#سواليف

بيان صادر عن #نقابة_الفنانين_الأردنيين بخصوص إقامة #مهرجان_جرش.

كان للبشر كلامٌ نقشوه على جدران الكهوف، فيه مقاومةٌ للطبيعة الضروس وأملٌ بغدٍ جديد؛ وقبلَ أن تتمكّن الجدران من الاستماع، كان للبشرِ آذانٌ. وعليه؛ إنَّ الاعتراض على إقامة مهرجان جرش وصل بقوّة الصوت، وصلَ حتّى استلزم الاعتراض المشروع، ردًّا مشروعًا كذلك؛ إيمانًا بتاريخ هذا المهرجان العريق الذي نقش هيبته ووجوده الفاعل في خارطة المهرجانات العربية والعالمية.

ومنذ أن نفى أفلاطون الشعراء عن مدينته، ظلّ الفنّ متّهمًا بوقوفه على الجانب الآخر من الحياة، بل معاديًا للحياة ونقيضًا لها، إلى أن استقرّت في الأذهان مقولاتٌ باتت راسخةً: لا صوتَ يعلو فوق صوت البندقيّة… “الرصاصةُ ما تزال في جيبي”…، ما عساها تفعل الوردة أمام جرحٍ مفتوح؟ لقد وصلَ بنا الحالُ إلى التقليل من كلِّ أشكالِ الحياةِ، فزعٌ في دواخلنا يطيّر غربانه، والموتُ يتسربُ في النسغ من الروح، شبحيٌّ مؤلمٌ في عروقِنا، في عروقِ غزّة المفتوحة جرحًا أبديًّا.

مقالات ذات صلة والد أمين عام وزارة الثقافة في ذمة الله 2024/06/03

لا أحدَ يقلّلُ من حجمِ الفاجعة، فأصواتُ الآباء والأمّهات المكلومين أبلغُ من كلّ القصائد والأغاني، ومن اللغة التي تتلعثم حروفها وتضيق دوائر تعبيرها، أشكال الحجارة المهدّمة تصرخُ حيواتٍ كانت تضجّ في داخل “غزة” أملًا ورغبةً وطموحاتٍ؛ حيوات تأخذ من زرقة البحر مدياتها. ولعلَّ الوقتَ قد حانَ، أمام المأساة المستمرّة أمام ناظرينا، أن نواجه أنفسنا بأسئلة حدنا عنها منذ السابع من أكتوبر: أعلينا أن نقف مع الحياة أم الموت؟ وما الذي تعنيه الحياة- أساسًا- في ظلّ كل هذه القسوة والفناء؟

في حياتِنا كلّها، لم نعرف ثقافةَ الموت يومًا، بل كُنّا على طولِ الدرب أنصارًا للحياة، منذ حديث الرسول: “إذا قامت الساعةُ وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها”، وحتّى اللحظة هذه، نرى مظاهر الفرح المسروق من الموت تنتشر في غزّة. لا خلاف جوهريًّا في نظرنا إلّا في التفسير، ذاك المبني على مقدّمات تقول: إنّ الفنّ ينتمي إلى عالم “إضاعة الوقت”، إلى المتعة المنفصلة عن الواقع، التي تتجاهل الدماء وتجعل المرء يلتفتُ إلى نفسه مزهوًّا، ونراها النقيض التامّ لذلك.

وإذا ما تجاوزنا التفسير المباشر للحياة، بوصف الفنّ وسيلةً لكسب الرزق والمعيش، إذ لا داعيَ لهذه الظروف الصعبة التي تعيشها النقابة والمنتسبون لها، أولئك الذين لا يملكون عملًا إلا الفنّ، الذين يمثّل لهم “مهرجان جرش” الوسيلةَ السنوية ليكملوا درب الحياة المشبع بالآلام، فالأغنية طالما كانت شريكة الساسة والمقاومين في وجه المستعمرين، بندقيّتنا في وجه القبح والألم اللذين ظلّلا حياتنا حتّى لم نجد من بدٍّ إلّا أن نشكّك فيها، عوضًا عن مدِّ السبابةِ في وجه الجاني، والتحديق طويلاً في وجه الوحش.

