رأي.. عبدالخالق عبدالله يكتب لـCNN: قناع بلون السماء رواية فلسطينية تنطلق نحو العالمية من الإمارات
تاريخ النشر: 13th, May 2024 GMT
هذا المقال بقلم عبدالخالق عبدالله، عضو مؤسس في مشروع مفكرو الإمارات، والآراء الواردة أدناه، تعبر عن رأي الكاتب، ولا تعكس بالضرورة وجهة نظر شبكة CNN.
لم يأتِ فوز رواية "قناع بلون السماء" للروائي الفلسطيني باسم خندقجي، بالجائزة العالمية للرواية العربية "بوكر" لسنة 2024، مفاجئًا لمن قرأها من محبي أدب السرد العربي.
فالرواية بديعة نصًا وحبكة، وتم اختيارها من بين 132 رواية، ونافست بجدارة خمس روايات جديرة بالفوز بالجائزة في دروتها الحالية. ولا شك أن وضع كاتبها كمعتقل في سجن عوفر الإسرائيلي منذ 20 سنة ساهم في الاحتفاء بها من قبل الوسط الثقافي العربي. فالرواية كُتبت في ظروف صعبة وهُرّبت عبر 54 كبسولة. لقد تجمعت لهذه الرواية كافة عوامل النجاح، فهي نص أدبي فذ، والروائي أسير في سجون إسرائيل والتضامن مع فلسطين وغزة حديث الساعة عربيًا وعالميًا.
جاء فوز رواية باسم خندقجي انتصارًا أدبيًا لفلسطين، وانتصارًا معنويًا للأسير الفلسطيني الذي ارتفع عددهم إلى 14 ألف أسير منذ هجوم السابع من أكتوبر. البعد السياسي مهم في اختيار رواية "قناع بلون السماء" لجائزة بوكر لسنة 2024. لكن فوز رواية "قناع بلون السماء" على هامش معرض أبوظبي للكتاب الذي أنهى فعالياته الأسبوع الماضي، جاء في المقام الأول لجدارتها الأدبية. فهي تحفة سردية في نصها، بارعة في حبكتها، باذخة في لغتها، ومتعة في قراءتها. فإذا كانت الرواية لغة، فلغة هذه الرواية فذة ومتقنة. وإذا كانت الرواية خيال ففي رواية باسم خندقجي خيال عابر للسجون وعابر للقارات والسماوات.
تحمل رواية "قناع بلون السماء" جميع هذه الدلالات والمعاني في نص أدبي مكثف، يتحدث عن عوالم برانية وجوانية مدهشة، بما فيها عالم رام الله التي تعيش تحت سيطرة سلطة فلسطينية غير مقنعة، وعالم القدس التي تعيش تحت احتلال إسرائيلي شرس، وعالم "أور شابيرو" الإسرائيلي الذي أضاع قناعه، وعالم "نور الشهدي" الفلسطيني الذي تقمص شخصية "أور" الإسرائيلي لأغراض بحثية غامضية.
لكن أكثر ما يستوقف القارئ في هذا النص الأدبي البديع حواراته الشيقة والموضوعية. فهناك الحوار من وحي الخيال بين "نور" باحث الآثار الفلسطيني الذي تحول بصدفة من صدف الحياة النادرة إلى "أور" الشبح الإسرائيلي الذي أخذ يجادله ويشاكسه ويشتبك معه في الصغيرة والكبيرة. سجال خيالي ممتع خاصة أن موضوعه البحث عن شخصية أسطورية هي مريم المجدلية.
ثم هناك حوار عاطفي عاصف في الرواية بين شخصيتين نسائيتين، الأولى اسمها "سماء" وهي فتاة فلسطينية لا تساوم على حقها في وطنها فلسطين وتدافع عن قضيتها بكل ما أوتيت من شجاعة أدبية. أما الشخصية النسائية الثانية فهي "إيلا" الفتاة الإسرائيلية الكارهة لكل فلسطيني يقيم على أرض فلسطين و"المعبأة بحقد سام". السجال بين "سماء" و"إيلا" من جماليات هذه الرواية، خاصة ان "إيلا" تحاول التقرب من "نور" المتقمص شخصية "أور" لكن قلب "نور" كما عقله يميل لبنت بلده فلسطين "سماء".
وعلى وقع هذه الحوارات الشيقة يبرز مراد صديق نور منذ الطفولة ومثله الأعلى في النضال الذي يراسله من محبسه في سجن من سجون إسرائيل. تقول الرواية إن "مراد انتزعته قوة إسرائيلية غاشمة ذات مساء من مخيمه، ومن بيته ومن طفولته وشبابه وذكرياته، وحتى من مائدة أمه المزدانة بورق العنب والزيتون". اختطفوه بسرعة البرق وحكم عليه دون وجه حق بالمؤبد. واجه مراد المعتقل بإرادة من حديد. هزم مراد غربته ووحدته وسجنه بحبر قلمه وأطلق العنان لخياله. فخيال السجين حر لا يقبل قيود الاعتقال. حول مراد سجنه إلى فرصة للتعمق فكريًا ومنهجيًا في تاريخ الفكر الصهيوني الاستيطاني حيث التحق ببرنامج البكالوريوس، وألحقه بشهادة الماجستير في الدراسات الإسرائيلية بجامعة القدس. كان هذا أسلوب مراد لمواجهة ما وصفه "بالاغتصاب التاريخي الذي تعرض له الشعب الفلسطيني منذ نكبته سنة 1948". فالسجن الحقيقي كما ورد في الرواية هو "ما تحبس نفسك فيه".
