اتركوا المستشفيات الحكومية للغلابة
تاريخ النشر: 13th, May 2024 GMT
قبل مرور أقل من شهرين على صدور اللائحة الجديدة لوزارة الصحة فى مارس الماضى والصادرة بالقرار رقم 75 لسنة 2024 والتى تضمنت رفع أسعار الخدمات المقدمة للمترددين على مستشفياتها ووحداتها الصحية بنسب تراوحت بين ١٠٠ ٪ و٥٠٠ ٪ سواء مرضى العيادات الخارجية أو الزوار بخلاف القرار الخفى بإلزام مرضى الطوارئ بدفع مبالغ مالية على سبيل التأمين، حتى فوجئنا بمشروع القانون الذى تقدمت به الحكومة
والذى يسمح للمستثمرين من القطاع الخاص (المصرى والأجنبى) بإدارة وتشغيل المنشآت الصحية الحكومية (التابعة لوزارة الصحة وهيئاتها)!
مشروع القانون وصفه الدكتور إيهاب الطاهر الأمين العام الأسبق لنقابة الأطباء بانه خطير.
وحذر الطاهر من أن هذا المشروع سيفتح الباب أمام المستثمرين للتحكم فى صحة الشعب وفرض ما يريدونه من أسعار حتى على منظومة التأمين الصحى الشامل مستقبلا.
وأكد الطاهر أن إسناد إدارة وتشغيل المنشآت الصحية الحكومية لأى مستثمر سواء كان مصريًا أو أجنبيًا سيضر بالمنظومة الصحية وبالمواطن غير القادر الذى يبحث عن علاج منخفض التكاليف وان ذلك سينعكس بالسلب على الأطباء والطواقم الطبية الذين سيعملون تحت إداراة المستثمرين بهذه المنشآت.
واضاف أن الهدف الرئيسى للمستثمر معروف وهو تحقيق الأرباح وهذا حقه، ولكن فى المقابل يجب ألا نترك صحة المواطن المصرى فريسة لتحقيق هذا الهدف حيث إن صحة المجتمع ليست سلعة بل هى (حق) للمواطن وفقا لنص المادة 18 من الدستور.
وشدد الطاهر على أن الدولة يجب أن يظل لها الحصة الحاكمة بالمنظومة الصحية ككل وإلا فإننا قد نفتح الباب أمام تحكم المستثمرين فى صحة الشعب ولايجوز للدولة أن تسمح للأجانب بإدارة وتشغيل المنظومة الصحية -الحكومية وإن كان يجوز السماح لهم بإنشاء مستشفيات -خاصة- فحتى ذلك يجب أن يكون بعد تحديد نسبة الحد الأقصى المسموح به لتملكهم للمنشآت الخاصة.
وقال الطاهر إن الرعاية الصحية أمن قومى، ويجب أن تظل جميع المنشآت الصحية الحكومية تحت إدارة الحكومة دون إسنادها لأى مستثمر سواء كان مصريًا أم أجنبيًا.
كلام الدكتور إيهاب الطاهر الأمين العام الأسبق لنقابة الأطباء، جرس انذار لابد أن تلتفت إليه الدولة لأن صحة المواطن خط احمر وهذا المواطن وفقا للمادة ١٨ من الدستور من حقه أن يجد الرعاية الصحية المتكاملة وفقاً لمعايير الجودة، وتكفل الدولة الحفاظ على مرافق الخدمات الصحية العامة التى تقدم خدماتها للشعب ودعمها والعمل على رفع كفاءتها وانتشارها الجغرافى العادل.
كما أن الدولة ملزمة وفقا للدستور بتخصيص نسبة من الإنفاق الحكومى للصحة لا تقل عن 3 % من الناتج القومى الإجمالى تتصاعد تدريجيًا حتى تتفق مع المعدلات العالمية.
ووفقا لنفس المادة تلتزم الدولة بإقامة نظام تأمين صحى شامل لجميع المصريين يغطى كل الأمراض، وينظم القانون إسهام المواطنين فى اشتراكاته أو إعفائهم منها طبقاً لمعدلات دخولهم. ويجرم الامتناع عن تقديم العلاج بأشكاله المختلفة لكل إنسان فى حالات الطوارئ أو الخطر على الحياة.
نرجوكم اتركوا المستشفيات الحكومية للغلابة، فالمواطن المصرى لم يعد يحتمل اى أعباء إضافية ويكفيه حالة الغلاء المعيشى الفاحش الذى يعانيها منذ سنوات، والمستشفيات الحكومية هى الملاذ الآمن بالنسبة له.
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: المواطن المصرى وزارة الصحة
إقرأ أيضاً:
معركة هارفارد وضرب غزة بالنووي
صراع الإرادات الناشب بين الرئيس الأمريكى، وجامعة هارفارد، يعكس فى جوانبه معركة اليمين المتطرف المناصر لإسرائيل ظالمة ومظلومة، مقابل رغبة دوائر أمريكية فى التحرر من قيود، وضعها التحالف الدائم بين الإدارات الأمريكية المتعاقبة، على كل من يتجرأ على الخروج عن الخط المرسوم فى تأييد الكيان الصهيونى، حتى وإن تعارض الأمر مع القيم الإنسانية، وحرية الاختيار التى تقوم عليها فكرة الدولة الأمريكية ذاتها.
