تمثل زيارة صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان رئيس الدولة "حفظه الله"، غدا الخميس، إلى جمهورية الصين الشعبية، إضافة نوعية لمسار العلاقات التاريخية بين البلدين الصديقين التي وصلت إلى مستوى الشراكة الاستراتيجية الراسخة على مختلف الصعد وفي المجالات كافة.
وتعد الزيارة محطة بارزة في مسار تعزيز التنمية والازدهار المستدام لكلا البلدين الصديقين والارتقاء بمستوى العلاقات الثنائية ومسارات التعاون والعمل المشترك بينهما في المجالات الاقتصادية، والتنموية، والثقافية، وغيرها.


وترتبط الدولتان بعلاقات وثيقة على مختلف الأصعدة يجسدها الحوار القائم بين الجانبين بشكل دائم، واللقاءات على أعلى المستويات بين البلدين، والاجتماعات الوزارية والحكومية المستمرة بصورة تبرهن مدى الاهتمام الكبير الذي يوليانه لتطوير العلاقات الثنائية فيما بينهما.
وتتميز العلاقات الإماراتية الصينية بأنها تاريخية ومتجذرة، إذ تعد زيارة المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان "طيب الله ثراه" إلى الصين في مايو 1990 الأولى من نوعها التي يقوم بها رئيس دولة خليجية إلى الصين، التي جاءت بعد زيارة الرئيس الصيني الراحل يانغ شانغكون إلى دولة الإمارات في ديسمبر 1989.
وتسهم الزيارات الرسمية المتبادلة بين قادة البلدين، في ترسيخ العلاقات الثنائية بينهما ودفعها نحو مزيد من التطور، ومنها زيارة الرئيس الصيني شي جين بينغ إلى الإمارات في عام 2018، فيما أسست الزيارة التي قام صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان إلى جمهورية الصين الشعبية في يوليو 2019 لمرحلة فارقة وجديدة من الشراكة الاستراتيجية بين البلدين.
وبدأت العلاقات الدبلوماسية الثنائية بين البلدين في 1 نوفمبر 1984، وتم افتتاح سفارة الصين في أبوظبي في أبريل 1985، فيما تم افتتاح سفارة الدولة في بكين في 19 مارس 1987، وفي دلالة على الأهمية القصوى التي توليها الإمارات لتعزيز علاقتها بالصين تم افتتاح قنصليات متعددة للدولة في كل من هونغ كونغ في أبريل 2000، وشنغهاي في يوليو 2009، و كوانغ جو في يونيو 2016، وفي المقابل جرى افتتاح قنصلية الصين في دبي في نوفمبر 1988.
واتسمت العلاقات بين دولة الإمارات والصين بالتعاون والتنسيق المشترك على الصعد كافة وهو ما تجلى في توقيع أكثر من 148 اتفاقية ثنائية ومذكرة تفاهم في شتى المجالات.التعاون الاقتصادي والاستثماري.
يواصل البلدان جهودهما في تطوير الشراكة الاقتصادية المتميزة بينهما نحو مستويات أكثر تنافسية، وتوسيع مجالات التعاون في القطاعات ذات الاهتمام المتبادل لا سيما الاقتصاد الجديد وريادة الأعمال والسياحة والطيران والنقل اللوجستي، وتعزيز التواصل بين مجتمعي الأعمال الإماراتي والصيني، ودعم آليات نمو المشروعات الصغيرة والمتوسطة في أسواق البلدين.وتضطلع اللجنة الاقتصادية والتجارية والفنية المشتركة بين البلدين بأدوار مهمة في استكشاف الفرص الاستثمارية الواعدة في أسواق البلدين بما يخدم رؤاهما وتوجهاتهما الاقتصادية في الحاضر والمستقبل.
وبلغ حجم التجارة الخارجية غير النفطية لدولة الإمارات مع الصين خلال العام الماضي 296 مليار درهم، أي ما يعادل (81 مليار دولار) بنسبة نمو 4.2 % مقارنة بعام 2022، وبذلك حافظت الصين على موقع الشريك التجاري الأول لدولة الإمارات في تجارتها غير النفطية في عام 2023 إذ استحوذت على ما نسبته 12 % من تلك التجارة.وتتربع الصين على المركز الأول من حيث واردات دولة الإمارات بنسبة 18%، كما تحتل الصين المرتبة الــ 11 في صادرات دولة الإمارات غير النفطية بنسبة مساهمة 2.4 % والمرتبة الـ 8 في إعادة التصدير بنسبة مساهمة 4 %، وفي حال استثناء النفط الخام من تجارة الصين مع الدول العربية خلال 2023 تكون الإمارات الشريك التجاري العربي الأول بنسبة مساهمة 30 %.وبلغ إجمالي التدفقات الاستثمارية الإماراتية إلى الصين نحو 11.9 مليار دولار أمريكي بين عامي 2003 و2023، شملت قطاعات عدة أبرزها الاتصالات، والطاقة المتجددة، والنقل والتخزين، والفنادق والسياحة، والمطاط، في حين بلغت التدفقات الاستثمارية الصينية إلى الإمارات 7.7 مليار دولار أميركي خلال المدّة ذاتها.

