شبكة اخبار العراق:
2024-06-12@09:03:29 GMT

هل احتفل عليٌّ.. بالغدير؟!

تاريخ النشر: 18th, May 2024 GMT

هل احتفل عليٌّ.. بالغدير؟!

آخر تحديث: 18 ماي 2024 - 9:34 صبقلم: رشيد الخيّون بين حين وآخر، تُطلق في سماء بغداد مذنبات حارقة، وكأن «مدينة السّلام»، يعوزها سَعير الحرب. خرج مَن دعا إلى اعتبار «الغدير» عيداً، وزاد بوصفه وطنياً، بعد أنْ كان يلوم مَن دعا إليها مِن قَبل، لأنه، حسب تصريحاته، عدَّ نفسه صمام أمان العِراق، بينما اعتبار مناسبة تخص طائفة، عيداً في الدّولة تعسفاً للآخرين، بل لفريق مِن الشّيعة، مِن أهل الوئام والسّلام، الذين لا ينتصرون لمثل هذه الدَّعوة.

لكن العِراقَ «ومِن عجبِ أنَّ الذين تكفلوا/ بإنقاذ أهليه هم العثراتُ»(الجواهري، الرَّجعيون 1929). يُثار السؤال: هل احتفل عليّ بن أبي طالب بالغدير عيداً، وكان حاكماً(35-40هجرية)، وأنتم تعتبرونه «تتويجاً إلهيّاً»، وهو بحاجة لتكريسه، أكثر مِن حاجتكم، بسبب النّزاع بالبصرة(36هجرية)، وصفين(37هجرية)، ناهيك عما كان بينه و«الخوارج»، وقد أعلنوا خلعه، وكانوا رجاله؟ كما لم يذكره لا اسماً، ولا مناسبةً، في أدبه المجموع في «نهج البلاغة»، الذي تعتبرونه «أخو القرآن» (الطَّهراني، الذريعة)، ولا في القرآن نفسه. حتّى «فدك» التي تحولت إلى فضائيات للكراهية لم تكن تعنيه، «وما أصنع بفدك وغير فدك والنفسُ مظانها في غدٍ»(النهج). كيف يكون التّتويج سياسياً إلهيَّاً، وحفيده زيد بن عليّ بن الحُسين(قُتل: 122 هجرية)، اعتبر ما أصطلح عليه بالوصية، إمامة فقه، حتَّى أتته الخلافة (ابن المرتضى، المُنية والأمل).هذا وعليٌّ نفسه، لا يقر بسلطة إلهية، ذلك في ردَّه على شعار «لا حكم إلا لله»: «كَلِمَةُ حَقٍّ يُرَادُ بِهَا بَاطِلٌ! نَعَمْ إِنَّهُ لا حُكْمَ إِلاَّ للهِ، هؤُلاَءِ يَقُولُونَ: لاَ إِمْرَةَ، فَإِنَّهُ لاَبُدَّ لِلنَّاسِ مِنْ أَمِير بَرّ أَوْ فَاجِر»(نفسه)، فحكم الله ليس الإمرة السِّياسية، إنما القضاء والقدر(ابن أبي الحديد، شرح النهج). أخيراً إذا كان تتويجاً إلهيّاً فيكون مِن تدبير الله، لا يمنعه أحدٌ مِن البشر! أليس