قال “إن في كلّ كتابٍ جديدٍ حياةٌ جديدة، وليس للشاعر سلاح غير الشعر، وغير الكلمة للإسهام بهما في تجميل واقعٍ مريرٍ”

التغيير: عبد الله برير

احتفلت دار موزاييك للدراسات والنشر، بمعرض الدوحة للكتاب، بتوقيع إصدارتين شعريّتين الشاعر السوداني د. أسامة تاج السر، وهما من منشورات العام 2024م: (نافذة بكهف الغيب)، موزاييك للدراسات والنشر.

و(أغنية للأرض السمراء)، الأجنحة للطباعة والنشر.

وتوافد على الفعالية جمهور كبير من محبي الشعر، لا سيما من الجمهور السودانيّ.

وتضمن الديوانان باقة من القصائد التي تنتمي للشعر العمودي والتفعيلة، بمضامين متنوعة تناولت الوطن، الحنين، الشعر، البيئة المعاشة. وجاءت القصائد في أسلوب رهيف وسبك محكم متميز.

مرحلة مهمة

وفي حديثه لـ «التغيير» اعتبر تاج السر أن تدشين هذين الديوانين يعد تجربة مهمة في مسيرته الشعرية.

ورأى دكتور أسامة ان في كلّ كتابٍ جديدٍ حياةٌ جديدة، مشيرًا إلى أن الشاعر  ليس له سلاح غير الشعر، وغير الكلمة للإسهام بهما في تجميل واقعٍ مريرٍ، وأفقٍ أغبر حسب تعبيره.

وعلى الرغم من إصداره ثلاثة دواوين من قبل، وتدشينها في كرنفالات مشهودة بالخرطوم، إلا أنّ اسامة يعتقد أن سعادته بهذين الديوانين مختلفة جدًّا، للظرف الذي خرجا فيه للنور، ولأنّ في تدشينهما في معرض الدوحة للكتاب، حضورٌ حقيقيّ للكتاب السودانيّ.

وقال تاج السر: تضاعفت السعادة بحضور حشدٍ كبيرٍ من جمهور الشعر، ومن الأصدقاء.

وأضاف: يمثل الديوان الأول (نافذة بكهفِ الغيب)، مرحلة مهمّة في تجربتي الشعريّة، فقد امتدت تجربته لما يقارب العشرين عامًا، لتشكل قصائده ملمحًا شعريًّا وأسلوبيًّا أكثر خصوصيّة في تجربتي.

وتابع: بينما كان الديوان الثاني (أغنية للأرض السمراء)، نشيدًا خاصًّا للوطن، وللثورة، والشهداء. فقد تشكّلت قصائده خلال خمس السنوات الأخيرة، منذ إرهاصات ثورة 19 ديسمبر المجيدة، إلى تطاير شرر هذه الحرب اللعينة التي شرّدت الناس، وأقلقت مضاجعهم. وكل الأمنيات أن تتوقف عاجلًا غير آجل.

وبخصوص إصداراته المستقبلية قال الشاعر أسامة تاج السر: الآن أنهيت تنضيد ديوانين آخرين، أحدهما مسرح شعريّ (محاورات في البرزخ)، يمثل أهمّ تجربة شعريّة في مسيرتي، وهناك ديوان آخر (لسعة الموسيقا) يحمل تجربة إيقاعيّة مهمّة، فيها اجتراح بحور جديدةٍ لم يطرقها الخليل بن أحمد، وفي إيغال في قصيدة التفعيلة المركّبة، وفيها مزج بين قصيدة النثر والتفعيلة والعمود في بوتقة شعوريّة واحدة.

وختم بالقول: أتاح لي الاغتراب فرصة الاقتراب من الشعر، وإيلائه أهميّة كبرى في الحياة. علّنا نضيء بالشعر عتمة الحياة.