"الحزام والطريق"

تعد دولة الإمارات بإمكاناتها التنموية وموقعها الاستراتيجي ودورها الاقتصادي الريادي في المنطقة مشاركاً فاعلاً في مبادرة الحزام والطريق التي أطلقها الرئيس الصيني شي جين بينغ في عام 2013، لا سيما وأن المبادرة تركز على دور الإمارات المحوري في التجارة الدولية وتتماشى مع توجهات مئوية الإمارات التنموية، فضلا عن دور المبادرة في دعم حركة إعادة التصدير التي تشكل ركنا أساسيا من تجارة الإمارات غير النفطية مع دول العالم.

أخبار ذات صلة رئيس الدولة يلتقي طلبة الإمارات خلال زيارة دولة يقوم بها إلى كوريا خلال زيارة رئيس الدولة لكوريا.. وزارة الخارجية تطلق أول بعثة ذكية في الخارج

السياحة

يعد قطاع السياحة من أهم القطاعات الرئيسية في العلاقات الاقتصادية المشتركة بين البلدين، حيث وصل إجمالي عدد السياح الصينيين أكثر من مليون زائر في العشرة أشهر الأولى من عام 2023، كما وصل عدد الصينيين المتواجدين في دولة الإمارات نحو 350 ألفا.ووصل عدد رحلات الطيران بين البلدين شهريا إلى أكثر من 210 رحلات عبر شركات الطيران الوطنية الإماراتية.وأكد البلدان خلال اجتماع الدورة الثامنة للجنة الاقتصادية والتجارية والفنية المشتركة التي عقدت في فبراير الماضي في أبوظبي، أهمية إقامة معارض وفعاليات سياحية مشتركة من شأنها الترويج لأبرز المعالم السياحية والتاريخية في البلدين، ودعم الاستفادة من إمكانات ومقومات التنوع السياحي فيهما لجذب المزيد من الوفود السياحية من جميع أنحاء العالم.الثقافة والتعليم.تستحوذ الثقافة على حيز مهم في العلاقات الإماراتية الصينية، إذ ينظر كلا البلدين للثقافة كقوة ناعمة تؤدي دوراً مهماً في مد جسور التعاون والتقارب بين الدول والشعوب حول العالم.
وتشهد العلاقات الثقافية بين البلدين تطورا متناميا وملحوظا، يتمثل في تبادل الزيارات الطلابية ووفود المسؤولين الثقافيين والإعلاميين والباحثين بينهما.ومنذ عام 1989، الذي قام فيه الرئيس الصيني آنذاك، يانغ شانغ كون، بزيارة دولة الإمارات، تم توقيع العديد من الاتفاقيات الثقافية بين البلدين، فقد وقعت الإمارات والصين في ذلك العام، الاتفاقية الإماراتية الصينية للتعاون الثقافي، وفي عام 2001، وقع البلدان اتفاقية التعاون الثقافي والإعلامي.
وساهم مركز الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان لدراسة اللغة العربية والدراسات الإسلامية، الذي تأسس عام 1990، بجامعة الدراسات الإسلامية في بكين، في نشر الثقافة العربية في الصين، وتعزيز اللغة العربية، كما ساهمت الأسابيع الثقافية والمهرجانات الموسيقية والفعاليات التي يتم تنظيمها بين البلدين، ومعارض الكتب، في تعزيز العلاقات الثقافية بينهما والدفع بها إلى الأمام عاما بعد عام.
ويمثل التعليم ركنا أساسيا في العلاقات الثقافية الإماراتية الصينية، فهناك زيادة كبيرة من ناحية التبادل الطلابي والتعاون بين الجامعات والهيئات التعليمية بجميع أشكالها لتبادل الخبرات بين البلدين في هذا المجال.وفي عام 2015، وقع البلدان على مذكرة تفاهم للتعاون في مجال التعليم العالي لتشجيع التعاون في مجالات العلوم وضمان جودة التعليم بين مؤسسات التعليم العالي ومراكز البحث العلمي في كلا البلدين، وتبادل المنح الدراسية الجامعية.
وشهد العام 2019 إطلاق "مشروع تدريس اللغة الصينية في مائتي مدرسة"، في دولة الإمارات، الذي استقطب حتى اليوم أكثر من 71 ألف طالب وطالبة في 171 مدرسة بمختلف إمارات الدولة، ما يجسد الاهتمام الكبير من قبل الطلاب الإماراتيين بتعلم اللغة الصينية كجسر للتواصل الحضاري والإنساني بين البلدين.

