حسين خوجلي يكتب: الرجاء الاحتفاظ بهذا المقال
تاريخ النشر: 23rd, May 2024 GMT
بعد عام ونيف من النكبة التي تعرض لها السودان المتأرجح أبداً ما بين الغفلة والانتباهة في استطاعتنا أن نقول الآن رغم كل المآسي، قد عبرنا وادي الصمت والصدمة إلى وادي الوعي المفضي إلى التحرير والتعمير.
ورغم البسالة والشجاعة والصمود الذي جابه به الشعب السوداني هذه العثرات إلا أن قياداته السياسية ونخبه الحاكمة بزعمها ما زالت ترفل في ضلالها القديم مثل أسرة البوربون التي لم تنسى ولم تتعلم، ومازالوا حتى الآن من أقصى اليمين إلى اقصى اليسار يدسون سراً لبعضهم البعض الطبخة النيئة والطعام المسموم.
ولنؤسس جبهة السودانيين المفتوحة والعابرة لكل الطوائف والأحزاب والملل والنحل والتكوينات، ولنؤسسها على المصالح والقيم التي تجمع تيار السودانيين العريض الحالم بمشروع النهضة القائم على مرتكزات الأمن والتأمين والتعليم والصحة والزراعة والصناعة والاستثمار ووضع السودان في المقدمة بجهد مضاعف يحيل اليوم الى ٧٢ ساعة.
سودان يقوم على قيم الدين والفضيلة والاعتدال والسنة العملية التي تمشي بين الناس بالخير والجمال والسلام.
وعندما جاءت مفردة الطبخ والطعام المسموم والطاهي تذكرت طرفة سودانية وهي إحدى مفردات الثقافة السودانية الشعبية المتداولة بين الجماهير في حبور والنكات عند أهلنا دون لطائف الآخرين مليئة بالذكاء والسخرية والمعاني فكيف ما صرفتها تفيدك في السياسة والمعارف والمؤانسة.
فعندما كنت أرتب لتوثيق سهرات مع الراحل الموسيقار محمد الأمين حمد النيل كان عازف الكمان والموسيقي الشاب والصندوق الأسود للباشكاتب والسوليست الشهير لؤي عبد العزيز هو منسق اللقاء بيني وبين الفنان الكبير. وقد حكى لي مجموعة من المواقف الطريفة واللطيفة للأستاذ منها أنهم قد لبوا دعوة حفل زواج وكان الزمان شاتيا وعندما وصلوا سرادق المناسبة كانت مراسم عقد القران قد انتهت مع بداية العشاء. وكان حظنا من عشاء الفنانين صينية مترعة بعدة أصناف ولأن الشتاء يستدعي الجوع العابر فقد أسرعنا نحوها لمجابهة ليلة طويلة من العزف المتأمل، ولكننا أصبنا بخيبة أمل اذ كان اعداد الطعام رديئاً ومالحاً التقط منه الأستاذ لقمة وأخرى وقذف بها متأففاً، وذهب ليغسل يديه استعدادا للوصلة الأولى. وفجأة انطلقت رصاصات هاتفة معلنة عن انتهاء المراسم وبداية حياة سعيدة لأزواج سعداء فعلق ود الامين بطريقته الساخرة المشهودة على أصوات الرصاص قائلاً: أمك الطباخ قتلوا !!
ولقد أخرنا الفاصل الأول نصف ساعة حتى نخرج ما اعتمل في نفوسنا من ضحكات.
رحم الله ذلك الزمان ورحم الله ود الامين، وأعاننا على استعادة سودان ٥٦ الذي أنجب الأزهري والسيد الصديق المهدي والمحجوب والشريف حسين الهندي وعبدالرحمن دبكة ومشاور جمعة سهل وود الأمين والكابلي واحمد المصطفى ومحمد المهدي مجذوب والصاغ محمود أبوبكر والفيتوري وصادق عبدالله عبد الماجد وحسن الطاهر زروق وفاطمة طالب وخالدة زاهر السادات وصديق منزول وبرعي احمد البشير. سودان الاستقلال الذي نلناه بلا قطرة دم بذكاء جيل الاباء المؤسس وقد نزفت فيه دول الجوار الآلآف من القتلى والضحايا والشهداء.
هذا السودان الذي يرغب الغزاة الجدد أن يشطبوه بعاهة السرقة والاغتصاب واغتيال الأبرياء، وأنى لهم فهذه أرضٌ قد تعودت على انجاب القيم والتحضر والاعتدال واحترام الانسان لأخيه الانسان.
