أكدت المنظمة العربية لحقوق الإنسان إدانتها لجرائم الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة وعموم أراضي فلسطين المحتلة، محملة كلا من واشنطن وبرلين المسئولية عن استمرار هذه الجرائم عبر استمرار الدعم العسكري والاقتصادي للعدوان الإسرائيلي الجاري، وهو ما يشكل جريمة تواطوء في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية التي تواصل قوات الاحتلال الإسرائيلي ارتكابها في قطاع غزة.

سلوفينيا: ما يحدث في رفح الفلسطينية انتهاك للقانون الإنساني الدولي قصف مدفعي إسرائيلي شديد استهدف وسط رفح الفلسطينية

وتنظر المنظمة بعميق القلق إلى فشل المجتمع الدولي في ردع العدوان على مدينة رفح جنوبي قطاع غزة، التي نزح إليها نحو 1.5 مليون فلسطيني من شتى مناطق القطاع، وهو ما يعيد فتح الباب أمام خطر التهجير القسري لسكان القطاع نحو الأراضي المصرية، وهو الأمر الذي من شأنه أن يرفع حدة التوتر الإقليمي لدرجات غير مسبوقة ومخاطر قد لا يمكن درئها.

 

وأوضحت المنظمة، أن فشل المجتمع الدولي، وخصوصاً مجلس الأمن في النهوض بمسئولياته نحو حماية السلم والأمن الدوليين عبر وقف العدوان وفرض وقف إطلاق النار وضمان تدفق المساعدات وعودة النازحين، دليلاً قوياً على انهيار النظام الدولي الذي انبثق عقب نهاية الحرب العالمية الثانية، خاصة بعد إمعان الإدارة الأمريكية في استخدام حق النقض "الفيتو" لحماية الاحتلال، بما في ذلك لمنع حصول دولة فلسطين على العضوية الكاملة بالأمم المتحدة، وهو ما يشي بكذب تمسك هذه الإدارة بحل الدولتين.

 

وتابعت: ويدلل التقرير الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية الذي يتغافل عن استخدام الاحتلال الإسرائيلي للأسلحة الأمريكية في ارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان والقانون الدولي على استمرار واشنطن في دعم الاحتلال والعدوان وتوفير الغطاء لاستمراره.

 

كما تدلل تصريحات المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة عن الاستهانة غير المسبوقة بأحكام القانون الدولي عبر محاولة الإيعاز بأن قرار مجلس الأمن 2728 القاضي بوقف إطلاق النار "غير ملزم" لأنه صدر بموجب الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، وهو التصريح الذي يتناقض تماماً مع أحكام المادة 25 من الميثاق.

 

وأفادت أن هذا الغطاء الأمريكي للعدوان يتواصل لليوم الـ220 على التوالي، وفي وقت قفز فيه عدد القتلى الفلسطينيين المؤكدين فوق الـ35 ألفاً، بينهم 27 ألفاً من الأطفال والنساء، إضافة إلى 12 ألف مفقود يُعتقد بأن جثامينهم تبقى تحت أنقاض المساكن المدمرة، وارتفاع عدد المصابين إلى نحو 79 ألفاً، في واحدة من أكبر المذابح الجماعية التي عرفها التاريخ.

 

وتشير أدنى التقديرات الدولية إلى أن 60 بالمائة من المساكن و80 بالمائة من مرافق البنية التحتية قد تعرضت لدمار كامل بواسطة العدوان، إلى حد تشبيه "جوزيب بوريل" مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي في 23 أبريل/نيسان الماضي للدمار في قطاع غزة بأنه يفوق ما وقع بالمدن الألمانية في الحرب العالمية الثانية.

 

 ولفتت إلى أن عدم استجابة محكمة العدل الدولية للتدابير الاحترازية التي تضمنتها دعوى نيكاراجوا ضد ألمانيا بوقف توريد الأسلحة للاحتلال الإسرائيلي لا يشكل دحضاً لاتهام برلين بالتواطوء في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية بحق سكان قطاع غزة، حيث لا تزال الدعوى قيد النظر لحين الفصل فيها.