 

المصدر: وام

المصدر: صحيفة الاتحاد

كلمات دلالية: بكين الصين الإمارات الإماراتیة الصینیة الرئیس الصینی دولة الإمارات بین البلدین غیر النفطیة آل نهیان الصین فی أکثر من فی عام

إقرأ أيضاً:

سفير الهند بالقاهرة: زيارة وفدنا البرلماني لمصر تؤكد عمق العلاقات بين البلدين

نظّمت سفارة الهند بالقاهرة مساء اليوم مؤتمرًا بمناسبة زيارة وفد برلماني هندي رفيع المستوى يضم ممثلين عن مختلف الأحزاب، وذلك بحضور وزير الخارجية الأسبق الدكتور نبيل فهمي، والسفيرة جيلان علام، ومجموعة من البرلمانيين والأكاديميين المصريين.

وفي كلمته خلال المؤتمر، أكد السفير الهندي الجديد لدى مصر، سوريش كي. ريدي، أن زيارة الوفد تعكس عمق العلاقات التاريخية بين البلدين، مشيرًا إلى سلسلة اللقاءات المهمة التي أجراها الوفد في القاهرة، والتي عكست توافقًا في الرؤى وحرصًا مشتركًا على دفع التعاون الثنائي في مختلف المجالات.

من جانبه، نوّه الدكتور نبيل فهمي إلى التجربة الديمقراطية المميزة للهند، مؤكدًا على عمق العلاقات المصرية الهندية، التي تعود إلى زمن الزعيمين سعد زغلول والمهاتما غاندي، وتوطدت في عهد الزعيمين عبد الناصر ونهرو مع انطلاق حركة عدم الانحياز. وشدد فهمي على أن هذه العلاقات لا تزال متينة، في ظل قيادة الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي.

وخلال المؤتمر، شدد أعضاء الوفد الهندي على أهمية الدور المحوري الذي تلعبه مصر في استقرار المنطقة، وفي مكافحة الإرهاب من خلال مقاربة شاملة. وأكدوا أن الزيارة تعكس التزام الهند بتعزيز التعاون مع مصر والعالم العربي في مواجهة التحديات الإقليمية وترسيخ القيم الإنسانية المشتركة.

وكان الوفد الهندي قد عقد لقاءات موسعة مع كبار أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، كما شارك في جلسة حوارية مع المجلس المصري للشؤون الخارجية، والتقى وزير الخارجية والهجرة الدكتور بدر عبد العاطي، إضافة إلى لقاء مع الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط.

ويتضمن برنامج الزيارة تكريمًا لتمثال المهاتما غاندي في حديقة الحرية، وزيارة إلى النصب التذكاري للحرب في مصر الجديدة، فضلًا عن لقاءات مع أفراد الجالية الهندية ومجموعة من المفكرين وقادة الرأي العام والمحررين البارزين في مصر

مقالات مشابهة

  • الصين: العلاقات مع أميركا تمر بمنعطف تاريخي حرج
  • “الاستثمار” و”النفط”: شراكة استراتيجية لدعم التنمية
  • علي النعيمي وهوغو موتا يؤكدان أهمية تطوير العلاقات البرلمانية
  • الأحزاب: زيارة الرئيس السيسي للإمارات تعكس عمق العلاقات ومتانة التعاون بين البلدين
  • "الرئيس السيسي يعود من الإمارات بعد قمة استراتيجية مع محمد بن زايد لتعزيز الشراكة الإقليمية"
  • جهاز قطر للاستثمار ومشيرب العقارية يوقعان شراكة استراتيجية لدعم مشاريع التنمية الحضرية المستدامة
  • رفع اسم الإمارات من قائمة البرازيل للأنظمة الضريبية التفضيلية
  • الرئيس السيسي في الإمارات.. شراكة راسخة وتطابق في الرؤى وسط أزمات الإقليم
  • سفير الهند بالقاهرة: زيارة وفدنا البرلماني لمصر تؤكد عمق العلاقات بين البلدين
  • الإصلاح والنهضة: العلاقة بين مصر والإمارات شراكة استراتيجية قائمة على المصالح المتبادلة