يعمل الباحثون في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي على دراسة الحلول التي يمكن للذكاء الاصطناعي أن يوفرها في مجال التخطيط الحضري على مستوى العالم، وذلك من أجل المساهمة في معالجة تزايد الظواهر الجوية التي يشهدها العالم بسبب تغيّر المناخ.

وبعد أن سجلت منطقة الخليج العربي مستويات قياسية من الأمطار في 16 أبريل الماضي، عمد فريق من الباحثين والطلاب في جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي، بقيادة الدكتور سلمان خان، الأستاذ المشارك في قسم الرؤية الحاسوبية، إلى الاستفادة من تقنيات الذكاء الاصطناعي من جهة والرؤية الحاسوبية من جهة أخرى، من أجل إنشاء نموذج أولي آلي لتحليل بيانات الأقمار الصناعية، بهدف تقييم أوضاع الفيضانات.

واستند فريق الباحثين إلى ثلاث دراسات لحالات تتناول نخلة جميرا في دبي، ومنطقة مصفح في أبوظبي، ومنطقة البريمي في عُمان، واستعمل الباحثون بيانات الأقمار الصناعية المكانية المتاحة من أجل مقارنة الصور الملتقطة من خلال الاستشعار عن بُعد قبل الحالة الجوية التي شهدتها المنطقة وتلك التي تم التقاطها بعدها.

وجاء هذا التحليل بهدف توفير أداة للكشف عن التغييرات المناخية، والمساعدة في تقييم تأثير الأمطار الغزيرة بشكل أسرع.

ومن شأن أداة التحليل أن تحدد بدقة الطرق التي تتراكم فيها المياه بنسبة عالية بعد هطول الأمطار الغزيرة، كما تحدد البنى التحتية الحيوية المتضررة والمناطق التي قد تكون معرضة للتأثر بتداعيات الحالة الجوية أكثر من غيرها.

ومازال النموذج في أولى مراحل تطويره، وهو يعتمد على نماذج الذكاء الاصطناعي والبيانات المفتوحة المتاحة للجمهور، مثل صور “سينتينيل-2” التي تبلغ دقتها 10 أمتار، وخريطة الشارع المفتوحة، حيث يساهم المتطوعون من جميع أنحاء العالم في نشر المعلومات الجغرافية حول مختلف المناطق والطرقات، مثل تلك المتعلقة بالشوارع والمعالم الرئيسية في المدن، فيما يؤكد أفراد المجتمع على صحة هذه البيانات.

وقال الدكتور سلمان خان إنه يمكن استخدام الذكاء الاصطناعي لتحليل كيفية تأثير هطول الأمطار المتوقعة على المدن في جميع أنحاء العالم، فعند تعزيز دقة صور الأقمار الصناعية والتقاطها بوتيرة أسرع تتمكن مناطق محددة من الاستفادة من نظام إنذار مبكر.

وأشار إلى أن جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي وشركة “آي بي إم” تعملان حالياً على إيجاد حلول تعتمد على الذكاء الاصطناعي لاكتشاف الجزر الحرارية الحضرية، وذلك من خلال تحديد المناطق ذات الحرارة الزائدة والعوامل التي تساهم في تشكل هذه الجزر فهذا الحل سيساعد خبراء تخطيط المدن والبلديات والمقيمين على الحد من الآثار الناتجة عن الجزر الحرارية، مما يجعل المدن أكثر ملاءمةً للعيش في ظل حالات الطقس غير المتوقعة.

وأوضح أن جامعة محمد بن زايد للذكاء الاصطناعي تسعى في المستقبل إلى توسيع نطاق الدراسات التي تتمحور حول الفيضانات لتشمل المزيد من المناطق في جميع أنحاء منطقة الخليج العربي، كما تطمح إلى التعاون مع المنظمات الحكومية والصناعية لتصميم هذه الأداة وتحسينها من خلال إضافة المزيد من البيانات، وذلك من أجل الحصول على معلومات أكثر دقة حول مستويات المياه.

