من بين أقدم ذكريات حواء حسن هي رائحة الإطارات المحترقة وصوت إطلاق النار.

 

في سن الرابعة، كانت تعيش مع عائلتها في مقديشو، الصومال، وكتبت في كتاب الطبخ الجديد الخاص بها: "لم تعد مدينة طفولتي مدينة صاخبة ومزدهرة، بل منطقة حرب خالية وعنيفة".

 

هربت عائلة حسن - أولاً إلى مخيم للاجئين عبر الحدود الكينية مباشرة، ثم إلى شقة في نيروبي، وأخيراً إلى أوسلو.

ولكن قبل انتقالها الأخير، انفصلت حسن عنهم، وانتقلت في سن السابعة إلى سياتل لتعيش مع صديق للعائلة بحثًا عن "فرص أكثر"، كما أخبرتها والدتها.

 

وهناك وجدتهم، وحصلت في النهاية على وظيفة في عرض الأزياء وسافرت حول العالم قبل أن تحوّل اهتمامها إلى تأسيس شركة صلصات (Basbaas) وتأليف كتب الطبخ (كتاب "In Bibi’s Kitchen" وكتاب "Setting a Place for Us" الجديد).

 

في حين أن حسن لم تعش في أفريقيا منذ طفولتها، فإن كتاب "تحديد مكان لنا" لا يتناول الطبخ في الشتات. بل يتناول عادات الطعام لدى الذين ما زالوا يعيشون في ثمانية بلدان، مثل الصومال التي عرفتها في طفولتها، عانت من ويلات الحرب.

 

قالت حسن عندما أجريتُ معها مقابلةً في فعاليةٍ بمكتبة السياسة والنثر في واشنطن: "إنه يتعلق بأشخاص لم يغادروا ديارهم قط، لأنهم حملوا على عاتقهم مسؤولية رعاية أرضهم".

 

يتضمن الكتاب نبذاتٍ شخصية ومقالاتٍ ووصفاتٍ من أفغانستان وجمهورية الكونغو الديمقراطية ومصر والسلفادور والعراق ولبنان وليبيريا واليمن.

 

ورغم السياق الصعب - وتوقيت صدور الكتاب وسط احتجاجاتٍ أمريكيةٍ حاشدةٍ على سياسات وإجراءات إدارة ترامب المتعلقة بالهجرة - فإن كتاب "تحديد مكان لنا" يحمل رسالةً للصمود. أو كما قالت حسن في مقابلتنا: "هذا الكتاب هو الفرح، إنه الاحتفال، إنه الجماعة، إنه الحب".

 

الوصفة التي تمنيتُ تجربتها بشدة، والتي أشاركها هنا، هي لشكشوكة يمنية لا تشبه أي شكشوكة أخرى صنعتها أو تناولتها: فبدلاً من سلق البيض الكامل في صلصة طماطم حارة، تُضاف البيض المخفوق مباشرةً إلى الصلصة.

 

يذكرني هذا الطبق بجميع طرق مزج البيض والطماطم حول العالم، مثل القلي السريع الصيني الكلاسيكي، بالإضافة إلى الميغا الإسبانية (مع الخبز) وتكساس (مع التورتيلا).

 

ولكن ما يميزه أيضًا هو استخدام خليط التوابل اليمني الرائع "حوايج"، الذي يتميز مزيجه - الفلفل الأسود والكمون والكركم والهيل والكزبرة والقرنفل - بنكهة ترابية ودافئة وحلوة وقليل من التوابل.

 

في اليمن، تُؤكل الشكشوكة كوجبة فطور، مع خبز مسطح كطبق جانبي، لكنها تُعدّ (ولا تزال تُعدّ في منزلي!) عشاءً خفيفًا مُرضيًا. مهما كان وقت تقديمها، فإن رائحتها وحدها ستجذب ضيوفك إلى المائدة، أو ربما مباشرةً إلى الموقد.

 

كما كتبت حسن: "الطعام بمثابة حصان طروادة مثالي وبوابة ترحيبية إلى الثقافة". وصحيح أنه بمجرد أن بدأتُ بقراءة كتاب "تهيئة مكان لنا"، لفت انتباهي الروابط - وليس فقط تلك التي تتناولها المجتمعات التي تتناولها.

 

يتضمن فصل السلفادور وصفةً للكويساديلا، ولكن على عكس التورتيلا المحشوة بالجبن المشوي التي أعرفها جيدًا من المكسيك، فهذه مربعات من الكعك الحلو والمالح مصنوعة من دقيق الأرز والسكر والجبن الصلب المبشور. الطعمية المصرية تشبه الفلافل، فهي مصنوعة من الفول المنقوع والمطحون، لكنها تُغطى أيضًا بالسمسم.

