وزير الأوقاف: سيسجل التاريخ أننا بحقبة فريدة في بناء شخصية الأئمة والواعظات
تاريخ النشر: 12th, May 2024 GMT
في إطار التواصل المستمر بين وزير الأوقاف والعاملين بالمديريات الإقليمية وفي ضوء رسالة الأوقاف الدعوية والمجتمعية التقى أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف بالأئمة قادة فكر والواعظات رائدات فكر بمسجد النور بالعباسية صباح اليوم الأحد 12/ 5/ 2024م، لمناقشة تكثيف الأنشطة الدعوية والبرنامج الصيفي للطفل خلال العطلة الصيفية، وأهمية بناء وعي رشيد مستنير، بحضور الأستاذ الدكتور/ عبد الله مبروك النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية، والكاتب الصحفي/ أحمد أيوب رئيس تحرير جريدة الجمهورية، وقيادات وزارة الأوقاف.
وفي كلمته رحب وزير الأوقاف بالسادة الحضور جميعًا، مؤكدًا أن هذا اللقاء يُعقد في ذات اليوم الذي قرر فيه الرئيس/ عبد الفتاح السيسي رئيس الجمهورية افتتاح مسجد السيدة زينب (رضي الله عنها) بعد هذا التطوير الذي لا يمكن وصفه بمجرد الكلمات بل لا بد من الوقوف على ما تم انجازه رأي العين لتتضح الصورة كاملة، حيث صار المسجد صرحًا إسلاميًّا عظيمًا، مؤكدًا أننا في عصر ذهبي لعمارة بيوت الله (عز وجل) مبنى ومعنى، وسيسجل التاريخ أننا في حقبة فريدة في عمارة المساجد وإعداد وتأهيل الأئمة والواعظات، فإلى جانب التطوير في المبنى يأتي التطوير في المعنى سواء في جانب الثقافة الواسعة للأئمة والواعظات أم في جانب العمل المكثف، داعيًا الأئمة والواعظات إلى بذل أقصى الجهد في البرنامج الصيفي للطفل وفي الأنشطة الصيفية والمقارئ القرآنية المتعددة.
وخلال كلمته أعرب أ.د/ عبد الله النجار عضو مجمع البحوث الإسلامية عن شكره لمعالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف، مؤكدًا أن الله سبحانه وتعالى حبى الدعوة الإسلامية في مصر والعالم بهذا الرجل الذي نهض بالدعوة الإسلامية نهوضًا غير مسبوق، ووضع الدعوة والدعاة في هذا العصر على بداية الطريق الصحيح، فلم تشهد الدعوة الإسلامية نهوضًا ولا رقيًا ولا تحضرًا ولا عمقًا ولا صناعة للعقول مثل هذا الوقت، فالدعوة الآن في مصر تشهد أزهى عصورها، بفضل عقله المتوقد وذكائه الحاد، وضميره الحي وعلمه الوفير، وتوفيقًا لا حدود له، فهذه أزهى حقبة للدعوة والتي ارتقت فيها أجواء الدعوة كما ارتقى المستوى العلمي والسمتي للدعاة على نحو غير مسبوق، وكذلك المظهر الراقي الذي يليق بالداعية وبما يليق بمكانته، فيجب أن يكون الداعية أنموذجًا في مظهره وسلوكه كمتحدث عن النبي (صلى الله عليه وسلـم) ومبلغ عنه الرسالة بتذكير الناس بأمور دينهم.
مؤكدًا أنه من حظ الدعاة في هذا الجيل أنهم قد عاصروا هذا الفكر المتوقد وهذا العلم وهذا النشاط الدعوي الذي لم يسبق من قبل، ولعل أبرز المظاهر التي شهدها مجال الدعوة هذه الطفرة الطيبة في مجال الواعظات، مؤكدًا أن هذا الكنز الخفي أظهره معالي أ.د/ محمد مختار جمعة وزير الأوقاف وأصبحنا نرى الواعظات ندًّا للدعاة وللواعظين يحدثن الناس في دين الله (عز وجل) أحاديث صحيحة ومحترمة، ويقدمن في وسائل الإعلام المختلفة علمًا صحيحًا وفقها سديدًا واستقامة على شريعة الله (عز وجل) تتناسب مع العصر وتصادف صحيح الدين وما قاله الفقهاء ولا تخرج عن صحيح الدين قيد أنملة.
