بدء العمل بمنصة رقمية للتبليغ عن "المحتويات غير المشروعة" في الإنترنت
تاريخ النشر: 6th, June 2024 GMT
شرعت المديرية العامة للأمن الوطني، انطلاقا من مطلع هذا الأسبوع، في العمل بالمنصة الرقمية « إبلاغ » المخصصة للتبليغ عن المحتويات غير المشروعة على شبكة الأنترنيت، والتي يمكن الولوج إليها من داخل المغرب وخارجه عبر جميع وسائط وتطبيقات تصفح الأنترنيت على الأجهزة الثابتة والمحمولة.
ومنظومة « إبلاغ » هي عبارة عن منصة رقمية تفاعلية، تسمح لمستخدمي شبكة الأنترنيت ورواد مواقع التواصل الاجتماعي بالتبليغ الفوري والآمن عن كل المحتويات الرقمية الإجرامية والعنيفة، أو تلك التي تتضمن تحريضا على المساس بسلامة الأفراد والجماعات، أو تنطوي على إشادة بالإرهاب والتحريض عليه، أو تمس بحقوق وحريات الأطفال القاصرين وغيرهم.
بحسب بلاغ، فقد جرى الحرص في تطوير وبناء هذه المنصة الجديدة على مراعاة مجموعة من الضوابط والأخلاقيات المتعلقة بآليات استقبال ومعالجة تبليغات المواطنين عن المحتويات الرقمية غير المشروعة، خصوصا في الجوانب المتعلقة بتأمين حماية صارمة للمعطيات الشخصية لمستعملي هذه المنصة، علما أن آلية التبليغ نفسها التي تم اعتمادها توفر عدة خيارات تتيح للمستعملين إما التصريح بمعطياتهم التعريفية أو عدم كشفها.
وتكرس هذه المنصة، وفق المصدر ذاته، مرتكزات ومفاهيم أمنية ضرورية، من بينها الإنتاج المشترك للأمن الذي يجعل المواطن شريكا في توطيد الأمن في مفهومه الواسع، من خلال التبليغ عن كل التهديدات والمخاطر المحتملة، كما تجسد هذه المنصة كذلك واجب التحذير الذي يفرض على الجميع الإخطار والتبليغ عن كل الجرائم ومحاولات الجرائم التي تتهدد أمننا الجماعي.
وتراهن مصالح الأمن الوطني من خلال تطوير وإطلاق المنصة الرقمية « إبلاغ » إلى تدعيم الإحساس العام بالأمن، وتعزيز التفاعل بين المؤسسة الأمنية ومحيطها المجتمعي، وكذا تطوير آليات عملية وناجعة لمكافحة الجرائم المرتبطة بالتكنولوجيات الحديثة عبر إشراك المواطنين في تحقيق الأمن الرقمي وصيانة الأنترنيت كفضاء آمن وخال من التهديدات والسلوكيات الإجرامية.
ومن الناحية العملية، سيكون بمقدور أي مواطن أو مواطنة الولوج إلى المنصة الرقمية إبلاغ عبر عنوانها الإلكترونيwww.e-blagh.ma ، وتسجيل تبليغه عن المحتوى الإجرامي الذي يتهدده أو يتهدد الغير، بشكل مبسط ومؤمن وسريع، قبل أن تعمد الفرقة التقنية لمصالح الأمن الوطني بإجراء الخبرات الضرورية والتشخيصات التقنية اللازمة بشأن المشتبه فيهم المتورطين في الجرائم المفترضة، مع إحالتها على الشرطة القضائية المختصة ترابيا لإشعار النيابة العامة والتماس تعليماتها بشأن الأبحاث المنجزة.
وستتعاطى مصالح الأمن الوطني مع جميع التبليغات والإخطارات الواردة عبر منصة « إبلاغ » بالجدية والسرعة اللازمتين، من منطلق أنها شكايات ووشايات تقتضي البحث والتحري، وسوف يتم إجراء سائر الأبحاث التمهيدية الضرورية تحت إشراف النيابات العامة المختصة ترابيا.
كلمات دلالية أمن إنترنت المغرب تكنولوجيا جريمة رقمي شرطةالمصدر: اليوم 24
كلمات دلالية: أمن إنترنت المغرب تكنولوجيا جريمة رقمي شرطة هذه المنصة
إقرأ أيضاً:
الاتجار بالبشر والمسؤولية الأخلاقية
شاركت سلطنة عُمان اليوم العالم الاحتفال باليوم العالمي لمكافحة الاتجار بالبشر وسط التزام كبير ومسؤول من سلطنة عُمان لبناء مجتمع واع بخطر هذا النوع من الجرائم.
