدستور لتوسيع السلطة التنفيذية.. ولكن أكثر أسباب التميز لها هو ما حققته على مستوى القارة. فمن خلال الجمع بين الأطلسية القوية - أي الالتزام بحلف شمال الأطلسي والدفاع الأوكراني على السواء - والمعارضة الدائبة لسياسة الهجرة والمناخ، أصبحت قوة رئيسية في أوروبا. وبالنسبة لليمين المتطرف الأوروبي، المتأهب لتحقيق تقدم، تقود ميلوني الطريق.

منذ وصولها إلى السلطة في أكتوبر 2022، أثارت ميلوني إعجاب الكثيرين بنهجها العملي وتخليها عن انتقادها السابق للاتحاد الأوروبي. وقد اكتسبت في بروكسل سمعة طيبة في مجال الدبلوماسية الماهرة. فقد تم توصيفها على سبيل المثال بالهامسة لأوربان، بعد أن ساعدت في إقناع رئيس الوزراء المجري فيكتور أوربان بالامتناع عن استخدام الفيتو ضد المزيد من قرارات الاتحاد الأوروبي بمساعدة أوكرانيا هذا العام. ولم يمر تغييره رأيه بلا ثمن ـ فقد أفرجت المفوضية الأوروبية أيضا عن 10.2 مليار يورو، أو 10.8 مليار دولار، من التمويلات المحتجزة سابقا لحكومته ـ ولكن بقي لميلوني دور حاسم في كسبه.

دفع هذا النجاح الدبلوماسي البعض إلى القول بأن ميلوني لا تتبع القواعد ولكنها في الواقع تحدد جدول الأعمال. وفي تقرير حظي بمشاهدة واسعة النطاق في إيطاليا، أشاد فريد زكريا على شبكة سي إن إن بـ «لحظة ميلوني» في أوروبا، مقارنا موقفها بالدور القيادي الذي لعبته من قبل المستشارة الألمانية السابقة أنجيلا ميركل. وفي ما يتعلق بالسياسة الاقتصادية، يبلغ الادعاء حد المبالغة، فالاقتصاد الإيطالي، برغم تناميه، لا يقتحم أرضا جديدة. ولكن لا يمكن القول إن المقارنة لا تستند إلى أساس. ففي العديد من المجالات، تعطي روما التوجيه لبروكسل.

مثال ذلك أن ميلوني كانت في طليعة القائلين بخطط إيكال مهام حراسة حدود أوروبا إلى دول شمال إفريقيا الاستبدادية. وفي يوليو من العام الماضي، زارت تونس للإعلان عن اتفاق للحد من الهجرة عبر البحر الأبيض المتوسط، وفي الشهر الماضي، فعلت مثل ذلك في مصر. وفي المرتين كان يصحبها أعلى مسؤول في أوروبا ورئيسة المفوضية، أورسولا فون دير لاين، التي باركت في يناير رؤية ميلوني الأوسع للعلاقات بين الاتحاد الأوروبي وأفريقيا. وحتى مع موافقة الكتلة على قواعد جديدة للتعامل مع المهاجرين فور وصولهم إلى القارة، تعمل إيطاليا على ضمان عدم وصولهم من الأساس.

تمثل ميلوني شوكة في خاصرة التحول الأخضر داخل الكتلة الأوروبية، فمن خلال استهزائها بالصفقة الخضراء الأوروبية، وهي مجموعة تشريعات بيئية، واعتبارها أنها نوع من «الأصولية المناخية»، حاولت بدأب إبطاء السياسات الخضراء أو إيقافها. وفي كثير من الأحيان، كانت إيطاليا تجد أنها وحدها أو لا تحظى بدعم يذكر في هذه الجهود. لكن ميلوني لعبت ـ في شهر فبرايرـ دورا محوريا في التصويت المعارض لقانون استعادة الطبيعة الأساسي لدى الكتلة، والذي يسعى إلى إصلاح النظم البيئية المتضررة في جميع أنحاء القارة.

