حذّروا من إضاعتها خلف الأجهزة الإلكترونية.. مختصون ينصحون الطلاب باستثمار الإجازة
تاريخ النشر: 6th, June 2024 GMT
جدة – ياسر خليل
دعا مختصون طلبة المدارس بضرورة استثمار إجازة نهاية العام الدراسي في الأمور المفيدة التي تنعكس على صحتهم إيجابًا وبعيدًا عن المشاكل المترتبة عن السهر خلف الأجهزة الإلكترونية.
وأكدوا أن تنظيم الوقت يمثل أهمية كبرى في التوازن بين الترفيه واستثمار الوقت، فمعظم الطلاب للأسف لا يحسنون الاستفادة الصحيحة من الإجازات ويهدرونها في الأمور غير المفيدة وخصوصًا الألعاب الإلكترونية.
في البداية ينصح أستاذ واستشاري غدد الصماء وسكري الأطفال بمستشفى جامعة الملك عبدالعزيز بجدة البروفيسور عبدالمعين عيد الأغا، جميع طلبة المدارس بوضع خطة مناسبة للإجازة تجمع بين الترفيه والاستفادة، فهدرها وراء الأجهزة بحجة عدم وجود دراسة أمر غير صحي، فهناك العديد من البرامج العلمية والاجتماعية والرياضية التي تنعكس إيجابًا على صحة الطلاب من حيث الفائدة الصحية والعلمية.
وأردف أن أخطر الانعكاسات السلبية التي تترتب على قضاء الطلاب جل أوقاتهم وراء الأجهزة هي التأثير على صحتهم، فالسهر يؤثر على آلية عمل الهرمونات، بجانب التعرض لإجهاد العيون، ومختلف الآلام الجسدية، والصداع المتكرر، وعدم حصول الجسم على كفايته من ساعات النوم والراحة وبالتالي زيادة الشعور بالخمول والكسل وتقلب المزاج.
وأكد أن أهمية النوم مبكرًا ليلاً وعدم السهر تكمن في ضبط هرمونين مهمين جدًا الأول هرمون النمو والثاني هرمون الميلاتونين، فهرمون النمو يساهم في بناء عضلات وأنسجة الجسم ويعتمد على نمو الجسم بشكل عام، ويتم إفرازه من خلال الغدة النخامية، ويعتمد هرمون النمو على تعزيز مرحلة النمو لدى الأطفال والمراهقين ما قبل سن السادسة عشر، ويحافظ على التمثيل الغذائي، ويعمل علي تنظيم نسبة السكر بالدم ، فالغدة النخامية تعمل على إفراز هرمون النمو لتحفيز الجسم وزيادة مراحل النمو لدى الأطفال، وهناك العديد من العوامل التي تزيد من مستوى هرمون النمو في الجسم، كالنوم المنتظم، والرياضة اليومية، وتناول الأطعمة الصحية الغنية بالعناصر الغذائية التي يحتاجها الجسم، أما السهر فيعيق ذلك، ولكن من حكمة الله أن يعود هرمون النمو للعمل بشكل طبيعي عند الأطفال واليافعين في حال تجنب السهر، أما هرمون الميلاتونين الذي الهرمون يفرز ليلاً ويكون في أعلى مستوياته في ساعات الليل المتأخرة (3 إلى 4 صباحًا)، أي حوالي 3 ساعات بعد الدخول في النوم، ثم يبدأ في الانخفاض تدريجياً استعداداً للاستيقاظ، ويرتبط الارتفاع اليومي في إفراز الميلاتونين بانتظام أوقات النوم، ويصبح موعد إفراز هرمون الميلاتونين قبل ساعتين من موعد النوم المعتاد عليه، إذ إن وظيفة الميلاتونين الرئيسة في الجسم هي تنظيم دورات الليل والنهار أو دورات النوم والاستيقاظ، ويكون الظلام سبباً في إنتاج الجسم للمزيد من الميلاتونين، مما يشير إلى استعداد الجسم للنوم والرغبة فيه.