 

يمكن لهذه الاكتشافات الصغيرة أن تُفضي إلى اكتشافات أكبر، مثل أحد أهمها: أن اختلافاتنا تستحق الاحتفال. يمكننا أن نجتمع على المائدة حول الأشياء المشتركة، بينما يدفعنا فضولنا لمعرفة نقاط اختلافنا إلى الرغبة في معرفة المزيد.

 

قالت حسن في مجلة "السياسة والنثر": "أعتقد أن الطعام يدعو إلى التعاطف. أعتقد أنه يمكنك الجلوس على طاولة وتكوين صداقات بسرعة كبيرة".

 

*يمكن الرجوع للمادة الأصل: هنا

 

*ترجمة خاصة بالموقع بوست


المصدر: الموقع بوست

كلمات دلالية: اليمن أمريكا الشكشوكة أطعمة

إقرأ أيضاً:

نائب رئيس هيئة الكتاب: القراءة تُقوّي العقل.. والكتاب خير جليس في كل زمان

أكد الدكتور خالد أبو الليل، نائب رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، أن الاحتفال باليوم العالمي لمحبي القراءة يُعد مناسبة بالغة الأهمية، تهدف إلى التأكيد على مكانة الكتاب في حياة الأفراد والمجتمعات، والترويج لثقافة القراءة باعتبارها أداة رئيسية لتقوية العقل وبناء الشخصية.

وشدد أبو الليل، خلال مداخلة هاتفية ضمن برنامج «هذا الصباح» المذاع على قناة «إكسترا نيوز»، على أن المبادرات المرتبطة بالقراءة والكتاب هي في جوهرها دعوات مهمة ومستمرة، لأن القراءة تفتح أبواب الوعي وتعزز الذاكرة وتقوّي الشخصية، مؤكدًا أن تكرار هذه الدعوات يعكس إدراكًا عميقًا لقيمة الكتاب في حياتنا اليومية.

وأوضح نائب رئيس هيئة الكتاب، أن الاهتمام بالقراءة ليس أمرًا مستجدًا، بل ارتبط بالإنسان منذ العصور القديمة، فقد شغل الكتاب عقل الإنسان منذ الإنسان الأول وحتى يومنا هذا، باعتباره مصدرًا للمعرفة، وسجلًا للثقافات، ووسيلة للاتصال الفكري بين الأجيال.

وأضاف أن هذا الحضور القوي للكتاب عبر التاريخ تكرّس في مقولات وأشعار وأمثال خلدتها الحضارات المختلفة، حيث تكرر وصف الكتاب بأنه خير جليس وأفضل صديق، مستشهدًا بقول الشاعر الكبير المتنبي: «خيرُ جليسٍ في الزمانِ كتابُ».

أشار الدكتور خالد أبو الليل، إلى أن إحياء اليوم العالمي لمحبي القراءة يُمثل فرصة لتعزيز المبادرات المجتمعية التي تدعو الناس من مختلف الأعمار إلى تخصيص وقت للقراءة اليومية، ومراجعة علاقتهم بالكتاب كوسيلة للتعلم والمتعة واكتساب المهارات الفكرية.

اقرأ أيضاًهيئة الكتاب تحتفل بذكرى 23 يوليو بخصومات على إصداراتها في جميع المحافظات

غدا.. الثقافة تجري قرعة علنية لدور النشر المشاركة في معرض القاهرة بهيئة الكتاب

هيئة الكتاب تنعى المترجم شوقي جلال

مقالات مشابهة

  • لذيذ وسهل.. طريقة عمل آيس كريم مانجو
  • ما هي العادات التي تسبب فقدان الذاكرة؟
  • إصابة جندي إسرائيلي برصاص قناص شمالي القطاع
  • «ادعم المحتوى الراقي».. حملة توعوية تسلط الضوء على صناع المحتوى الهادف
  • واشنطن بوست: ترامب لديه خطط كبيرة للنفط الباكستاني
  • استقالة بشارة بحبح من عضوية وفد التفاوض الأمريكي
  • واشنطن بوست: 6 محطات محورية في حرب إسرائيل على غزة
  • دراسة دولية تسلط الضوء على التحول للطاقة الشمسية بمستشفى شفاء الأورمان بالاقصر
  • نائب رئيس هيئة الكتاب: القراءة تُقوّي العقل.. والكتاب خير جليس في كل زمان
  • بالأرقام.. عدد الصواريخ التي أطلقتها البحرية الأمريكية للدفاع عن إسرائيل من الهجمات اليمنية