ومن الدال أن (الشعب الأوروبي) المنتمي إلى يمين الوسط قد انضم إلى ميلوني في هذا التصويت، ويعد (الشعب الأوروبي) أكبر مجموعة حزبية في بروكسل ويضم الحزب الديمقراطي المسيحي الألماني. يذكر أن المجموعة، التي سعت بالفعل إلى تقليص الالتزامات المناخية للاتحاد الأوروبي، قد وصفت هذا المقترح بأنه هجوم على المزارعين، الذين نظموا في الآونة الأخيرة احتجاجات في جميع أنحاء أوروبا. وقد تم إقرار التشريع بعون من بعض المنشقين من البرلمانيين المنتمين إلى يمين الوسط الذين صوتوا لصالحه. لكن زعماء يمين الوسط يأملون في عرقلة الحظر المفروض على السيارات الجديدة ذات محركات الاحتراق وهو ما يشير إلى المزيد من التعاون المنتظر.

تشير استطلاعات الرأي السابقة على انتخابات يونيو إلى أن قوى الوسط إلى اليمين المتطرف في طريقها للفوز بقرابة 50% من مقاعد البرلمان. ويوفر هذا ـ بالنسبة للكثيرين في اليمين المتشدد ـ فرصة لإنهاء الائتلاف الكبير بين الاشتراكيين والديمقراطيين المسيحيين الذي هيمن تاريخيا على السياسة الأوروبية - لإنشاء تحالف يميني بديل يشغل المناصب العليا. وهذا التعاون صعب من الناحية العملية، إذ يقول زعماء يمين الوسط إنهم لن يتحالفوا إلا مع الأحزاب الموالية للاتحاد الأوروبي، والموالية لحلف شمال الأطلسي، والموالية لأوكرانيا، والمؤيدة لسيادة القانون. وهو ما يستبعد جزءا غير قليل من أحزاب اليمين المتطرف في أوروبا، ولو في الوقت الراهن على الأقل. غير أنه يسمح بالتبني الكامل لميلوني.

تقوم حاليا القوى الأكثر تطرفا، والمتبعة لميلوني، بإعادة التدبير. ففي التجمع الوطني الذي تقوده مارين لوبان في فرنسا، تتراجع الشخصيات البارزة عن مواقفها السابقة المنتقدة لحلف شمال الأطلسي، وتنأى بنفسها عن حزب (البديل من أجل ألمانيا) الأكثر تعنتا. ويتطلع أوربان، الذي كان لفترة طويلة نافرا في ما يتعلق بالشؤون الأوروبية، إلى كسر العزلة قبل أن تتولى المجر رئاسة الكتلة في يوليو. ويدعي أنه سينضم إلى (المحافظين والإصلاحيين الأوروبيين)، أي المجموعة التي تقودها ميلوني، بعد انتخابات يونيو - وهو احتمال ترحب به المجموعة، حتى لو أن لين أوربان تجاه روسيا قد يمثل حجر عثرة. هذه المجموعة التي تقودها ميلوني، ويهيمن عليها حزب (إخوان إيطاليا) التابع لها وحزب (القانون والعدالة) البولندي، ليست الموطن الأوروبي الوحيد لقوى اليمين المتطرف. فهناك أيضا مجموعة (الهوية والديمقراطية)، التي تضم حزب التجمع الوطني الفرنسي وحزب الرابطة الإيطالي. والعلاقات بين المجموعتين ليست متناغمة طول الوقت. ففي مارس، وجهت لوبان اتهامات حادة لميلوني بالتخطيط لإعادة انتخاب فون دير لاين رئيسة للمفوضية. ويصر ماتيو سالفيني، زعيم حزب الرابطة، على أن اليمينيين يجب أن يرفضوا العمل مع الوسطيين.

ومع ذلك، تشير استطلاعات الرأي إلى أن المجموعتين ستفوزان معا بنحو ربع المقاعد، بما يترك لليمين المتطرف نفوذا أكبر بكثير بغض النظر عمن سيتولى المنصب الأعلى، وبعيدا عن السعي إلى تفكيك الاتحاد الأوروبي، تسعى هذه الجماعات اليمينية المتطرفة الآن إلى أن تسمه ببصمتها الخاصة ــ لخلق ما تسميه ماريشال بـ«أوروبا الحضارية» بدلا من «نسخة أوروبا التكنوقراطية» الخاصة بالمفوضية. من جانبها، تبدو ميلوني مقتنعة بإمكانية العمل المشترك.