رواية "قناع بلون السماء" نابعة من "واقع خيالي". هذا هو سر تفوقها وفوزها بجائزة بوكر للرواية العربية التي انطلقت من الإمارات سنة 2008، لتصبح الجائزة الأدبية الأبرز حضورًا عربيًا. فالجائزة تحظى باهتمام إعلامي وجماهيري واسع، وبإقبال منقطع النظير يصل حد الصراع عليها والجدل حولها. وعادة تشعل الرواية الفائزة نقاشًا نقديًا، والروائي الفائز يتوج ملك الرواية العربية لسنة كاملة يعامل خلالها كنجم من نجوم زمن الرواية العربية.
مع جائزة بوكر دخلت الرواية العربية عهدًا جديدًا هو عهد الرواية الأكثر مبيعًا "البيست سيلر" التي تعني أن الرواية الفائزة قد يطبع منها آلاف النسخ، وتحصل على فرصة الترجمة الفورية إلى عدة لغات عالمية. جائزة بوكر تتيح للروائي العربي جماهيرية لا تتيحها أي جائزة ثقافية عربية أخرى وتحدث حراكًا ثقافيًا ونقديًا وروائيًا عربيًا لم تحدثه أي جائزة أدبية سابقة، كل ذلك يتم بإشراف فريق إماراتي حريص على تميز الجائزة.
لقد عززت جائزة بوكر العالمية للرواية العربية حضور الإمارات الثقافي في مجال الجوائز الأدبية العربية. فالإمارات تتصدر حالياً قائمة الدول العربية المانحة للجوائز الثقافية بـ 55 جائزة، أي ما يوازي 37% من اجمالي الجوائز الثقافية والأدبية العربية البالغ عددها نحو 165 جائزة. تشمل جوائز الإمارات حقول ثقافية ومعرفية وأدبية متنوعة، بما في ذلك جائزة تحدي القراءة العربي لتشجيع الطلبة على القراءة التي تنطلق من دبي، وجائزة الشيخ زايد للكتاب، وهي من بين الأغلى قيمة ماليًا، و7 جوائز مخصصة للشعر والنقد والمسرح والتراث والرواية من الشارقة وحدها.
تظل جائزة بوكر هي تاج الجوائز الأدبية العربية بلا منازع. وقد احتفت هذه السنة أفضل احتفاء بفوز رواية "قناع بلون السماء" التي انطلقت من الإمارات نحو العالمية، كما انطلق الروائي الفلسطيني باسم خندقجي من أبوظبي حرًا نحو النجومية في عالم الرواية.
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: رأي قناع بلون السماء باسم خندقجی
إقرأ أيضاً:
«دولي الجودو» يمنح الإمارات صك الصدارة العربية الآسيوية
أبوظبي (الاتحاد)
حافظ منتخبنا الوطني للجودو علي صدارته في تصنيف الاتحاد الدولي للجودو علي الصعيد العربي الآسيوي قبل ختام الموسم الرياضي الحالي 2025، ما يضعه ضمن أبرز المتأهلين للمشاركة في دورة الألعاب الرياضية بلوس أنجلوس عام 2028، بحصوله على 89 ميدالية عالمية حتى الآن، بداية من برونزية اللاعب توما سيرجيو في وزن تحت 81 كجم، بدورة الألعاب الأولمبية في ريو دي جانيرو بالبرازيل في عام 2016.
وتعد تلك الميدالية أول إنجاز لجودو الإمارات خلال مشاركاته في الدورات الأولمبية التي بدأت في 2008، ما خلد اسمه بوضع مجسم له ببدلة منافسات ريو دي جانيرو الزرقاء بمتحف الشمع لـ «مدام توسو»، الوجهة الترفيهية الأكثر جاذبية عالمياً، بفرعها العالمي في دبي عام 2023، والذي يضم أبرز المشاهير الرياضيين، وفي مقدمتهم نجم الكرة الأسطوري البرتغالي كريستيانو رولاند.
كما شمل تقرير الاتحاد الدولي للجودو الذي تسلمه أمس الأول محمد بن ثعلوب الدرعي، رئيس اتحاد الإمارات للجودو، من الدكتور ناصر التميمي، عضو اللجنة الأولمبية الوطنية أمين السر العام للاتحاد، نجاحات اتحاد الجودو بعد تحقيق 4 ميداليات تمثل حصاد المشاركة في بطولات العالم للجودو، وميداليتين للماسترز، و30 ميدالية حصاد المشاركة في بطولات (الجراند سلام)، و25 ميدالية حصاد المشاركة في بطولات الجراند بري، و17 ميدالية من البطولات القارية الرسمية، و10 ميداليات البطولات القارية المفتوحة للجودو.
وتضمن التقرير وجود 6 لاعبين من منتخبنا الأول ضمن قائمة الـ 20 الأوائل، لتصنيف الاتحاد الدولي للجودو، وفي مقدمتهم اللاعب ظفار كوسوفو لوزن تحت 100 كجم، ومحمد يزبيك لوزن تحت 73 كجم، وطلال شفيلي لوزن تحت 81 كجم، واللاعبة بشيرات خرودي تحت 52 كجم، واللاعبة اليزا لتيف تحت 78 كجم واللاعب رقم 18 عمر جاد في وزن تحت 81 كجم.
وثمّن رئيس اتحاد الجودو تلك النجاحات الفنية والتنظيمية لجودو الإمارات بفضل دعم وتوجيهات القيادة الرشيدة، التي وفرت لقطاع الشباب كافه متطلبات النجاح والإبداع، متمنياً أن يتواصل العمل بروح الجماعة لبلوغ أسمى درجات التألق، ورفع اسم وعلم الإمارات عالياً بين الأمم.