وعليه نقول: من المهم أن يستمرّ مهرجان جرش، مهرجان الوطن، بل من المهمّ كذلك أن يكون بصبغة وطنية عروبية؛ تعكس مشروعنا النهضوي، وقيمنا الأصيلة، ووقوفنا إلى جانب أشقائنا الفلسطينيين في معاناتهم، أن تكون هناك أغنيةٌ أردنية، قصيدةٌ ومسرحٌ وأفلام جادة الطروحات، معرضٌ تشكيليٌّ وفعاليات تعكس جراح غزة؛ تقوي فينا الإرادة والصمود، فرقٌ عربية ملتزمة في المحتوى والأداء؛ من المهمّ أن يرقى الفنّ ليقف كتفًا بكتفٍ إلى جوارِ فلسطين وشعبها، إلى جوارِ إخوتِنا، إلى جوارِنا نحنُ، كي يظلَّ صوتُ الأردنِّ عاليًا، قويًّا، يمُدُّ فلسطينَ وشعبها ثباتًا وتمسُّكًا بالحياةِ.

وعلينا أن نختار: هل نكون ضحيَّةً مثاليّةً، مستكينةً، تجلسُ وتضعُ يدًا على خدٍّ، أو أن يكونَ صوتُنا عاليًا، مُحبًّا، يجذبُ الحياة من تلابيبها، نقفُ مع الخيارِ الثاني كلّ مرّةٍ، فبالأغنية وحدَها تمكّنا من القول “شدينا عالقوم الظمر يوم الغارة ما نتعثر، والقوم اللي شتتناهم صحنا عليهم الله أكبر”.

اليوم؛ وفي هذه الظروف المتشابكة، لا تملكُ نقابةُ الفنّانين الأردنيّين طبيبًا لترسله إلى غزّة فيعالج شعبها، ولا تملك محاميًا يقفُ دفاعًا عن الفردِ أمام العدوانِ، لكنّها تملكُ فنّانًا، بوسعِهِ أن يقف على المنصَّةِ، وبصوتِهِ، بآلتِهِ، يقفُ إلى جانب القضيّةِ وفي صلبها، في صفِّ العدالة والحقيقة، آخر معاقلنا أمام التوحش، تملك فنانًا يقاوم بأدواته، بثقافته ونظرته للحياة والأمل.

المصدر: سواليف

كلمات دلالية: سواليف نقابة الفنانين الأردنيين مهرجان جرش مهرجان جرش فی وجه

إقرأ أيضاً:

رحلة إبداع وإرث فني يتجاوز الزمان والمكان

حين يُذكر اسم أم كلثوم، يتبادر إلى الذهن صوت خالد وأغاني خالدة، لكنها كانت أكثر من فنانة. كانت رمزًا ثقافيًا، ووطنياً وإنسانياً، استطاعت أن تجمع بين الإبداع الفني، التأثير الاجتماعي، والمسؤولية الوطنية، لتصبح شخصية لا تنسى في التاريخ العربي والعالمي.

حياتها تُقرأ اليوم كقصة مشوقة تكشف التحديات، الإصرار، والقدرة على مواجهة المصاعب التي غالبًا ما يغفلها الجمهور.

البدايات: رحلة الطفولة من الأرياف إلى القاهرة

وُلدت أم كلثوم في الأرياف المصرية في 1904 -وفق المصادر- حيث عاشت طفولة مليئة بالقيم الموسيقية والعائلية. انتقالها إلى القاهرة كان بداية رحلة تحدٍ حقيقي، إذ اضطرت للتأقلم مع مجتمع حضري صارم ومتطلب تغيير مظهرها ليواكب متطلبات النجومية. فقد والدها وشقيقها خالد أثر بشكل كبير على حياتها الداخلية، وشكل شخصيتها القوية التي تمكنت من الصمود أمام الإعلام والجمهور على حد سواء.

الإشاعات والضغط الإعلامي: صبر وإرادة

طوال حياتها، كانت أم كلثوم محط متابعة مستمرة من الصحف العربية والعالمية، حيث تداولت الشائعات حول حياتها الشخصية، علاقاتها العاطفية، وصحتها. من The New York Times إلى Le Monde، تركزت التقارير على محاولة تصوير حياتها بأسلوب درامي، لكنها تمكنت من التحكم بصبرها واستراتيجيتها أمام هذه الإشاعات، محافظة على صورتها كرمز للجدية والاحترام، مما جعلها قدوة في ضبط النفس والاحترافية في مواجهة الضغوط الإعلامية.

الحب والزواج: صراعات القلب والفن

عاشت أم كلثوم تجارب وواجهت شائعات عاطفية معقدة، بدءا من الشاعر أحمد رامي، مرورًا بخال الملك فاروق شريف صبري، وصولًا إلى خطوبتها للملحن محمود الشريف. هذه العلاقات واجهت رفضًا شعبيًا وإعلاميًا، لكنها استطاعت تحويل ألمها الشخصي إلى إبداع فني متواصل، ووضعت بصمتها في الأغاني التي تعكس الحب والفقد والصبر، لتصبح نماذج فنية خالدة تعبّر عن الروح الإنسانية بصدق وعمق.

