مجلس النواب العراقي يعلق جلسة انتخاب رئيسه بعد عراك بين النواب
تاريخ النشر: 19th, May 2024 GMT
المناطق_متابعات
فشل مجلس النوّاب العراقي للمرة الثانية في اختيار خليفة لرئيسه السابق محمد الحلبوسي، بعد عدم حصول أيّ من المرشّحين الأربعة خلال جلسة اليوم السبت على الأغلبية المطلقة التي حددها الدستور، وهي نصف عدد أعضاء البرلمان زائد واحد، أي 166 صوتا وفق العربية.
وبحسب بيانات الدائرة الإعلامية للبرلمان، فإنّ 311 نائبا من أصل 329 حضروا الجلسة التي عقدت برئاسة رئيس البرلمان بالإنبابة محسن المندلاوي.
وانتهت أعمال الفرز إلى حصول المرشح سالم العيساوي على 158 صوتا، والمرشّح محمود المشهداني على 137 صوتا في حين حصل عامر عبد الجبار على ثلاثة أصوات وبلغ عدد الأصوات الباطلة 13 صوتا.
وأبلغ ضابط رفيع المستوى في وحدة حماية البرلمان وكالة أنباء العربي (AWP) في اتصال هاتفي بأن مشادات وقعت خلال الجلسة.
وقال الضابط “حدثت بين المندلاوي وأحد النواب مشادّة كلامية؛ وحدث عراك بين النائبين مثنّى السامرائي وهيبت الحلبوسي، تطور إلى تبادل اللكمات، ثم شارك به النائب أحمد الجبوري، الذي ضرب النائب الحلبوسي على رأسه بمطرقة رئيس البرلمان، ما أدى إلى إصابة الأخير بجروح بسيطة ودعا فرقة حماية البرلمان إلى التدخّل لفضّ العراك”.
وكان عزّام الحمداني، المتحدّث باسم تحالف (عزم)، قد توقّع في تصريح لوسائل الإعلام المحلية اليوم “قيام بعض النواب بافتعال مشاكل وإفشال جلسة الانتخاب من خلال عراك ما بين بعض النواب، لمنع وصول العيساوي إلى رئاسة مجلس النواب”.
وعلى أثر استمرار التشابك بين بعض النوّاب، أعلن المندلاوي رفع الجلسة إلى إشعار آخر؛ وأثناء خروجه من القاعة، قال إنه لن يسمح بعقد جلسة “إلا بتقديم مرشح واحد فقط لرئاسة البرلمان”.
وكانت جلسة صاخبة استمرت لأكثر من عشر ساعات في 13 يناير الماضي لاختيار رئيس جديد للسلطة التشريعية قد شهدت تبادل نوّاب اتّهامات لزملائهم بتلقّي رشا. وبحسب بيانات الدائرة الإعلامية لمجلس النواب العراقي، فقد حضر تلك الجلسة 314 نائبا، ترشّح منهم خمسة لمنصب رئيس البرلمان.
وكانت نتيجة التصويت في تلك الجلسة حصول شعلان الكريم، مرشّح حزب (تقدم) الذي يقوده الحلبوسي، على 152 صوتا، بينما حصل العيساوي، مرشح تحالف (السيادة)، على 97 صوتا فقط بعد أن تخلّى عنه زعيم التحالف خميس الخنجر؛ وحصل المشهداني على 48 صوتا، والنائب المستقل عامر عبد الجبار على ستة أصوات، فيما نال النائب طلال الزوبعي صوتا واحدا.
وجاءت جلسة اليوم بعد مواصلة القوى السياسية العراقيّة مداولاتها بشأن اختيار رئيس جديد للبرلمان العراقي خلفا للحلبوسي، الذي أزاحته المحكمة الاتحادية العليا في البلاد في 14 نوفمبر الماضي بإلغاء عضويّته في البرلمان على خلفية شكوى تقدم بها النائب السابق ليث الدليمي اتهمه فيها بتزوير تاريخ طلب استقالته واستخدامه أكثر من مرة لإبعاده عن البرلمان.
وأبلغ مصدر من الإطار التنسيقي الشيعي وكالة أنباء العالم العربي بأنّ التواصل بين قوى الإطار حتّى الآن “لم يُفض إلى اتفاق على التصويت لمرشّح بعينه، وما زالت الآراء متأرجِحة بين المشهداني – مرشّح تحالف (تقدم – الصدارة) – وسالم العيساوي مرشح تحالف (السيادة)”.
وكشف المصدر عن “مخاوف تنتاب حركة عصائب أهل الحقّ بقيادة قيس الخزعلي، وتيار (الحكمة) برئاسة عمّار الحكيم، ومنظّمة (بدر) وأمينها العام هادي العامري، من تولّي المشهداني (الذي أعلن رئيس الوزراء الأسبق ورئيس ائتلاف دولة القانون نوري المالكي تأييده للمنصب) خشية تغوّل المالكي على باقي أعضاء الإطار، لاسيّما مع قرب الانتخابات العامة المزمعة العام المقبل، ويرون أحقيّة العيساوي”.