 

 وأضافت: وتقضي اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها بتجريم التواطوء مع ارتكاب الجريمة، مع التشديد على قيام كافة الدول الأطراف في الاتفاقية (153 دولة) باتخاذ ما يلزم من تدابير فردية وجماعية لوقف الممارسات التي قد تفضي إلى احتمال وقوع جريمة إبادة جماعية.

 

وبالنظر إلى قبول محكمة العدل الدولية النظر في دعوى جنوب أفريقيا، ولاحقاً قبول النظر في دعوى نيكاراجوا ضد ألمانيا رغم عدم الاستجابة للتدابير الاحترازية، فإن قبول المحكمة الدولية النظر في كلا الدعوتين يعني أن جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة محتملة، وبالتالي يجب على كافة الدول الاطراف وعلى المجتمع الدولي ممثلاً في الأمم المتحدة اتخاذ كافة التدابير لوقف الممارسات الجارية.

 

 وكان لقبول محكمة العدل الدولية نظر دعوى جنوب أفريقيا في 26 يناير الماضي أثره المباشر في حكم المحكمة العليا الهولندية في 12 فبراير الماضي بمنع تصدير قطع غيار الطائرات "إف 35" إلى الاحتلال الإسرائيلي.

 

.

وخلال الأيام العشرة الماضية، أعلنت كل من تركيا وليبيا ومصر على التوالي قراراتهم بالانضمام إلى دعوى جنوب أفريقيا أمام محكمة العدل الدولية، وهي الدعوى التي انضمت إليها سابقاً كولومبيا، ومن المتوقع أن تنضم نحو 10 دول أخرى إلى هذه الدعوى في غضون الأسابيع المقبلة.

 

 كما دعمت 143 دولة عضو بالجمعية العامة الاعتراف بعضوية دولة فلسطين في الأمم المتحدة رداً على قيام الإدارة الأمريكية بنقض قرار مجلس الأمن الصادر بأغلبية 14 صوتاً من 15 صوتاً بالاعتراف بعضوية فلسطين في الأمم المتحدة.

 

 وعلى صعيد آخر، تتحمل الدول الأطراف السامية المتعاقدة في اتفاقية جنيف الرابعة للعام 1949 المسئولية عن استمرار العدوان الإسرائيلي على صلة بالانتهاك الواسع للحماية الطلقة التي تضمنها الاتفاقية للمدنيين والأعيان المدنية، وتستوجب الأوضاع الجارية الانعقاد العاجل لمؤتمر الدول الأطراف في أقرب وقت لاتخاذ التدابير اللازمة بموجب الاتفاقية، لا سيما فيما يتعلق بضمان مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لها ومنع إفلاتهم من العقاب.

 

 وبالتوازي مع ذلك، يترقب الرأي العام العالمي نهوض المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية بواجباته في جلب المجرمين إلى العدالة، وسبق للمنظمة وأن أعربت عن عميق استنكارها لتقاعس المدعي العام الحالي عن الاضطلاع بواجباته منذ توليه موقعه في يونيو 2021 بعد أن قام بتجميد التحقيق في ملف الجرائم المرتكبة في فلسطين المحتلة لأكثر من عامين، وتنظر المنظمة بعميق القلق للتباطؤ الحالي في إصدار مذكرات التوقيف المرتقبة بحق خمسة من كبار لقادة السياسيين والعسكريين للاحتلال منذ نهاية فبراير الماضي.

 

 وسبق للمنظمة وأن أكدت منذ نوفمبر الماضي على وقوع انتهاكات جسيمة لنظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، تشمل في حدها الأدنى جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، وأن العديد من هذه الجرائم قد تم الإقرار بها رسمياً من جانب سلطات الاحتلال وفق ذرائع واهية مختلفة، وبالتالي لم تعد بحاجة لإجراء مزيد من التحقيقات قبل إصدار مذكرات التوقيف.

