يعقوب بن محمد بن غنيم الرحبي **
ليسَ صحيحًا أنَّ كل من نختلف معه يجب أن نفترق عنه أو كل من يخالفني في الفكر والرأي فهو ضدي وأسوق عليه الاتهام بالسب والشتم والتكفير، إن الاختلاف في الرأي لا يُفسد للود قضية بين الأشخاص، فالاختلاف في الرؤى والآراء جزء طبيعي من التفاعل البشري، وقد يُساهم ذلك الاختلاف في إثراء الحوار وتوسيع رقعة آفاق التفكير وتوسع العلوم والمعارف وتصحيح المفاهيم.
وأغلب الأوقات عندما يتعامل الأشخاص بروح الاحترام والتسامح مع وجهات النظر المتناقضة وكيفية التعامل مع تلك الآراء، يمكن للود والعلاقة الطيبة الاستمرار والبقاء، وبالأخص داخل الأسرة الواحدة، لأن من سمات الإنسان الاختلاف في الآراء والأفكار والتوجهات وهذا أمر طبيعي بين البشر، وإذا ما علمنا بأن اختلاف الآراء ليسَ لهُ تأثير سلبي على علاقتنا الشخصية مع الآخرين، لا شك سيبقى الود وتبقى المحبة بين أفراد المجتمع.
في الحقيقة عندما يقوم أفراد المجتمع أو داخل الأسرة الواحدة بمناقشة وجهات النظر المتباينة والمتفاوتة، فإنهم يصلون إلى أفضل الحلول ويستفيدون من الآخرين وهذا بلا شك يساهم في بناء مجتمع متسامح ومتماسك، لأنَّ طرح وجهات النظر والأفكار المختلفة حق مشروع ولكن لا يجب فرضها على الآخرين .
للأسف الشديد من الظواهر السيئة التي تسود مجتمعاتنا مشكلة اختلاف الآراء وتأثيرها السلبي على العلاقات الشخصية بين أفراد المجتمع ولَرُبما حتى داخل الأسرة الواحدة، فعند طرح بعض المحاور النقاشية بين عدد من الأفراد، غالبًا ما يعتمد اختلاف وجهات النظر بشكل كبير في الإصرار على مبدأ مُعين لَرُبما سطحي ويعتقد صاحبه بأنه هو من يملك الصواب، يقول الإمام الشافعي: "قولي صواب يحتمل الخطأ، وقول غيري خطأ يحتمل الصواب"، فلماذا نتعجل بتوجيه أصابع الاتهام لغيرنا لمُجرد أننا اختلفنا معه في الرأي أو الطرح ونقول إنه ملحد، كافر، مرتد، منحرف ولَرُبما معلوماتي سطحية وتفتقر إلى الدليل العلمي، فلماذا نفقد روح الحوار الحضاري؟ فلكل فرد منا قدراته أو مجالاته وله تحدياته ومعاييره الخاصة في الطرح، والتي ربما تؤثر في وجهات النظر والآراء التي يتبناها الآخرون، المهم أن نـحترم هذا التنوع من الآراء ونتبنى الحوار المفتوح القائم على الاحترام المتبادل، لفهم وتقدير جميع وجهات النظر المختلفة والمطروحة على طاولة النقاش وينبغي علينا أن نعلم بأنه لا يمكن أن تتنوع المعارف والعلوم إلا باختلاف الآراء وتنوع الأفكار.
إنَّ معالجة ظاهرة الاختلاف في الرأي تُبنى على نهج التسامح والاحترام والحوار المفتوح البعيد كل البعد عن الإساءة والتجريح والتهور والانفعال، كما أن حسن الاستماع أو الإنصات لوجهات نظر الآخرين من أهم المهارات في بناء العلاقات وتحسين نوعية التواصل بين البشر، وبالرغم من الاختلاف في الرأي، يمكن أن نجد نقاطًا مشتركة مع الآخرين نلتقي عليها، ما قد يساعد في تخفيف التوتر وبالتالي يمكن لنا أن نبني الفهم المشترك بيننا، كما يجب علينا تجنب الانجرار نـحو العداء الشخصي أو الإساءة اللفظية لمجرد أننا نختلف كي نفترق يقول الله تعالى "ولاَ تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَهَا مِن بَعْدِ قُوَّةٍ أَنكَاثًا تَتَّخِذُونَ أَيْمَانَكُمْ دَخَلاً بَيْنَكُمْ أَن تَكُونَ أُمَّةٌ هِيَ أَرْبَىٰ مِنْ أُمَّةٍ ۚ إِنَّمَا يَبْلُوكُمُ اللَّهُ بِهِ ۚ وَلَيُبَيِّنَنَّ لَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مَا كُنتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ" (النحل: 92).
** كاتب وقاص عُماني
المصدر: جريدة الرؤية العمانية
إقرأ أيضاً:
النظر في دعوى شطب منتصر الزيات من نقابة المحامين.. اليوم
تنظر الدائرة الثالثة بمفوضي مجلس الدولة، اليوم الأحد، في الدعوى المقامة لشطب المحامي منتصر الزيات من جداول المحامين، وحملت الدعوى رقم 45789 لسنة 79 قضائية، وتطالب بشطبه من جدول المحامين المشتغلين، استنادًا إلى اتهامات تتعلق بالتطرف الفكري، والتحريض على العنف، والتكفير، ودعم الاغتيالات، بالإضافة إلى صدور حكم بإدانته في قضية إهانة القضاء.
واستندت الدعوى إلى تصريحات متلفزة منسوبة للزيات أيد فيها اغتيال الأديب الراحل فرج فودة، قائلًا: "فرج فودة كافر.. وحكمه القتل وقد قُتل ويستحق القتل مائة مرة". واعتبرت الدعوى هذه التصريحات دليلاً على انعدام حسن السيرة والسلوك، وهما من الشروط الأساسية لاستمرار القيد في نقابة المحامين.
كما أكد مقيم الدعوى، الدكتور هاني سامح المحامي، أن الدعوى تستند إلى مقاطع فيديو موثقة للزيات تتضمن خطابًا تكفيريًا وتحريضًا صريحًا على القتل، فضلًا عن الحكم الجنائي النهائي الصادر ضده في قضية إهانة القضاء.
وأشارت الصحيفة المقدمة إلى أن مجلس الدولة سبق أن استبعد الزيات من الترشح لمنصب نقيب المحامين بسبب مواقفه وتصريحاته التي اعتبرتها داعمة للتطرف والعنف، مؤكدة أن استمرار قيده في النقابة يُشكل خطرًا على سمعة المهنة.
كما استندت الدعوى إلى حكم المحكمة الإدارية العليا في الطعن رقم 14330 لسنة 68 قضائية عليا، والذي أكد أحقية المحامين في المطالبة بشطب من يثبت تورطه في دعم الإرهاب أو الانتماء لجماعات تهدد استقرار الوطن.
اقرأ أيضاًاليوم.. استكمال محاكمة المتهمين في قضية «فض اعتصام رابعة»
اليوم.. استئناف إبراهيم فايق على تغريمه مليون جنيه في قضية التسريب الصوتي