دراسة: العلاج الوهمي يخفف بعض الاضطرابات العقلية
تاريخ النشر: 12th, June 2024 GMT
دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN)-- عند محاولة معالجة أعراض اضطرابات الصحة العقلية، يمكن أن يشكل مجرد الاعتقاد بأنّ تقديم المساعدة لك أمر ممكن، عاملاً مهمًا.
وتحسنت أعراض 9 اضطرابات في الصحة العقلية بشكلٍ كبير عند الخضوع لعلاج وهمي، وفقًا لمراجعة جديدة لـ 90 تجربة عشوائية مضبوطة، وهي عملية تُعرف باسم التحليل التلوي، شملت 9،985 مشاركًا بالغًا، غالبيتهم في الثلاثينيات والأربعينيات من العمر.
وشملت الاضطرابات في المراجعة، التي نُشِرت الأربعاء في مجلة "JAMA Psychiatry"، الاكتئاب الشديد، والهوس، وانفصام الشخصية، والوسواس القهري، واضطراب نقص الانتباه/فرط النشاط، والهلع، واضطراب ما بعد الصدمة، والرهاب الاجتماعي.
وكانت أقراص الأدوية الوهمية المستخدمة في التجارب العشوائية المضبوطة متطابقة في المظهر والطعم مع الأدوية الفعالة، ولكنها كانت تفتقر إلى العنصر النشط، بحسب ما ذكره المؤلف الأول للدراسة، وأستاذ الطب النفسي في مستشفى جامعة "دريسدن" في ألمانيا، الدكتور توم بشور.
وبدلاً من ذلك، تحتوي الأدوية الوهمية على مكونات غير نشطة في الأدوية.
في الماضي، شكّل إخضاع المشاركين الذين يعانون من اضطرابات الصحة العقلية للعلاج الوهمي مشكلة أخلاقية، نظرًا لأن الباحثين لم يعالجوا حالة الشخص، بالإضافةً إلى احتمال تفاقم أعراض المشاركين الذين يتلقون العلاج الوهمي، بحسب ما ذكره الدكتور جوناثان ألبرت رئيس قسم الطب النفسي والعلوم السلوكية في كلية "ألبرت أينشتاين" للطب بمدينة نيويورك الأمريكية.
لكن، توجد خطط استجابة تُطبَّق في تلك المواقف.
قال ألبرت، الذي لم يشارك في الدراسة، إنّه بما أنّ المشاركين الذين استخدموا العلاج الوهمي في هذا التحليل حققوا فوائد، فالنتائج تدعم استخدام ضوابط العلاج الوهمي في الدراسات، لافتًا إلى أنه غير ذلك سيكون من الصعب جدّا فهم البيانات المتعلقة بتأثيرات الأدوية الفعالة.
وأكّد ألبرت أن "هذه هي الدراسة الأكثر شمولاً لتأثيرات الأدوية الوهمية في الطب النفسي".
وأفاد بشور أنّ النتائج مهمة أيضًا لعلاج المرضى.
التحسّن في غياب الأدويةرأى الخبراء أنّ تحسن أعراض اضطرابات الصحة العقلية مع العلاج الوهمي قد يكون نتيجة عددٍ من التأثيرات المحتملة.
يتمثل العامل الأول بـ"تأثير الدواء الوهمي بالمعنى الدقيق للكلمة، أي تحفيز الأمل والإيمان بعلاجٍ فعال"، وفقًا لما كتبه بشور عبر البريد الإلكتروني.
وشرح أنّه "يتم إعطاء الدواء الوهمي في دراسات عشوائية مزدوجة التعمية، لذا لا يعرف المشاركون ما إذا كانوا قد تلقوا دواءً فعالاً".
