مع استمرار الاشتباكات.. شباب الفاشر يتطوعون لدعم الخدمات الصحية
تاريخ النشر: 21st, May 2024 GMT
الفاشر- في خضم الدمار الذي خلفته الحرب الدائرة حاليا في مدينة الفاشر (عاصمة شمال دارفور) بين الجيش السوداني والقوة المشتركة لحركات الكفاح المسلحة من جهة، والمقاومة الشعبية من جهة أخرى، ضد قوات الدعم السريع، برز دور نشيط للشباب المحلي في محاولة التصدي لهذه التحديات الصعبة.
ورغم تدمير عديد من المرافق الحيوية كالمراكز الصحية والتعليمية، فإن مجموعات شبابية تمكنت من تنظيم مبادرات تطوعية لمساعدة المجتمع والحفاظ على استمرارية الخدمات الأساسية.
وبفضل هذه الجهود المتواصلة والتنسيق الوثيق مع السلطات المحلية، تمكن هؤلاء الشباب من تقديم عديد من الخدمات، من بينها إنشاء مستشفى جديد للأطفال في غضون 4 أيام فقط، بعد أن لحقت بالمستشفى السابق أضرار بالغة جراء القصف.
وبدأ المستشفى عمله بتقديم الخدمات الصحية الأساسية للمحتاجين، ليصبح رمزا لصمود أهل الفاشر وإرادتهم في مواجهة الظروف الصعبة.
يقول أنور خاطر أحد مؤسسي مبادرة التطوع، للجزيرة نت، إن قرار إنشاء مستشفى بديل جاء بعد خروج مستشفى الأطفال في المدينة عن الخدمة، بسبب وقوع قذيفة بالقرب منه، حيث وقع الاختيار على مركز صحي "سيد الشهداء" في حي الثورة لإعادة ترميمه وتهيئته ليصبح مستشفى جديدا لمعالجة الأطفال المصابين.
وأوضح خاطر أن بعض الشباب المتطوعين في المستشفى يعملون على تقديم الدعم النفسي والاجتماعي للمتضررين من ويلات الحرب، بينما يحاول آخرون البحث عن مصادر للدعم أو توفير أدوية.
وقال سليمان محمد، وهو أحد الشباب المبادرين في المستشفى، إنه شاهد بعينه معاناة الأطفال جرّاء الحرب، وإن هذا الأمر كان دافعا له وللشباب للتحرك بسرعة لإنقاذهم. وأضاف "لم نكن نملك كثيرا من الإمكانات، ولكننا أوفينا بما استطعنا".
واعتمد محمد ومن معه على جهود المتطوعين والتبرعات المحلية لإنجاز هذا المشروع في وقت قياسي، وأكد أن هدفهم الأساسي هو تقديم الرعاية الطبية للأطفال وتخفيف آلامهم، وبذل الجهد لتوفير الأدوية والمستلزمات الطبية اللازمة، وتوفير الدعم النفسي لهم ولعائلاتهم لمساعدتهم على تجاوز محنة الحرب.
ويضيف زميلهم المبادر الطيب الطاهر، للجزيرة نت، أن هذه المبادرة تأتي ضمن مجموعة مبادرات شبابية في عدة مجالات انطلقت منذ اندلاع الحرب في السودان أبريل/نيسان العام الماضي، وأوضح أنها تواجه تحديات جمة على الصعيد اللوجستي والتمويلي، لكنها تظل مصدر أمل في ظل هذه الظروف الصعبة التي تمر بها مدينة الفاشر.
وبرأي الطاهر، تعكس هذه الجهود الشبابية الطوعية روح المواطنة والتماسك المجتمعي في مواجهة ويلات الحرب، ولكن نجاحها يتطلب جهد الجميع، بما يعزز من قدرتها على التصدي للتحديات، وتحقيق الأهداف المنشودة لخدمة المدينة.
تقول الطبيبة مناهل علي إنه بالرغم من التحديات الشاقة، فإن الجهود الطوعية من المبادرين تشجع المواطنين والمؤسسات للانضمام إلى هذه الجهود والمساهمة في دعمها ماديا ومعنويا.
