د. عبدالله الغذامي يكتب: نزف الكلمات
تاريخ النشر: 27th, April 2024 GMT
رغم قوة المتنبي وصلابته لكنه يذوب عذوبةً ورشاقة لفظية حتى لتبدو بعض كلماته وكأنها تنزف تشوقاً وتلهفاً، مثلاً يقول:
وَكَثيرٌ مِنَ السُؤالِ اِشتِياقٌ وَكَثيرٌ مِن رَدِّهِ تَعليلُ
وهذه كلمات تنزف بالمعاني من حيث هي تجري مجرى تعشق القول، فالسؤال هو الصيغة الأشد في اللغة، ولا أشد منه إلا لغة الزجر والنهي، غير أن الزجر إغلاق للقول، بينما السؤال فتح لفضاءات القول، ولكن ماذا لو تنازل السؤال عن وظيفته وتجرد عن استنزافيته، وأصبح سبباً لذاته، وليس مفتاحاً للأجوبة، فهو هنا تشوق واشتياق، وترداده تعليلٌ له، أي تكرار وإعادات متصلة، ويظل يسأل لا ليجيب، ولا يطلب من غيره جواباً، ولكنه يسأل وكفى.
نَحنُ أَدرى وَقَد سَأَلنا بِنَجدٍ أَقَصيرٌ طَريقُنا أَم يَطولُ
وَكَثيرٌ مِنَ السُؤالِ اِشتِياقٌ وَكَثيرٌ مِن رَدِّهِ تَعليلُ
لا أَقَمنا عَلى مَكانٍ وَإِن طابَ وَلا يُمكِنُ المَكانَ الرَحيلُ
كُلَّما رَحَّبَت بِنا الرَوضُ قُلنا حَلَبٌ قَصدُنا وَأَنتِ السَبيلُ
وهنا هو يخاطب المكان بأنه ليس مقصوداً بوصفه طريقاً يطول أو يقصر، ولكنه فقط يستمتع بلعبة التمدد والقصر، وكلما قصر طال، وهو يدرك الجواب ويعرفه إلا أنه يحتاج إلى أن يتكلم، فقط يتكلم، ويمدد في القول، والمتنبي بوصفه شاعراً، فإن الكلام هو معناه ووجوده، ولا يريد للكلام أن ينتهي، ولا للشوق أن ينتهي، وكل شوق هو مزيد تشوق، وكل سؤال هو تعليل (ترديد) للقول، وفي قصيدة أخرى يقول:
طَرِبَتْ مَراكِبُنا فَخِلنا أَنَّها
لولا حَياءٌ عاقَها رَقَصَتْ بِنا
وكل هذا يقوي سردية ترداد القول والطرب للرحلة، وكلما طالت زاد الشوق وتطلعت القصيدة للولادة والانبثاق، وتطرب المراكب معه لأنها تنتظر القصيدة.
على أن تجربة المتنبي تشير دوماً إلى مغادرته المألوف، مع تطلعه لغير المألوف، فقد ترك العراق من أجل حلب، وترك حلب من رغبة بمصر، وترك مصر متطلعاً لخراسان، ثم أخيراً ترك خراسان لكي يموت في طريق العودة، ربما مات، لأن مراكبه تلك المرة لم تطرب، لأنها لم تكن تحلم بوصولٍ، أي وصول، بعد أن تسددت في وجهها الدروب تبعاً لضياع المتنبي بين الأماكن، لدرجة أنه لم يعد يبحث عن أي مكان، وهنا كادت له منيته لتنهي ترحاله وتضعه في كتاب التاريخ والذاكرة.
كاتب ومفكر سعودي
أستاذ النقد والنظرية/ جامعة الملك سعود - الرياض أخبار ذات صلة
المصدر: صحيفة الاتحاد
كلمات دلالية: الغذامي المتنبي عبدالله الغذامي
إقرأ أيضاً:
إسحق أحمد فضل الله يكتب: (…. بس)
وجمال ومرسي والسادات مثل زوايا المثلث .. لا يجمعها شيء
وهذا وهذا وهذا …. يقتل
( ومحمود أمين … شيخ الشيوعيين يجزم / والشواهد عنده/ أن جمال قتل
وفي الجزائر بومدين قتل (سمموه) وبوتفليقة قتل (نسفوه) و
وصدام قتل (شنقوه)
(الجلبي يضع جثمان صدام وسط حفل زواج إبنه
.. والقذافي قتل
وزين العابدين هرب .. لأن القتل أوشك
والبقرة ديك … هرب لأن القتل أوشك
وموجة قتل الرؤساء ملفتة
ونجوما .. قتل (أعدم كل من يرتدي نظارة
وتروغيبو فى الدومينكان قتل
وصاحب تركمان أستان
ودوفاليير (الذى أعدم كل كلب أسود خوفاً من السحر)
وبولبوت … لا حول … لا حول
(قتل مليون طفل فى أربع سنوات)
وبنانا … حرم الموز لأن الموز بالإنجليزية .. بنانا
ومبوتو الذى منع لبس القبعات …. القبعة للرئيس فقط
و…
عشرات كلهم قتلوا
وعندنا الصادق في تسجيل له يقول أنهم سوف يقتلونه بالكورونا
وما يجمع المشاهد هو أن الجهة التي تقتلهم تقوم بتلحين وغناء فسادهم
وركام الفساد يقود ويقود
لكن …. البشير لاهو فاسد ولاهم إستطاعوا تأليف الحكايات عنه
ومن جاءت صرخة
(تسقط بس)
وماحدث بعد السقوط هو ….
قحت تركب الناس …
وإلى درجة الدعم وما فعله الدعم
وهنا الشعب يقول
: نضرب بس …
……
يبقى أن من يقص ما فعله الشيعة بجثمان صدام هو واحد من سكرتارية ….. أو من جهاز أمن … صدام
وما يجعل القصة مقبولة هو أن صدام/ أو من حول صدام/ كانوا قد أتفقوا مع بريمر على مسرحية
وفي المسرحية يجعلون الحبل في عنق صدام … ثم يجري تهريبه
(شاوشيسكو كان يتم إعدامه برصاصات فارغة (فشنك) ثم يجري تهريبه)
لكن الشيعة يتولون إعدام صدام …. والحقد الشيعي على أهل الإسلام السني يتجاوز كل خيال
ويعدمون صدام بالفعل
يعدمونه صباح عيد الأضحى ليفخروا بأنهم ذبحوا زعيم أهل السنة / عندهم/ خروفاً
والأسبوع القادم هو عيد الأضحى…
ونقول للبعث … ممن يكرهون الإسلاميين … خذوا
ونقول للدعم/ الذي يطلب المفاوضات/ نضرب .. بس
إسحق أحمد فضل الله
إنضم لقناة النيلين على واتساب