مقال بواشنطن بوست: انتكاسة لمودي وبريق أمل لمسلمي الهند
تاريخ النشر: 6th, June 2024 GMT
"قبل يوم واحد من إعلان نتائج الانتخابات أوى أغلب المسلمين إلى فراشهم والقلق يؤرقهم بشأن مستقبلهم، لأنهم لم يروا مثل هذه الحملة الانتخابية من قبل"، هكذا علقت الكاتبة رنا أيوب في مقالها بصحيفة واشنطن بوست على نتائج الانتخابات الهندية.
وذكّرت الكاتبة بما حدث في أبريل/نيسان الماضي بعد أن أكملت الهند المرحلة الأولى من التصويت عندما ألقى رئيس الوزراء ناريندرا مودي خطابا في راجستان صدم حتى بعض أنصاره، وأشار فيه إلى المسلمين باعتبارهم متسللين -أي الأشخاص الذين يتوالدون بكثرة- سيسلبون موارد السكان الهندوس، وهو ما اعتبرته تطرفا جديدا من جانبه.
ولفتت إلى كلام متطرف مشابه تلفظ به وزراء في حكومة مودي وكبار القادة عن شبح "جهاد الحب"، أي زواج المسلمين من الهندوس، و"جهاد الأرض"، أي استيلاء المسلمين على الأراضي في المناطق التي تحت سيطرة الهندوس بجميع أنحاء الهند.
وأشارت الكاتبة إلى تغير الأجواء صباح 4 يونيو/حزيران الجاري مع بدء ظهور نتائج الأصوات، حيث بدا بعض نشطاء حقوق الإنسان المسلمين يشعرون بالطمأنينة بعد تفقدهم موقع لجنة الانتخابات على الإنترنت للحصول على أحدث الأرقام من ولاية أوتار براديش المعقل الشمالي لـ80 مقعدا من أصل الـ543 مقعدا في مجلس النواب بالبرلمان.
وفي فايز آباد -وهي موطن معبد رام الجديد المثير للجدل حيث يشكل الهندوس ما يقارب 80% من السكان- اختار الناخبون مرشحا من حزب ساماجوادي السياسي الاشتراكي العلماني.
عدالة خياليةواعتبرت الكاتبة أن هذه من بين أكبر الصدمات في انتخابات وطنية مفاجئة عموما، في إشارة إلى معارضة مودي، حيث "وضع المسلمون في الهند ثقلهم إلى حد كبير وراء التحالف الهندي، لأنهم يعتقدون أن العلمانية في البلاد سوف تسود في نهاية المطاف على الأحزاب التي تعمل على أساس الدين" كما قال لها جاويد محمد أحد نشطاء حقوق الإنسان.
وأضافت أن انخفاض الأغلبية لصالح مودي وزيادة أعداد التحالف الهندي يعنيان فرض ضوابط أقوى على سياسات رئيس وزراء المناهضة للمسلمين، خاصة أن أحزاب المعارضة وعدت بحماية الدستور الهندي.
وعلق علي جاويد -وهو رئيس مؤسسة فكرية صغيرة تدعى "شبكة نوس"- بأن "هذه الانتخابات قد تمنح مودي فترة ولاية ثالثة، لكن جناحيه الآن قُصا، وأصبح تحت رحمة شركاء التحالف"، مضيفا أن هذه النتيجة تمنح المسلمين "متنفسا".
وقالت الكاتبة إن المسلمين صوتوا بأعداد كبيرة في هذه الانتخابات لحماية حقوقهم ودستور الهند على الرغم من حالات القمع التي تصدرت عناوين الأخبار، وضباط الشرطة الذين أجبروهم على مغادرة مراكز الاقتراع، وانتشار مقاطع الفيديو للناخبين وهم يتعرضون للضرب.
ووصف ناشط آخر ما حدث في مدينة سامبال بولاية أوتار براديش بأنه عدالة خيالية، حيث هُزم حزب بهاراتيا جاناتا الحاكم بأغلبية 120 ألف صوت، وهو ما جعل المسلمين يشعرون بقدر أكبر من الارتياح إلى حد ما بشأن مستقبلهم في الهند.
وقال أحد النشطاء "أولئك الذين كانوا خائفين حتى الآن من التحدث علنا وتوحيد أصواتهم والنضال من أجل حقوقهم الدستورية قد يبدؤون الآن القيام بذلك".
وتابعت الكاتبة بأن كشمير -وهي الولاية الوحيدة ذات الأغلبية المسلمة في الهند- سجلت أعلى معدلات إقبال الناخبين في السنوات الـ20 الماضية، وكان هذا ما سماه الكشميريون "تصويتا لإسماع أصواتهم".