وفي السياق يقول المستشار الاجتماعي طلال محمد الناشري: في فترة الإجازات طلبة المدارس بحاجة إلى تنظيم برنامجهم بحيث يتضمن تحقيق التوازن بين الترفيه والإيجابيات المكتسبة، فهدر كل الوقت وراء الأجهزة الإلكترونية يبعد الطلاب عن واقعهم الاجتماعي ويجعلهم يتعلقون أكثر بالعالم الخيالي والافتراضي المتمثل في التقنيات والألعاب الإلكترونية.
وتابع: الواقع الذي نشهده اليوم أن أحد أكبر أضرار الأجهزة الإلكترونية هو رغبة مستخدميها في الانعزال أو الانسحاب من العالم الخارجي، حيث يفضل الطالب أن يقضي كل وقت إجازته في لعب ألعاب الفيديو أو استخدام الأجهزة الإلكترونية، وللأسف كشفت عدة دراسات أن أكثر الأعراض التي تنتج عن كثرة استخدام الأجهزة هي التقلبات المزاجية الشديدة، التغييرات الشديدة في عادات النوم، والصفات الشخصية، والسلوكيات، صعوبة التركيز، الشعور الشديد بالقلق أو الخوف أثناء الأنشطة اليومية ، الانخراط في سلوكيات محفوفة بالمخاطر.
وشدد الناشري على دور الوالدين في توجيه الأبناء بتنظيم أوقاتهم واستثمار الإجازة نحو الأمور المفيدة التي تكسبهم المهارات وتثري حصيلتهم العلمية، وهناك العديد من أوجه الأنشطة الصيفية التي يمكن أن يستفيد منها جميع الطلاب والطالبات بدلاً من الجلوس ساعات طويلة وراء الأجهزة.
ويأخذ استشاري طب الأسرة والحساسية الدكتور خالد عبيد باواكد جانب الأضرار الناتجة عن السهر على صحة الجسم فيقول: من أكثر المشاهد الملفتة خلال الإجازة الطويلة هي السهر لساعات ممتدة أي تحويل الليل نهاراً والنهار ليلاً، وبالطبع يترتب على ذلك مشاكل عديدة أهمها ضعف المناعة وتقلب المزاج، إضافة إلى التوتر العاطفي والتسرع وعدم الانضباط في إتخاذ القرار، إلى جانب تحفيز الشعور بالجوع والإحساس المستمر بالرغبة في التهام المزيد من الطعام وبالتالي زيادة الوزن.
وأضاف أن التعرض المفرط للضوء الأزرق الذي يتعرض له الفرد لساعات طويلة من اليوم من خلال الهواتف الذكية أو التلفزيون له تأثير سلبي على صحة الجسم ويؤثر على درجة استجابة الإنسان للنوم، ولتفادي هذه المشكلة، ينبغي ترشيد استخدام الأجهزة الإلكترونية وخصوصاً قبل النوم. ونصح د. باواكد الطلاب والطالبات بضرورة الاستفادة من الإجازة الصيفية وعدم هدرها في غير المفيد، وتعويد النفس على تقنين استخدام الأجهزة.
