مدريد- أثار تقدم الموقف الإسباني بدعم الجانب الفلسطيني، الذي وصل إلى مستوى الاعتراف الرسمي بفلسطين كدولة، إعجاب المراقبين له، عند مقارنته بردود الفعل الشعبية والرسمية في دول أخرى، إلا أنه داخل إسبانيا يرى متابعون أنه غير كافٍ، ورغم استحسانه، فهو يُضاف إلى سلسلة التفاعلات الرمزية.

ويعتقد النشطاء الإسبان، الذين شاركوا في العديد من الفعاليات والمظاهرات المتكررة على مدار الأشهر الـ7 الماضية، أن أهمية قطع العلاقات بشكل كامل مع إسرائيل لا تقل أهمية عن الاعتراف الرسمي بفلسطين، وأكدوا أن تحقيق هذا المطلب سيدفع بشكل أكبر إلى وقف الإبادة الجماعية المستمرة في قطاع غزة.

وبالرغم من حدة التصريحات الرسمية الإسبانية في الفترة الأخيرة، فإن محللين يرون أنها لن تؤثر على العلاقات الإسبانية الإسرائيلية على المدى البعيد. كما أن الموقف الإسباني المتقدم بدعم الطرف الفلسطيني لن يؤثر على علاقات مدريد مع الولايات المتحدة أو مع الدول الأوروبية المنحازة للطرف الإسرائيلي.

أمر تقليدي

يؤكد أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة فالنسيا والباحث بالشأن الفلسطيني خورخي راموس أن دعم إسبانيا للشأن الفلسطيني يعتبر أمرا تقليديا منذ فترة طويلة، لكنه ازداد بشكل واضح منذ أكتوبر/تشرين الأول 2023، ويُرجع ذلك إلى جهود التعبئة التي قامت بها "شبكة التضامن ضد احتلال فلسطين"، التي تضم أكثر من 40 منظمة اجتماعية وحركة شعبية.

وبحسب راموس الناشط في هذه الشبكة أيضا، فإن هذا القرار السياسي كان مدفوعا بالمظاهرات الحاشدة التي كانت تشهدها البلاد بشكل شهري، والتي تفاعل الشعب الإسباني معها في قرابة 100 مدينة إسبانية، وتحديدا منذ يناير/كانون الأول الماضي.

لكنه يستدرك بالقول إن الطلب المباشر لهذه المظاهرات الحاشدة كان حظر الأسلحة الموجهة إلى إسرائيل وقطع جميع العلاقات معها، ولم يكن مطلب الاعتراف بدولة فلسطين، وإنما كان ذلك قرارا حكوميا.

وهو ما تؤكده أيضا أليس سامسون إستابي، العضو في ائتلاف "أوقفوا التواطؤ مع إسرائيل" في كاتالونيا. وتتفق مع راموس بخصوص الدعم الإسباني التاريخي لفلسطين، والدور الذي لعبته "شبكة التضامن ضد احتلال فلسطين" خلال الأشهر الماضية.

لكنها ترى أيضا أن الأحزاب اليمينية واليمينية المتطرفة التي تحكم أوروبا، وبسبب مواقفها الداعمة للإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل ضد الشعب الفلسطيني، شكلت عاملا دافعا لإسبانيا لتتخذ موقفها الحالي.

وتوضح إستابي أن الضغط المجتمعي في بلد مثل إسبانيا، لا تحكمه حكومة ذات توجهات يمينية، عزز شعور أنه "يجب علينا القيام بشيء ما". ورغم أن الاعتراف بدولة فلسطين لم يكن أحد مطالب حركة المقاطعة، فإن المطلوب الآن هو إنهاء التواطؤ الذي يسمح لإسرائيل بارتكاب جرائمها دون عقاب.

خورخي راموس باحث إسباني وخبير بالشأن الفلسطيني يعتبر اعتراف إسبانيا بدولة فلسطين قرارا سياسيا (الجزيرة) تمثيل كامل

من جانبه، ركز أستاذ التاريخ المعاصر في جامعة غرناطة دييغو شيكا هيدالغو على اتخاذ الحكومة الإسبانية قرارها في هذه الفترة تحديدا، واعتبر أنها تسعى بتوجهها الأخير للاعتراف بفلسطين كدولة إلى تحقيق هدفين، أولهما الحصول على تأييد شعبي إضافي لها، باستجابتها لمطلب جزء من المجتمع الإسباني.

كما أن الحكومة الإسبانية -بحسب هيدالغو- تقدم نفسها باعتبارها جهة فاعلة ورائدة في سياسة الاتحاد الأوروبي الخارجية، وتحاول كسر الإجماع السائد، وتغيير جزء من الموقف الأوروبي الخارجي.