وخلصت إلى أنه قد يكون من السابق لأوانه بالنسبة للمسلمين والأقليات الأخرى في الهند توقع مستقبل جديد بشكل جذري، لكنهم يعلمون أن مشاركتهم النشطة أحدثت فرقا، والآن يفسح يأسهم الطريق أمام الشعور بالتفاؤل والانتماء.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حريات ترجمات فی الهند
إقرأ أيضاً:
ملتقى السيرة النبوية بالجامع الأزهر: غزوة بدر كانت تطبيقا عمليا لقوة إيمان المسلمين
عقد الجامع الأزهر أمس الأربعاء، اللقاء الأسبوعي لملتقى السيرة النبوية، تحت عنوان " أهل بدر نموذجًا" وذلك بحضور كل من؛ أ.د/ حسن القصبي، أستاذ الحديث وعلومه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة، وأ.د/ نادي عبد الله محمد، أستاذ الحديث وعلومه ووكيل كلية الدراسات الإسلامية والعربية لشئون الدراسات العليا بالقاهرة، وأدار الحوار الأستاذ إسماعيل دويدار، رئيس إذاعة القرآن الكريم.
في بداية الملتقى قال فضيلة الدكتور حسن القصبي، أستاذ الحديث وعلومه بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بالقاهرة: لقد وردت العديد من الأحاديث النبوية التي تبين فضل أهل بدر ومكانتهم العالية عند الله، فقد غفر الله لهم ما تقدم من ذنبهم وما تأخر، ووعدهم بالجنة، لهذا مثل أهل بدر نموذجًا فريدًا للإيمان الصادق والتضحية بالنفس في سبيل الله ونصرة دينه، فقد لبوا نداء النبي صلى الله عليه وسلم في لحظة عصيبة وواجهوا العدو مع قلة عددهم وقلة عتادهم بإيمان راسخ وشجاعة فائقة، مشيرًا إلى أن غزوة بدر إقرار لقوانين وسنن كونية في هذا الكون، وهو ما يظهر من قول الحق سبحانه تعالى، القانون الاول: إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ ۖ وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ " أي أن النصر من عند الله سبحانه وتعالى وحده، القانون الثاني: "وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ" أن نصر الحق سبحانه وتعالى يكون للمؤمنين ولكن عليهم أن يأخذوا بالأسباب وأن يؤدوا ما عليهم، أما القانون والسنة الكونية الثالثة: هي ضرورة التسليم والإيمان بالله مع العمل والبذل لأنه سبحانه وتعالى لا يعطي دون عمل "فلولا أنه كان من المسبحين"
وأشار أستاذ الحديث إلى الموقف المشرف الذي أظهر الأنصار في الاستعداد لغزوة بدر عندما استشارهم النبي صلى الله عليه وسلم في أمر المعركة، فقال قائدهم سعد بن معاذ: والله، لكأنك تريدنا يا رسول الله؟ قال: «أجل»، قال سعد: فقد آمنا بك، فصدقناك، وشهدنا أن ما جئت به هو الحق، وأعطيناك على ذلك عهودنا ومواثيقنا على السمع والطاعة، فامض يا رسول الله لما أردت فو الذي بعثك بالحق لو استعرضت بنا هذا البحر فخضته لخضناه معك، ما تخلف منا رجل واحد، وما نكره أن تلقى بنا عدوًّا غدًا إنا لصبر في الحرب، صدق في اللقاء، ولعل الله يريك منا ما تقر به عينك، فسر بنا على بركة الله، وهذا الموقف يدل على الصدق والإيمان الذي أنعكس في موقفهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي نصرة الحق، وهو ما جعل النبي يستبشر بهذا الموقف المشرف.
وأوضح الدكتور حسن القصبي، أن نصر المسلمين في غزوة بدر كان من أهم أسبابه، هو الإيمان العميق الذي تجذر في قلوب المسلمين ووجدانهم، إضافة إلى مبدأ هام أسس له النبي صلى الله عليه وسلم في قيادته للأمة الإسلامية ليكون الأساس بعد ذلك في كل شيء وهو "مبدأ الشورى" وهو ما يظهر من المشهد الذي دار بينه وبين الحباب بن منذر " أمنزلاً أنزلكه الله ليس لنا أن نتعداه، أم هو الرأي والحرب والمكيدة؟»، فقال النبي محمد: «بل هو الرأي والحرب والمكيدة »، ليكون ذلك درسًا لكل قائد بعد ذلك بضرورة التأمل والتشاور مع من حوله، من أجل تحقيق النفع لعموم المسلمين.