ونوه كذلك إلى دراسة كيفية تأثير تراكم المياه على الكثافة السكانية وعلى التوسع العمراني، وقال إن المعلومات والتحليلات التي نقدّمها تساعد السلطات بطرق عدّة، مثل العمل مع المجتمعات المحلية لزيادة قدرتها على مواجهة هذه التغيرات، وتخطيط البنى التحتية بشكل مدروس، وإقرار سياسات للتكيّف مع التغيّرات في الموارد المائية والبنى التحتية على المدى الطويل.وام


المصدر: جريدة الوطن

إقرأ أيضاً:

احتيال شركات الذكاء الاصطناعي يجب أن يتوقف

مع تقدم الذكاء الاصطناعي وتغلغله في حياتنا على نحو متزايد، يبدو من الواضح أنه من غير المحتمل أن يخلق المدينة التكنولوجية الفاضلة ومن غير المرجح أن يتسبب في محو البشرية. النتيجة الأكثر احتمالا هي مكان ما في المنتصف ــ مستقبل يتشكل من خلال الطوارئ، والحلول الوسط، وعلى جانب عظيم من الأهمية، القرارات التي نتخذها الآن حول كيفية تقييد وتوجيه تطور الذكاء الاصطناعي.

باعتبارها الرائدة عالميا في مجال الذكاء الاصطناعي، تضطلع الولايات المتحدة بدور مهم بشكل خاص في تشكيل هذا المستقبل. لكن خطة عمل الذكاء الاصطناعي التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرا بددت الآمال في تعزيز الإشراف الفيدرالي، فاحتضنت بدلا من ذلك نهجا داعما للنمو في تطوير التكنولوجيا. وهذا يجعل التركيز من جانب حكومات الولايات، والمستثمرين، والجمهور الأمريكي على أداة مُـساءلة أقل إخضاعا للمناقشة، ألا وهي حوكمة الشركات ضرورة أشد إلحاحا. وكما توثق الصحفية كارين هاو في كتابها «إمبراطورية الذكاء الاصطناعي»، فإن الشركات الرائدة في هذا المجال منخرطة بالفعل في المراقبة الجماعية، وهي تستغل عمالها، وتتسبب في تفاقم تغير المناخ. من عجيب المفارقات هنا أن كثيرا منها شركات منفعة عامة (PBCs)، وهي بنية حوكمة يُزعم أنها مصممة لتجنب مثل هذه الانتهاكات وحماية البشرية. ولكن من الواضح أنها لا تعمل على النحو المنشود.

كانت هيكلة شركات الذكاء الاصطناعي على أنها شركات منفعة عامة شكلا ناجحا للغاية من أشكال الغسيل الأخلاقي. فبإرسال إشارات الفضيلة إلى الهيئات التنظيمية وعامة الناس، تخلق هذه الشركات قشرة من المساءلة تسمح لها بتجنب المزيد من الرقابة الجهازية على ممارساتها اليومية، والتي تظل مبهمة وربما ضارة. على سبيل المثال، تُـعَـد xAI التي يملكها إيلون ماسك شركة منفعة عامة تتمثل مهمتها المعلنة في «فهم الكون». لكن تصرفات الشركة ــ من بناء كمبيوتر خارق مُـلَـوِّث في السر بالقرب من حي تقطنه أغلبية من السود في ممفيس بولاية تينيسي، إلى إنشاء روبوت محادثة يشيد بهتلر ــ تُظهر قدرا مزعجا بشدة من عدم الاكتراث بالشفافية، والرقابة الأخلاقية، والمجتمعات المتضررة.

