فشل اجتماع "كبار المانحين" بشأن اليمن في بروكسل.. والمجلس النرويجي: ما حصل يمثل "فرصة ضائعة وإشارة سيئة"
تاريخ النشر: 9th, May 2024 GMT
انتهى الاجتماع السادس رفيع المستوى لكبار المانحين في بروكسل، أمس الثلاثاء، بشأن الملف الإنساني في اليمن، إلى توفير ما يمثل ربع التمويل المطلوب لخطة الاستجابة الإنسانية للعام 2024، مما يعني فشل الاجتماع بمستوى أسوأ من الفشل الذي كان لخطة استجابة 2023، الأمر الذي يمكن قراءته في إصرار المجتمع الدولي الإنساني على تجاهل أسوأ مأساة إنسانية عرفها العالم في التاريخ الحديث.
لم يخرج الاجتماع إلا بما يزيد قليلاً عن 735 مليون دولار أمريكي للاستجابة الإنسانية لليمن التي تتطلب 2.7 مليار دولار؛ ما يمثل تهديدًا لأرواح ملايين من اليمنيين الذين يعيشون على المعونات الإغاثية الدولية من غذاء وتطبيب.
وأكد بيان للمجلس النرويجي للاجئين “فشل المانحين الدوليين في تقديم الدعم الكافي لما يصفه اليمنيون: الكفاح اليومي من أجل البقاء”.
ويمثل2.7 مليار دولار أمريكي خلاصة التمويل المطلوب لتلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحًا لـ18.2 مليون يمني من ذوي الاحتياج.
وأعرب المجلس عن خيبة الأمل، “لأن كل الخطاب الإيجابي لم يكن مدعومًا بمستويات كافية من التمويل لمساعدة اليمن”.
وقال البيان: “تم توفير 16 سنتًا فقط مقابل كل دولار مطلوب للاستجابة لجبل الاحتياجات الإنسانية في اليمن هذا العام. إن الغياب شبه الكامل للدعم من أغنى الدول في العالم يتناقض بشكل صارخ مع الموارد المخصصة لتأجيج الصراع في المنطقة”.
وقالت سماح حديد، رئيسة قسم المناصرة في المجلس في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا: “يمثل اليوم فرصة ضائعة للمجتمع الدولي لاتخاذ خطوات هادفة نحو انتشال اليمنيين من حافة الجوع الشديد والمرض المنتشر”.
وأضافت: “وبدلاً من ذلك، فقد أرسلت إشارة سيئة مفادها أن إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية لا تزال مهملة من قبل الحكومات المانحة، ولن تتلقى الدعم الذي تحتاجه بشكل عاجل”.
وحث المجلس النرويجي للاجئين “المجتمع الدولي على تكثيف وزيادة التمويل الذي يلبي الاحتياجات اليومية لليمنيين. وهذا يشمل استئناف برامج المساعدات الغذائية في جميع أنحاء اليمن وتوسيع نطاق الدعم المستهدف لبرامج الأمن الغذائي والتغذية والمياه”.
وأوضح: “وفي الأشهر الأخيرة، غرقت الأسر في اليمن في حالة من انعدام الأمن الغذائي الشديد وسط تقلص المساعدات الغذائية وموارد التمويل. وينتشر انعدام الأمن الغذائي الآن بين أكثر من 17 مليون شخص، مما يعني أنه يتعين على الأسر تقليل السعرات الحرارية وعدد الوجبات، مما يؤدي إلى سوء التغذية الحاد بين الأطفال”.
وأطلقت 190 منظمة إغاثية أممية ودولية ويمنية، الإثنين، نداءً عاجلًا للمجتمع الدولي الإنساني بضرورة توفير التمويل المطلوب لخطة استجابة 2024.
وحسب المسح الذي أجراه المجلس النرويجي لمختلف المدن والقرى في جميع أنحاء اليمن، فإن 90 % من الأسر لم تتلق أي مساعدات في الأشهر الثلاثة الماضية في بعض المناطق.
وقال البيان: “يفتقر ثمانية من كل عشرة أشخاص إلى ما يكفي من المياه النظيفة وسط تصاعد الأمراض المنقولة بالمياه بما في ذلك الكوليرا. كما وجدت دراسة منفصلة للعائلات في عدن ومأرب وتعز ومناطق أخرى أن 80 % من الأسر لم تتناول ما يكفي من الطعام، بما في ذلك 40 % كانوا يلجؤون إلى تخطي وجبات الطعام”.