وكان بيان صدر عن تحالف (تقدم) أعلن تأييد ترشيح المشهداني للمنصب، بعد أقل من يوم على انضمام كتلة (الصدارة) إلى تحالف (تقدم).
وتشكلت كتلة (الصدارة) تلك في مارس آذار الماضي عن طريق خمسة من السياسيين السنّة، وهم المشهداني وطلال الزوبعي وخالد العبيدي ومحمد نوري عبد ربه وفارس الفارس، بهدف “تحقيق الإصلاح الحقيقي والبدء بفتح حوارات مع كل الأطراف السياسيّة المؤثّرة والكتل البرلمانية دون استثناء لتنفيذ بنود الاتفاق السياسي في تشكيل الحكومة الحالية”.
وعزت الكتلة قرار الانضمام إلى “تقدّم جاء على خلفيّة اجتماعات أفضت إلى تفاهمات مشتركة”؛ ودعت الكتل السياسيّة إلى دعم ترشيح المشهداني لرئاسة البرلمان من أجل حسم هذا الاستحقاق وإنهاء التعطيل وتفعيل دور مجلس النواب.
وعشية انعقاد جلسة اليوم، أصدر العيساوي بيانا قال فيه إنه ينبغي على أيّ رئيس للسلطة النيابية الالتزام بالحفاظ على وحدة العراق “وعدم السماح أو القبول أو التساهل بأي مشاريع تهدّد كيان البلاد تحت أيّ نوع من الذرائع والمبررات والضغوط”، في إشارة إلى رفضه مشروع الإقليم السني الذي يتهم الحلبوسي بدعمه.
يُذكر أنّ مجلس النواب العراقي صوّت في وقت سابق اليوم بالموافقة على تمديد فصله التشريعي لمدة 30 يوما أخرى، تأكيدا على القرار الذي اتخذته رئاسة المجلس، وذلك وفقا لما ذكرته وكالة الأنباء العراقية.
المصدر: صحيفة المناطق السعودية
كلمات دلالية: مجلس النواب العراقي مجلس النواب
إقرأ أيضاً:
مليار و296 مليون ديناراً راتب النائب في الدورة البرلمانية والدولة تعاني من العجز المالي
آخر تحديث: 27 يوليوز 2025 - 11:56 ص بغداد/ شبكة أخبار العراق- منذ بدء الدورة البرلمانية الخامسة في كانون الثاني يناير 2022، بدا البرلمان الحالي، مثقلًا بالتجاذبات والانقسامات، وعاجزًا عن القيام بوظيفته الدستورية. جلساته قلّت إلى حدّ لافت، وبعضها أُلغيت بسبب مشادات سياسية، وأخرى لم تُعقد أصلاً لغياب النصاب، فيما ظلت قضايا تشريعية مركزية – كقانون النفط والغاز والمحكمة الاتحادية – عالقة دون حل.ولهذا البرلمان الفاشل الفاسد امتيازات مالية يحصل عليها أعضاء مجلس النواب العراقي، وتُظهر أن الرواتب والمخصصات الممنوحة للنواب شهدت تفاوتًا كبيرًا بين دورة وأخرى، من دون وجود معايير شفافة أو ضوابط مالية موحدة. ففي الدورتين الأولى والثانية، كان النائب يتقاضى راتبًا شهريًا يبلغ 12 مليون دينار، إلى جانب مخصصات حماية تصل إلى 40 مليونًا، وبدل إيجار بقيمة 3 ملايين دينار للنواب المقيمين خارج العاصمة بغداد- على الرغم أن بعضهم يسكن في العاصمة-، ليبلغ إجمالي المبلغ الشهري نحو 55 مليون دينار. ومع انطلاق الدورة الثالثة، شهدت تلك المبالغ خفضًا نسبيًا، حيث تراجع الراتب الشهري إلى 7 ملايين دينار، وانخفضت مخصصات الحماية إلى 16 مليونًا، بينما بقي بدل الإيجار ثابتًا. واستمر هذا المستوى من المخصصات حتى نهاية الدورة الرابعة. أما في الدورة الخامسة الحالية، فيتقاضى النائب راتبًا شهريًا مقداره 8 ملايين دينار، بالإضافة إلى 16 مليونًا كمخصصات حماية، و3 ملايين بدل إيجار للنواب غير المقيمين في بغداد، ليصل إجمالي ما يتقاضاه النائب الواحد شهريًا إلى 27 مليون دينار. وقد أجرى فريق التحقيقات جردًا دقيقًا لتلك الأرقام، فتبين أن الراتب السنوي للنائب في الدورة الحالية يبلغ 324 مليون دينار، أي ما يعادل مليارًا و296 مليون دينار