ميقاتي يعرض الإجراءات المتخذة لحل مسألة النزوح السوري في لبنان
تاريخ النشر: 15th, May 2024 GMT
شدد رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان نجيب ميقاتي على أن حل مسألة النزوح السوري يكون بتوافق كامل بين اللبنانيين، مؤكدا أن المساعدة الأوروبية التي أعلن عنها غير مشروطة.
وفي كلمة له خلال جلسة لمجلس النواب قال ميقاتي إن "المساعدة الأوروبية التي أعلنت عنها رئيسة المفوضية الاوروبية في حضور الرئيس القبرصي ليست سوى تأكيد للمساعدات الدورية التي تقدمها المفوضية الأوروبية للبنان منذ سنوات"، مشددا على أن "هذه المساعدات غير مشروطة بأي شروط مسبقة أو لاحقة، ولم يتم توقيع اي اتفاق مع الاتحاد الأوروبي بشأنها، بل هي استمرار للمساعدات السابقة".
وأشار إلى "أننا أصرينا أن تكون المساعدة المقدمة للنازحين السوريين هي لتشجيعهم على العودة إلى بلادهم وليس للبقاء في لبنان، مؤكدين أن القسم الأكبر من سوريا قد بات آمنا للعودة"، مبينا "أننا حذرنا من أن استمرار هذه الأزمة في لبنان سيكون ككرة النار التي لن تنحصر تداعياتها على لبنان بل ستمتد إلى أوروبا لتتحول إلى أزمة إقليمية ودولية".
كما شرح ميقاتي بعد الإجراءات المتخذة من قبل الحكومة لمعالجة مسألة النزوح السوري:
الطلب من الجهات الامنية المختصة التشدد في تطبيق القانون على كل الأراضي اللبنانية لجهة ترحيل كل من يقيم بشكل غير شرعي إلى بلده، على أن يصار إلى التنسيق مع المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين عند الاقتضاء.بالنسبة إلى أمن الحدود فإن الجيش يقوم بواجبه كاملا ضمن الإمكانات المتاحة حيث ينشر أربعة أفواج على طول الحدود اللبنانية- السورية، ويقوم بالتعاون مع مختلف الأجهزة الأمنية بتعزيز نقاط التفتيش الحدودية وتنفيذ عمليات رصد وتفتيش كاملة ومنسقة تستهدف مواقع التسلل والتهريب وإحالة المعنيين على القضاء المختص. كما تقوم الأجهزة الأمنية بإغلاق نقاط العبور غير الشرعية ومصادرة الأموال المستخدمة من قبل المهربين.أصدرت وزارة الداخلية والبلديات سلسلة من التعاميم تقضي بإجراء مسح شامل للسوريين القاطنين في النطاق البلدي وإعداد بيانات عنهم، وقمع المخالفات المتعلقة بالمحال التي يتم استثمارها ضمن النطاق البلدي من قبل السوريين من دون حيازة التراخيص اللازمة، والعمل على اقفالها فورا وإحالة المخالفين على القضاء.في ما يتعلق بسوق العمل، يتم من قبل وزارة العمل التشدد في اتخاذ الإجراءات القانونية الرادعة بحق المؤسسات والشركات العاملة على الأراضي اللبنانية والمخالفة لقانون العمل والأنظمة المرعية الإجراء لا سيما في الجانب المتعلق بالعمالة اللبنانية، ووقف كل محاولات الالتفاف على النصوص القانونية بهدف تشريع العمالة الأجنبية.الطلب من النيابات العامة التشدد في الإجراءات القانونية المتعلقة بالضالعين في تهريب الأشخاص والداخلين إلى لبنان بطرق غير مشروعة وملاحقتهم بجرم الاتجار بالبشر. الطلب من وزارة العدل بحث امكانية تسليم المحكومين والمسجونين والموقوفين وفقا لما تجيزه القوانين والأنظمة المرعية الإجراء.تكثيف الجهد الدبلوماسي لشرح خطورة موضوع النزوح السوري على لبنان وعلى الأمن الإقليمي والاوروبي وتأكيد ضرورة اتخاذ الإجراءات اللازمة لتحسين الظروف المعيشية للشعب السوري ليبقى في أرضه وتشجيع النازحين على العودة.وعن قرار الهجرة الموسمية الخاص بدول الجوار الذي اتخذه الاتحاد الأوروبي وضم إليه لبنان على غرار تركيا، والأردن ومصر وتونس والمغرب، أكد ميقاتي أن "لا علاقة للمشروع بالنزوح السوري، وكل ما في الأمر أن الموضوع عرض علينا من منطلق اقتصادي بحت لفتح الباب أمام من يرغب لإيجاد فرص عمل موسمية في الخارج يعلن عنها من الدول الأوروبية في حينه وبالتالي تكون هذه الهجرة شرعية لمن تنطبق عليه الشروط المحددة ولفترة محددة حصرا".
وشدد على أن "المطلوب اليوم هو اتخاذ موقف وطني جامع وموحد بشأن كيفية مقاربة هذا الملف بعيدا عن المزايدات والانفعالات والاتهامات، لكي يكون ذلك بداية للتصدي للمشكلات الأساسية التي تواجه البلاد وفي مقدمها الشغور الرئاسي والإصلاحات الاقتصادية، وما يحصل في جنوبنا ومعاناة شعبنا هناك".