أما العامل الثاني، فيتمثل بفائدة استفسار متخصصي الصحة العقلية عن حالة المريض، ما يشكّل واحدًا من أقوى التأثيرات في مجال الطب بأكمله، وفقًا لما ذكره الدكتور ريتشارد كيفي وهو الأستاذ الفخري للطب النفسي، والعلوم السلوكية، وعلم النفس، وعلم الأعصاب في المركز الطبي بجامعة "ديوك" بولاية كارولينا الشمالية،
أوضح كيفي، الذي لم يشارك في الدراسة، أنّ الاعتقاد بأنّ الأمور يمكن أن تتحسن قد يشكل مصدرًا للشفاء.
ذكر الخبراء أنّ النتائج قد تعكس أيضًا المسارات الطبيعية لبعض الاضطرابات.
أشار الأستاذ المساعد للطب النفسي والصحة العقلية في جامعة "سانتا ماريا" الفيدرالية في البرازيل، الدكتور فيليبي باريتو شوش، عبر البريد الإلكتروني إلى أنه "من المعروف أنّ الاضطرابات النفسية عرضية، وقد تتذبذب الأعراض مع مرور الوقت، وقد يتحسن جزء من الأشخاص جزئيًا أو كليًا من دون أي علاج، أو علاج وهمي، أو تدخل".
ينطبق احتمال التعافي التلقائي بشكلٍ خاص على الاكتئاب والقلق، وهما حالتان تتمتعان بأعلى معدلات التعافي التلقائية بشكلٍ عام، والأكثر استفادة من العلاج الوهمي في هذه الدراسة، بحسب الخبراء.
وقال بشور إن "أحد القيود الرئيسية يتمثل بعدم تمكننا من فصل التأثيرات الثلاثة الرئيسية المذكورة أعلاه لأسباب منهجية".
وشرح أنّ "عزل مدى تأثير الدواء الوهمي الحقيقي سيتطلب إجراء دراسات تشمل مجموعة لا تتلقى أي دواء، ولا حتى دواءً وهميًا، إلى جانب مجموعة تتلقى علاجًا وهميًا. ومثل تلك الدراسات غير متوفرة تقريبًا في مجال الطب النفسي".
ولكن ما سبب وجود اختلاف بفعالية الأدوية الوهمية في غالبية حالات الاضطرابات، مقارنةً بانفصام الشخصية، والوسواس القهري؟
المصدر: CNN Arabic
كلمات دلالية: أبحاث دراسات صحة نفسية الصحة العقلیة العلاج الوهمی الطب النفسی الوهمی فی
إقرأ أيضاً:
فرنسا.. كيف تؤثر الاضطرابات السياسية على النمو الاقتصادي والاستثمار؟
تعيش فرنسا منذ صيف 2024 واحدة من أكثر مراحلها السياسية اضطرابًا، حيث توالت استقالات الحكومات وتبدّلت رئاسة الوزراء في فترات وجيزة، ما ألقى بظلال ثقيلة على الثقة الاقتصادية والنشاط الاستثماري في البلاد.
فمع استقالة حكومة فرنسوا بايرو وتكليف وزير الدفاع السابق سيباستيان لوكورنو، الذي استقال ثم أُعيد تكليفه مجددًا، يجد الاقتصاد الفرنسي نفسه في مواجهة اختبارات معقدة، خصوصًا مع اقتراب موعد تقديم مشروع قانون الميزانية الجديد، وسط تصاعد الضغوط المالية وتوتر الأسواق.
اضطراب سياسي يضغط على النمو
وفقًا لمحافظ بنك فرنسا، فرنسوا فيليروي دي غالو، فإن حالة عدم الاستقرار السياسي تُكلف الاقتصاد الفرنسي نحو 0.2 نقطة مئوية من النمو، نتيجة تراجع ثقة المستهلكين وتأجيل قرارات الإنفاق والاستثمار، بحسب ما نقلته إذاعة "فرانس إنفو".
وفي أسواق السندات، ارتفعت الفجوة بين عوائد السندات الفرنسية والألمانية (OAT مقابل Bund) إلى مستويات تاريخية، ما يعكس تصاعد مخاطر الاقتراض الفرنسي في نظر المستثمرين.
