ذاكرة الكتب .. حقائق من حرب الخليج الثانية يرويها محمد حسنين هيكل
تاريخ النشر: 1st, August 2023 GMT
لا شك أنه في مثل هذه الأيام من عام 1990 وقعت كارثة كبرى ألمت بالأمة العربية وهى غزو العراق للكويت وما حدث فيها من تداعيات خطيرة غيرت الكثير من الأوضاع داخل البيت العربى ومازال يعانى منها حتى الآن، ومن أبرز من تناول هذه الأزمة الكاتب الكبير الراحل محمد حسنين هيكل في كتابه «حرب الخليج.. أوهام القوة والنصر».
أخبار متعلقة
ذاكرة الكتب.. هدى عبدالناصر تنشر أوراقًا خاصة بخط والدها عن ذكريات تأميم قناة السويس
ذاكرة الكتب.. فى ذكراها.. أمين دويدار يسرد كيف وضع النبى خطة الهجرة من مكة إلى المدينة؟
ذاكرة الكتب.. طه حسين يرصد تاريخ الجزيرة العربية فى «مرآة الإسلام»
حيث يناقش الكتاب إحدى الأزمات العنيفة التي وقعت للأمة العربية، وهى أزمة من نوع خاص. فمع تداعى الإمبراطورية السوفيتية والتحولات العنيفة التي كان يشهدها العالم بتهاوى وانهيار المعسكر الاشتراكى تحرك صدام بجيشه صوب الكويت ليفرغ من احتلالها في ساعات، واستيقظ الناس على وضع جديد وخطير، حيث أصبح بيد العراق نصف إنتاج البترول وثلثى احتياطياته في ذلك الوقت!.
يتحدث الأستاذ هيكل عن الأسباب التاريخية والظروف والأجواء التي سبقت الأزمة ومهدت لها ويصفها بأنها كانت «عاطفية بأكثر من اللازم، شخصية بأكثر من اللازم، عسكرية بأكثر من اللازم».
كما يسرد «هيكل» الأخطاء التي وقع بها صناع القرار العراقى والحسابات الخاطئة التي زادت من اشتعال الأزمة، فعالم البارحة يختلف عن اليوم!.
ويكشف الأستاذ هيكل عن تفاصيل الدور الأمريكى في تلك الحرب، وهو دور كان متوقعا على أي حال، فلم يكن بوسع الولايات المتحدة أن تقف مكتوفة الأيدى والبترول العربى- الذي تعتبره كنزا خاصا بها وحدها لا يلمسه أحد- في خطر. فقد استغلت الأزمة إلى أبعد حد واحتكرتها لنفسها وأخذت دور موزع الأدوار، فقد كانت الأزمة فرصة سانحة لتدمير قوة العراق وإبعاد خطره عن المنطقة تمهيدا لوضع شرق أوسطى جديد وتسوية شاملة تناسبها وتناسب إسرائيل في الدرجة الأولى.
يبدأ الكاتب الكبير في وضع الأسباب الأولى لتلك الحرب، التي كانت في نظره مبكرة وواضحة ولم يكن التحرك مفاجئًا؛ فصدام كان خارجًا لتوه من حرب كبيرة مع إيران، وكان أول طرق تعويض تلك الخسائر هو النظر لحسابات أخرى، وبالفعل كنت مناوشاته القديمة مع الكويت بخصوص الحصص البترولية. فقد رأى أن مكسب السيطرة على نحو نصف إنتاج العالم من النفط (العراق والكويت) يستحق المغامرة، وإن كانت كل الحسابات الأولية ليست في صالحه.
رأى الأستاذ هيكل أن من ضمن الأسباب القوية التي دعمت التدخل الأمريكى بتلك الطريقة المباشرة، هي جزء من «العقيدة الأمريكية»، وهى أن يكون لكل رئيس حربه العادلة، لذا نجد حلم الرئيس بوش الأب هو أن تتاح تلك الظروف، ليبدأ حربه العادلة، حتى وإن لم تكن كذلك، فإنه سيبذل مجهودا أمام شعبه لإقناعهم بعدالتها، وأن التدخل الأمريكى ما هو إلا نموذج من صور الانحياز للخير والإنسانية.
ويؤكد هيكل على نقطة مهمة وهى أن عملية الغزو الأولى فجر 2 أغسطس قد حققت أهدافها بشكل كامل من السيطرة على الأماكن الحيوية، والوصول لقلب العاصمة، ولكنه يعتقد أن كل ترتيبات صدّام وقعت أمام مأزق كبير، عندما استطاع أفراد الأسرة الأميرية الحاكمة، التحرك خارج حدود الكويت؛ فلم يتمكن من أحد منهم.