المصدر: بوابة الفجر
كلمات دلالية: الرئيس القبرصي رئيس حكومة تصريف الأعمال في لبنان حكومة نجيب ميقاتي لبنان النزوح السوری فی لبنان على أن من قبل
إقرأ أيضاً:
الإعلام الغربي والإبادة: مسألة فيها نظر
رغم تكاثر الأدلة الدامغة التي تدين إسرائيل بارتكاب جرائم حرب الإبادة، بالتدمير والتقتيل والتجويع، فإن كثيرا من وسائل الإعلام الغربية لا تزال تشير إلى هذه الحقيقة بعبارات ملطّفة من قبيل «مسألة الإبادة» أو «جدل الإبادة» أو «سجال الإبادة»، إيحاء بأن واقعة الإبادة (المستمرة والموثقة والمصورة يوميا) لا تنتمي لمجال الوقائع بل إنها مسألة من مسائل الرأي، أي أن الموقف منها هو مجرد وجهة نظر.
ولعل أكثر مواقف وسائل الإعلام الغربي حيادا، أي تنصلا بيروقراطيا من تبعات الانحياز للحق الصُّراح في مواجهة القوة الغاشمة، هو ما ذهبت إليه إحدى الصحف عندما نشرت تحقيقا مطولا بعنوان: «الإبادة في غزة»: لماذا تثير المسألة انقساما بين أهل القانون؟
وحتى بعدما نشر الأكاديمي الإسرائيلي أومر بارتوف (الذي سبق أن خدم في جيش الاحتلال) مقالا مُزلزلا في النيويورك تايمز يدين دولته، بعنوان: «أنا أستاذ حقوق متخصص في مجال الإبادة. أعرف الإبادة عندما أراها»، فإن السي. إن. إن. لم تعدم حيلة في مجال استخدام العبارات الملطفة، حيث قالت: «منذ أن بدأت الحملة الإسرائيلية في غزة تجرّ تكاليفها البشرية الثقيلة (هكذا!)، أخذ يحتدم سجال مشحون: هل تكون الدولة العبرية، التي ولدت هي ذاتها من رحم الهولوكوست، بصدد ارتكاب إبادة؟».
ثم أشارت إلى أن «مقال أومر بارتوف جدد هذا السجال». هذا كل ما في الأمر. القضية المحورية إذن ليست الإبادة، وإنما هي السجال الذي ما إن يخفت حينا حتى يأتي من يجدده أو يحييه. وهكذا دواليك. ليس هناك وقائع تشهد ولا أدلة تعتبر ولا حجج تقنع. بحيث لو مضت وسائل الإعلام الغربي في اتباع هذا المنطق المتستر خلف دخان الحياد السمج لبقيت قرنا كاملا لا تفعل سوى جمع المزيد من وجهات النظر التي تؤجج السجال أو تُغْني النقاش، كما يقولون، ولكن دون التوصل إلى نتيجة. ذلك أن قتل امرئ في شارع، خصوصا إذا كان غربيا أو إسرائيليا، جريمة لا تغتفر، أما إبادة شعب كامل فمسألة فيها نظر!
والحال أن بارتوف قال بكل وضوح إن الإبادة الإسرائيلية واقعة حاصلة ومستمرة: «أعتقد أن الغاية كانت ولا تزال تتمثل في حمل السكان على مغادرة القطاع أصلا، أو، بما أنه ليس لهم مكان يذهبون إليه، في إضعاف الجيب المحاصر بالقصف المستمر والحرمان الشديد من الغذاء والماء الطاهر والمرافق الصحية والخدمات الطبية إلى حد يصير من المستحيل معه على الفلسطينيين في غزة أن يحافظوا على وجودهم الجماعي أو يعيدوا بناءه (..) إن هذا استنتاج من المؤلم أني توصلت إليه (منذ مايو 2024)، مع أني صددته وقاومته طويلا ما استطعت. ولكن منذ ربع قرن وأنا ألقي محاضرات حول الإبادة، بحيث إن في وسعي معرفة الإبادة عندما أراها».
ولكن رغم كل هذا الوضوح فإن السي. إن. إن. لا تزال تحرص على لعب لعبة التوازن، قائلة إن البروفسور بارتوف يؤكد أن «الحصار الذي تضربه إسرائيل على غزة ينطبق عليه التعريف القانوني للإبادة، (بينما) يتخذ أساتذة قانون ومعلقون آخرون موقفا مخالفا». والعجيب أن من هؤلاء المعلقين الذين تستشهد بهم السي. إن. إن. المعلق الصهيوني بريت ستيفنز الذي سبق أن تولى رئاسة تحرير مجلة «جيروزالم بوست»!
وبالتزامن مع مقال خبير الهولوكوست الإسرائيلي، كتب الحقوقي البريطاني جوناثان سامبشن في مقال جريء: «ليس لي أي موقف إيديولوجي من هذا النزاع. وإنما أتناوله باعتباري من أهل القانون والبحث التاريخي. على أني أتساءل أحيانا ما هو غير المقبول في عرف المدافعين عن إسرائيل؟ أفلم يتجاوز القدر الحالي من العنف الإسرائيلي في غزة المدى؟ إذ ليس هذا من قبيل الدفاع عن الذات، ولا حتى من جنس الأضرار الجانبية التي لا يمكن تجنبها في الحروب. إنه عقاب جماعي، وبعبارة أخرى انتقام يُثأر به لا من حماس وحدها بل من شعب بأكمله. إنه باختصار جريمة حرب».
ومعروف أن المنظمتين الإسرائيليتين، بتسليم وأطباء من أجل حقوق الإنسان، أصدرتا أخيرا تقريرين لا لبس فيهما يؤكد كل منهما وجوب «تسمية الإبادة باسمها الحقيقي»، قطعا بذلك مع تمارين البهلوانيات اللفظية التي يتعاطاها الإعلام الغربي. ولكن رغم هذا كله، فإن لك أن تراهن أن معظم الإعلام الغربي سيستمر في لعب لعبة الحياد البيروقراطي ورمي كرة تسمية الأشياء بأسمائها الحقيقية في ملعب أساتذة القانون والمعلقين المتخالفين.
القدس العربي