هذا هو المنطق المعقول؟! ذُكرت خطبة الوداع (10 هجرية)، عند غدير خُم، بين مكة والمدينة، ومنها: «فمَنْ كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم والِ مَنْ والاه وعاد مَنْ عاداه»(اليعقوبي، تاريخ اليعقوبي). أما الطَّبري(ت: 310هجرية) فسماها «حِجَّة الوداع» و«حِجَّة البلاغ»، وأورد فيها وضع الدِّماء التي كانت على الجاهلية، ووصية بالنِّساء، والالتزام بالأشهر الحُرم، دون ذكر الموالاة. لكنها موجودة، في كتب السُّنة والشِّيعة، والقصد منها العلم، حسب التفسير الزّيدي والصوفيّ، وتأنيب مَن تهجم على عليٍّ عندما كان باليمن، حسب المصادر الأُخر(الآلوسيّ، روح المعاني). ليس المراد من تكريس الوئام الاجتماعي، حجب الاحتفال بهذه المناسبة أو تلك، فكثرة الأفراح تعمر الأوطان. لكن، ألا تكون سبباً لعاصفةٍ «طوى لها النَّسرُ كشحيه فلم يطرِ»! بمسألة الإمامة التي قال فيها إخوان الصفا(الرَّابع الهجري): «كثر فيها القيل والقال، وبدت بين الخائضين العداوات والبغضاء…»(الرِّسالة الأولى من الآراء والديانات). أقول: ماذا لو استعادت الطَّائفة الأخرى، ما حدث السَّنة (389هجرية)، وأعلنت يوم «الغار» عيداً مثلما جعله أتراك الزَّمن الماضي (السلاجقة)! مواجهةً «للغدير»(ابن الأثير، الكامل في التّاريخ)، مثلما سنه عيداً صفويو الزَّمن الماضي أيضاً(البويهيون)! والطَّرفان يعرفان جيداً أنه لا شأن للغدير ولا الغار بسياسة الأمس واليوم، فإذا كان السّاسة يتبارون بالمناسبات الطّائفيّة، لم يبق غير القول: «كنا رأينا النُّور في أحلامنا/لو أطبقت جفوننا على المُقل/أظلمت الآفاق في وجوهنا/حتَى ولا بارقة مِن الأمل»(الخاقانيّ، شعراء الغري). ها وقد عدمتم، خلال العقدين والنصف الماضيين بارقة الأمل، ونشأ جيلٌ مشوهٌ باستدراج الماضي، فأخذ الشَّباب يعيشون أحداثه بحذافيرها، عبر المنابر، مفخخات العقول.ختاماً، لو خرج عليٌّ، وشاهد ما شاهد باسمه، لخصف نعله، وكررها على ساسة اليوم، وهم يسنون «الغدير» عيداً: «والله لهي أحب إلى مِن إمرتكم، إلا أنْ أقيم حقاً، أو أدفع باطلاً»(النهج)، فأي حقٍّ أقمتم، وباطلٍ دفعتم؟!