من قصائد الديوان:

يعبقُ الشذا بزهورِه

كانَ بدرٌ يضوعُ في جيكورِهْ

شاعرٌ صاغَ للأنامِ التعاويذ،

وغنّى للحبِّ، والناسِ،

شعرًا صاغه الصِّدقُ من مَعين شعورهْ

مترفُ الشجو، وارفُ القولِ،

إنْ غنّى تسامى،

فكم تحفُّ أمانيه معانيه بالأسى،

في ضميرهْ

جبرَ الشعرَ من عثار ترديه،

أنار الحياةَ،

لكنّ دنياه رمته

مجندلًا بكسورهْ

أيّها النهرُ،

يا رفيقَ جنونِ الشعر،

يا من أضاءنا بخريرهْ!

لكَ في القلبِ موطنٌ

أنتَ فيه نشوةُ الحبِّ،

فيكَ مُوحى سرورهْ.

أسامة تاج السر هو شاعر سوداني من مواليد حلفا الجديدة بشمال السودان. تخرج في كلية الآداب بجامعة الخرطوم قسم اللغة العربية ونال درجة الماجستير في اللغة العربية بجامعة الخرطوم. يعمل محاضراً بجامعة الخرطوم، قسم اللغة العربية.

 

الوسوماسامة تاج السر الشعر السوداني معرض الدوحة للكتاب

المصدر: صحيفة التغيير السودانية

كلمات دلالية: الشعر السوداني معرض الدوحة للكتاب

إقرأ أيضاً:

القرآن والشعر مقاربات جمالية في الصورة

#القرآن و #الشعر مقاربات جمالية في الصورة

أ.د. #خليل_الرفوع / الجامعة القاسمية

     تنزَّل القرآن الكريم على العرب أهل البيان فصاحةً وبلاغةً ولم يألوا جهدا في فهمه على الوجه الذي أنزل فيه، ولم يسألوا عن دلالات مفرداته لأنه جاء على سَنَنهم في التعبير اللغوي حقيقةً ومجازًا، بل كانوا من دهشة شعورهم بجمال بيانه أن اضطربوا في وصفه مترددين بين قوة السبك وجمالية القول وشعرية الدلالة، فتقوَّلوا في ذلك بعض الأقاويل، ومنها الدعوة إلى عملينِ اثنين أثناء استماع أي امرئ منهم أو من غيرهم له للخروج من جاذبية العبارة وغرابتها وسحرها: ألَّا يسمعوا للقرآن وأن يشوشوا على من يريد سماعه “وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَسْمَعُوا لِهَذَا الْقُرْآنِ وَالْغَوْا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَغْلِبُونَ”(فصلت، 26). فقد تحول الصراع من جدلية الفكر والحِجاج إلى ضجيج الخُصومة وإغلاق منافذ الاستقبال، ولم نسمع أن أحدًا من العرب استصعب كلمة أو آية منه، بل كان بعضهم يقف بجدار دار الأرقم بن أبي الأرقم يسترقُ السمع إليه في غلَس الظلم.

         ومن المؤكد لغويًّا أن من تُوجَّه إليه الدعوة ليأتي بمثل القرآن أو بشيء منه إنما هم خبراء فن القول من شعراء ونقاد وخطباء، فلم تك دعوة لجمهور العرب عامة من الذين لم تختبرهم فنون اللغة، فالشعر سابق للقرآن وجودًا بشريًّا واستعمالا لسانيًّا، ثم إن أي مقاربة أو مقارنة تكون بين القرآن والشعر الجاهلي الذي كان حاضرًا في الألسنة وأسهم في نضج اللغة معجميًّا وبيانًا. الشعر الجاهلي والقرآن الكريم كانا المؤسسين للسان العربي أسلوبًا وتصويرًا وإيقاعًا؛ بل هما مؤسسا العقل العربي ومنتجه الفكري.