تُعد شركات المنفعة العامة أداة واعدة لتمكين الشركات من خدمة الصالح العام مع السعي إلى تحقيق الربح في الوقت ذاته. لكن هذا النموذج، في هيئته الحالية ــ خاصة في ظل قانون ولاية ديلاوير، الولاية التي تتخذها معظم الشركات العامة الأمريكية مقرا لها ــ مليء بالثغرات وأدوات الإنفاذ الضعيفة، وهو بالتالي عاجز عن توفير الحواجز اللازمة لحماية تطوير الذكاء الاصطناعي. لمنع النتائج الضارة، وتحسين الرقابة، وضمان حرص الشركات على دمج المصلحة العامة في مبادئها التشغيلية، يتعين على المشرعين على مستوى الولايات، والمستثمرين، وعامة الناس المطالبة بإعادة صياغة شركات المنفعة العامة وتعزيز قدراتها. من غير الممكن تقييم الشركات أو مساءلتها في غياب أهداف واضحة، ومحددة زمنيا، وقابلة للقياس الكمي. لنتأمل هنا كيف تعتمد شركات المنفعة العامة في قطاع الذكاء الاصطناعي على بيانات منافع شاملة وغير محددة يُزعَم أنها توجه العمليات. تعلن شركة OpenAI أن هدفها هو «ضمان أن يعود الذكاء الاصطناعي العام بالفضل على البشرية جمعاء»، بينما تهدف شركة Anthropic إلى «تحقيق أعظم قدر من النتائج الإيجابية لصالح البشرية في الأمد البعيد». المقصود من هذه الطموحات النبيلة الإلهام، لكن غموضها من الممكن أن يستخدم لتبرير أي مسار عمل تقريبا ــ بما في ذلك مسارات تعرض الصالح العام للخطر. لكن قانون ولاية ديلاوير لا يُـلزِم الشركات بتفعيل منفعتها العامة من خلال معايير قابلة للقياس أو تقييمات مستقلة. ورغم أنها تطالب بتقديم تقارير كل سنتين حول أداء المنفعة، فإنها لا تلزم الشركات بإعلان النتائج. بوسع الشركات أن تفي بالتزاماتها ــ أو تهملها ــ خلف الأبواب المغلقة، دون أن يدري عامة الناس شيئا. أما عن الإنفاذ، فبوسع المساهمين نظريا رفع دعوى قضائية إذا اعتقدوا أن مجلس الإدارة فشل في دعم مهمة الشركة في مجال المنفعة العامة. لكن هذا سبيل انتصاف أجوف، لأن الأضرار الناجمة عن الذكاء الاصطناعي تكون منتشرة، وطويلة الأجل، وخارجة عن إرادة المساهمين عادة. ولا يملك أصحاب المصلحة المتضررون ــ مثل المجتمعات المهمشة والمقاولين الذين يتقاضون أجورا زهيدة ــ أي سبل عملية للطعن في المحاكم. وللاضطلاع بدور حقيقي في حوكمة الذكاء الاصطناعي، يجب أن يكون نموذج «شركات المنفعة العامة» أكثر من مجرد درع للسمعة. وهذا يعني تغيير كيفية تعريف «المنفعة العامة»، وحوكمتها، وقياسها، وحمايتها بمرور الوقت. ونظرا لغياب الرقابة الفيدرالية، يجب أن يجري إصلاح هذا الهيكل على مستوى الولايات. يجب إجبار شركات المنفعة العامة على الالتزام بأهداف واضحة، وقابلة للقياس، ومحددة زمنيا، ومكتوبة في وثائقها الإدارية، ومدعومة بسياسات داخلية، ومربوطة بمراجعات الأداء والمكافآت والتقدم الوظيفي. بالنسبة لأي شركة عاملة في مجال الذكاء الاصطناعي، من الممكن أن تشمل هذه الأهداف ضمان سلامة نماذج المؤسسات، والحد من التحيز في مخرجات النماذج، وتقليل البصمة الكربونية الناجمة عن دورات التدريب والنشر، وتنفيذ ممارسات العمل العادلة، وتدريب المهندسين ومديري المنتجات على حقوق الإنسان والأخلاقيات والتصميم التشاركي. الأهداف المحددة بوضوح، وليس التطلعات الغامضة، هي التي ستساعد الشركات على بناء الأساس للمواءمة الداخلية الجديرة بالثقة والمساءلة الخارجية. يجب أيضا إعادة تصور مجالس الإدارة وعملية الإشراف. ينبغي لمجالس الإدارة أن تضم مديرين ذوي خبرة يمكن التحقق منها في أخلاقيات الذكاء الاصطناعي، والسلامة، والأثر الاجتماعي، والاستدامة. يجب أن يكون لكل شركة مسؤول أخلاقي رئيسي يتمتع بتفويض واضح، وسلطة مستقلة، والقدرة على الوصول المباشر إلى مجلس الإدارة. ينبغي لهؤلاء المسؤولين أن يشرفوا على عمليات المراجعة الأخلاقية وأن يُمنحوا سلطة وقف أو إعادة تشكيل خطط المنتجات عند الضرورة. وأخيرا، يجب أن تكون شركات الذكاء الاصطناعي المهيكلة كمؤسسات منفعة عامة مُلـزَمة بنشر تقارير سنوية مفصلة تتضمن بيانات كاملة ومصنفة تتعلق بالسلامة والأمن، والتحيز والإنصاف، والأثر الاجتماعي والبيئي، وحوكمة البيانات. وينبغي لعمليات تدقيق مستقلة ــ يديرها خبراء في الذكاء الاصطناعي، والأخلاقيات، والعلوم البيئية، وحقوق العمال ــ أن تعكف على تقييم صحة هذه البيانات، بالإضافة إلى ممارسات الحوكمة في الشركة وتواؤمها في عموم الأمر مع أهداف المنفعة العامة.