المصدر: صحيفة البلاد
كلمات دلالية: الأجهزة الإلکترونیة استخدام الأجهزة وراء الأجهزة هرمون النمو
إقرأ أيضاً:
نزيف العملات عبر الألعاب الإلكترونية.. الأزمة والحل
في عصر التحولات الرقمية المتسارعة، أصبحت الألعاب الإلكترونية إحدى أكثر الصناعات نموًا وربحًا على مستوى العالم. إلا أن هذا النمو، الذي يبدو للوهلة الأولى إيجابيًا، يخفي وراءه تحديات اقتصادية عميقة تعاني منها العديد من الدول، خصوصًا النامية. فقد تَحوّل سوق الألعاب من مجرد مجال ترفيهي إلى بوابة مفتوحة على مصراعيها لهروب الأموال واستنزاف الاقتصاد المحلي، حيث تخرج مليارات الدولارات سنويًا من كل دولة لصالح شركات أجنبية لا تترك لبعضٍ الدول سوى القليل من العوائد الاقتصادية خلفها. كيف نجحت بعض الدول في مواجهة الخطر والتصدي له بطرق مبتكرة؟
هذا النزيف النقدي الهائل لا يقتصر على كونه خسارة مالية مجردة، بل يُهدد استقرار العملات الوطنية في كل دولة، ويُعمّق من فجوة الاعتماد على الخارج، ويُضعف الصناعات الرقمية المحلية. ففي دول مثل إندونيسيا، الصين، البرازيل، وحتى بعض الدول الأوروبية، بدأت الحكومات تدرك أن استمرار هذا الوضع يقود إلى فقدان السيطرة الاقتصادية على سوق واسع يتنامى بلا ضوابط واضحة، ما دفعها إلى التدخل بوسائل تشريعية وإدارية لحماية مقدّراتها.
وليس فقط الاقتصاد الوطني هو المتضرر من هذا النزيف، بل تتعرض الأسرة أيضًا إلى تداعيات خطيرة نتيجة الإنفاق غير المنضبط على الألعاب الإلكترونية، في ظل انتشار نماذج الدفع داخل الألعاب التي تشجع على الشراء المتكرر والمكثف، خصوصًا بين فئة الشباب والأطفال. هذا الإنفاق يمكن أن يؤثر بشكل مباشر على ميزانيات الأسرة، ويحدّ من قدرتها على توفير الاحتياجات الأساسية، مما يخلق ضغطًا ماليًا إضافيًا يصعب على البعض تحمله.
كما أن النزيف المالي داخل الأسرة يتعمق عبر ما يُعرف بـ"الإدمان الرقمي" على الألعاب، حيث تتزايد المصاريف الشهرية بصورة غير متناسبة مع الدخل، وتكون غالبًا غير خاضعة لأي رقابة أو ضبط من قبل الوالدين. ينتج عن ذلك شكاوى متزايدة حول التأثيرات الاجتماعية والنفسية على الأطفال، مما يدعو إلى ضرورة تحرك حكومي وتنظيمي يشمل حماية الأسرة والمستهلك إلى جانب حماية الاقتصاد الوطني.
في إندونيسيا، شكلت التجربة نموذجًا مهمًا في سعي الدول النامية لاستعادة السيطرة على قطاع الألعاب الإلكترونية. ففي عام 2024، كشفت السلطات أن شركة أجنبية واحدة استطاعت تحقيق أرباح تصل إلى 9 مليارات دولار أمريكي من السوق الإندونيسي، دون وجود استثمار ملموس داخل البلاد.هذا الكشف دفع الحكومة إلى اتخاذ سلسلة من الإجراءات المنظمة، انطلاقًا من توقيع اللائحة الرئاسية رقم 19 في 12 فبراير 2024، والتي وضعت أساسًا قانونيًا لتطوير الصناعة المحلية وتقنين أنشطة الشركات الأجنبية.
لاحقًا، وتحديدًا في 5 أغسطس 2024، أعلنت الحكومة عن خطتها لإلزام الشركات الأجنبية بإنشاء كيان قانوني محلي أو الدخول في شراكات مع مطورين إندونيسيين، ما يضمن تدفق جزء من العائدات إلى الاقتصاد المحلي. كما تم تحسين بيئة الدفع عبر تشجيع استخدام بوابات الدفع الوطنية، لتقليص الاعتماد على أنظمة تحويل الأموال الخارجية.
كانت التجربة الإندونيسية تسعى إلى المزج بين تقييد نشاط شركات الألعاب الأجنبية وتسهيل البيئة التشريعية للمطورين المحليين، في خطوة تهدف إلى خلق صناعة محلية مستدامة، وليس مجرد فرض قيود ظرفية.