كما يرى الأستاذ أن صدام اعتقد أنه كذلك سيتم استقباله بالورود من الشعب الكويتى، وينظر له نظرة «الفاتح والمخّلص» وأن هناك فجوة بين الشعب وأسرة «الصباح»، لكن ذلك الرهان كان خاسرًا أيضًا.
ويكشف هيكل عن بعض كواليس ما حدث، حيث تلقى الملك فهد بن عبدالعزيز اتصالا عند الفجر يؤكد له هذا التحرك العراقى، ليتصل بدوره بسفيره لدى الكويت والذى أكد له حجم الكارثة، وأن العمليات العسكرية تتم في العمق، وأن هناك خططًا لاحتلال «القصر الأميرى».
ومن الرياض لمدينة برج العرب بالإسكندرية، يتابع هيكل روايته، التي وصلت إليه من مصادر موثوقة لديه كعادته دائما، وكان هناك اتصال هاتفى، على الجانب الأول منه السفير الكويتى بالقاهرة، والجانب الآخر الدكتور مصطفى الفقى، سكرتير الرئيس مبارك للمعلومات، وشرح السفير الوضع بشكل مختصر للفقى، ثم طلب منه إيقاظ الرئيس لهذا الأمر الخطير. ويشير هيكل إلى أن ظن مبارك كان في البداية أن العمليات على المناطق الحدودية وبشكل محدود؛ لكن التأكيدات وصلت إليه بأن قوات صدام في قلب العاصمة.
وذكر الكاتب الراحل أن الحالة كانت فوضوية وتؤكد العجز العربى التامّ في تلك الفترة، وإمكانيات الوصول إلى حل عربى للأزمة تتلاشى، ورغم حالة التشرذم الواضحة في التصويت على مشروع قرار بإدانة الغزو، ظلت جهود مبارك قائمة للوقوف إلى جانب الكويت، ورغم تمادى الغزو العراقى، وإعلان صدام الكويت المحافظة العراقية الـ 19، قرر مبارك إرسال قوات مصرية للدفاع عن الكويت والتصدى للعدوان انطلاقا من اتفاقية الدفاع العربى المشترك فأرسل نحو 40 ألف جندى لنصرة الكويت، وراحت مصر تستعد لإرسال مقدمة إدارية تستطلع أماكن إيواء القوات عندما يجىء وقت تمركزها في السعودية.
ويضيف هيكل: على الجانب الآخر، كان وقع تلك المعلومات على الرئيس بوش في البيت الأبيض في واشنطن، أكثر هدوءا وأقل دهشة من زعماء العرب، فلم تكن هناك حاجة لإيقاظ رئيس أو جنرال؛ إذ تمت العمليات مع الرابعة عصرًا بتوقيت واشنطن، ومن جهة أخرى أكثر واقعية، بينما كان العرب شاغلهم هو احتواء الأزمة قبل شهور، كانت الولايات المتحدة تعد تقريرا استخباراتيا كل ساعتين تقريبًا عن الحشد العسكرى في العراق وجاهزيته.
ورغم أن عملية «عاصفة الصحراء» تمت في 17 يناير 1991، إلا أن خطتها رسمت كما نقل هيكل عن تقرير نشر في صحيفة «واشنطن بوست»، قال إن الترتيب كان قبل ذلك بأكثر من 6 أشهر (يوليو 1990)، وذلك بعد التأكد من أن العملية الأمريكية المقبلة ستكون في الشرق الأوسط وبالتحديد في العراق؛ لذا أتت مناورة بولاية «ساوث كارولينا» كانت الأهداف المخططة هي مقاربة للأهداف العراقية؛ مما أشبه ببروفة لما سيتم بعد ذلك، وإن كانت أهداف المناورة 17 هدفًا قد اختلفت عن الواقع؛ حيث نجحت قوات التحالف في ضرب 700 هدف عراقى.
ويذكر الأستاذ هيكل من أسباب التوتر: «وكان ما قاله الشيخ على خليفة الصباح وزير البترول الكويتى: إن الكويت لا تنوى الالتزام بحصتها المقررة وهى 1037000 برميل في اليوم، وإنها سوف تصر على حصة مقدارها 1350000 برميل في اليوم. وعلقت صحيفة وول ستريت جورنال من جانبها قائلة: إنه في الوقت الحالى تنتج الكويت 1700000 برميلا في اليوم».
