تصعيد نوعي بين حزب الله وإسرائيل.. هل اتُخِذ قرار الحرب؟!
تاريخ النشر: 25th, April 2024 GMT
مجدّدًا، تصاعدت التطورات العسكرية في جنوب لبنان، واتسعت رقعة المواجهات بوتيرة لافتة، في الأيام القليلة الماضية، على وقع ما بدا أنّها جولة تصعيد إسرائيلي جديدة، تقوم على سياسة "الاغتيالات" التي تنتهجها تل أبيب في مواجهة "حزب الله"، الذي لجأ بدوره إلى تكتيكات "نوعية" من خلال إسقاطه لطائرات مسيّرة إسرائيلية، أو بلجوئه إلى الهجوم المباشر والمركّب، كما فعل حين استهدف مقرّ قيادة لواء غولاني في عكا.
وبالتوازي مع التصعيد العسكري، تتصاعد أيضًا "الحرب النفسية" بين الجانبين، وهو ما تجلّى في الأيام الأخيرة من خلال بعض التسريبات الإعلامية التي تلمّح إلى اتخاذ "قرار الحرب"، كما جاء في صحيفة "معاريف" التي أشارت إلى أنّ الجيش "ينتظر التعليمات فقط"، أو حتى من خلال تصريحات المسؤولين السياسيين، وأبرزها كلام عضو مجلس الحرب الإسرائيلي الوزير بيني غانتس الذي تحدّث عن الاقتراب من "نقطة الحسم" في لبنان.
وفي مقابل هذه التهديدات، كان لافتًا أيضًا تكثيف "حزب الله" لحضوره الإعلامي، وإن بقي ملتزمًا بـ"ضوابط" الخطاب الثابتة، خصوصًا على مستوى الجهوزية للحرب، لكن "إن فُرِضت عليه"، بمعنى أنّه لن يكون "المبادِر لاستدعائها"، ما يطرح السؤال عمّا إذا كان ذلك لا يزال كافيًا لتجنّب "المواجهة الكبرى"، أم أنّ التطورات العسكرية المتصاعدة باتت تمهّد الطريق فعلاً لتتّخذ المواجهة شكل "الحرب الشاملة" بأتمّ معنى الكلمة؟
كيف تُقرَأ التهديدات الإسرائيلية؟
صحيح أنّ التهديدات الإسرائيلية بتوسيع "جبهة لبنان"، إن جاز التعبير، ليست مستجدّة، بل يكاد يكون عمرها من عمر فتح الجبهة في الثامن من تشرين الأول، حيث يتوعّد الإسرائيليون دائمًا لبنان بـ"ثمن كبير" نتيجة المعارك، خصوصًا في ضوء ما بات يُعرَف بـ"مأزق الشمال" الناجم عن هجرة المستوطنين القسرية، إلا أنّ الصحيح أيضًا انّ هذه التهديدات شهدت تزايدًا ملحوظًا في الآونة الأخيرة، وخصوصًا في الأيام القليلة الماضية.
ويعزو العارفون هذا التزايد إلى أكثر من عامل وسبب، أولها "التراكمات" التي أحدثتها الجبهة المشتعلة في الجنوب، حيث يعتبر الإسرائيليون إنّهم يتعرّضون لـ"تهديد جدّي" من جانب "حزب الله"، سواء على مستوى هيبة الردع التي فُقِدت، أو على مستوى "عمق" العمليات التي ينفذها الأخير، رغم التزامه بسقفٍ منخفض نسبيًا من التصعيد، وهم يرفضون التسليم بـ"الترابط" بين الجبهة ومصير الحرب على غزة، الذي سيُعَدّ في مكان ما "قبولاً" بشروط الحزب.