وبرأيه، فقد استغلت هذه الحكومة الفرصة مع قرب انتخابات الاتحاد المقبلة لتهيئة الأجواء، ومحاولة التأثير على خيارات الناخبين.

وتوقع أستاذ التاريخ هيدالغو أن تتخذ العلاقة بين إسبانيا وفلسطين شكل التمثيل الكامل على مستوى السفارات بين البلدين، وأن فلسطين ستحتفظ بمكانة الأولوية في سياسات المساعدات الإسبانية، وربما ترتفع قيمة المساعدات والتمويل المقدم خلال السنوات المقبلة.

من جهته، شكك الباحث راموس بحدوث تغيرات على أرض الواقع في فلسطين، ويرى أن الجانب الإسرائيلي انتقد قرار الاعتراف الإسباني، متجاوزا أسس ومبادئ الدبلوماسية القانونية، في إشارة إلى قرار منع القنصلية الإسبانية في القدس من تقديم خدماتها للفلسطينيين.

وعدّ الأمر سابقة في تاريخ العلاقات الإسبانية الإسرائيلية، وانتهاكا لمعاهدة فيينا الدولية للعلاقات القنصلية لعام 1967.

الناشطة أليس إستابي ترى أنه على مدريد قطع علاقاتها مع إسرائيل (الجزيرة) دلالة رمزية

بدورها، ترى الناشطة إستابي أنه ينبغي سؤال الحكومة الإسبانية الآن "عن ما إذا كانت ستستمر في إقامة علاقات دبلوماسية وعسكرية واقتصادية مع المهاجم الرئيسي للدولة الفلسطينية التي اعترفت بها للتو؟". وأكدت أنه يجب على مدريد أن "تتوقف عن المساواة بين الاحتلال والمحتل"، وتنهي علاقاتها مع المتسبب بالإبادة الجماعية، وأن لا تتسامح مع المتسبب بمعاقبة الشعب الفلسطيني.

وبالرغم من الانزعاج الإسرائيلي وتنديده بالمواقف والتصريحات الإسبانية الأخيرة، كحديث يولاندا دياز نائبة رئيس الوزراء الذي تضمن عبارة "فلسطين ستتحرر من النهر إلى البحر"، فإن المراقبين لطبيعة العلاقات الإسبانية الإسرائيلية لا يتوقعون أنها ستتأثر بشكل كبير.

ويوضح ذلك أستاذ التاريخ المعاصر دييغو هيدالغو بقوله إن تل أبيب سبق وأن حذرت من قطع العلاقات الدبلوماسية مع مدريد، لكنها لم تصمد طويلا، وأكد أن العلاقات بين البلدين ستعود لسابق عهدها قريبا، وأن المواقف الإسبانية لن تؤثر على علاقتها مع واشنطن أو دول الاتحاد الأوروبي الأخرى.

بينما يرى الباحث الإسباني بالشأن الفلسطيني خورخي راموس أن تصريحات نائبة رئيس الوزراء تحمل دلالة رمزية فقط، ويقول "ما لم تقطع إسبانيا علاقاتها مع إسرائيل، فإن الاعتراف بفلسطين وتصريحات دياز سيكونان مجرد أمور رمزية". ويؤكد "إن ذاكرة الشعب الفلسطيني مليئة بالخطابات والقرارات والرموز، لكنها فارغة من الحقائق على أرض الواقع".

ويضيف أنهم بحاجة اليوم -وأكثر من أي وقت مضى- إلى أفعال حقيقية، كتلك التي تدعو لها حركة المقاطعة العالمية (بي دي إس) وهي "قطع كل أشكال التواطؤ مع النظام الإسرائيلي الاستعماري الاستيطاني المرتكب للفصل العنصري والإبادة الجماعية".

وتقول إستابي "نحن بحاجة إلى زيادة الضغط أكثر من أي وقت مضى"، مشيرة إلى أن الرمزية تمثل خطوة واحدة في هذا "العالم العنصري والاستعماري الذي نعيش فيه"، لكن الكلمات والرموز لن توقف الإبادة الجماعية.

وبرأيها، فإنه على إسبانيا أن تتخذ إجراءات أقوى بكثير لإنهاء التواطؤ مع الإبادة الجماعية الإسرائيلية، وإنهاء الاحتلال الواقع على الشعب الفلسطيني، كإيقاف تجارة الأسلحة مع تل أبيب، وقطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية، ودعم القضية المرفوعة في محكمة العدل الدولية.