ويضيف: «ثم راح الرئيس صدام حسين يشكو للملك فهد من أن الكويتيين يضاربون على الدينار العراقى لخفض سعره، ويشترون كل التحف والنفائس من أسواق بغداد بطريقة مستفزة ومهينة حتى إنهم يحاولون إفساد ماجدات العراق، وأنه سمع عن مشاجرة في ناد ليلى شارك فيها دبلوماسى كويتى قائلا بصوت عال أثناءها: إنه سوف يجىء يوم يستطيع أن يحصل على أي واحدة منهن بعشرة دنانير».
ذاكرة الكتب محمد حسنين هيكلالمصدر: المصري اليوم
كلمات دلالية: زي النهاردة شكاوى المواطنين ذاكرة الكتب زي النهاردة بأکثر من
إقرأ أيضاً:
شهادات وذكريات يرويها مصطفى بكري: أسرار البرلمان الموازي
طالبنا بحل مجلس الشعب بعد صدور 192 حكمًا ببطلان الانتخابات في الدوائر
الأمن حذرنا من خطورة ما نفعله لكننا صممنا على المضي قدما للأمام
رد مبارك على فكرة البرلمان الموازي كان كلمة السر في زيادة احتقان الشارع
هذه ليست قصة حياة، بل شهادة حية على مرحلة تاريخية مهمة، عشت فصولها، انتصاراتها وانكساراتها، حلوها ومرها، اقتربت من صناع هذه الأحداث أحيانًا، وكنت ضحية لعنفوانهم في أحيان أخرى، معارك عديدة دخلتها، بعضها أودي بي إلى السجون، لم أنكسر، ولم أتراجع عن ثوابتي، وقناعاتي.
أروى هذه الشهادات بصدق وموضوعية، بعض شهودها أحياء، والبعض رحل إلى الدار الآخرة، لكن التاريخ ووقائعه لا تنسى، ولا يمكن القفز عليها، وتزوير أحداثها.
فكرة البرلمان الموازيبدأت فكرة البرلمان «الموازي» بيني وبين النائب المعارض علاء عبد المنعم، دعونا بعض الزملاء من النواب الذين تم إسقاطهم عن عمد في انتخابات 2010، وقررنا الاجتماع في مكتب النائب علاء عبد المنعم بعمارات العبور بشارع صلاح سالم.
وقد شارك إلى جواري والنائب السابق علاء عبد المنعم كل من النواب السابقين حمدين صباحى وسعد عبود ومحمد شردي ومحمد البلتاجي وجمال زهران.
وقد اعترض النائب جمال زهران على الفكرة في البداية، وقال: لا فائدة مع هذا النظام، وأنا أرى أن هذا الإجراء لن يفيد بشيء حاولنا إقناعه كثيرًا، لكنه ظل مترددًا حتى اللحظات الأخيرة.
وبعد أن توافقنا على مهام البرلمان اجتمعنا يوم الخميس 9 ديسمبر وأقمنا وقفة شارك فيها المئات من ممثلي القوى السياسية، حاملين لافتة «باطل» اعتراضًا على الانتخابات الباطلة.
وكان معنا في هذا اليوم كل من حمدين صباحى وسامح عاشور وعلاء عبد المنعم ومحمد العمدة ومحمد شردي ومصطفى الجندي وضياء رشوان ويحي حسين وعبد العزيز الحسيني وكمال أبو عيطة وعبد العظيم المغربي وجمال فهمى ومحمد عبد القدوس وأسامة الغزالي حرب وجورج إسحاق وبهاء طاهر ويحي قلاش.
وطالبنا في هذه الوقفة بضرورة حل مجلس الشعب، خاصة بعد صدور أكثر من 192 حكمًا كلها صدرت ببطلان الانتخابات في العديد من الدوائر.
مؤسسو البرلمان الموازيكانت الاتصالات من قبل رجال الأمن معنا لا تتوقف، محذرين من خطورة ما يجرى، إلا أننا كنا قد أخذنا العهد على أنفسنا بالمضي قدمًا إلى الأمام مهما كان.
وعقدنا لقاء يوم 13 ديسمبر 2010، واتفقنا فيه على عقد مؤتمر صحفي أمام مجلس الدولة، حيث تم اختياري متحدثًا رسميًا باسم البرلمان الموازي باتفاق الحاضرين.
وبالفعل في 14 ديسمبر 2010، مضينا إلى مبنى مجلس الدولة والذى يقع بالقرب من كوبرى قصر النيل بمحافظة الجيزة، منذ الصباح الباكر، تدفق النواب السابقين والذين تم إسقاطهم بمجلس الشعب 2010، وأعلن 118 نائبًا سابقًا قبلها بيوم واحد انطلاق فكرة البرلمان الشعبي أو «البرلمان الموازي».
كان المؤسسون قد عهدوا إلى إلقاء بيان البرلمان الموازي، بعد أن تم اختياري متحدثًا رسميًا باسم البرلمان.