أكدت خطة عمل ترامب للذكاء الاصطناعي على عدم رغبة إدارته في تنظيم هذا القطاع السريع الحركة. ولكن حتى في غياب الإشراف الفيدرالي، بوسع المشرعين على مستوى الولايات، والمستثمرين، وعامة الناس تعزيز حوكمة إدارة الشركات للذكاء الاصطناعي بممارسة الضغوط من أجل إصلاح نموذج شركات المنفعة العامة. يبدو أن عددا متزايدا من قادة التكنولوجيا يعتقدون أن الأخلاقيات أمر اختياري. ويجب على الأمريكيين أن يثبتوا أنهم على خطأ، وإلا فإنهم يتركون التضليل، والتفاوت بين الناس، وإساءة استخدام العمالة، وقوة الشركات غير الخاضعة للرقابة تشكل مستقبل الذكاء الاصطناعي.

كريستوفر ماركيز أستاذ إدارة الأعمال في جامعة كامبريدج ومؤلف كتاب «المستغلون: كيف تقوم الشركات بخصخصة الأرباح وتأميم التكاليف»

خدمة «بروجيكت سنديكيت»

مقالات مشابهة

  • تغير المناخ يخلط أوراق الفصول..استعدادات استثنائية لمواجهة طقس غير معتاد
  • «جامعة محمد بن زايد للعلوم الإنسانية» تنظم ورشة تدريبية في أساسيات الشعر العربي
  • مصدر بهيئة الأرصاد: نعيش فصولاً جوية غير مألوفة والتغير المناخي يفرض استعدادات دائمة
  • احتيال شركات الذكاء الاصطناعي يجب أن يتوقف
  • دور الذكاء الاصطناعي في التشخيص.. انطلاق المؤتمر السنوي لطب بشري الزقازيق
  • رئيس صرف الإسكندرية يُناقش خطة الطوارئ لمواجهة تغيرات المناخ
  • السباق الاستخباراتي على الذكاء الاصطناعي
  • سفارة الصين بالقاهرة: خطة عمل للحوكمة العالمية للذكاء الاصطناعي
  • معضلة الذكاء الاصطناعي والمؤلف العلمي
  • شديد الحرارة تحذير من الشبورة.. الأرصاد تعلن الظواهر الجوية المسيطرة اليوم