مقالات ذات صلة العراق حصن العروبة 2025/05/22

        إن مصطلحَ الصورةِ حديثُ النشأةِ في الدراسات النقدية، وتكمن قيمتها في أن كلَّ أدواتِ الشعر تعملُ على إبرازها في نسقٍ مشحونٍ بالتخَيُّلِ، فهي وليدةُ تخيل الشاعر، وهي في الوقت ذاتهِ ماثلةٌ أمامَ تصوُّرِ المتلقي، مصادرها: الخيال وتجربة السلوك الإنساني واللغة والبيئة، فالشاعر ليس جامعَ تلفيقات تهدف إلى أن يقول: إن هذا يشبه ذاك فالصورة في رأيي شكلٌ لغوي تصوري يتضمنُ شعورًا أو فكرةً أو موقفًا في آن معًا تعبر عن رؤية متآلفةٍ، فلم يكن الشعر الجاهلي يصف المحسوسات المشاهدة في الصحراء ليعبرَ عن موقف بدوي ساذج، فهو ليس انعكاسًا بسيطًا لعقل رَعوي مغلق قاصر، فحينما يتحدث الشعراء عن صورة الحرب مثلا إنما يصورون رؤيةً متكاملة متعاضدة وتأملًا عميقًا يتآلفان ليشكلا موقفًا رافضًا لها من خلال ما اقتنصوه من صور بشرية وحيوانية وشيئية ومتخيلات مطلقة تتضافر لترِّكبَ وتكون مشهدًا كاملا ينبئُ عن بشاعتها وكراهيتها واقعا مُعَاينًا وتصورًا متخيلا، وتلك هي قيمة الشعر ببعده الإنساني الفني.

        وأعود إلى قيمة الشعر فنيا، إنه شبكة من العلاقات الجدلية: لغةً وإيقاعًا وتصويرًا وفكرًا متجددًا مستفيدًا مما سبقه ومضيفا إليه، يقول تعالى :”فَإِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا فَضَرْبَ الرِّقَابِ حَتَّى إِذَا أَثْخَنتُمُوهُمْ فَشُدُّوا الْوَثَاقَ فَإِمَّا مَنًّا بَعْدُ وَإِمَّا فِدَاء حَتَّى تَضَعَ الْحَرْبُ أَوْزَارَهَا ذَلِكَ وَلَوْ يَشَاء اللَّهُ لانتَصَرَ مِنْهُمْ وَلَكِن لِّيَبْلُوَ بَعْضَكُم بِبَعْضٍ وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَن يُضِلَّ أَعْمَالَهُم”)محمد،4) ففي قوله: حتى تضع الحرب أوزارها صورة فنية لم يتوقف عندها المفسرون، وأي تفسير للقرآن في سياقاته الفنية بعيدا عن الشعر الجاهلي هو تفسير مقطوع عن سياق الحالة الإبداعية العربية التي سبقته، وأقصدُ بها الشعرَ الجاهلي، يقول الشاعر الجاهلي الأعشى:

وأعددْتُ للحربِ أوْزَارَها       رِمَـاحًا طِوالًا وخَـيلًا ذُكُورا (الديوان، ص99)