وأشار إلى أن “هناك 9.5 ملايين شخص لم يتلقوا مساعدات غذائية منذ أشهر منذ أن أعلن برنامج الأغذية العالمي عن نهاية دراماتيكية لتوزيع الغذاء في معظم أنحاء اليمن في ديسمبر/ كانون الأول”.
في السياق، أعلن الاتحاد الأوروبي تقديم 125 مليون يورو كتمويل إنساني جديد لتلبية الاحتياجات الأكثر إلحاحًا في اليمن.
وذكر بيان عن مفوضية الاتحاد، الثلاثاء: “سيتم توجيه التمويل حصريًا من خلال شركاء الاتحاد الأوروبي في المجال الإنساني، بما في ذلك وكالات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية المشاركة بنشاط في الاستجابة، ودعم المجتمعات الضعيفة المتضررة من الصراع المستمر منذ عقد من الزمان في اليمن، والنزوح، وحالات الطوارئ المناخية”.
وأضاف: “وستدعم المساعدات الأمن الغذائي والمساعدة في مجالات سوء التغذية والصحة وخدمات الحماية المتخصصة وأنشطة إزالة الألغام وغيرها. كما سيتم دعم البرامج المخصصة للتعليم وحماية الطفل”.
وقال مفوض إدارة الأزمات، يانيز لينارسيتش: “بينما يقترب اليمن من عقد من الصراع المدمر، فإن الشعب اليمني يواصل مرة أخرى دفع الثمن الأكثر تدميرًا. ولا يزال أكثر من نصف سكانه يعانون من عواقب الصراع”.
لا يزال اليمن يعاني من الأزمات الإنسانية الأشد والأطول أمدًا في العالم، حيث يقدر أن 18.2 مليون شخص – أكثر من نصف السكان – بحاجة إلى المساعدة الإنسانية وخدمات الحماية.
يمثل فشل الاجتماع السادس لكبار المانحين بشأن اليمن في بروكسل رسالة واضحة من المجتمع الدولي باستمرار إهمال المأساة اليمنية، وهو ما سيترتب عليه تفاقم الوضع الإنساني هناك؛ نتيجة اتساع الفجوة التمويلية التي تتجاوز 70 % من حجم الاستجابة المطلوبة، مما يعني أن نسبة كبيرة من اليمنيين الأشد احتياجًا سيعانون جوعًا ومرضًا، مما سيضع حيواتهم على حافة التهديد.
المصدر: الموقع بوست
كلمات دلالية: اليمن بروكسل دول المانحين الأزمة اليمنية الأمن الغذائی فی الیمن الیمن فی
إقرأ أيضاً:
اعتراف إسرائيلي بالفشل أمام المقاومة في غزة.. الخيارات سيئة
اعترف باحث إسرائيلي، بالفشل والعجز أمام المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة على مدار سنة ونصف من الحرب، مؤكدا أن الخيارات المتاحة تتراوح ما بين السيء والأسوأ.
وقال أفرايم عنبار رئيس برنامج الاستراتيجية والدبلوماسية والأمن في المركز الأكاديمي شاليم، وباحث كبير في معهد القدس للاستراتيجية والأمن (JISS)، إن "الحرب على غزة أنتجت العديد من الأوهام، وآخرها الاعتقاد بأننا في اليوم "الذي يلي الحرب" سنرى كياناً سياسياً منظماً في غزة قادراً على الحفاظ على احتكار استخدام القوة العسكرية، ما من شأنه أن يمنع أي مقاومة ضد الأهداف الإسرائيلية".
وأضاف عنبار أنّ مثل هذا الكيان السياسي، الذي يتمتع بحكومة مركزية توافق على إحباط العمليات ضد إسرائيل، يشكل خيارا مرغوبا فيه بالتأكيد، لكن تحقيق غير مرجح لعدة أسباب".
وأوضح في مقال نشرته القناة 12، وترجمته "عربي21" أنه "عندما تلتقي القوة العسكرية بالواقع، فإن القدرة الإسرائيلية على الهندسة السياسية في الشرق الأوسط محدودة للغاية"، مبينا أن "تل أبيب فشلت حين غزو لبنان عام 1982، في محاولة تغيير الحكومة اللبنانية".
