فى 17 مايو الجارى نشر الحاخام «يعقوب يسرائيل هرتسوغ» الملقب بحاخام «جزيرة العرب» تويتة عبر منصة إكس «تويتر سابقًا» تلخص منهج الصراع العربى الإسرائيلى وفلسفة التسامح والسلام العالمى الذى يروج البعض له بحرارة وخبث وربما عدم إدراك، كتب يقول: «يسألنى الجمهور عن نهاية الحرب وانعكاساتها، وردى أن النهاية مرتبطة بالبداية والبداية بالنهاية، أى هما نفس الشيء، كل شيء يبدأ هنا وسيتم حله على جبل الهيكل بيت المقدس، إن جوهر عودتنا إلى أرض يسرائيل المقدسة هو بناء من جديد «بيت مكداش» وجعله مكانًا للعبادة لجميع الأمم».
سطور الحاخام السابقة تقول بوضوح شديد إن عمليات الإبادة والتطهير العرقى التى يمارسها الكيان الصهيونى ضد أهل غزة شيوخًا وأطفالًا ونساءً، لم تكن انتقامًا من «حماس» أو رد فعل على عملية «طوفان الأقصي» كما يروج البعض، لأن تلك العمليات لن تنتهى إلا بتحقيق الهدف المقدس بالعودة إلى البداية، بداية قيام مملكة إسرائيل التى رسم حدودها المقدسة أولئك القتلة، فالبداية كما كتب «يعقوب» هى النهاية والنهاية هى البداية!.
تفضح تلك السطور المصحوبة بصورة الحاخام وهو ينفخ البوق «الشوفار» فى محيط الأقصى، ماهية السلام العالمى الذى يدعون إليه، سلام تحت راية «الهيكل الجديد»، مكان العبادة وقِبلة الأمم فى المستقبل، فى إشارة ضمنية للديانة الإبراهيمية الجديدة، والاصطفاف الجديد خلف رايتها وراية هذا الحاخام الذى خلع لباسه الدينى مرتديًا الزى العسكرى مشاركًا فى مذابح غزة عقب «طوفان الأقصي»، مهددًا وقتها بأن رد الشعب اليهودى على تلك العملية سيجعل آثار إلقاء القنابل النووية على «ناجازاكى وهيروشيما تبدو نكتة»!.
تلك السطور التى لم يتجاوز عدد كلماتها الـ«55 كلمة»، هى مرآة لعقيدة المذابح المقدسة والإبادة الجماعية تنفيذًا لنصوص تلمودية، وامتدادًا طبيعيًا لمخططات التهجير الصهيونى مثل «يوسف فايتس 1890 -1972» عضو لجنة ترحيل العرب فى 1948 الذى قال فى مقترح قبل النكبة بثماني سنوات: «يجب أن يكون واضحًا لنا أنه لا مكان لكلا الشعبين فى هذا البلد.. بترحيل العرب يصبح هذا البلد مفتوحًا على مصراعيه أمامنا.. ببقاء العرب يكون هذا البلد ضيقًا ومحدودًا... الحل الوحيد هو أن تصبح أرض إسرائيل أو على الأقل الأراضى الغربية لإسرائيل، أى كل فلسطين من دون عرب.. يجب ألا تترك قرية واحدة أو قبيلة واحدة.. يجب أن يتم الترحيل.. لا يوجد أى حل آخر»!.
هذا التهجير القسرى وتلك الإبادة الممنهجة للبشر والحجر على مدار عقود، كتب عنها المؤرخ الإسرائيلى المعادى للصهيونية «د. إيلان بابه» يقول: «إن القرى والمدن الفلسطينية التى دُمرت ومئات الآلاف ممن هُجروا وذُبحوا كانوا ضحية جريمة وأيديولوجية لا نتيجة حرب عادية»، داعيًا إلى البحث عن مصطلح بديل لـ«النكبة»، حيث إن هذا المصطلح لا يعبر بشكل كافٍ عن حجم وحقيقة الجرائم الصهيونية بحق الفلسطينيين والبشرية!.