ردد النواب السابقون اليمين الدستورية على سلالم مبنى مجلس الدولة ردًا على بدء انعقاد الدورة الجديدة التي شهدت تزويرًا فاضحًا للانتخابات، وبعد ترديد اليمين الدستورية ألقيت البيان الذى وقع عليه عدد كبير من المشاركين في إطلاق البرلمان «الموازي» وقلت أمام وسائل الإعلام «إن انطلاق البرلمان الشعبي جاء ليعبر بحق عن الشعب المصري، والتصدي لتجاوزات الحكومة التي تضر بمصلحة المواطنين، وأيضًا لمناقشة القوانين والقضايا العامة، وإبلاغها للرأي العام من خلال وسائل الاعلام واللقاءات الجماهيرية.
وقد ناشدنا الرئيس مبارك في هذا البيان بالتدخل وأعمال سلطاته الدستورية بحل مجلس الشعب الحالي والدعوة إلى انتخابات جديدة في إطار ضمانات حقيقية حرصًا على مصلحة البلاد وتنفيذًا لأحكام القضاء وضمانًا لعدم بطلان الانتخابات الرئاسية المقبلة.
وتحدث في هذا اللقاء كل من النواب السابقين حمدين صباحي ود.إبراهيم عوارة ومحسن راضي وآخرون، وبعد هذا المؤتمر تصاعدت الحملات الصحفية والإعلامية ضد البرلمان «الموازي» ومؤسسيه، حيث كتب مجدى الدقاق رئيس تحرير مجلة أكتوبر قائلا: «إن البرلمان البديل عمل ينافى العملية الديمقراطية ويعبر فقط عن دعايات الخاسرين، لأنها دعايات لا تأتى إلا من الخاسرين، والشعب قال كلمته وانتهى الأمر».
أما د.جهاد عودة عضو لجنة السياسات بالحزب الوطني فقال «إن الفكرة عبثية ولا تعبر إلا عن الأشخاص الداعية لها» وغيرهما كثيرون، بدأت فكرة البرلمان «الموازي» تحدث ردود أفعال إيجابية لدى كافة الفئات السياسية والمجتمعية، وقد عقدنا اجتماعًا بعد ذلك في مقر حزب الوفد تحت عنوان «نعم لإسقاط المجلس المزور»، حيث اقترح البعض توسيع فكرة البرلمان الشعبي، وبعد حوارات متعددة تم الموافقة على الفكرة، وأعلن أيمن نور الذى شارك في هذه الاجتماعات دعوة الأعضاء للاجتماع في مقر حزبه «الغد» في وسط ميدان طلعت حرب للاتفاق على الخطوات الإجرائية، يومها أعلنت رفض الذهاب إلى مقر حزب أيمن نور الذى أراد اختطاف الفكرة وتوظيفها لحساباته السياسية.
وبالفعل عقد اجتماعًا قاطعة الكثيرون، وبدأت جماعة الإخوان تحاول هي الأخرى السيطرة على الفكرة حتى جاء الرئيس مبارك، وقال كلمته الشهيرة ردًا على النائب رجب حميدة الذى أثار الموضوع في مجلس الشعب أثناء أداء الرئيس لخطابه تحت قبة البرلمان وقوله «خليهم يتسلوا».
ويبدو أن هذه العبارة كانت كلمة «السر» التي زادت من احتقان الشارع، وأكدت أن الرئيس لا يبالى بأزمات البلاد ولا أحكام القضاء.. وهكذا تطورات الأوضاع بشكل سريع حتى جاءت أحداث ثورة 25 يناير لتشكل صدمة لصناع القرار في مصر.
تلك كانت أحداث الفترة التاريخية منذ البداية وحتى عام 2011، وبإذن الله سيصدر قريبًا الجزء الثاني الذى يتناول منذ هذا التاريخ وحتى اليوم.
وينشر موقع «الجمهور» يوم «الجمعة» من كل أسبوع، شهادةَ الكاتب والبرلماني مصطفى بكري، عن أزمات وأحداث كان شاهدًا عليها، خلال فترات حكم الرئيس السادات والرئيس مبارك والمشير طنطاوي ومرسي والرئيس السيسي.
اقرأ أيضاًمصطفى بكري: القائمة النسبية مهددة بسبب «مزاج البعض» والمسألة ليست إهدار أصوات
مصطفى بكري: المؤامرات تهدف لإجبارنا على قبول التهجير.. ومصر صامدة بإرادة شعبها العظيم
أقوى رد على المشككين.. «مصطفى بكري»: لا أحد يستطيع تجاوز دور مصر في دعم القضية الفلسطينية