وإذا كان ما سبق يتناغم أيضًا مع الحديث الدائم عن رفض مستوطني الشمال العودة إلى بيوتهم، إذا لم يتمّ التوصل إلى "حل جذري" ينهي التهديد الناجم عن وجود "حزب الله" على الحدود، فإنّ العارفين يعزون تصاعد حجم "الحرب النفسية" في الأيام الأخيرة أيضًا إلى تطورات الإقليم، خصوصًا بعد الهجوم الإيراني والرد الإسرائيلي الذي وُصف بـ"الضعيف"، إذ يسود اعتقاد بأنّ إسرائيل تتعمّد إشعال "جبهة الجنوب"، من باب تأكيد العودة إلى "قواعد الاشتباك" السابقة.
سيناريوهات "متأرجحة"
قد يعني تصاعد التهديدات الإسرائيلية أنّ هناك تخطيطًا إسرائيليًا لنقل المواجهة إلى مرحلة جديدة، وهي مرحلة يرى البعض أنّها قد بدأت بدليل أنّ عمليات "حزب الله" باتت "نوعية" أكثر من السابق، وكأنّ الأخير عدّل في مكان ما من "قواعد اللعبة" التي يلتزم بها، في مواجهة التجاوزات الإسرائيلية المتواصلة، حتى إنّ البعض بدأ يتحدّث عن "عملية واسعة" يحضَّر لها ضد لبنان، إما بالتزامن مع الهجوم على رفح، أو ربما بعد الانتهاء من الأخير.
وإذا كان هناك من يرجّح أن "يتفرّغ" الإسرائيلي لجبهة لبنان بعد الانتهاء من رفح، باعتبار أنّه لم يبقَ هناك من شيء في غزة على "بنك الأهداف"، وبعدما تحوّل القطاع إلى مكان غير صالح للسكن بالمطلق، فإنّ هناك من لا يزال يصرّ على أنّ كل التهديدات الإسرائيلية، معطوفة على الاغتيالات وغيرها من التكتيكات المستخدمة، تبقى محصورة في خانة "رفع السقف" تحضيرًا لمفاوضات "اليوم التالي" التي بدأ العمل عليها خلف الكواليس.
بهذا المعنى، يتحدّث العارفون عن "سباق مستمر" بين العمل الدبلوماسي والمواجهة العسكرية، تبقى معه كل الاحتمالات المفتوحة، حتى لو كان الثابت حتى الآن أنّ الإسرائيلي يفضّل حلاً دبلوماسيًا، بعيدًا عن الحرب، التي لا يزال الأميركيون تحديدًا يرفعون "الفيتو" في وجهها، كما رفعوا "الفيتو" سابقًا في مواجهة التصعيد الإسرائيلي ضدّ إيران، إلا أنّه يعطي لنفسه "هامشًا" قد لا يكون محدودًا، ما يترك كل السيناريوهات واردة، بما فيها الحرب.
قد لا يكون القول إنّ قرار "الحرب" قد اتُخِذ إسرائيليًا دقيقًا، ولو ألمحت إليه بعض وسائل الإعلام الإسرائيلية، ونسبته إلى مصدر وأوساط سياسية وعسكرية لها ثقلها، فكلّ ما يجري ينبئ بأنّ "السباق على أشدّه" بين السيناريوهين الدبلوماسي والعسكري، من دون أن تميل الدفة حتى الآن باتجاه أحدهما دون الآخر، سباق لا يبدو واضحًا حتى الآن إلى أين يمكن أن يأخذ المواجهة، على المديين المتوسط والطويل! المصدر: خاص "لبنان 24"
المصدر: لبنان ٢٤
إقرأ أيضاً:
أسوأ سيناريو يواجهه حزب الله.. قوات دولية ستدخل الحرب؟
ما أدلى به الرئيس الأميركي دونالد ترامب مؤخراً عن وجود دول طلبت التدخل لسحق "حزب الله"، لا يُمثل كلاماً عابراً من الناحية العسكرية والسياسية، بل يُعطي مؤشرات عن إمكانية دخول لبنان في عهد "التحالفات الدولية العسكرية" في لحظةٍ من اللحظات.السيناريو هذا حصل قبيل سنواتٍ طويلة ضد تنظيم "داعش" في سوريا، وذلك حينما ترأست الولايات المُتحدة الأميركيّة تحالفاً دولياً ضد التنظيم المذكور للقضاء عليه. في المقابل، كان الموفد الأميركي توماس براك قد "ساوى" بين "الحزب" و "داعش"، حينما قال إن سوريا ستعملُ على مواجهة الطرفين، ما يفتحُ الباب أمام سيناريوهات قد تخرُج عن سياق الحرب العادية لتصبح في إطار ما يُعرف بـ"تدويل حرب لبنان".