المصدر: شبكة اخبار العراق

إقرأ أيضاً:

هل يدمر بايدن نفسه؟

في مختلف أنحاء العالم، تبدو الديمقراطيات هشة وفي موقف دفاعي. وتكثر المقارنات مع سبعينيات القرن العشرين وفترة ما بين الحربين العالميتين. في الولايات المتحدة، أشعل أداء دونالد ترامب القوي في استطلاعات الرأي الأخيرة شرارة موجة أخرى من الخوف من القومية الاستبدادية. من منظور كثيرين من أولئك الذين تابعوا عن كثب الانتخابات الرئاسية الأمريكية في عامي 2016 و2020، كان تقدمه في الولايات المتأرجحة الرئيسية مثيرا للقلق والانزعاج.

الواقع أن أسوأ استراتيجية ينتهجها الديمقراطيون في مختلف أنحاء العالم، والديمقراطيون في الولايات المتحدة، تتمثل في تقليد خصومهم. فهذه مباراة لا يمكنهم الفوز بها. ومع ذلك، هذا هو على وجه التحديد ما يفعله كثيرون منهم. لنتأمل هنا الحزمة الجديدة من التعريفات الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي جو بايدن على الصين، والتي تمثل انقلابا أكثر تطرفا على السياسة التجارية الأمريكية التقليدية من أي شيء تبنّاه ترامب ذاته خلال رئاسته. في حين أَكَّـدَت العناوين الرئيسية على التعريفات الجمركية بنسبة 100% على المركبات الكهربائية الصينية، فإن القصة الحقيقية تتعلق بالبطاريات، والصلب، والألمنيوم، وأشباه الموصلات. وبرغم أن الجمهور لا يشتري هذه السلع بشكل مباشر، فإنها مدخلات في كثير من المنتجات والأجهزة المصنعة في الولايات المتحدة. المفترض أن إدارة بايدن تأمل ألا يشعر الأمريكيون بأي تأثير اقتصادي تقريبا، وأن يروا فقط أن الأمور ستصبح عصيبة مع الصين. نحن نعلم ما لن تفعله التعريفات الجمركية. فهي لن تخلق (أو «تعيد») وظائف وفيرة في الولايات المتحدة، لأن أمريكا إذا كان لها أن تصنع المركبات الكهربائية أو الألواح الشمسية على نطاق كبير، فإنها ستعتمد بالكامل تقريبا على مصانع آلية. ولن تعمل التعريفات الجمركية أيضا على تحسين العلاقات مع حلفاء الولايات المتحدة، من خلال تشجيع «دعم الأصدقاء» على سبيل المثال. بل من المرجح أن يخسر المنتجون الأوروبيون أسواق المنتجات الهندسية المباعة للصين، مع زيادة الإنتاج الصناعي المحلي الصيني. لن تعمل التعريفات الجمركية أيضا على التعجيل بإزالة الكربون. بل على العكس من ذلك، من خلال جعل التكنولوجيات الخضراء الأساسية أكثر تكلفة (وبالتالي تأخير استيعابها على نطاق واسع)، سيجعل بايدن العالم أكثر سخونة. علاوة على ذلك، كما يظهر تقرير حديث صادر عن البنك الأوروبي لإعادة البناء والتنمية، تظل المعادن والعناصر الأرضية النادرة (الجاليوم والجرمانيوم) اللازمة لتصنيع الأجزاء المكلفة من تكنولوجيا البطاريات تُـسـتَـجـلَـب في الأغلب الأعم من الصين. أخيرا، لن تعمل التعريفات الجمركية على تحسين سجل الصين في مجال حقوق الإنسان. بل لن تؤدي إلا إلى تشجيع أولئك الذين يعتقدون بالفعل أن الخطاب الأمريكي بشأن حقوق الإنسان نفاق محض ويمكن تجاهله بأمان.

لكن الرسوم الجمركية سيكون لها تأثير: فهي ستساعد بايدن على خسارة الانتخابات. وبصرف النظر عن مدى ارتفاع الرسوم التي تفرضها الإدارة الحالية، فسوف يكون ترامب قادرا دائما على الادعاء بأنه سيرفعها إلى مستوى أعلى. وسوف يظل بايدن يبدو وكأنه يستجيب فقط لتحدي ترامب - وبطريقة هَـرِمة فاترة.