وفي الصين، باعتبارها أكبر سوق للألعاب الإلكترونية في العالم، انتهجت أسلوبًا أكثر حزمًا وصرامة في التعامل مع هذا القطاع، مدفوعة بقلق من إدمان الألعاب بين الشباب، إلى جانب المخاوف الاقتصادية من تسرب الأموال. وبدأت السلطات منذ عام 2019 بفرض قيود على ميكانيكيات "الشراء داخل اللعبة"، خاصة ما يُعرف بصناديق الجوائز، والتي شبّهتها بآليات القمار. من بين أبرز الإجراءات:
الإفصاح الإلزامي عن احتمالات الربح من صناديق الجوائز.
تحديد سقف يومي لإنفاق اللاعبين، خاصة القُصّر.
فرض حد أقصى للمشتريات الشهرية من قبل المستخدمين الصغار.
إلى جانب هذه القيود، يتم إخضاع كل لعبة لرقابة محتوى صارمة قبل إجازتها للنشر، مع حظر أي لعبة لا تمتثل للمعايير الثقافية أو الاقتصادية التي تفرضها الدولة.
التجربة الصينية سلّطت الضوء على أهمية النظر إلى الألعاب الإلكترونية ليس فقط كمنتج اقتصادي، بل كمكون ثقافي واجتماعي، يستوجب رقابة وتشريعًا لحماية النسيج المجتمعي والسيادة الاقتصادية.
أما في البرازيل، وهي دولة ذات سوق استهلاكي كبير في أمريكا اللاتينية، فقد تبنّت في 2024 نهجًا تشريعيًا يركّز على مكافحة الطابع المقامر لبعض آليات الألعاب، خصوصًا تلك التي تعتمد على الحظ والمفاجآت المدفوعة، وقامت السلطات بحظر الألعاب التي تحتوي على عناصر تشبه القمار، بما في ذلك صناديق الجوائز أو "الفرص العشوائية" التي تتطلب الدفع مقابل الحصول على محتوى غير مضمون. هذا القرار أدى إلى خروج عدد من الألعاب الشهيرة من السوق البرازيلي، أو تعديل ألعابها بشكل جذري لتتماشى مع الإطار القانوني المحلي.
على خلاف التجارب السابقة التي تركز على التقييد والمنع، اتجهت فرنسا إلى منهج تحفيزي يقوم على تشجيع الإنتاج المحلي بدلًا من تقييد الأجنبي فقط. منذ عام 2008، وضعت فرنسا نظام ائتمان ضريبي لصناعة ألعاب الفيديو، يغطي 30% من تكاليف الإنتاج، بحد أقصى 6 ملايين يورو سنويًا لكل شركة.
هذا النظام ساهم في خلق بيئة إنتاجية مزدهرة، حيث باتت فرنسا من الدول الأوروبية الرائدة في تطوير الألعاب، وموطنًا لشركات كبرى. وبذلك، بدلًا من محاربة الشركات الأجنبية، ركّزت على تمكين الصناعة المحلية لتكون قادرة على المنافسة وجذب الاستثمارات.
في الختام، تؤكد التجارب أن نزيف العملات عبر الألعاب الإلكترونية ليس مجرد تحدٍ مالي عابر، بل هو أزمة متعددة الأبعاد تهدد استقرار الاقتصاد والمجتمع. ومع ذلك، تثبت خطط المواجهة أن الحلول الواقعية والمبتكرة ممكنة، من خلال تنظيم السوق، وحماية المستهلك، ودعم الصناعة المحلية.
وعلى الدول النامية الاستفادة من هذه الدروس، مع تكييفها بما يتناسب مع خصوصياتها، لتحويل هذا القطاع من نقطة ضعف إلى فرصة استراتيجية للنمو الاقتصادي الرقمي المستدام. فالألعاب الإلكترونية اليوم ليست مجرد وسيلة ترفيه، بل ميدان جديد للتنافس الاقتصادي، وفرصة لصناعة مستقبل أكثر ازدهارًا.