وفي بلد يستند إلى تراث من التسامح والتوازن، لم تُترك مواجهة الاتجار بالبشر للنوايا الحسنة وحدها؛ خاصة وأن العالم يشهد الكثير من المتغيرات التي من شأنها خدش بعض القيم تحت تأثير تلك النوايا الحسنة أحيانا والرغبات المادية في أحيان أخرى ولذلك أرست منظومة قوانين رادعة في حق من تسول له نفسه محاولة الاتجار بالبشر أيا كان نوع تلك الجرائم.
وتنظم اللجنة الوطنية لمكافحة الاتجار بالبشر التي تتبع وزارة الخارجية، كل عام، حملات توعوية بمختلف اللغات والأساليب والتقنيات الحديثة بهدف بناء وعي مجتمعي قوي يكون هو السد أمام أي محاولات للخروج عن أعراف المجتمع أو الخروج عن القوانين في هذا الجانب.
ومع القيم الراسخة في المجتمع العماني إلا أن جرائم الاتجار بالبشر أصبحت اليوم جرائم عابرة للحدود تديرها وتنظمها مؤسسات كبيرة لديها إمكانيات هائلة، وتعمل على استقطاب ضعفاء النفوس لمساعدتها على أداء أدوارها الحاطة بالكرامة الإنسانية. والمجتمع الدولي، رغم كل البيانات والوعود، لا يزال عاجزا، أو أسيرا لفكرة أن هذه الجرائم تقع خارج نطاق الرؤية والاهتمام.
لقد تغير كل شيء في العالم، تغيرت التكنولوجيا، وأساليب الاستعباد، وتعريفات الضحية، وحتى أنماط الاستغلال؛ لكن جوهر جريمة الاتجار بالبشر لم يتغير عبر تحويل الإنسان إلى سلعة تباع وتشترى وتُستخدم وتُرمى.
ومع الأسف الشديد، ورغم كل الجهود العالمية، إلا أن الأمم المتحدة تشير إلى ارتفاع مؤشر هذا النوع من الجرائم بنسبة 25% خلال السنوات الثلاث الأخيرة، بعد أن تراجعت -مؤقتا- خلال جائحة كورونا. وهذه النسبة المرتفعة تؤكد -دون شك- حجم انهيار نظام الحماية العالمي، وانتصار قيم السوق على قيم الكرامة الإنسانية.
يحتاج العالم أن يواجه هذه الظاهرة بشكل أكثر وضوحا، ويبحث وراء أسبابها الحقيقية فهي ليست عرضا لخلل مجتمعي، ولكنها في الحقيقة نتيجة منطقية لنظام عالمي يقدّس الربح ويُهمّش الإنسان وكرامته وإنسانيته. فما الذي يجعل مهاجرا يركب البحر على قارب مطاطي لا تتجاوز نسبة نجاته 1%؟ وما الذي يجعل فتاة تقبل عرض عمل لتكتشف لاحقا أنها ضحية شركة بدأت تتاجر بها؟ لا شك أن أحد أسباب ذلك هو الحاجة واليأس، لكن، أيضا، غياب سياسات الحماية، وفشل القانون الدولي، وصمت بعض الدول المستفيدة من استمرار هذا المسلسل المهين للكرامة الإنسانية سبب آخر.
من المهم أن تسود العدالة هذا العالم، ولكن الأهم أيضا أن تكون هناك قوانين تحكم الإنسان من أن يقع ضحية لشركات الاتجار.. ولا بد للحكومات في العالم ألا تغض الطرف عن الشركات التي تستفيد من سلاسل التوريد الملوثة بالاستغلال، والمصارف التي تمرّ عبرها الأموال.
إن النموذج العماني في هذا المجال نموذج يستحق الإشادة كما يستحق الاحتذاء به؛ حيث لا تساهل أبدا أمام أي محاولة مهما كانت بدائية لكل أنواع جرائم الاتجار بالبشر، وتضرب الدولة عبر قوانينها النافذة، بيد من حديد لوقف كل هذه الممارسات، مستفيدة أيضا من وعي المجتمع العماني والمبادئ والقيم السائدة في المجتمع والمستمدة من الدين الإسلامي الحنيف .
يحتاج العالم إلى الصدق مع نفسه وهو يكافح هذا النوع من الجرائم، فهي في الغالب لا ترتكب في الظلام وإنما بغض البصر عنها في بعض الأحيان في سبيل عوائد مالية ملوثة بالكرامة الإنسانية .