وخلال كلمته قدم الكاتب الصحفي/ أحمد أيوب رئيس تحرير الجمهورية الشكر لوزير الأوقاف، معربًا عن انبهاره بمشهد الأئمة والواعظات وبهذا الرونق وهذا البهاء وهذا الجمال، مؤكدًا أن هذا ليس من فراغ، بل بعد جهد ورؤية مستنيرة يحملها هذا العالم الجليل وزير الأوقاف، فلكم أن تفخروا بأنكم أئمة وأنكن واعظات، فلا يتحدث معالى الوزير إلا وهمه الأول كيف يرتقى بأئمة وواعظات الأوقاف علمًا وخلقا وقيمة ومظهرا وأداءً وثقافة وتأثيرًا في الناس، موضحًا أن هذا من بناء الدول والذي أدركه فخامة الرئيس/ عبد الفتاح السيسي من أول يوم، وهو الارتقاء برجل الدين، فإذا لم ترتق برجل الدين الإمام والواعظة وتجعله أولوية من أولوياتك افتقدت ركنًا مهمًا من أركان أي دولة، ولهذا كان الاهتمام من وزير الأوقاف فهو رجل يعرف معنى كلمة دولة وقيمة الإمام ورجل الدين في بناء الدولة وخاصة مفهوم الدولة الوطنية في ظل تحديات كبيرة على الصعيد الراهن يراها الجميع ويسمع بها، بلد يحيط بها حزام من النيران وكذلك مستهدفة بمعنى كلمة الاستهداف مستهدفة بالفتن وبإحداث حالة من التشكيك بمؤسساتها الوطنية وقياداتها وتوجهاتها وقراراتها وهويتها مستهدفة بإحداث حالة من البلبلة والقلاقل والفتن الداخلية تؤدى إلى هدم الدول.
مؤكدًا أنه كما أن هناك مقاتلين على حدود البلد يدافعون عن أرضها وترابها فكذلك هناك مقاتلين عنها من الداخل وهم رجال العلم والفكر والثقافة والأئمة والواعظات فهم جنود الدولة لمحاربة الأفكار الهدامة التي تريد النيل من العقل المصرين، فليست مهمة الإمام تقويم السلوك الديني فقط إنما مهمة الإمام أكبر من ذلك تقويم السلوك العام للمواطن المصري وتنمية وعيه وبناء شخصيته الحقيقية فلابد أن يكون الإمام والواعظة على علم ومعرفة بمعنى كلمة دولة وطنية وأهمية الدولة الوطنية.
مؤكدًا أنه قد أصبح لدينا اليوم وعي ورجال دين ومؤسسة دينية وطنية قوية رائعة يقودها رجل وطني فاهم لمعنى الدعوة وقيمة الدعوة ولدينا رئيس دولة مدرك لهذه الأهمية، وعلينا أن نحدث المجتمع بما يحقق مصالح الدولة الوطنية ومصالح الدين، فقوة الدولة وصلابتها وبقائها واستقرارها جزء من قوة واستقرار وبقاء الدين، والدعاة مؤتمنون على عقول وفكر الناس واستقرار الدولة، ونحن لا نخجل ونحن ندافع عن دولتنا لأن من سقطت دولهم تحولوا إلى لاجئين، فنعمة الدولة أحد أهم نعم الله على الناس، فواجبنا كأئمة ودعاة وواعظات تحصين الأفكار، والواعظات خاصة لتحصين النساء من أفكار الجماعات المتطرفة والتي تنفذ إلى البيوت من خلال النساء.
مضيفًا لابد أن يفخر الأئمة والواعظات وأن يعتزوا بما حباهم الله به من علم وبما يتحملوه من رسالة تجاه الدين والوطن، فلابد ألا يبخلوا على الناس بعلمهم لأنهم مؤتمنون على عقول الناس ووعيهم، كما أن عليهم أن ينشروا قيم التسامح والمحبة، بما يحقق الاستقرار الفكري والثقافي والسياسي، حيث إن مصر هي فخر الإسلام وفخر الدول الإسلامية.
وفي ختام اللقاء أهدى وزير الأوقاف رئيس تحرير الجمهورية نسخة من كتاب الله (عز وجل) ونسخة من موسوعة الثقافة الإسلامية.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: وزير الأوقاف الأئمة الواعظات البحوث الإسلامية الأئمة والواعظات وزیر الأوقاف مؤکد ا أن ا أن هذا عز وجل
إقرأ أيضاً:
الدين والوطن
#الدين_والوطن
مقال الإثنين: 26 /5 /2025
بقلم: د. #هاشم_غرايبه
هنالك مقولة خاطئة خبيثة يرددها معادو الدين تقول: الدين لله والوطن للجميع، فالحقيقة أن كل شيء لله: الأرض والناس والكائنات، وهي ملكية مطلقة: قدرة عليها وتصرفا بها وتقريرا لمصيرها، لكنه فضلا منه فوض البشر بتملك الأرض خلال الحياة الدنيا، وسخر الكائنات لنفعهم خلالها، وبعد انتهائها يرث الله الأرض وماعليها: “إِنَّا نَحْنُ نَرِثُ الْأَرْضَ وَمَنْ عَلَيْهَا وَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ” [مريم:40].