المصدر: الجزيرة

كلمات دلالية: حريات الإبادة الجماعیة الشعب الفلسطینی أستاذ التاریخ مع إسرائیل

إقرأ أيضاً:

177 مسيرة جماهيرية في إب تأكيداً على الثبات في نصرة فلسطين ومواجهة جرائم الإبادة

الثورة نت/..
شهدت محافظة إب، اليوم 177 مسيرة جماهيرية حاشدة، تأكيدًا على الصمود والثبات في مساندة الشعب الفلسطيني تحت شعار “ثباتا مع غزة .. سنصعد في مواجهة جريمة الإبادة والتجويع”.

وأكد المشاركون في المسيرة بساحة الرسول الأعظم في مدينة إب، تقدّمها محافظ المحافظة عبدالواحد صلاح، وعدد من أعضاء مجلسي النواب والشورى ووكلاء المحافظة ومسؤول التعبئة، أن اليمن سيستمر في خوض معركة العزة والكرامة في مواجهة الكيان الصهيوني حتى وقف العدوان الصهيوني ورفع الحصار عن غزة.

واستنكروا بأشد العبارات، المجازر الدموية التي يواصل العدو الصهيوني ارتكابها بحق الأشقاء في قطاع غزة واعتبار ذلك انتهاكًا صارخًا لكافة القوانين الدولية والإنسانية.

وأشاروا إلى أن استمرار آلة القتل الصهيونية في إبادة الشعب الفلسطيني، يأتي في ظل صمت عربي ودعم أمريكي شجع الكيان الغاصب على التوسع والتمادي في جرائمه التي لم يسبق لها مثيل في التاريخ.

على صعيد متصل، شهدت مديريات المربع الشمالي “يريم، السدة، النادرة، والرضمة”، 31 مسيرة حاشدة، أكد المشاركون فيها أن العدوان الأمريكي، فشل في التأثير على موقف الشعب اليمني الثابت في دعم القضية الفلسطينية.

وأشاروا إلى أن الشعب اليمني لا يمكن أن يتفرج إزاء ما يمارسه العدو الإسرائيلي، من جرائم إبادة جماعية وحصار وتجويع بحق الأشقاء في غزة، داعين شعوب الأمة إلى تحمل المسؤولية والتحرك الجاد والفاعل للتصدي للغطرسة الصهيونية، الأمريكية والعمل على وقف حرب التجويع وجرائم الإبادة بحق أبناء الشعب الفلسطيني في قطاع غزة.

إلى ذلك، احتشد أبناء مديريات المربع الغربي بمركز مديرية العدين وفي عشر ساحات، شملت مناطق عردن والعمارنة والمسيليم وبني عمران وبلاد المليكي والحجيف والكريف والحصابين وحدبة، للتعبير عن غضبهم من الدعم الأمريكي للعدو الإسرائيلي الذي لولاه ما كان هناك تواطؤ دولي معيب وصمت عربي مخجل تجاه ‏جرائم الإبادة بحق الشعب الفلسطيني.

وفي مديرية الحزم، خرجت 25 مسيرة حاشدة بمركز المديرية ومناطق الجبجب وبني حرب ونجد العدن والأعموس ورجامة وخبات والأهمول.

كما خرجت عشر مسيرات في مديرية فرع العدين في مركز المديرية “الوزيرة” وفي المسيل والعاقبتين والمزاحن وبني أحمد وبني يوسف وفي مناطق الكدرة والرمادي بالأخماس وروينا وسوق الحجف والجلة نصرة لغزة واحتفاءًا بالفشل الأمريكي باليمن.

وحمّل المشاركون، الإدارة الأمريكية والكيان الصهيوني المسؤولية الجنائية عن العدوان الإجرامي وتداعياته على مستوى المنطقة.

واحتشد أبناء مديرية مذيخرة في 11 مسيرة، بمركز المديرية وفي عزل الأفيوش وحزة وخولان والاشعوب الشرقي وحمير وبمركز عزلة حليان وكذا في سوق النجد والحمادي الاشعوب والمغاربة، تأكيدًا على الاستعداد لمواجهة أي تصعيد إسرائيلي ضد اليمن، ومواصلة دعم غزة بكل السبل والإمكانيات المتاحة.

وأكد المشاركون في المسيرات، تأييدهم المطلق للخيارات التي يتخذها قائد الثورة السيد عبدالملك بن بدر الدين الحوثي نصرة لغزة ودفاعًا عن حرية وسيادة اليمن.

وأُقيمت في مديرية ذي السفال 15 مسيرة، وأربع مسيرات بمديرية السياني، و14 بمديرية حبيش و12 في مديرية المخادر، وخمس في مديرية القفر، و12 في مديرية بعدان، وأربع في الشعر، وسبع في السبرة، وثمان مسيرات في مديرية جبلة، تأكيدًا على الموقف الثابت في دعم وإسناد غزة وكل فلسطين.