ورحم الله الشاعر العبقري مرسي صالح سراج الذي اختصر كتابا من التاريخ في بيت شعر واحد:
حين خط المجدُ في الأرض دروبه
مجد ترهاقا وإيمان العروبة
عرباً نحن حملناها ونوبة
حسين خوجلي
إنضم لقناة النيلين على واتسابالمصدر: موقع النيلين
إقرأ أيضاً:
إسحق أحمد فضل الله يكتب: قراءات فينا والأخلاص وحده لا يكفي
ويكفىينا من الأخلاص العاجز/ عاجز عن المعرفة/ ما جرى لنا في معركة كرري…
……..
ونجيلة يقص كيف أن أحد ضباط ثورة 24 .. لما أفلت من الحصار يقصد بيتًا ويكتب وصيته ثم يسلم نفسه للإنجليز .. ليعدموه..
ليه ماتعرف….
…….
ونتبع المعركة …. التي هي الاقتصاد … الاقتصاد الذي هو الدماء في العروق
وننقل ما قاله أهل القول البسيط الرائع عن المشكلة الاقتصادية .. وكيف هو التعامل معها
وعند الحكيم فى رواية
القاضي يقول للعجوز المتهم
: يا شيخ … أنت متهم بانك سرقت كوز ذرة .
قال العجوز
: من جوعي …
والقاضي يقول لكاتب المحكمة
: أكتب … أكتب…. المتهم أعترف
والعجوز يقول
: هو أنا كنت .. أنكرت؟
والقاضي يقول للعجوز
: يا شيخ … حكمت عليك المحكمة بالغرامة ثلاثة قروش
والعجوز يقول
: كنت أكلت بيهم
يعني لو كانت عنده ما سرق
والحجة تجعل القاضي عاجزاً عن أي حكم..
……..
(2)
واقتصاد الطبول كان آخر ما يطلبه هو الإصلاح
والصراخ للإصلاح ظل فى الدول المتخلفة هو السلاح الأعظم ضد الإصلاح
وفرنسا أيام الستينات تهزها مظاهرات الطلبة … لأيام .. وأسابيع و… وكل الجدال يطيح دون نتيجة
وديجول محتار
ثم وزير إعلام ممتاز يأتي بـ(داني الأحمر) زعيم المظاهرات هذه ويجعله يجلس فى إستديو التلفزيون
ويجعل فرنسا كلها تجلس لمتابعة الحوار
والوزير يسأل داني
: والآن … ما الذي تريدونه؟
والصاعقة تضرب ..
وداني… زعيم الثوار ينثر المطالب
والمطالب كانت هي
لا نريد جامعات … لا نريد بنوك … لا نريد شرطة … لا نريد … لا نريد
ولساعة كان الناس المذهولين في البيوت يكتشفون أن الثورة كلها ..
مليونان من المتظاهرين …. لا يعرفون ماذا يريدون … وأنهم يحطمون ويحرقون ويصرخون لمجرد .. حراق روح …. وأن إجابة مطالبهم تعني ذبح الدولة … وبس
وبعد اللقاء التلفزيوني نظر كل أحد إلى كل أحد … وكأنه يفيق من النوم
والحزب الشيوعي/ الذي صنع الفوضى لأنه يريد الفوضى/ راح فيها
الحكاية هي نموذج لما يمكن أن تصل إليه الجماهير وهي تذبح نفسها …. بأسلوب اعتصام القيادة…
وبالمناسبة …. خطيب الثورة هذه كان فى ميدان الكونكورد يلتقم عنقود الميكرفونات أمامه ليصرخ …
: يالك من رجعي أيها السيد ماركس…
والشاب لم يكن يعلم أن ماركس كان يسمع ما يقوله الماركسيون عن فلسفته ليصرخ بهم
: يا أولاد الكلب …. أنا ماركس وأنا …./ بعد الاستماع إليكم/ لست ماركسيًا
(3)
والاقتصاد … يا سيد كامل إدريس هو …. أمن .. وإتصالات
والنموذج الأعظم لما يفعله عجز الأمن وعجز الإتصالات هو
فى حرب اليونان وتركيا … عام 1922 كان قائد الجيش اليوناني يصاب بالإنهيار .. تحت الهزيمة
ورئيس الوزراء اليوناني يقوم بتعيين قائد آخر
ومن يقوم بإبلاغ الخبر إلى القائد الجديد/ خبر تعيينه/ كان هو قائد الجيش التركي …. فقد كان قائد الجيش اليوناني فى ساعة إبلاغه الخبر .. أسيراً في يد الجيش التركي..
أستاذ كامل
نضافة الناس ونضافة الإتصالات هم نضافة الشبكة العصبية في جسم الاقتصاد
ومطلوب إعلام له صوت جميل.
إسحق أحمد فضل الله
إنضم لقناة النيلين على واتساب