احتجت قبل أيام لتتاوريال يُرشدني إلى الكيفية التي تعمل بها منصة ما. لجأتُ كالعادة إلى يوتيوب. فتحت الفيديو الأول، ثمة شيء غير مريح في الطريقة التي تتحدث وتتحرك بها اليوتيوبر. لم استطع التركيز فيما تقول، كنتُ منغمسة تماما في شعور عدم الارتياح ذلك، فقاطعتها وذهبت للفيديو التالي. الآخر كان أيضا يتحدث بالطريقة الإيجابية الروبوتية ذاتها والاعتذارية تقريبا.
لنأخذ خطوة للوراء، لاحظتم بالطبع أنه أيا يكن موضوع خرابيش جوجل google doodle، فإنكم تجدون فيديو واحدا على الأقل يتحدث عن الموضوع. الفيديو غالبا ما يتكون من سرد بائس، صور بائسة، وصوت آلي مُولّد بأحد أدوات القراءة الآلية للنصوص speech synthesizer. يُمكن للواحد منّا أن يُخمن وُجود برنامج ما يبحث على نحو تلقائي عن موضوع الخربشة، يلجأ للنتيجة (أو النتائج) الأولى من البحث، ويُحول النص إلى كلام. برامج شبيهة يُمكنها أن تذهب إلى ريديت reddit مثلا، تأخذ سؤالا ما وتبدأ في قراءة الإجابة (الإجابات) على الاستفسار. تُُكافح منصة اليوتيوب مثل هذه السلوكيات لا بالحضر، ولكن بالحرمان من التربح المالي. الأمر الذي يُحيلنا إلى نقاشات أخلاقية حول ما إذا كان عادلا أن يُحرم البُكم من «الاسترزاق» من التقنيات التي تُعينهم على التغلب على التحديات التي وُلدوا بها. عموما، هذا أمر لا مجال لمعالجته اليوم. لنُكمل.
إذا ما كانت آليات الخلق الأوتوماتيكي متوفرة لنا قبل الديب-فيك deepfakes، تخيلوا ما الذي يُمكن فعله اليوم. لكن ردود فعلنا نادرًا ما تكون الإعجاب، عدم الارتياح هو ما يسيطر، وما يمنعنا من مواصلة المشاهدة. ثمة فرضية في علم النفس والجمال تقبض على العلاقة بين مدى مشابهة عنصر ما للإنسان وردود فعلنا العاطفية تجاهه. تفيد الفرضية أن مدى تشابه (روبوت، دمية، شخصية كرتونية) مع الإنسان يُثير فينا الإعجاب والتعاطف، لكنه متى ما تجاوزا حدا معينا فإنه يُثير فينا النفور. من هنا تأتي تسمية الظاهرة Uncanny valley. هذا ما يدفع بعض صناع الأفلام المعتمدة على تقنيات CGI يختارون أن ينتجوا أعمالا ذات طابع كرتوني، رغم الإمكانيات الهائلة لإنتاج صور تُقارب الحقيقة.
يشرح هذا قليلا لمَ أميل لموقف «عساني ما تعلمت»، على أن أجلس وأتسامح مع الإنسان المزيف الذي يُخبرني كيف تُفعل الأشياء. لا يهمني كثيرا إن كان روبوتا من يحدثني، يجوز أنهم أُناس حقيقيون أفسدتهم البولشيتيه التي تحكمنا، والتي لا مناص منها، ولا نعرف كيف بدأت. أعني خصلة أن تتكلم دون أن تقول شيئا، وتُسهب دون أن تضيف جديدا. سمة تُحفزها وتستديمها برامج مثل ChatGPT والتي تُطنب وتُطيل لتُزيف نوعا من التعقيد والعمق.
ثمة عامل آخر، وهو الشعور بأنك ضحية خدعة ما. فلو أن صانع المحتوى أفصح عن استخدام البوتز في توليد، أو تقديم المحتوى، لارتحنا بعض الشيء.
ثمة بالطبع جهود توجه لصياغة تنظيمات بهذا الاتجاه. أي التوضيح أن صوتا ما في أنظمة مراكز الاتصال، أو نص ما في مقالك أو بحثك، قد تم توليده آليا. إلا أن شعب الإنترنت -كما هي العادة- لا يلتفتُ للتنظيمات، ويريد أن يضع يده في كل ما هو مثير جديد وحبذا لو كان مربحا.
لعل الوعي بمثل هذه المشاعر يُشجع صناع المحتوى على احتضان عيوبهم (في الشكل، النطق، الإيماءات) لأن عدم الكامل كما يبدو، هو الدليل الأسهل لإثبات أنك لست روبوتا.