وذكرت أن من أكبر التحديات التي تواجههم النقص في أدوية الطوارئ ومعدات العمليات، بالإضافة إلى صعوبة التخلص من النفايات، مؤكدة أن جميع الكوادر العاملة متطوعون، الأمر الذي يتطلب توفير الدعم اللازم لهم حتى يتمكنوا من القيام بأدوارهم بشكل أفضل.
وفي حديثها للجزيرة نت، روت ممثلة الطاقم الطبي المتطوع في مستشفى الأطفال الجديد عزيزة حسين هاشم تفاصيل المأساة الإنسانية التي شاهدتها داخل المستشفى، ووضحت أنها قررت العمل بشكل تطوعي منذ بداية الحرب، بهدف تضميد جراح المصابين قدر المستطاع.
وذكرت أن المستشفى استقبل أكثر من 100 حالة للأطفال منذ اليوم الأول، مغطيا بخدماته 18 حيا سكنيا داخل الفاشر، بالإضافة إلى مراكز الإيواء والقرى المجاورة، ولفتت إلى أن أغلب الحالات المسجلة هي إصابات بالرصاص العشوائي، بالإضافة إلى بعض الحالات المرضية.
وشددت عزيزة على ضرورة دعم المبادرين في سبيل إكمال أعمال الصيانة والترميم المتبقية داخل المستشفى، لضمان استمرار توفير الرعاية الطبية اللازمة للأطفال المحتاجين. وذكّرت بأهمية التكاتف المجتمعي والدعم الحكومي لتطوير المرافق الصحية في المناطق المتضررة من النزاعات.
تشهد الفاشر منذ أكثر من 8 أيام مواجهات عسكرية دامية بين الجيش وحلفائه من الحركات المسلحة ضد قوات الدعم السريع، أدت إلى مقتل العشرات وإصابة آخرين.
ومع سعي "الدعم السريع" للسيطرة على المدينة الوحيدة المتبقية في إقليم دارفور خارج سيطرتها، تلاحقها اتهامات بتعمد استهداف المدينة المأهولة بالسكان عبر المدافع من الخارج، بعد أن تمكن الجيش والقوة المشتركة لحركات الكفاح المسلحة من السيطرة على المدينة بالكامل.
ودان مدير عام وزارة الصحة بشمال دارفور إبراهيم خاطر -في تصريحات للإذاعة المحلية- استهداف قوات الدعم السريع المرافق الصحية والمدنيين. وأعرب عن شكره وامتنانه للمبادرين والكوادر الطبية والصحية لصبرهم على أداء مهامهم الإنسانية، في ظل الأوضاع الأمنية المحفوفة بالمخاطر، داعيا للتحلي بمزيد من الصبر والثبات والتضحية في أداء مهامهم.
في حين قال المدير الطبي لمستشفى الفاشر للنساء والتوليد الدكتور مدثر إبراهيم سليمان -في تصريح لإذاعة محلية- إن المستشفى تعرض لقصف مدفعي تسبب في تعطل منظومة المياه والكهرباء، بالإضافة إلى تلف جزئي في منظومة الطاقة الشمسية، وتحطيم نوافذ غرف العمليات واستراحة الأطباء.
وأوضح أن الكوادر الطبية والإدارية في المستشفى بذلت جهودا كبيرة لاستعادة الخدمات الطبية قدر الإمكان، إلا أنهم يواجهون تحديات كبيرة، إذ تتزايد المخاوف من توقف المرافق الطبية الحكومية والخاصة في الفاشر عن العمل، نتيجة تعرضها للقصف.
وقال مسؤولون صحيون إن مستشفى الفاشر الجنوبي هو المرفق الطبي الحكومي الوحيد الذي لا يزال يعمل في المدينة، حيث يواجه صعوبات بالغة بسبب تدفق كبير للجرحى، وندرة الأدوية والمعدات الطبية.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات الدعم السریع بالإضافة إلى
إقرأ أيضاً:
اتهامات للدعم السريع بحرق 3 قرى في شمال دارفور
نفذت قوات الدعم السريع أمس الأربعاء سلسلة هجمات ممنهجة استهدفت قرى غرب مدينة الفاشر عاصمة ولاية شمال دارفور، مما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات وتهجير مئات المدنيين، بحسب مصادر محلية وشهود عيان.