 

وتشجب المنظمة بقوة الضغوط الأمريكية الجارية على الإدعاء العام للمحكمة، سواء تلك الضغوط المنظورة التي تضمنتها مذكرة 12 من أعضاء مجلس الشيوخ الأمريكي في 24 أبريل الماضي، أو الضغوط غير المنظورة التي تمارسها الإدارة الأمريكية وحكومات غربية حليفة للاحتلال لمنع صدور مذكرات التوقيف المرتقبة.

 

وتتحلق الأنظار حول القمة العربية المرتقبة الخميس المقبل في مملكة البحرين لاتخاذ تدابير مادية ملموسة وتوظيف جماعي مناسب للموارد العربية نحو حمل المجتمع الدولي على الاضطلاع بمسئولياته، واستثمار كافة الموارد القانونية المتاحة، وخاصة نحو ما يلي:

 

أولاً: الانضمام الجماعي إلى دعوى جنوب أفريقيا في محكمة العدل الدولية ضد الاحتلال.

 

ثانياً: الدعوة لعقد مؤتمر طارئ للدول الأطراف السامية المتعاقدة في اتفاقية جنيف الرابعة الخاصة بحماية المدنيين وقت الحرب وتحت الاحتلال.

 

ثالثاً: توفير الدعم المالي للمحكمة الجنائية الدولية لسد الفجوة التي سبق استغلالها لتبرير التباطؤ في ملفات التحقيق الخاصة بفلسطين المحتلة.

 

رابعاً: إعداد مشروع قرار إلى مجلس الأمن لوقف العدوان وحماية المدنيين والأعيان المدنية وضمان تدفق المساعدات وعودة النازحين بموجب الفصل السابع بما يتضمن إجراءات قسرية لضمان التنفيذ.

 

خامساً: استثمار الموارد العربية في خفض أو تجميد اتفاقات التعاون مع الشركاء الغربيين الذين يوفرون الدعم والحماية للعدوان والاحتلال.

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: جرائم الاحتلال الإسرائيلي العربية لحقوق الإنسان ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية المنظمة العربية لحقوق الإنسان قطاع غزة أراضي فلسطين المحتلة جريمة الإبادة الجماعية

إقرأ أيضاً:

تنصل الأمم المتحدة عن واجب منع الإبادة الجماعية.. سقوط قانوني وأخلاقي وإنساني

يمانيون – متابعات
تؤكد الوثائق القانونية الدولية إدراك منظمة الأمم المتحدة لخطورة جريمة الإبادة الجماعية، ليس بالنسبة لمن وقعت عليهم فحسب، بل على البشرية بشكل عام.

وقد أعلنت المنظمةُ الدوليةُ في قرارها رقم 96 لسنة 1946أن (الإبادة الجماعية تعد جريمة بمقتضى القانون الدولي تتعارض مع روح الأمم المتحدة، ويدينها العالم المتمدن)، واعترفت المنظمة الدولية في القرار ذاته الصادر عن جمعيتها العامة (أن الإبادة الجماعية قد ألحقت في جميع عصور التاريخ خسائرَ جسيمة بالإنسانية؛ وإيمانًا منها بأن تحرير البشرية من مثل هذه الآفة البغيضة يتطلَّبُ التعاوُنَ الدولي).