علاوة على ذلك، أثبتت الرسوم الجمركية صحة الحجج التي يسوقها الرئيس الصيني شي جين بينج والرئيس الروسي فلاديمير بوتين للتدليل على أن النظام الدولي القديم مُـعَـطَّـل لأن أمريكا تتعامل باستخفاف ومراوغة مع القواعد. والأمر الأكثر أهمية (في سياق الانتخابات) هو أن الرسوم الجمركية ستؤدي إلى تفاقم مشكلة زيادة التكاليف التي يتحمّلها الأمريكيون العاديون. لقد جعلت حملة ترامب الانتخابية مسألة التضخم بالفعل واحدة من قضاياها الرئيسية. وفي مهرجاناته الانتخابية، يزعم ترامب (كاذبا بكل تأكيد) أنه لم يعد بإمكانه تناول لحم الخنزير المقدد على شطائره؛ لأن تكلفته باهظة. الواقع أن الحوار الدائر حول التضخم يُساء فهمه على نطاق واسع. ومثلها كمثل كل الحكومات الغربية، تستطيع إدارة بايدن أن تشير إلى أن التضخم انخفض بسرعة وأصبح في نطاق الهدف القديم المحدد عند مستوى 2%. لكن هذا لا يهم الناس العاديين. فهم يرون أن التكاليف ارتفعت بشكل حاد منذ جائحة كوفيد-19، لتنهي بذلك فترة طويلة من استقرار الأسعار. في حين قد يبلغ التضخم التراكمي منذ عام 2020 نحو 20%، فإن التصورات بشأنه أسوأ، بسبب ميل المستهلكين ووسائل الإعلام إلى التركيز على عدد قليل فقط من العناصر التضخمية الإضافية، مثل لحم خنزير ترامب المقدد. فقد أصبح السكن والغذاء أكثر تكلفة بدرجة كبيرة. فجالون الحليب الذي كان يكلف 3.25 دولار في بداية عام 2020 أصبح سعره أكثر من 4 دولارات بحلول عام 2022؛ وارتفع سعر اثنتي عشرة بيضة من 1.45 دولار عند بداية الجائحة إلى 4.82 دولار في يناير 2023، قبل أن ينخفض إلى 2.86 دولار. في الوقت ذاته، لا يفكر الناخبون في الملابس وغيرها من البنود التي ظلت أسعارها مستقرة نسبيا - أو حتى انخفضت، كما في حالة المركبات الكهربائية. لكنهم من المحتمل أن يلاحظوا زيادة في أسعار مجموعة واسعة من المنتجات الاستهلاكية نتيجة للتعريفات الجديدة. هنا، تقدم لنا سبعينيات القرن العشرين بعض الدروس. في ذلك الوقت، حاولت الولايات المتحدة استبعاد السيارات اليابانية وغيرها من السلع المصنّعة الأرخص والأكثر كفاءة. وكانت النتيجة مفيدة بشكل مؤقت فقط للمنتجين الأمريكيين. ففي الأمد المتوسط، خسروا الأسواق والمصداقية؛ وفي الأمد البعيد، كان عليهم التكيف متأخرين مع تقنيات جديدة. لقد كلفت سياسات الحماية شركات صناعة السيارات الأمريكية وقتا ثمينا في إجراء التغييرات، وفي نهاية المطاف دمرت الوظائف بدلا من خلقها. كما أدت إلى نفور المستهلكين الذين ساورهم القلق بشأن التضخم، مما ساهم في نهاية المطاف في هزيمة الرئيس جيمي كارتر في انتخابات عام 1980. في عام 2023، بذلت إدارة بايدن قصارى جهدها لتشرح للناس أنها لم تكن تنفصل عن الصين، بل كانت تعمل على «إزالة المخاطر» فحسب. لكنها الآن، في نوبة ذعر، تبنت سياسة عدوانية للانفصال الواعي. الواقع أن أي حكومة لن تلهم الناخبين فجأة لأنها قررت «الانفصال»، ولن تحقق أي تقدم حقيقي في مكافحة تغير المناخ من خلال تحويل التكاليف إلى آخرين. في عام 1944، لاحظ وزير الخزانة الأمريكي هنري مورجنثاو أن «الرخاء، مثله كمثل السلام، لا يتجزأ. ولا نملك ترف السماح بتناثره هنا أو هناك بين المحظوظين أو التمتع به على حساب آخرين». كانت هذه الرسالة صحيحة آنذاك، وهي صحيحة الآن. فالزعماء السياسيون يلهمون الثقة عندما يتمكنون من إثبات أن سياساتهم تعود بالنفع على الناس العاديين، وتخفض الأسعار، وتجعل المنتجات الأفضل متاحة. هذه هي الهيئة التي ينبغي للحكومات المقتدرة أن تبدو عليها، ومن الواضح أن كثيرا من الديمقراطيات حاليا لا تفي بالتزاماتها بتوفير المنافع العامة.

هارولد جيمس أستاذ التاريخ والشؤون الدولية في جامعة برينستون. وهو متخصص في تاريخ الاقتصاد الألماني والعولمة.

خدمة بروجيكت سنديكيت

مقالات مشابهة

  • قبل العيد.. هل تجوز الأضحية عن الميت؟
  • بحضور الرئيس عون... هكذا احتفل باسيل بتخرّج إبنه من المدرسة (صور)
  • الوليد مادبو وهو يعوي!
  • انتحار شاب في بغداد وانقاذ رجل رمى نفسه من فوق جسر الأحرار
  • بحادثين منفصلين.. انتحار شخص وإنقاذ آخر في بغداد
  • ترامب سيحاول العفو عن نفسه
  • هل يدمر بايدن نفسه؟
  • «الصحفيين»: يوم الصحفي سيظل عيدا سنويا لحرية التعبير
  • «عمرو دياب» يصفع نفسه
  • «الصحفيين» تهنئ الجماعة الصحفية بـ«يوم الصحفي»: سيظل عيدا سنويا للمهنة