إذاً تملك البشر هو منحة إلهية واستحقاق لاستخلاف الله لهم في الأرض، لكنها ملكية تصرف بالانتفاع فقط، وليست ملكية تتيح إمكانية تغيير أو تعديل القوانين المتحكمة بها، ولا القدرة على تحديد مصيرها ومآلها، لذلك فهي حالة مؤقتة وعرض زائل، فقد ينزع الله الملكية نزعا ظرفيا من قوم في أي وقت ويفوض بها قوما آخرين: “قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ” [آل عمران:40]، وهنالك نزع ملكية حتمي ولكل شخص حين موته، فيجرد من كل ما يملك، وتنتقل ملكيته الى ورثته.
الوطن في أبسط تعريف هو مساحة من الأرض يقيم عليها جماعة من البشر، وملكية هؤلاء جماعية وتمثل مفهوم الملكية العامة، التي تعني حق الاقامة فيه واستثمار مرافقه، لكنهم لا جماعيا ولا فرديا يملكون حق بيعه أو تفويضه للغير.
من هنا جاءت قدسية الوطن.
الدين هو منهج إلهي المصدر يحتوي على تشريعات ناظمة للعلاقات والسلوكات البشرية، باتباعها يتحقق صلاح المجتمعات، بمعنى أنه مصلحة خالصة للبشر.
نتوصل الى أنه بما أن الوطن والدين كلاهما منحة من الله للإنسان، الأول لإيوائه وإعالته، والثاني لتحقيق أمنه ومنع الخلافات بين الأفراد والمجتمعات وبالتالي جب النزاعات والتقاتل، فكلاهما لنفع الإنسان، لذلك فلا صحة لمقولة ان الدين لله والوطن للجميع، فكل شيء لله أساسا وانتهاء، لكنه أنعام على البشر منتجا.
لذا فمن يقول بذلك هو يقصد تحييد الدين عن التأثير في حياة الناس، لمنع الوسيلة الوحيدة الضابطة لصلاحهم واستقامتهم، لأنه أحد ثلاث فئات من البشر: الأولى الطامع بالحصول على أكثر من حقه المشروع فيما قسمه الله له من أملاك وأرزاق، فهو منتفع من تغييب تشريعات الدين العادلة، لأنه يريدها عوجا لتحقيق مصالحه على حساب مصالح الآخرين.
والثانية: هم المعرضون عن الدين تكاسلا من أداء العبادات التي فرضها الدين لضبط النفوس.
والثالثة: هم من الرافضين لاتباعه حسدا من عند أنفسهم، لأن الرسالة الخاتمة التي اعتبرها الله هي الدين النهائي قد أنزلها الله على قوم غيرهم، لذلك هم يناصبونه العداء بل ويصدون عنه.
وبما أن حب الوطن والتعلق به أمر فطري في النفوس، لذلك انصبت جهودهم على ايجاد تناقض بين الانتماء للوطن والولاء للعقيدة الدينية، فرأينا كل معادي منهج الله منذ القدم يخوفون الناس بأن الرسل جاءوا ليخرجوهم من أوطانهم: فهذا فرعون اتهم موسى عليه السلام بأنه: “يُرِيدُ أَن يُخْرِجَكُم مِّنْ أَرْضِكُمْ ۖ فَمَاذَا تَأْمُرُونَ” [الأعراف:110]، وفي العصر الحديث يتهمون من يدعو الى قيام دولة اسلامية بانها سوف تحرم غير المسلمين من مواطنتهم.
صحيح أن الإيمان بالله وطاعته واتباع الدين الذي أنزله أعظم النعم التي ينالها المرء، وهو ما ينيله الفلاح في الدنيا، والتمسك بذلك لأجل أن لا يموت المرء إلا وهو مسلم طائع هو ما ينيله خير الآخرة، لذلك فالولاء للعقيدة والانتماء للإسلام مقدم على أي ولاء أو انتماء.
لكن ذلك لا يعني أن يتناقض الانتماء الوطني مع الانتماء العقدي، بل اعتبر الشرع الدفاع عن الوطن أول أبواب جهاد الدفع، وجعله فريضة عين حينما يتعرض الوطن للعدوان، ومن يقتل دفاعا عنه فهو شهيد.
لذلك من يحاولون أن يضعوا الدين في تصادم مع الوطنية هم مفلسون فكريا، كمثل افلاس فرعون، فإذا كان الله تعالى لم يميز في أرزاقه وأنعمه بين المؤمن به والكافر، فالأولى أن لا يجعل الانتفاع بمقدرات الوطن مقتصرا على المؤمنين به دون الكافرين.
الدين بتشريعاته العادلة يحمي الضعفاء من جور الأقوياء، وتشريعاته تعاملت مع البشر جميعا بسواسية، بغض النظر عمن اهتدى أو ضل: “يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىٰ وَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوبًا وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا ۚ إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ” [الحجرات:13].