ووفقًا لما ورد في القرار السابق، يتأكد أن جريمة الإبادة الجماعية وفقًا لمفهوم الأمم المتحدة، ليست أمرًا غامضًا يحتاجُ إلى إجراء العديد من الدراسات والأبحاث؛ حتى تتضح أسبابه ودوافعه ونتائجه والمخاطر المترتبة عليه، ومن ثم البحث عن وسائل المعالجة لتلك الأسباب والدوافع والنتائج والآثار، بل إن الجمعية العامة للأمم المتحدة، قد أقرت وبشكل مفصل في قرارها السابق، وفي غيره من الوثائق القانونية الدولية، بإدراكها العميق لما سببته جريمة الإبادة الجماعية للإنسانية عبر العصور المختلفة من خسائر جسيمة؛ وهو ما دفع المنظمة الدولية إلى وصف تلك الجريمة بأنها آفة بغيضة، وجودها يستعبد البشرية، وحينها أخذت على عاتقها العمل -من خلال التعاون الدولي- على تحرير البشرية من هذه الآفة البغيضة.

والأصلُ وفقاً لإدراك المنظمة الدولية لخطورة جريمة الإبادة الجماعية، ألا تتعرَّضُ أَيَّةُ جماعةٍ بشرية مطلَقاً لأَيِّ فعل يمكنُ أن يندرِجَ ضمن أفعال جريمة الإبادة الجماعية، خُصُوصاً أن المنظمة الدولية قد جسَّدت إدراكَها لخطورة هذه الجريمة في وصفها لها بأنها آفةٌ بغيضةٌ، والأصلُ أَيْـضاً أن منظمةَ الأمم المتحدة، التي تجاوز عمرُها ثمانيةَ عقود من الزمن، تمتلكُ من الخبرات المتراكمة والوسائل المادية، ما يمكِّنُها من منع تعرض أية جماعة بشرية لأي فعل من أفعال جريمة الإبادة الجماعية، وتملك أَيْـضاً وسائلَ لقمع من يتجرَّأُ على اقتراف أفعال إبادة جماعية بحق أية جماعة بشرية، وإن لم يكن ذلك كذلك، فما معنى ما ورد في الوثائق الدولية بشأن إدراك المنظمة لدولة لمخاطر جريمة الإبادة الجماعية على الإنسانية؟!

وإذا ما تتبعنا موقف منظمة الأمم المتحدة الذي جسدته في وثائقها القانونية، لوجدنا أن ذلك الموقف قد ارتبط بالتحضير والإعداد لسن اتّفاقية دولية بشأن (منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها) والتي أقرتها سنة 1948، وقد تزامن هذا الإقرار مع أخطر حدث في تاريخ البشرية، وهو ولادة دولة الكيان الصهيوني، بعملية جراحية قيصرية، تولتها منظمة الأمم المتحدة بقرارها رقم 181 لسنة 1947، وشطرت به وحدة أرض فلسطين العربية إلى شطرين، بل شطرت الوحدة الجغرافية الطبيعية للأُمَّـة العربية إلى شطرين، وتولت المنظمة الدولية لاحقاً رعاية المولود المسخ والعناية به، حَيثُ كَــبُــرَ ترعرع في كنفها، وبذلك القرار المشؤوم لمنظمة الأمم المتحدة، الذي ترتب عليه زرع الكيان الصهيوني في قلب جغرافيا الأُمَّــة العربية، ومحق ميزة وحدتها الطبيعة، وتمزيق شعوبها، ومنعها من مُجَـرّد التفكير في تحقيق وحدتها، القائمة على روابط الدين واللغة والجغرافيا والتاريخ والمصير المشترك.

وإذا كانت منظمة الأمم المتحدة ومن خلال وثائقها القانونية، تدرك يقينًا خطورة جريمة الإبادة الجماعية على الإنسانية، وَإذَا كانت منظمة الأمم المتحدة هي من أوجد دولةَ الكيان الصهيوني ومنحها دون وجه حق أرضَ فلسطين العربية، وَإذَا كانت منظَّمةُ الأمم المتحدة قد جسَّدت قناعتَها بخطورة جريمة الإبادة الجماعية، وإيمانها بضرورة تحرير البشرية منها، بوصفها آفةً بغيضةً فصاغت لتحقيق ذلك الهدفَ الإنساني النبيل (اتّفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية) لتوفر الحماية القانونية للبشرية في مواجهة من يحمل نوازعَ إجرامية، وَإذَا كانت هذه الاتّفاقية قد وُجدت بالتزامن مع ولادة دولة الكيان الصهيوني المسخ؛ فالأمر لا يخرج عن احتمالين لا ثالث لهما:-