الصحة والتحديات الجسدية.. صمود أمام المحن

أصيبت أم كلثوم بورم في الغدة الدرقية، ما أثر على قدرتها على الإنجاب، وتعرضت للسرقة والتهديد بالقتل. ورغم ذلك، حافظت على التزامها بالفن، وارتقاء مستوى الموسيقى العربية، وأثبتت أن الإرادة الحقيقية للفنان تكمن في القدرة على تقديم أعمال خالدة رغم الصعوبات الجسدية والنفسية.

الوطنية والفن السياسي.. توظيف الصوت لخدمة مصر

أم كلثوم لم تكن مجرد فنانة، بل رمز وطني استخدم الفن لخدمة الدولة المصرية. خلال الحروب المختلفة، ساهمت في جمع التبرعات لصالح الجيش المصري، وأدت أغاني وطنية أثرت على الروح المعنوية للمقاتلين والمواطنين على حد سواء. كانت موسيقاها أداة سياسية ودبلوماسية، فكانت رسالتها واضحة وهي أن تكون قوة وطنية مؤثرة.

السياسة والانزواء بعد ثورة 1956

ارتبطت أم كلثوم بالملك فاروق، ومع ثورة 1956 عاشت فترة انزواء وعزلة من نقابة الموسيقيين. عاد لها حقها بالعمل (بفرمان) من الرئيس جمال عبد الناصر، مؤكدًا مكانتها الفنية والسياسية. هذا التوازن بين الولاء الوطني والإبداع جعلها جسرًا بين الفن والسياسة، وشخصية مركزية لفهم العلاقة بين الثقافة والفكر السياسي في مصر الحديثة.

المنديل وصورة الإنسان أمام الجمهور

كانت أم كلثوم تحمل منديلًا دائمًا أمام الجمهور بسبب توتر شديد وتعرق اليدين، ما يعكس التزامها بالظهور بأفضل صورة أمام جمهورها واحترامها وتقديرها الشديد لعملها وفنها وإدراكها أنها رسالة. هذه التفاصيل الصغيرة، تكشف إنسانيتها وتواضعها، وعمق احترامها للجمهور، وتثبت أن الأسطورة ليست مجرد صوت بل شخصية متكاملة تصنع الإبداع من داخل المعاناة والتحدي.

الشهرة العالمية وتأثيرها على الصحافة والفن

حياتها كانت محور اهتمام الصحف العالمية مثل The Guardian وLe Monde وThe New York Times، التي أشادت بقدرتها على توظيف الفن في خدمة القضايا الوطنية والاجتماعية، وسلطت الضوء على صبرها وإرادتها في مواجهة الضغوط والتحديات، مما جعلها رمزًا عالميًا للقيادة الثقافية والفنية والإنسانية.

إرث خالد يتجاوز الزمان والمكان

إرث أم كلثوم يستمر لأنه جمع بين الفن، الإنسانية، والوطنية في لوحة واحدة. صوتها لم يكن مجرد ألحان، بل مرآة للعاطفة، القوة، والصبر في مواجهة التحديات. شخصيتها وفنها شكّلا نموذجًا عالميًا للقيادة الفنية والثقافية، وقدرتها على توظيف الفن كأداة للتأثير السياسي والاجتماعي جعلت صوتها خالدًا في ذاكرة الأجيال. من خلال أغانيها ورسائلها الإنسانية، تظل أيقونة حية، رمزًا للفن الذي يصنع التاريخ ويُلهم المستقبل، وصوتها حاضر في كل زاوية من العالم العربي والعالمي.

مقالات مشابهة

  • نقابة المهن التمثيلية تنعى شقيقة الزعيم عادل إمام
  • أهم مخرجات اجتماع مجلس الوزراء
  • نجوم الفن بين المستشفى والمنزل | تفاصيل حرجة عن الحالة الصحية لأبرز الفنانين 4 منهم على فراش المرض
  • نجوم المسرح في حفل ختام مهرجان المنيا الدولي.. والمحافظ يُشيد بدور الفن في بناء الوعي |صور
  • لقاء سويدان وسامح حسين في لجنة تحكيم مهرجان تياترو
  • دول عربية وإسلامية تصدر بياناً حول «أونروا».. أمريكا تجدد دعم إسرائيل!
  • رحلة إبداع وإرث فني يتجاوز الزمان والمكان
  • شركة مدافئ ” شموسة” تصدر بيانا للأردنيين
  • نجوم الفن يتألقون على السجادة الحمراء في ختام مهرجان البحر الأحمر السينمائي 2025
  • داخلية غزة تصدر بياناً بشأن الأوضاع في القطاع خلال المنخفض