من جانبه أكد فضيلة الدكتور نادي عبد الله محمد، أستاذ الحديث وعلومه، أهمية الاستفادة من دروس غزوة بدر، حيث يتجلى ذلك بوضوح في تضحيات الصحابة وإيمانهم الراسخ بقضيتهم، وثباتهم على الحق، واعتزازهم بهويتهم، واستعدادهم للتضحية بكل غالٍ ونفيس في سبيل الحفاظ على هذه القيم والمعاني السامية التي آمنوا بها، لأن النبي صلى الله عليه وسلم غرس فيهم تلك المعاني، ليصبغهم بصبغة الإيمان " صِبْغَةَ اللَّهِ ۖ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ صِبْغَةً ۖ وَنَحْنُ لَهُ عَابِدُونَ"، لأن الأمة لا يمكن أن تنتصر إلا إذا ظهرت في كل أركانها صبغة الإيمان " يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ"، مستنكرًا أن يطلب المسلم نصر الله وهو لا يتحلى بهذا المبدأ الإيماني الذي غرسه النبي صلى الله عليه وسلم في الأمة، والقرآن الكريم أشار إلى هذا المعنى في قوله: "وَإِن كَادُوا لَيَفْتِنُونَكَ عَنِ الَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ لِتَفْتَرِيَ عَلَيْنَا غَيْرَهُ ۖ وَإِذًا لَّاتَّخَذُوكَ خَلِيلًا وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا إِذًا لَّأَذَقْنَاكَ ضِعْفَ الْحَيَاةِ وَضِعْفَ الْمَمَاتِ ثُمَّ لَا تَجِدُ لَكَ عَلَيْنَا نَصِيرًا" كما أن الميل إلى الأعداء على حساب الدين والعقدية لا يعود على الأمة إلا بالخزلان.
وبين فضيلة الدكتور نادي عبد الله، أن انتصار المؤمنين في غزوة بدر لم يكن وليد اللحظة، بل كان ثمرة جهود النبي صلى الله عليه وسلم المضنية على مدى سنوات طويلة في تربية أصحابه على الثبات على الحق، وغرس الإيمان العميق في نفوسهم، وهو ما تجلى بوضوح في ذلك اليوم العظيم، مشيرا إلى أن غزوة بدر كانت تطبيق عملي لقوة إيمان المسلمين ومدى استعدادهم لنصرة الحق وإعلاء كلمة الحق سبحانه وتعالى، ويمثل جيل الصحابة الذين شهدوا غزوة بدر قدوة عظيمة في التمسك بالحق والاعتزاز بالدين والهوية، بالإضافة إلى التزامهم بالأخذ بالأسباب، وهو تجسيد عملي لمبادئ الإسلام، محذرا شبابنا من المحاولات التي يقف خلفها أعداء هذه الأمة لإبعادهم عن قيم الدين الإسلامي، ليكون بذلك فريسة سهلة أمامهم.
في ختام الملتقى قال الأستاذ الدكتور، إن المتأمل للمواقف التي انتصر فيها المسلمون نجد أنهم حققوا ذلك بسبب قربهم من الله والتزامهم بالمنهج الذي أرسل به رسوله صلى الله عليه وسلم، كما نجد أن المرات التي حدث فيها انكسار للمسلمين كان ذلك نتيجة عدم التزامهم بالمنهج الذي أمروا به، وهو رسالة لنا أن الفلاح والنصر يكمن في الالتجاء إلى الله وحسن الإيمان به والتوكل عليه، وعلينا أن نأخذ بالأسباب وأن نتوكل على الله سبحانه وتعالى، وأن نثبت على الحق، لأن ذلك هو سبيل النجاة في الدنيا والأخرى " إِذۡ يُوحِي رَبُّكَ إِلَى ٱلۡمَلَٰٓئِكَةِ أَنِّي مَعَكُمۡ فَثَبِّتُواْ ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْۚ سَأُلۡقِي فِي قُلُوبِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلرُّعۡبَ فَٱضۡرِبُواْ فَوۡقَ ٱلۡأَعۡنَاقِ وَٱضۡرِبُواْ مِنۡهُمۡ كُلَّ بَنَانٖ"
يُذكر أن ملتقى "السيرة النبوية" الأسبوعي يُعقد الأربعاء من كل أسبوع في رحاب الجامع الأزهر الشريف، تحت رعاية فضيلة الإمام الأكبر وبتوجيهات من فضيلة الدكتور محمد الضويني وكيل الأزهر الشريف، بهدف استعراض حياة النبي محمد ﷺ، وإلقاء الضوء على المعالم الشريفة في هذه السيرة العطرة، وبيان كيفية نشأته وكيف كان يتعامل مع الناس وكيف كان يدبر شؤون الأمة، للوقوف على هذه المعاني الشريف لنستفيد بها في حياتنا.