فقبل أن يعود ترامب إلى منصبه فى البيت الأبيض، شهدت جامعة هارفارد والعديد من الجامعات الأمريكية احتجاجات ومظاهرات ضد عمليات الإبادة التى تمارسها إسرائيل فى غزة، التى تجاوزت حد الرد على هجوم حماس فى 7 أكتوبر 2023 إلى انتقام وحشى أدى إلى استشهاد أكثر من 50 ألف فلسطينى غالبيتهم من الأطفال والنساء والمدنيين العزل، وهو ما أثار استياء الملايين عبر العالم.
التظاهرات المنددة بالعدوان الإسرائيلى على غزة، فى جامعة هارفارد خصوصا، أثارت حفيظة ترامب ومناصريه من مؤيدى إسرائيل، ودفعت بالرئيس الأمريكى إلى اتهام هارفارد بـ«الترويج لأيديولوجيات ماركسية ويسارية متطرفة، ومعادية للسامية»، وطالب ترامب باخضاع الجامعة التى تخرج فيها 162 فائزا بجوائز نوبل، عمليات التسجيل والتوظيف لهيئة إشراف قبل أن تلغى إدارته، الخميس الماضى، حق هارفارد فى تسجيل الطلاب الأجانب.
القرار جاء تتويجا لصراع ممتد بين هارفارد وترامب، بعد أن رفضت الجامعة تسليم سجلات سلوك الطلاب الأجانب التى طلبتها وزارة الأمن الداخلى الشهر الماضى، وهو ما تعتبره قيادة الجامعة أمرا يتجاوز بكثير دور الحكومة الفيدرالية وقد ينتهك الحقوق الدستورية للجامعة التى تقاتل بشراسة دفاعا عن استقلالها الأكاديمى.
وفى مواجهة قرار ترامب ضد هارفارد الذى يهدد مستقبل نحو 7 آلاف طالب أجنبى بينهم ملكة بلجيكا المستقبلية الأميرة إليزابيث التى تدرس السياسة العامة ضمن برنامج مخصص لطلبة الماجستير، طعنت الجامعة قضائيا على القرار الذى اعتبره البعض وسيلة فى «صراع أوسع بين الديمقراطية والاستبداد».
وفى اليوم التالى لقرار ترامب حصلت هارفارد على أمر قضائى، أصدرته القاضية الفيدرالية فى محكمة بوسطن أليسون بوروز، بوقف مؤقت لحظر تسجيل الطلاب الأجانب، والتى اعتبرت القرار «انتهاكا صارخا» للدستور.
الحكم بوقف قرار ترامب مؤقتا هو جزء من معركة يبدو أنها ستمتد مع العديد من المؤسسات الأمريكية المماثلة لجامعة هارفارد، ومع كل من يناصر القضية الفلسطينية التى يريد حلفاء ترامب تصفيتها بشتى الطرق، حتى وإن تطلب الأمر استخدام السلاح النووى.
فالنائب الجمهورى، من حزب ترامب، راندى فاين، دعا بشكل صريح إلى ضرب قطاع غزة بالسلاح النووى على غرار ما فعلته الولايات المتحدة مع مدينتى هيروشيما وناجازاكى فى اليابان قبل نهاية الحرب العالمية الثانية.
فاين اعتبر خلال مقابلة مع قناة فوكس نيوز الأمريكية، فى اليوم نفسه الذى أصدر فيه ترامب قراره ضد هارفارد، أن «القضية الفلسطينية.. قضية شريرة»، والحل التخلص منها بالسلاح النووى قائلا: «لم نتفاوض على استسلام النازيين، ولم نتفاوض على استسلام اليابانيين، قصفنا اليابانيين مرتين نوويًا للحصول على استسلام غير مشروط، ويجب أن يكون الأمر نفسه هنا» فى إشارة إلى غزة.
لا يرى النائب الأمريكى المتطرف فى القضية الفسطينية غير «الشر» الذى يجب القضاء عليه بالقنابل النووية، منكرا حقيقة أن الشر نفسه يكمن فى أمثاله، وأمثال حلفائه من الإسرائيليين، حيث تتلاقى أفكاره مع مواقف وزير التراث الإسرائيلى المتطرف أميخاى إلياهو، الذى دعا فى نوفمبر 2023 إلى إلقاء قنبلة نووية على قطاع غزة، باعتبار الأمر«أحد الخيارات» لتحقيق هدف القضاء على حركة حماس.
يتجاهل فاين حق الشعب الفلسطينى فى أرضه التى سلبها الإسرائيليون، لكن الغريب أننا لم نسمع، حتى الآن صوتا واحدا من داخل الكونجرس الأمريكى يدين تصريحات هذا النائب المتطرف الذى يتفاخر بضرب اليابان بالقنابل النووية، ويدعو جهارا إلى تكرار الأمر مع غزة، وهى ثقافة «إرهابية» يبدو أنها متأصلة فى بعض النفوس الأمريكية.
(الشروق الجزائرية)