خلال دورة نيابية واحدة تمتد لأربع سنوات. وباحتساب عدد النواب البالغ 329، تصل الكلفة السنوية الإجمالية للرواتب والمخصصات إلى نحو 426 مليارًا و384 مليون دينار. وترتفع هذه الكلفة بشكل ملحوظ عند احتساب النفقات التشغيلية الأخرى، بما في ذلك مرتبات الموظفين والمخصصات الإدارية للمكاتب واللجان النيابية. اللافت أن هذه الامتيازات المالية بقيت قائمة رغم محاولات سابقة لتقليصها. ففي عام 2018، أصدرت المحكمة الاتحادية العليا قرارًا بتخفيض رواتب النواب بنسب متفاوتة، شملت بصورة رئيسية أصحاب الشهادات الأدنى، فيما استُثني حملة الشهادات العليا من التخفيض، وهو ما أضعف الأثر الفعلي للقرار على الموازنة العامة، وسط غياب تنفيذ صارم وآلية رقابية مستقلة. ورغم هذا الإنفاق السخي، فإن البرلمان لم يُعقد منذ بداية دورته حتى ربيع 2025 سوى 132 جلسة، بينما ينص نظامه الداخلي على 256 جلسة سنويًا، بمعدل 32 جلسة لكل فصل تشريعي.هذا العجز لا يعود فقط إلى التقويم الزمني، بل إلى اضطراب داخلي واسع شلّ المؤسسة من الداخل، وأبرز وجوهه كان شغور منصب رئيس البرلمان لأكثر من عام، بعد أن أقصت المحكمة الاتحادية محمد الحلبوسي في نوفمبر 2023، على خلفية اتهامات بتزوير استقالة، وهي سابقة لم يعرفها البرلمان العراقي منذ 2003. لم تكن الرئاسة وحدها في مهب الفراغ. فالنقاشات التشريعية نفسها، بحسب مراقبين، باتت أشبه بمناورات سياسية داخل قاعة بلا بوصلة. بعض القوانين أُقرّ بالفعل، منها الموازنة الثلاثية المثيرة للجدل عام 2023، وتعديلات على قانون العفو العام والأحوال الشخصية. لكن أغلب ما طُرح ظل حبراً على ورق، إما لغياب التوافق أو لغياب النواب أنفسهم.الإنفاق المبالغ به لم يكن مقتصرًا على الرواتب. ففي الشهادات التي جمعتها الوكالة من نواب حاليين وسابقين، يتبيّن أن مخصصات الحماية التي تُمنح لكل نائب – والمفترض أن تُغطي رواتب 16 عنصر أمن – لا تُصرف دومًا على هذا النحو. إذ إن بعض النواب يكتفون بسائق أو مرافق، ويحوّلون المبالغ المتبقية إلى مصاريف مكتبية أو يُعيدون توزيعها داخليًا. “الورق شيء، والواقع شيء آخر”، يقول أحد النواب السابقين، طالبًا عدم الكشف عن اسمه. “الحماية صارت بندًا مرنًا لتغطية أي إنفاق غير مبرر.” في بلد يرزح تحت أعباء ديون داخلية وخارجية، ويُعاني من تراجع الاستثمار في الصحة والتعليم والخدمات، فإن بقاء هذه الامتيازات على حالها يُثير أسئلة حول أولويات الدولة. فمنذ عام 2011، حين صوّت البرلمان على تقليص امتيازات أعضائه استجابة لمطالب الشارع، لم يُسجّل أي تعديل جوهري، بل بالعكس، “سُجّلت زيادات خفية ومخصصات جديدة أُدرجت عبر قرارات داخلية لا تمر عبر الإعلام”، بحسب شهادات خاصة لمسؤولين حكوميين. الخبير القانوني علاء شون يقول إن “هذا التضارب في المصالح يُفرغ المطالبات بالإصلاح من مضمونها”، ويضيف: “نحن أمام مؤسسة تنتج قواعدها لنفسها، ثم تُشرعن امتيازاتها باسم القانون.”تكمن الإشكالية الأعمق في أن تلك الامتيازات محمية بنصوص قانونية، أبرزها قانونا مجلس النواب رقم 13 لعام 2018، ورواتب ومخصصات النواب رقم 28 لعام 2011، اللذان يمنحان النواب مرتبة وزير من حيث الحقوق والامتيازات. تعديل تلك القوانين لا يتم إلا عبر البرلمان نفسه، ما يجعل النواب – فعليًا – أصحاب القرار في ما يتقاضونه، وهو ما يخلق حالة تضارب مصالح بنيوية في صلب النظام التشريعي العراقي.