الخلاصة.. إننا أمام لحظة حاسمة وموقف جلل، وسط تحدٍ جدى للوجود العربى لم يكن مطروحًا من قبل كما أكد السيد «عمرو موسي» مخاطبًا «الجامعة العربية» التى جاءت دورتها الـ33 بالتزامن مع إحياء ذكرى «النكبة الـ76»، فى رسالة فحواها «نكون أو لا نكون»، لنرى البيان الختامى لتلك القمة بين «ندعو وندين ونؤكد ونعرب ونوجه»!، فكما كانت كلمات الحاخام «يعقوب» مرآة لخطط التهجير والقتل المقدس، فإن بيان «الجامعة» جاء انعكاسًا لنكبات الضمير العربى وسياساته.
فى النهاية.. إذا كان مصطلح «النكبة» لا يستوعب حجم الجرائم الصهيونية فى حق الإنسانية بشكل عام وأهل فلسطين بوجة خاص، فإن النكبة الأشد إيلامًا هى نكبة الضمائر العربية التى قبلت التعايش مع جرائم هذا «الكيان الصهيونى» وسمحت له بارتكاب تلك المذابح دون خوف من حساب أو عقاب!.
أخيرًا.. ربما أكتب عن غزة وما يحدث فيها فرارًا من شعور الهزيمة و«النكبة» التى نعيشها، فرارًا من هذا العجز الإنسانى أمام توحش طوفان الإبادة، أكتب عن غزة متمسكًا بحلم العودة ممسكًا بمفتاح الديار، أكتب عن غزة ربما يستيقظ الضمير العربى والإنسانى من نكبته.
[email protected]
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: أشرف عزب نهاية الحرب عمليات الإبادة
إقرأ أيضاً:
البرهان يَطَأ كُـلَّ موطئٍ يغيظ القحاطة
الأستاذ محمد أحمد المحجوب، السياسي المعروف، قال فى أحدى جلساته، وهو يُعرِّض بخصومه السياسيين: أمثال الترابي الذى ما دخل البرلمان إلا (ليُغيظنى).
وعلق الترابي بسخريته اللاذعة فى وقتٍ لاحق فقال: وكأنه لا هَمَّ لى إلا (إغاظة) المحجوب. رحم الله أولئك العمالقة، وكأن الترابي الذي دخل البرلمان عام 1964م بعد حصوله على أعلى الأصوات فى دوائر الخريجين (يغيظ) وجوده فى البرلمان الكثير من نواب الحزبين الكبيرين، فصاروا يطلقون على الترابى لقب الشاب الملتحي هُزُؤاً واستخفافاً، لـٰكنَّ الشاعر إبراهيم عمر الأمين وهو من حزب الأمة زجرهم شعراً وذكرهم بأن الإمام المهدي كان شاباً ملتحياً فقال:-
-دار الحديثُ عن اللحـىٰ وأظنه قد مَسَّ من بعضِ القلوب شِغَافا.
-هذا حديثٌ ليس فيه تأدبٌ وأظنه فات الحدود وجافَىٰ.
-بعضُ اللّحىٰ صنعت لكم أمجادكم فتأدبوا وتَجَنَّبُوا الاِسْفَافَا.
أكثر ما يغيظ القحاطة فى يوم الناس هذا هو الفريق الأول الركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة، القائد العام لقوات الشعب المسلحة، مع أنه ماعندوش لحية!!
لكن إن هبط البرهان بطائرته الرئاسية فى مطار الخرطوم الدولي الذي احتلته وعبثت به مليشيا آل دقلو الإرهابية وتوقف العمل فيه لسنتين كئيبتين حتى تمكنت ق.ش.م. من طردهم بعد هزيمة ساحقة ماحقة لهم، وحطت فيه بُعَيْدها الطائرة المروحية التى أقلت الرئيس البرهان أول مرة (أغتاظ) القحاطة داعمو المليشيا الارهابية، وسجد البرهان سجدةَ شكرٍ لله على أرض المطار، فازداد القحاطة (غيظاً) وانفقعت مرارتهم وهم يرون البرهان يتفقد القصر الجمهورى، ثم إن البرهان عاد الأسبوع الماضي ليهبط بطائرئه الرئاسية -المجنحة هذه المرة- فى مطار الخرطوم، معلناً بالبيان العملي أن مطار الخرطوم بدأ فى العودة التدريجية للعمل، مع ما فى تلك الخطوة من مجافاةٍ للتدابير الأمنية الصارمة التى تُحاط بها الشخصيات الهامة!!