الاحتمال الأول: أن منظمة الأمم المتحدة كانت تدرك مسبقًا خطورة المولود الجديد المسخ (دولة الكيان الصهيوني) وما يحمله من نوازعَ إجرامية على البشرية عُمُـومًا، وعلى النطاق الجغرافي الذي تمت عمليةُ زراعته فيه خُصُوصاً؛ ولذلك فقد أوجدت المنظمة الدولية بالتزامن مع ولادة ذلك الكيان المسخ اتّفاقية (منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها) لتمثل رادعاً قانونياً له عن التفكير في اقتراف أي فعل من أفعال جريمة الإبادة الجماعية، بحق السكان الأصليين لأرض فلسطين، أَو أية أفعال إبادة جماعية بحق آخرين؛ انتقامًا لمزاعم المحرقة النازية!

الاحتمال الثاني: أن الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة يبدو أنها كانت تتوقع أن يتعرض سكان الكيان الصهيوني، لإبادة جماعية أُخرى في النطاق الجغرافي المسلوب من أصحابه الأصليين، والممنوح لهذا الكيان المسخ، وخشية المنظمة الدولية أن تكون الإبادة المتوقعة على غرار تلك الإبادة المزعومة المسماة بالمحرقة النازية، ولمنع تحقّق هذا الاحتمال أوجدت منظمة الأمم المتحدة (اتّفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها)؛ لتوفر الحماية القانونية لليهود في مواجهة العرب عُمُـومًا والفلسطينيين خُصُوصاً؛ وهو ما يعني أن منظمة الأمم المتحدة إنما صاغت الاتّفاقية الدولية وفقاً لهذا الاحتمال، لمنع تعرض سكان دولة الكيان الصهيوني دون غيرهم للإبادة الجماعية؛ وهو ما يفسر اليوم تنصل المنظمة الدولية عن القيام بواجباتها، التي ألزمت نفسها بها في وثائقها القانونية حين يتعلق الأمر باقتراف جيش الكيان الصهيوني لجريمة الإبادة الجماعية، بحق أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، التي تستمرُّ أفعالها وتَتَابَعُ منذ ثمانية أشهر، وتكتفي الأممُ المتحدةُ بوصف تلك الأفعال بأنها مروِّعةٌ!، في حين سبق لها قبلَ أكثرَ من ثمانين عاماً وصفُ الإبادة الجماعية بأنها آفةٌ بغيضة، تتطلَّبُ تعاونًا دوليًّا لتحرير البشرية منها، ومن ذلك الحين وإلى اليوم لا تزالُ منظمةُ الأمم المتحدة في مربع الوصف الذي انخفض سقفُه بشكل كبير عما كان عليه سابقاً!

والأصلُ عقبَ مرورِ أكثرَ من ثمانية عقود من الزمن، أن يرتقيَ وعيُ إدراك منظمة الأمم المتحدة ويرتفعَ بمستوى استشعارها للمخاطر المحدِقة بالإنسانية، خُصُوصاً مع التطورات التكنلوجية الهائلة في مختلف جوانب الحياة، لكن! مؤسف القول إن العقليةَ الجمعية لمنظمة الأمم المتحدة، لم يصبها شيءٌ من ذلك التطور والرقي، بل على العكس من ذلك يبدو اليوم واقع منظمة الأمم المتحدة منحطاً تماماً، مقارنة بما كان عليه حالها عند تأسيسها قبل أكثر من ثمانية عقود من الزمن، عندما كانت تستحضر فقط مخاطر الإبادة الجماعية، وتضع القواعد القانونية اللازمة لتوفير الحماية للإنسانية في مواجهتها، بوصفها آفة بغيضة يتوجب الاتّحاد والتعاون لتحرير الإنسانية من خطرها وشرها.