المصدر: لجريدة عمان

كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبی الیمین المتطرف یمین الوسط فی أوروبا

إقرأ أيضاً:

مؤرخ بريطاني يدق ناقوس الخطر بعد صعود اليمين المتطرف.. أفيقوا أوروبا تواجه الفاشية

حذر مؤرخ بريطاني من خطر صعود الأحزاب اليمينية في أوروبا بعد المكتسبات الكبيرة التي حققها هذا التيار السياسي المتطرف في انتخابات الاتحاد الأوروبي، مشيرا إلى أن القارة الأوروبية تواجه من جديد "الفاشية والقومية والحرب".

وقال المؤرخ والكاتب تيموثي غارتون آش، في مقال نشرته صحيفة "الغارديان" وترجمته "عربي21"، إن "أوروبا التي احتفلت للتو على شواطئ نورماندي بذكرى مرور ثمانين عاما على يوم الإنزال (D-day) والذي شكل بداية تحررها من الحرب والقومية والفاشية، تواجه الآن مرة أخرى الفاشية والقومية والحرب".

وأضاف أنه "يجب ألا نطمئن إلى التصريحات التي أدلت بها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بأن الوسط صامد، خلال ما يمكن أن نسميه E-Day - 9 حزيران/ يونيو 2024، عندما تم الإعلان عن نتائج 27 انتخابا وطنيا للبرلمان الأوروبي. ويصدق هذا على التوزيع الإجمالي للمقاعد بين المجموعات الحزبية الرئيسية في البرلمان الأوروبي، حيث يأتي حزبها حزب الشعب الأوروبي الذي ينتمي إلى يمين الوسط في المقدمة بشكل مريح".

"لكن الاتحاد الأوروبي يدار من قبل حكومات وطنية أكثر من برلمانه المنتخب بشكل مباشر، وقد أنتج E-Day نجاحات يمينية متشددة في الدول الأعضاء الأساسية والتي تتراوح بين المهمة والصادمة"، حسب آش.

وذكر الكاتب أن "أيا من هذه الأحزاب المتشككة في أوروبا لن يكون على درجة من الغباء بحيث يدعو إلى اتباع نموذج بريكزيت [خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي]، مثلا فريكزيت [خروج فرنسا]، أو ديكزيت [خروج الدينمارك]، أو نيكزيت [خروج هولندا]. وبدلا من ذلك، سوف يستمرون في سحب الاتحاد الأوروبي إلى اليمين من الداخل، مع اتخاذ موقف أكثر تشددا بشأن الهجرة، ومعارضة حازمة للتدابير الخضراء اللازمة بشكل عاجل لمعالجة أزمة المناخ، وخفض الدعم لأوكرانيا، و- كونهم جميعا قوميين - سيحاولون استعادة السيطرة الوطنية من بروكسل".

وتابع: "لذلك لا تدع أحدا يقول لك "الأمر ليس سيئا للغاية. إنه أمر سيء، ويمكن له أن يصبح أسوأ".

وشدد على أن "الأكثر دراماتيكية هي فرنسا. كنت في نورماندي للاحتفال بذكرى D-day  وشاهدت الرئيس إيمانويل ماكرون وهو يحاول استغلال حدث إحياء الذكرى الدولي (وهو الحدث الذي غاب عنه رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك) ليروي قصة ملهمة حول الكيفية التي مهد بها هذا التحرير الطريق للاتحاد الأوروبي اليوم".


وتابع مستدركا "ولكن في القرى المحيطة رأيت بشكل أساسي ملصقات انتخابية لحزب التجمع الوطني بزعامة مارين لوبان وسمعت قصصا عن الدعم الواسع النطاق له. من المؤكد أن حزب التجمع الوطني حقق في E-Day  انتصارا مذهلا، حيث فاز بأكثر من 30% من الأصوات وهزم حركة النهضة الوسطية الليبرالية التي يتزعمها ماكرون. وفي بلدة فير سور مير الصغيرة، حيث نزل والدي مع العديد من الجنود البريطانيين الآخرين لبدء تحرير أوروبا الغربية في السادس من حزيران/ يونيو عام 1944، حصل حزب التجمع الوطني على نحو 33% من الأصوات. وذهبت نسبة كبيرة أخرى من الأصوات في فير سور مير إلى ماريون ماريشال، ابنة أخت لوبان الأكثر تطرفا، والتي يشير اسم حزبها، Reconquete، إلى إعادة احتلال أوروبا من السكان الأجانب المزعومين وخاصة المسلمين، كما دعا صراحة إلى ذلك  مؤسس الحزب إيريك زمور".