ثم إن البرهان قام بجولات تفقدية شملت دار الوثائق المركزية، والدار السودانية للكتب، ودار الإذاعة والتلفزيون ووقف على حجم الدمار الممنهج الذى اقترفته الأيدى الآثمة للمليشيا الحاقدة الغبية، وكان وَقْعُ هذه الجولة التفقدية على القحاطة أشدَّ من وَقْعِ النَّبْل، وسِرّ ذلك هو ضياع الاسم الذي أطلقوه على حكومة السودان، بوصفها ب [حكومة بورتسودان] فاضطربت حساباتهم وتلخبطت كيمانهم، ولابد أنهم الآن ينحتون لها اِسماً جديداً يوافق هوىٰ كفيلهم، ويشككون فى الحقيقة الناصعة التي تقول بأن الحكومة قد عادت إلى ممارسة أعمالها من الخرطوم العاصمة التاريخية لبلادنا بعد أن كانت تديرها من العاصمة الإدارية بورتسودان، وهذه قاصمة ظهر للدعاية السوداء التى ظل القحاطة (يلوكوها لبانة) بأن الحكومة عاجزة عن العودة للعاصمة الخرطوم فهى اِذاً [حكومة بورتسودان] ، وعليه مطلوب تقديم مقترحات لمساعدة القحاطة فى إطلاق تسمية جديدة لحكومة جمهورية السودان. فها هو رئيس الوزراء د.كامل إدريس، وثلةٌ مقدرةٌ من وزراء الوزارات السيادية قد استقر بهم المقام فى الخرطوم، وهاهو الفريق إبراهيم جابر عضو مجلس السيادة رئيس لجنة اِعادة اِعمار العاصمة يتفقد صالة الحج والعمرة بمطار الخرطوم والتى ستكون بديلاً مؤقتاً لصالة الوصول ريثما يكتمل العمل بالصالات الرئيسة تمهيداً لاستئناف العمل بالطاقة القصوىٰ للمطار الدولي، لاستقبال أفواج العائدين، وها هو الفريق الركن كبرون وزير الدفاع في الخرطوم، والفريق شرطة سمرة وزير الداخلية فى الخرطوم، وأحمد عثمان حمزة والى الخرطوم أصلا ما بارح الخرطوم ووالى الخرطوم المزيف إبراهيم سَرِج بَغَل عَرَّد من الخرطوم، وبالمجمل أى واحدة من هذه الخطوات – على تواضعها – ستزيد من (غيظ) القحاطة وتصيبهم بالاِحباط والاِكتِئاب، بقدر ما ستزيد جموع الشعب يقيناً وثقةً فى قواته المسلحة وتعضد من التفافهم حولها تحت الشعار الخالد (شعبٌ واحد جيشٌ واحد).
البرهان يشرب فنجان قهوة فى الشارع (يغيظ) القحاطة، يزور عمك حماد الدندر (يغيظ) القحاطة، يعيِّن رئيس وزراء مدنى (يغيظ) القحاطة، يصافح المواطنين الذين يهرعون لاستقباله (يغيظ) القحاطة البرهان يتكلم (يغيظ) القحاطة، البرهان يسكت (يغيظ) القحاطة، البرهان يخرج من القيادة العامة (يغيظ) القحاطة، البرهان يعود للقيادة العامة (يغيظ) القحاطة … قال أحدهم بالطريقة دى البرهان ده بيكمل القحاطة جَتْ، بالمغسة ساكت!!
ويبدو أننا بصدد تبديل صوت بكاء عبد الرحيم دقلو (بتحاربنا ليه يابرهان) إلى صوت بكاء جديد (بتغيظنا ليه يابرهان!!) فأي موطئٍ يطأه البرهان (يغيظ) القحاطة.
الله يغيظهم ويجعلهم فى جهنم ليسمعوا لها تَغَيُّظاً وزفيراً.
.. جيشٌ واحد شعبٌ واحد
محجوب فضل بدري
إنضم لقناة النيلين على واتساب