التلميحات الإسرائيلية والأميركية تجاه "حزب الله" يمكن أن تقودَ إلى فكرة مفادها أن أي جبهة ستُفتح في لبنان قد لا تنحصرُ بإسرائيل فقط، ذلك أن الخطر قد يرتبط باشتراك دول أخرى معها، وذلك في حال كان الهدفُ القضاء على "حزب الله" تماماً. لكن في المقابل، فإن براك ذاته قال إن إسرائيل لن تستطيع سحق "الحزب" عسكرياً، وهو الكلام الذي فُهم على أنه إقرار بقوة "الحزب"، لكنه بات يُفهم انطلاقاً من كلام ترامب أنَّ إسرائيل لن تكون وحدها قادرة على مواجهة "الحزب"، ما سيتطلبُ تدخلاً لقوات أخرى.
على هذا الأساس، تنبعُ مؤخراً سيناريوهات عن إمكانية أن تشنّ إسرائيل هجمات ضد لبنان انطلاقاً من البقاع وليس من جنوب لبنان فقط، على أن يكون الهجوم من الجهة الشرقية مستنداً بشكل رئيسي إلى خطّ يبدأ من جبل الشيخ وصولاً إلى سهل البقاع، حيث يكمن الحديث عن حصول مناورة إسرائيلية برية هناك وتكثيف ضربات جوية تستهدفُ معاقل "حزب الله" اللوجستية والرئيسية هناك.
المعركة هذه، إن حصلت، ستعني أن إسرائيل وسعت إطار جبهة لبنان، فيما خط النار سيمتد مباشرة إلى البقاع لتتكون بعد ذلك فكرة منطقة عازلة هناك، وهو ما لا تستبعده مصادر معنية بالشأن العسكريّ التي تقولُ لـ"لبنان24" إنّ الجبهة لن تكون محصورة هذه المرة في الجنوب، بل ستكون مفتوحة أمام سوريا أيضاً.
توسيع جبهة البقاع والحديث عن إمكانية "تدويل حرب لبنان" سيعني أن سيناريو التمدد العسكري سيكونُ كبيراً، لكن السؤال الذي يُطرح: من هي الدول التي ستنخرط في حرب ضد لبنان؟ هل سيكون ذلك عبر قوات متعددة الجنسيات ستأتي إلى لبنان بعد "اليونيفيل" لتقوم بعملية مواجهة الحزب مع إسرائيل؟ أيضاً، ماذا عن سوريا، وهل ستكون منخرطة في أي مواجهة ضد "الحزب" أقله عند حدودها؟
ما يُمكن قوله هو إنّ أي حربٍ جديدة ستكون موسعة وستخرجُ عن الإطار التقليدي العام والذي يُعتبر سائداً إلى الآن. وحتى اتضاح صورة الوضع وتقلباته، سيبقى لبنان في "حلقة مفرغة" عنوانها استمرار الضربات الموضعية والتي قد تؤدي إلى ضربات كبيرة، وبالتالي انفلات الأمور نحو الأسوأ.. والسؤال، هل سيبقى اتفاق وقف إطلاق النار الحالي هو الضامن لوقف أي نزاعٍ مُتجدد؟ هنا، تقول المصادر المعنية بالشأن العسكري أن أي معركة ستتطلب اتفاقاً جديداً قد ينسف ما سبقه، وبالتالي مواجهة لبنان الشروط الجديدة التي لم يقبل بها سابقاً.
المصدر: خاص لبنان24 مواضيع ذات صلة خشية من "شرعنة" الحرب على "حزب الله"… ومجلس الأمن يدخل على الخط Lebanon 24 خشية من "شرعنة" الحرب على "حزب الله"… ومجلس الأمن يدخل على الخط