      فأوزارُ الحرب في أبيات الأعشى الرماحُ التي أُتْـقِـنَ صنعُها، وطولُها ينبئ عن أن الذين سيستخدمونها فرسانٌ طِوالٌ، والخيل ذكور وليست إناثا وذلك أقوى، والدروع مصنوعة من عهد داود- عليه السلام- فالأسلحة هي من أجود الصناعات، والكتيبة كثيرة العدد متنوعة الأسلحة، فالأعشى يصور حالةً استعدادية محكمة وتخطيطا متقنا للحرب في سياق القوة والفخر، فكل أدوات الحرب هي أحمال عليها، لكن السؤال هو: لِـمَ أنثَ الحربَ وأنثَ أدواتِها؟ والإجابة هنا تتماهى مع الصورة العامة للحرب في الشعر الجاهلي وهي أنها وصورَها مؤنثة، وفي ضوء ذلك تفهم الآية القرآنية التي جاءت كذلك في سياق القوة وشدة البأس؛ حتى تضعَ الحربُ أوزارَها، فللحرب أحمالٌ كثيرةٌ ثقيلةٌ تدَّرِعُها هي وتلبسُها وتضعُها أنَّى تشاء، لقد نَقلتِ الآيةُ الحربَ من العالم المطلق إلى العالم الإنساني، إنها أنسنةُ المطلق، فهي تخطط وتفكر وتشعر وتعلم وتعرف وتتحرك كما يفكر البشر ويفعلون، إنها لا تشبه المرأة بل هي امرأة كاملة المشاعر، وفي ذلك قوة وتفاؤل بعد تحقيق النصر، ولم تقل الآية: حتى تضعوا أنتم أيها المحاربون عن الحربِ أحمالَها، كل ذلك يعزز فكرة أن القرآن جاء على سَنَنِ العرب في التعبير، ولا يمكن فهمُه فنيًّا إلا بفهم الشعر الجاهلي ضمن السياق التاريخي للدلالات اللغوية بيانًا وانزياحًا وجمالًا.

    إننا بذلك نخرج الفن الشعري من دوائر القواعد البلاغية المُقَوْلَـبَةِ مثل: التشبيهات والاستعارات إلى فضاءت عريضة من جمالية التعبير؛ ونخرجُ الشعرَ من الطِّلاء الخارجي والأصباغ اللونية للبحث في ما وراء المعنى كما يقول عبد القاهر الجرجاني، وبذلك يُسْتَطَاعُ استكناهُ الوجدانِ وسبرُ المشاعر التي توجِّهُ القولَ ليكونَ فنا إبداعيًّا يعيد تركيبَ الأشياء كما يريدها الشاعر لا كما تأخذها القواعد البلاغية الجامدة إلى سذاجة المعنى وشكلية اللفظ، وفي ذلك يفهم الشعر الجاهلي وإن شئت يتدبرُ القرآن الكريم، فهما المؤسسان للعقل العربي أسلوبا تركيبيًّا وبناء فكريا وإيقاعا مُمَوْسَقًا، والصور كثيرة في الشعر والقرآن، ففي الشعر: دِمْنَة أُمِّ أوفى لم تَكَلَّمِ (وليس لم تتكلم)، ويا دارَ عبلةَ بالجِواءِ تكلمي، وكان الرماحُ يختطفْنَ المحاميا، وفي القرآن: والليلِ إذا عَسْعَسَ، والصبح إذا تنفس، ولما سكتَ عن موسى الغضبُ، فأجاءَها المخاضُ، أضغاث أحلام، واشتعلَ الرأسُ شيبًا، إنها صور بيانية تستنفر الخيال، وتستنفر مكامن التأمل اللغوي وعلم الجمال.

مقالات مشابهة

  • الفيفا تجري قرعة كأس العرب 2025 وكأس العالم لأقل من 17 عاماً بالدوحة
  • صديقة الأمعاء.. الكمثرى كلمة السر للحصول على الألياف
  • ليبيا تواجه فلسطين في مباراة فاصلة بالدوحة
  • فعاليات متنوعة في اليوم الثامن لمعرض بيروت العربي الدولي للكتاب
  • محمد الشرقي يشهد أمسية شعرية لطلبة الأزهر الوافدين في كلية اللغة العربية بالقاهرة
  • القرآن والشعر مقاربات جمالية في الصورة
  • هل تتعلّم سوريا السر من ألمانيا وكوريا؟
  • الأتراك يتدفقون للخارج.. ما السر وراء طفرة العقارات؟
  • اتهمها بشتمه وتهديده.. استدعاء مدير صفحات شيرين عبد الوهاب بعد بلاغه ضدها
  • «راوتر شيخ البلد».. صالون الدستور الثقافي يناقش المجموعة القصصية للشاعر عاطف عبيد