وتابع قائلا: "كما فشلت الولايات المتحدة، بجيشها الضخم ومواردها الهائلة، في غرس نظام موالٍ للغرب في أفغانستان والعراق، وفشل الاتحاد السوفييتي الذي عمل عسكريا بقدر أقل من ضبط النفس مقارنة بالولايات المتحدة، في أن يجعل أفغانستان دُمية في يده".
وذكر أن "الحرب قد تقضي على القدرات العسكرية لحماس، وإزالة قيادتها من غزة، كما طردت منظمة التحرير من لبنان في 1982، لكنها لن تحول غزة دولة إصلاحية طالما بقي فلسطينيون معادون لتل أبيب، لأن هناك حدودا لاستخدام القوة العسكرية التي لا تستطيع أن تخفف من حدة العداء المتجذر في الحركة الوطنية الفلسطينية تجاه الحركة الصهيونية، بما يُحدّد جوهر الوطنية الفلسطينية، كما أن النظام التعليمي في غزة ركز على الجانب الديني السلبي تجاه اليهود، وغرس في نفوس الغزيين دافعاً قوياً للانتقام منهم".
وأشار إلى أن "أهوال هجوم السابع من أكتوبر تشكل دليلاً مؤلماً ومروعاً على هذه الظاهرة، ففي المستقبل القريب على الأقل، أينما وجد الفلسطينيون، سيكون هناك مقاومة ضد تل أبيب، وليس هناك من سبب يدعونا للافتراض بأن غزة ستكون مختلفة كثيراً أو منزوعة السلاح "في اليوم التالي"، كما أن استقدام قوات عربية أو دولية للحلول محل إسرائيل في غزة أمر مشكوك فيه، والعزم على مواجهة حماس ليس كبيرا، كما أن الاعتراف بأن غزة، بسكانها وأطلالها، ليست مغرية بما فيه الكفاية".
وأكد أن "حماس لن تتعاون مع أي خطة لنقل سكان غزة لمكان آخر، وفي الوقت نفسه، ليس هناك أيضاً استعداد كبير بين بلدان العالم لاستيعابهم، بل ستكون مُتردّدة في استيعابهم، أو التبرع بمئات مليارات الدولارات لإعادة إعمار القطاع المدمر، وفي غياب بنية تحتية سياسية منظمة، فإن أي مساعدات خارجية ستذهب سدى، لأن حالة عدم اليقين المحيطة بمستقبل القطاع ستردع المستثمرين المحتملين، ومن ثم فإن إمكانية تحقيق خطة الرئيس الأمريكي ترامب الخاصة بغزة أمر مشكوك فيه".
وأوضح أن "خيار جلب السلطة الفلسطينية لغزة، يبدو البديل المفضل لدى معظم المجتمع الدولي، رغم أنها ضعيفة، بل تشجع المقاومة بسبب مناهجها الدراسية التي تحتوي على محتوى يُحرّض عليها، وكراهية إسرائيل، وتدفع رواتب المعتقلين وعائلاتهم، ولكن بسبب ضعفها فإنها تتسامح مع حرية عمل الجيش على أراضيها، كما أنها معتادة على التعاون في سياقات معينة معه ضد حماس، لكن من الواضح أنها ليست الحلّ الأمثل، لكن مثل هذه الحلول ليست دائما في متناول اليد".
وبيّن أن "الوجود العسكري الإسرائيلي المستمر من خلال فرض الحكم العسكري في غزة، أو الضمّ، لا يحل المشاكل الأمنية الناجمة عن وجود فلسطينيين معادين للغاية، لأنه من غير الحكمة إثقال كاهل المجتمع الإسرائيلي المنقسم والمتصارع بنقطة خلاف أخرى، ربما يتعين على تل أبيب الاعتياد على فكرة مفادها أنه في غياب عنوان يوافق على أخذ غزة تحت حمايته، فإن الفوضى ستسودها، لكن الخلاصة أن إسرائيل محكوم عليها بالعيش مع جيران معادين لفترة طويلة، ولا توجد وسيلة لضمان عدم وجود أي مقاومة".