وأضاف الكاتب: "ثم جاءت القنبلة حيث أعلن ماكرون، الذي تحولت ثقته غير العادية في نفسه الآن بشكل واضح إلى الغطرسة، عن حل البرلمان الفرنسي والدعوة إلى انتخابات جديدة في الثلاثين من حزيران/ يونيو، على أن تجري جولة ثانية في السابع من تموز/ يوليو. وأجابت لوبان: "لا يسعني إلا أن أحيي هذا القرار". وهي مقامرة ضخمة، حيث يعتمد النظام الانتخابي الفرنسي الممتاز على جولتين، والذي يسمح للناخبين في أغلب الدوائر الانتخابية بتفضيل مرشح آخر على مرشح حزب التجمع الوطني في الجولة الثانية الحاسمة. ولكن نظرا لعمق الغضب الشعبي، هناك خطر جدي - بعد ثلاثة أيام فقط من تشكيل بريطانيا لحكومة من يسار الوسط الواقعي والمؤيد بحذر شديد لأوروبا في انتخاباتها المقررة في 4 تموز/ يوليو - قد تحصل فرنسا على حكومة من المتشددين المتشككين في أوروبا وهو ما يقيد يدي ماكرون، المدافع الرئيسي في القارة عن أوروبا القوية. إذا كان الأمر كذلك، فستكون هذه هي لحظة بريكزيت لفرنسا، على الرغم من عدم الخروج الناتج عن ذلك".

أما ألمانيا فهي وفقا للكاتب "الأقل إثارة للقلق قليلا"، موضحا أنه  "في حين كان حزب الاتحاد الديمقراطي المسيحي والاتحاد الاجتماعي المسيحي من يمين الوسط هو الفائز الواضح، جاء حزب البديل من أجل ألمانيا اليميني المتطرف في المرتبة الثانية، بنسبة تقل قليلا عن 16% من الأصوات، وهو ما يزيد عما حصل عليه أي من الأحزاب الثلاثة في الائتلاف الحاكم في البلاد. ، بما في ذلك الديمقراطيون الاشتراكيون بزعامة المستشار أولاف شولتز. وحزب البديل من أجل ألمانيا حزب متطرف للغاية لدرجة أن لوبان قررت أنها لا تريد أن تكون في نفس المجموعة البرلمانية الأوروبية معه، بعد أن قال ماكسيميليان كراه، مرشحه الرئيسي الساحر، في مقابلة، إنه لم يكُن كل أعضاء SS [قوات الأمن الخاصة النازية] مجرمين".

وفي إيطاليا، ذكر آش أن "حزب فراتيلي ديتاليا الذي تتزعمه رئيسة وزراء ما بعد الفاشية الجديدة جيورجيا ميلوني احتل المركز الأول، كما فعل حزب الحرية اليميني المتطرف في النمسا. وفي هولندا، كان أداء حزب الحرية الذي يقوده المعادي للإسلام، خيرت فيلدرز، أقل بقليل من أداء يسار الوسط. والأمر الأكثر إثارة للقلق هو أن العديد من هذه الأحزاب تحقق نتائج جيدة بشكل خاص بين الناخبين الشباب، وخاصة الذكور الشباب. ووفقا لاستطلاع للرأي قبل الانتخابات، أيد حوالي 36% من الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين 18 و24 عاما في فرنسا حزب التجمع الوطني".

وقال الكاتب: "نعم، هناك نتائج مشجعة أكثر في بولندا والمجر. ولكن إذا كان الدرس المستفاد من تلك البلدان (كما هو الحال في بريطانيا) هو أنه لا بد من إبقاء القوميين الشعبويين في السلطة لعدة سنوات قبل أن يبدأ رفضهم، فإن هذا لا يشكل عزاء كبيرا".

وأضاف أنه "حتى لو لم يتمكن اليمين المتشدد من تشكيل الحكومة الفرنسية المقبلة هذا الصيف، فإن هذه النتائج ستؤدي إلى تعقيد عملية الحصول على عمل موحد وحاسم من الاتحاد الأوروبي بشأن قضايا مثل التحول الأخضر. والأمر الأكثر إلحاحا هو أن إحداث تغيير جوهري تصاعدي في الدعم العسكري لأوكرانيا سوف يصبح أكثر صعوبة، في وقت حيث أصبح هذا البلد  في خطر جدي يتمثل في خسارة أكبر حرب في أوروبا منذ عام 1945 في نهاية المطاف".