واستنكر المشاركون في المسيرات، التمادي الصهيوني في عدوانه وجرائمه والذي يكشف همجية العدو الصهيوني الذي سينكسر أمام تضحيات أبطال المقاومة الفلسطينية واللبنانية.

ورددوا، شعارات منددة بالمخططات الصهيوني، الأمريكي الرامية تصفية القضية الفلسطيني وتفريغ الأرض من أهلها الأصليين، مثمنين صمود المقاومة الفلسطينية في مواجهة العدو الصهيوني الغاصب.

وأكد بيان صادر عن المسيرات، التمسك بالموقف المشرف والثابت في مساندة الشعب الفلسطيني، مجدّداً التفويض الكامل للقيادة والتأييد المطلق لكل ما تتخذه من قرارات وخيارات وفي مقدمتها العمليات العسكرية ضد كيان العدو الصهيوني.

وحيا، الصمود الأسطوري والملاحم البطولية التي يجترحها أبناء غزة، مقاومةً وشعباً، في وجه آلة الحرب الصهيونية وجرائم الإبادة والحصار، داعياً شعوب الأمة إلى استلهام دروس الثبات والتضحية والعزة من هذا النموذج الفريد في الصمود والصبر والتحدي.

وندد البيان، بتصعيد العدو الصهيوني لمجازر بشعة، وارتكابه جرائم إبادة جماعية بحق المدنيين في غزة، الذين يواجهون القتل والتدمير إلى جانب جريمة تجويع وتعطيش شاملة، وحرمان من أبسط مقومات الحياة من ماء وكهرباء ومرافق صحية وسكن، في ظل صمت عربي وإسلامي مخزٍ وتخاذل دولي مهين.

وشدد على أن الشعب اليمني المسلم لن يتراجع ولن يساوم في مواقفه الثابتة والداعمة للحق الفلسطيني، بل سيواصل موقفه بكل ثبات ويقين ووفاء، حتى يكتب الله النصر والفرج لغزة وأهلها الصامدين.

ودعا بيان المسيرات، شعوب الأمة إلى كسر جدار الصمت، والخروج من دائرة العار، بتسجيل موقف عملي يليق بحجم الجرائم التي تدمي لها القلوب وتتفطر لها الأكباد، مؤكداً أن الصمت والتخاذل جريمة لا تُغسل إلا بالتحرك الجاد، وإلا فإن عذاب الله في الدنيا والآخرة هو المصير الحتمي لكل متخاذل أو متواطئ.

وعبر البيان، عن الفخر والاعتزاز بالعمليات العسكرية التي تنفذها القوات المسلحة ضد كيان العدو الصهيوني، لما ألحقته به من خسائر فادحة وضربات موجعة، داعياً إلى تصعيد العمليات وتوسيع نطاقها بما هو أشد وأقسى، حتى يُردع هذا العدو المجرم الظالم، ويُجبر على وقف العدوان ورفع الحصار عن غزة، تمهيداً لتحرير فلسطين والمقدسات، وفي مقدمتها المسجد الأقصى الشريف.

مقالات مشابهة

  • أكد شمولية العلاقات مع إسبانيا..الإبراهيم: 54.8 % إسهام «غير النفطية» في الاقتصاد السعودي
  • البرلمان اليمني يثمن مواقف البرلمانين الإسباني والبريطاني تجاه العدوان على الشعب الفلسطيني
  • الهيئة النسائية في حجة تنظم وقفات تضامنية مع الشعب الفلسطيني
  • مجلس النواب يثمن مواقف البرلمانين الإسباني والبريطاني تجاه العدوان على الشعب الفلسطيني
  • عاجل|حماس ترحب ببيان دولي يدين كارثة غزة: دعوة لتحرك عالمي لإنهاء الإبادة والحصار
  • 177 مسيرة جماهيرية في إب تأكيداً على الثبات في نصرة فلسطين ومواجهة جرائم الإبادة
  • السفير الإسرائيلي في واشنطن: الفرنسيون على وشك إعلان 7 أكتوبر يوما لاستقلال فلسطين
  • مايكروسوف تحظر رسائل البريد التي تحتوي على كلمات فلسطين وغزة
  • عاجل- بريطانيا تبدأ محادثات رسمية حول الاعتراف بدولة فلسطين وسط ضغوط سياسية وانتقادات لإسرائيل
  • وزير الخارجية الفرنسي: غزة تحولت إلى "فخ للموت" وفرنسا مصممة على الاعتراف بدولة فلسطين