ووفقا للشهادات، أقدمت القوات على إحراق 3 قرى بالكامل ونهبت ممتلكات السكان، إلى جانب الاعتداء على العشرات من المدنيين، وإطلاق نار عشوائي على أعيان تلك القرى وتدمير البنية التحتية، مما أجبر مئات المواطنين على النزوح إلى مناطق أكثر أمانا.
وقال المتحدث الرسمي باسم نازحي مخيم زمزم محمد خميس دودة للجزيرة نت إن الهجمات أسفرت عن سقوط العديد من القتلى والجرحى، فضلا عن موجة نزوح كبيرة. وأوضح أن القرى المتضررة هي "قولو" و"قرني" و"حلة شريف".
كذلك، أشار خميس دودة إلى حادثة أخرى وقعت قبل يومين، حيث اختطف عناصر من الدعم السريع فتاتين وقتلوا 3 أشخاص في "حلة دبة النور" المجاورة لـ"قولو"، وتم نقل الجثث إلى الفاشر لتشييعها.
من جهته، قال المتحدث الرسمي باسم القوة المشتركة لحركات الكفاح المسلح العقيد أحمد حسين مصطفى للجزيرة نت إن هذه الاعتداءات تأتي في إطار سلسلة من الهجمات ذات الدوافع العرقية، وتهدف إلى تهجير السكان الأصليين.
إعلانوأكد أن القوات المشتركة ستستمر في عملياتها العسكرية ضد قوات الدعم السريع ومن يساندها في جميع أنحاء البلاد، خاصة في المناطق الغربية من الفاشر.
وأضاف أن النصر "أصبح وشيكا"، مشددا على أن دارفور ستكون النقطة الحاسمة في مواجهة هذه المليشيات.
تهجير قسريوبحسب الناشط محمد آدم، اجتاحت قوات الدعم السريع 3 قرى غربي الفاشر أمس الأربعاء، وأضرمت النيران فيها، مما أسفر عن مقتل 12 شخصا وتشريد المئات من السكان، من بينهم والد الصحفي السوداني عبد العظيم قولو.
وأشار آدم إلى أن عمليات التهجير القسري جعلت الفارين يواجهون أوضاعا إنسانية بالغة الصعوبة في الوديان والجبال.
وتشير تقارير محلية إلى أن هذه الهجمات تأتي ضمن إستراتيجية ممنهجة تتبعها قوات الدعم السريع منذ عدة أشهر لإحراق القرى. ففي ديسمبر/كانون الأول الماضي، نفّذت عمليات مشابهة أدت إلى تدمير نحو 11 قرية في منطقة أبو زريقة جنوب الفاشر، في حين شهد أكتوبر/تشرين الأول الماضي إحراق 45 قرية شمال غرب الفاشر، من بينها "بريدك" و"أنكا" و"أمراي" و"دونكي بعاشيم"، إضافة إلى قرى أخرى.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني 2023، وسّعت قوات الدعم السريع عملياتها إلى 4 ولايات في دارفور، شملت الجنوب والشرق والغرب والوسط، ضمن محاولة للسيطرة على المنطقة، مما أدى إلى ارتكاب مجازر واسعة.
وفي أبريل/نيسان الماضي، تخلّت الحركات المسلحة في الفاشر عن حيادها، وأعلنت دعمها للجيش السوداني، مما دفع قوات الدعم السريع إلى محاصرة المدينة ومهاجمة مخيم زمزم المجاور.
وتشهد مدينة الفاشر حاليا قصفا مدفعيا عنيفا من قبل قوات الدعم السريع، التي تستهدف الأسواق والمرافق الصحية وأماكن تجمع المدنيين.
وأفادت تنسيقية لجان مقاومة الفاشر عبر صفحتها على فيسبوك بأن التدمير ما زال مستمرا ليلا وصباحا، مشيرة إلى أن الوضع الإنساني أصبح مزريا ولا يحتمل.
إعلانوأضافت "رغم كل هذا الدمار والألم والمعاناة والقصف، سنبقى هنا مهما اشتدت الأزمات ومهما حاولوا كسرنا. سنظل ثابتين وصامدين لأن هذه الأرض تشبهنا ونحن نشبهها".