المصدر: لجريدة عمان
كلمات دلالية: التی ت
إقرأ أيضاً:
«الشارقة للاتصال» تبحث عن المحتوى المؤثر وصُنّاع التغيير
الشارقة: «الخليج»
تواصل «جائزة الشارقة للاتصال الحكومي» 2025، المبادرة العالمية السنوية التي ينظمها «المكتب الإعلامي لحكومة الشارقة»، استقبال طلبات الترشح لدورتها الثانية عشرة، المقرر إعلان الفائزين بها في سبتمبر المقبل.
وتكرم الجائزة ضمن فئاتها ال23 مبادرات الاتصال وصنّاع المحتوى الرقمي المتميزين ممن تسهم أعمالهم في نشر الوعي، والارتقاء بجودة حياة المجتمعات، وتعزيز مسارات التأثير الإيجابي على المستوى العالمي.
وخصصت الجائزة فئتين للإضاءة على التحولات النوعية التي يحدثها المحتوى الإعلامي والرقمي وهما «أفضل محتوى إعلامي واتصالي»، و«صنّاع التغيير بالمحتوى الرقمي المتميّز».
ويستمر استقبال طلبات الترشح حتى 24 يوليو عبر الرابط: www.igcc.ae/sgca
تطوّر المفهوموتدعو الجائزة المشاركين إلى التأمل في تطوّر مفهوم الاتصال ودوره المحوري في تشكيل الخطاب العام، وصناعة الوعي، وتعزيز التقدّم المجتمعي، حيث تهدف إلى تجاوز المقاييس التقليدية لمدى الانتشار الإعلامي أو الشهرة الرقمية، بالإضاءة على قوة صناعة المحتوى بكل أشكالها المتجددة، واحتفاء بصنّاع المحتوى والمؤسسات والسرديات التي تعيد تعريف الإعلام عبر المنصات المختلفة، وتسهم في تشكيل وعي عام أكثر مسؤولية، وترسيخ ثقافة اتصال مؤثر في العصر الرقمي.
أفضل محتوىتفتح فئة «أفضل محتوى إعلامي واتصالي» أبوابها للجهات الحكومية والخاصة والمنظمات غير الحكومية من جميع أنحاء العالم، وتُشيد بمشاريع الاتصال الاستراتيجية التي تتميز بأهداف واضحة ونتائج ملموسة قابلة للقياس.
وتستقبل هذه الفئة مجموعة واسعة من الترشيحات تشمل الحملات العامة الشاملة، والمواد الوثائقية، وبرامج «بودكاست»، والمنصات الرقمية، والبرامج التلفزيونية والإذاعية المؤثرة، وغيرها من أشكال المحتوى الإعلامي.
ويُشترط أن تُظهر المشاركات المتقدمة تميزاً في جودة المحتوى وإبداعه، وأن يكون استراتيجياً ومخططاً له ضمن إطار مبادرة أو حملة، مع تقديم أدلة واضحة على التأثير الإيجابي الملموس، مثل تعزيز الوعي المجتمعي، أو إحداث تغيير سلوكي موثق، أو الإسهام في تطوير السياسات التي تعالج التحديات المجتمعية.
صنّاع التغييروتقديراً لتأثير صنّاع المحتوى في عصرنا الحالي، تتضمن الجائزة فئة «صنّاع التغيير بالمحتوى الرقمي المتميز»، التي تنقسم إلى فئتين فرعيتين، هما «أفضل صانع تغيير بالمحتوى الرقمي المتميز دون 18 عاماً»، و«أفضل صانع تغيير بالمحتوى الرقمي المتميز فوق 18 عاماً».
تركز فئة «أفضل صانع تغيير بالمحتوى الرقمي المتميز دون 18 عاماً» على اليافعين الذين يستخدمون المنصات الرقمية ومنصات التواصل لتقديم محتوى يتجاوز الترفيه، ويتميز بالإبداع، ويحمل قيمة تعليمية ومسؤولية اجتماعية.
ويُشترط على المشاركات المتقدمة أن تُظهر قدرتها على تعزيز تفاعل المجتمعات، وتحفيز الحوار الهادف حول قضايا، مثل الاستدامة البيئية، والصحة النفسية، والمساواة الاجتماعية.
أما فئة «أفضل صانع تغيير بالمحتوى الرقمي المتميز فوق 18 عاماً»، فتركز على صنّاع المحتوى الذين يوظفون وسائط الإعلام الرقمي بأسلوب مبتكر وأخلاقي لنشر رسائل هادفة.
وتشمل معايير التقييم في هذه الفئة إنتاج محتوى تعليمي مُلهم يُحفّز الحوار البنّاء، ويُسهم في تفاعل الجمهور مع القضايا الجوهرية، ويُحدث أثراً اجتماعياً ملموساً برفع الوعي وحشد الجهود المجتمعية تجاه التحديات العالمية الملحّة.
تقديم الترشيحاتيُشترط أن تُظهر المشاركات المتقدمة أصالة وابتكاراً، وأن تقدم محتوى عالي الجودة يتحلى بالمسؤولية الأخلاقية.