وأردف بالقول إنه "بالرغم من أن أحزاب اليمين المتشدد منقسمة بشأن أوكرانيا، حيث تعد ميلوني حاليا من بين المؤيدين الأقوياء للبلد المحاصر، فإن التأثير الصافي لهذه النتائج سوف يكون سلبيا. في ألمانيا، ذهب ما يقرب من ربع الأصوات إلى الأحزاب - اليمين المتشدد (البديل من أجل ألمانيا)، واليسار المتشدد (دي لينك) ومزيج شعبوي غريب من الاثنين (تحالف الصحراء فاجنكنخت) - الذي يدعو إلى نسخة من "السلام" يعني فعليا استسلام أوكرانيا. ومن المؤسف أن الديمقراطيين الاشتراكيين تحت زعامة شولتز يُظهِرون علامات واضحة تشير إلى إغراء استرضاء هؤلاء الذين يسترضونهم. إن العواقب القارية والعالمية المترتبة على انتصار روسيا الفاشية تحت زعامة الرئيس فلاديمير بوتن من شأنها أن تجعل أوروبا أقرب إلى العودة إلى أيامها القديمة السيئة".


وشدد على أن كل هذا قبل أن نصل إلى الانتخابات الأكثر أهمية لأوروبا هذا العام، والتي لن تحدث في أوروبا"، مشيرا إلى أن "فوز الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية الأميركية في تشرين الثاني/ نوفمبر من شأنه أن يضعف أوروبا وربما يزيد من انقسامها، مع اصطفاف القوميين الشعبويين اليمينيين المتشددين، بما في ذلك ميلوني، كحزب ترامب الأوروبي".

وتابع متسائلا: "هل حان الوقت لليأس والهجرة إلى نيوزيلندا؟ بالتاكيد لا. ولا تزال هناك أغلبية كبيرة من الأوروبيين لا يريدون خسارة أفضل أوروبا عرفناها على الإطلاق. ولكن لا بد من حشدهم وتحفيزهم وإقناعهم بأن الاتحاد يواجه بالفعل تهديدات وجودية".

واختتم مقاله بالإشارة إلى أنه "ينتظر الآن بشيء من الرهبة أسابيع المساومات في الاتحاد الأوروبي: أي حزب سيتوافق مع أي حزب آخر؟ من يحصل على الوظيفة العليا؟ العبث في بروكسل بينما تحترق خاركيف وكوكبنا"، وأضاف أن "ما نحتاج إليه هو مزيج من الحكومات الوطنية والمؤسسات الأوروبية التي تعمل فيما بينها على توفير الإسكان الذي لا يستطيع الشباب تحمل تكاليفه حاليا، والوظائف، وفرص الحياة، والأمن، والتحول الأخضر، ودعم أوكرانيا. فهل تستيقظ أوروبا قبل فوات الأوان؟".

مقالات مشابهة

  • أوروبا نحو اليمين
  • مؤرخ بريطاني يدق ناقوس الخطر بعد صعود اليمين المتطرف.. أوروبا تواجه الفاشية
  • مؤرخ بريطاني يدق ناقوس الخطر بعد صعود اليمين المتطرف.. أفيقوا أوروبا تواجه الفاشية
  • بعد الانتخابات الأوروبية.. لماذا سارع ماكرون إلى حل البرلمان؟
  • تقدم اليمين المتطرف في الانتخابات الأوروبية.. الأسباب والتداعيات
  • الانتخابات الأوروبية.. ما سر صعود اليمين المتطرف في أوروبا؟
  • ما أسباب فوز اليمين المتطرف في أوروبا وما تأثيره على الوضع في أوكرانيا وغزة؟
  • فوز اليمين المتطرف الإيطالي بزعامة ميلوني في الانتخابات الأوروبية
  • اليمين المتطرف يعزز مواقعه بالانتخابات الأوروبية ويحدث زلزالا في فرنسا
  • اليمين الشعبوي يتقدم في الانتخابات الأوروبية: مستقبل مليء بالمخاطر