تراجع الاستثمار في الشركات الصغيرة والمتوسطة
في استطلاع محلي، أشار 42% من الشركات الصغيرة والمتوسطة (TPE / PME) إلى أنها خفضت استثماراتها بسبب نقص السيولة وتأخر القرارات الحكومية. كما أبدى كثير منها تحفظًا واضحًا في التوظيف وتمويل المشاريع الجديدة.
ويقول بونو درينيغني، رئيس شركة ManpowerGroup في فرنسا، إن حالة عدم اليقين السياسي انعكست مباشرة على الاقتصاد: "هناك تجميد في التوظيف وتأجيل في خطط الاستثمار، بسبب غياب رؤية واضحة لما هو قادم"، حسب ما أفادت صحيفة "لوموند".
إصلاحات مجمدة وثقة معلّقة
ومن أبرز الملفات المتأثرة بحالة الجمود السياسي، ملف إصلاح نظام التقاعد، الذي يواجه تأجيلًا أو تعديلًا مستمرًا. كما تثير أي تغييرات ضريبية محتملة – مثل فرض ضرائب على الأثرياء – قلق القطاع الخاص، الذي يخشى من قرارات تُتخذ بدوافع ظرفية لا ضمن استراتيجية اقتصادية طويلة الأمد.
ميزانية 2026 تحت التهديد
بعد إعادة تكليف لوكورنو، بات عليه تقديم مشروع الميزانية إلى البرلمان ضمن المهلة القانونية، لضمان المصادقة عليه قبل نهاية العام. لكنه يواجه ضغوطًا متزايدة بين مطلب تقليص العجز وتحقيق التوازن المالي، وتلبية المطالب الاجتماعية والشعبية، وفي حال فشل في حشد دعم برلماني كافٍ، قد يلجأ إلى استخدام أدوات دستورية استثنائية لضمان استمرارية الإنفاق الحكومي.
ثقة مفقودة ونمو مهدد
الباحث الاقتصادي لوكاس شانسل، من مدرسة باريس للاقتصاد، قال في تصريحات لـ"العين الإخبارية" إن حالة عدم اليقين السياسي تؤثر على النمو والاستثمار والابتكار: "الاقتصاد لا يقوم على النوايا، بل على الثقة والتوقعات المستقرة". وأضاف: "إذا استمر الشلل السياسي، فقد يؤدي إلى كساد مزدوج: سياسي واقتصادي".
وأشار شانسل إلى أن فرنسا كانت أصلًا تواجه توقعات نمو متواضعة، لكن استمرار الأزمة قد يؤدي إلى خسارة إضافية تتراوح بين 0.3 و0.5 نقطة مئوية في معدل النمو السنوي، مع تحوّل رؤوس الأموال من الاستهلاك والاستثمار إلى الادخار.
فرص ضائعة وقطاعات متضررة
وأوضح شانسل أن الأشهر التي تتسم بالاضطراب السياسي قد تحمل خسائر يصعب تعويضها، حيث قد يفضّل المستثمرون المحليون توجيه رؤوس أموالهم نحو دول أكثر استقرارًا.
كما أن القطاعات التي تعتمد على استراتيجيات طويلة الأجل مثل التعليم، الطاقة المتجددة، والبنية التحتية، تتأثر بشكل خاص بتباطؤ تنفيذ السياسات العامة.
التحدي الأكبر: استعادة الثقة
وحذّر شانسل من تآكل الثقة المؤسسية بين المواطنين والحكومة، مؤكدًا أن الاعتماد على "حلول مؤقتة" أو "إدارة بالأدوات الاستثنائية" قد يقوّض الإيمان بقدرة المؤسسات الفرنسية على توفير الاستقرار. وأضاف: "الأمر لا يتعلق فقط بقطاع الأعمال، بل برأس المال الاجتماعي ذاته، كما حدث في بلدان جنوب أوروبا بعد الأزمة المالية".