أما اليوم والآفة التي سبق لمنظمة الأمم المتحدة وصفها بالبغيضة، وحثها على التعاون الدولي لتحرير الإنسانية منها، اليوم هذه الآفة تبدو سافرة، يرتكب أفعالها الكيان الصهيوني جهاراً نهاراً على مدار الساعة، وبشكل مُستمرّ ومتتابع منذ ثمانية أشهر بحق أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، أصحاب الأرض الذين سبق لمنظمة الأمم المتحدة سلبُها منهم دون وجه حق، ومنحُها للكيان الصهيوني، الذي تتفرج عليه اليوم هذه المنظمة مباشَرَةً وعلى الهواء، وهو يؤدِّي بكل احترافية وحشية إجرامية فُصُولَ جريمة الإبادة الجماعية، مسنوداً بقوى استعمارية كان لها دورٌ كبيرٌ في تأسيس هذه المنظمة الأممية، وتحظى بعضوية دائمة في مجلس أمنها.

إن جريمة اليوم التي سقطت أمامها منظمة الأمم المتحدة، سقوطاً قانونياً وأخلاقياً وإنسانياً مدوياً، وسقطت معها كُـلّ القيم والمبادئ الإنسانية الفلسفية، التي ظلت على مدى العقود الماضية تتفاخر بها وتزيِّنُ بها ميثاقها، وأصبحت هذه المنظمةُ اليوم، ومجلسُ أمنها عُرْضةً للتوبيخ والتقريع ولاشمئزاز من جانب ممثِّل دولة الكيان الصهيوني، مقترفِ أفعال جريمة القرن، كلما حاولت هذه المنظمةُ على استحياء، استصدارَ قرارٍ يُخَفِّفُ من حِـــدَّةِ الوحشية التي ينتهجُها الكيانُ الصهيوني وشركاؤه من القوى الاستعمارية الغربية، بحق الأطفال والنساء والشيوخ من سكان أرض فلسطين في قطاع غزة؛ فهل سيكونُ الانهيارُ المادي لهذه المنظمة قريبًا؟ خُصُوصاً بعد انهيارها وسقوطِها قيمياً وأخلاقياً وإنسانياً، بتنصُّلِها عن واجبِ منعِ أفعال جريمة الإبادة الجماعية وقمع مقترفِها وشركائه منذُ ثمانية أشهر بحق سكان قطاع غزة؟

د/ عبد الرحمن المختار

مقالات مشابهة

  • البعثة الأممية لحقوق الإنسان: الكيان الإسرائيلي لا يحترم القانون الدولي ولا يقيم له وزنًا
  • إسبانيا تنضم إلى الدعوى التي قدمتها جنوب إفريقيا في قضية الإبادة الجماعية ضد الاحتلال الإسرائيلي
  • انطلاق فعاليات أول مبادرة لإنشاء محكمة عالمية من أجل فلسطين في جينيف
  • المكتب الإعلامي الحكومي بغزة يعلق على مجزرة مدرسة الأونروا في النصيرات
  • الإعلام الحكومي: 27 شهيدًا وعشرات الإصابات في مجزرة مخيم "2" بالنصيرات
  • مرصد حقوق الإنسان: العدوان على رفح سيجر المنطقة إلى صراع كارثي
  • المرصد العربي لحقوق الإنسان يطالب المجتمع الدولي بوضع حد لجرائم الاحتلال
  • البرلمان العربي: العجز عن وقف الإبادة الجماعية في غزة يعود بالعالم لعصور الظلام
  • حزب الجيل ينتقد العقوبات الأمريكية على «الجنائية الدولية»: انحياز واضح لإسرائيل
  • تنصل الأمم المتحدة عن واجب منع الإبادة الجماعية.. سقوط قانوني وأخلاقي وإنساني