هل باتت الحرب بين حزب الله وإسرائيل حتمية؟
تاريخ النشر: 7th, June 2024 GMT
يتطور الصراع بين إسرائيل وحزب الله بشكل تصاعدي ينذر بمغادرة مناطق الحذر عبر التكتيكات التي استخدمها الطرفان في المرحلة السابقة؛ والانخراط بصراع أكبر شراسة قد تشمل تداعياته مناطق واسعة في الشرق الأوسط وقد يتردد صداها بقوة في المجال العالمي.
ثمّة نُذر برزت في سماء المنطقة عن اقتراب ساعة الصفر، فالطرفان، ونتيجة حسابات ورهانات كل منهما فقد تجاوزا منطقة الحذر بأميال، وفي ظل محاولاتهما الحفاظ على قدرة الردع بما يستلزمه ذلك من تطوير مستمر لقواعد الاشتباك، صنعا مسارا تصاعديا للمواجهات بينهما؛ يبدو أنه لم يترك أمامهما مساحة كبيرة للمناورة التي يمكن من خلالها الحفاظ على أنماط الاشتباك القديمة والتحكم بمستوى النيران وكثافتها؛ في اللعبة التي طالما جرى ضبطها بموازين من ذهب في المرحلة السابقة سمحت لكليهما الادعاء بتحقيق الإنجازات وردع الخصم.
مؤشرات احتمال اندلاع الحرب باتت متكاثرة، سواء عبر استدعاء حكومة نتنياهو لعشرات آلاف الجنود الاحتياط الإضافيين، أو من خلال تحذير بريطانيا للبنان باحتمال اندلاع حرب في جنوب لبنان في الأسابيع المقبلة، بالإضافة الى كثافة زيارة مسؤولي حكومة نتنياهو إلى الشمال، وإجراء مناورات عسكرية ضخمة لمحاكاة هجوم على أراضي لبنان تضمنت سيناريوهات متنوعة لاحتمال توسع الحرب.
يبدو أن التقديرات الخاطئة لحكومة نتنياهو وحزب الله ساهمت في خلق ديناميكية قوية نحو تصعيد متسارع لم يأخذه الطرفان في الحسبان، فالطرفان، ومن خلال تتبع تصريحات الجهات المختصة لديهما، يعتقدان أن الطرف الآخر مردوع لدرجة أنه لن يغامر بإشعال الحرب. كما يدخل عامل الاستنزاف ضمن هذه التقديرات، وكلاهما يعتقد أنه استنزف الطرف الآخر طوال الشهور الثمانية. وهنا عامل الحسابات والرهانات، إذ تعتقد حكومة نتنياهو أن الحزب الذي خسر العديد من كوادره في المرحلة السابقة يحتاج إلى مخرج يعفيه من الحرب ليستطيع ترميم خسائره الكبيرة من الكوادر والسلاح، وهي ذات الحسابات والرهانات عند حزب الله الذي يعتقد أن إسرائيل وصلت إلى أعلى درجات الاستنزاف في غزة، وأنها على الأكثر قادرة على شن بعض الغارات وليس القيام بحرب جديدة على جبهة الشمال.
لكن، مصفوفة الرهانات والحسابات لدى الطرفين، يبدو أنها قابلة للتوظيف في صناعة مسار الحرب، وتحويلها إلى محفزات ودوافع، بل ربما أصبحت محركات فعلية للحرب بينهما، لا سيما أن كلا من الطرفين بات يعتقد أنه كوّن خبرة كافية عن أساليب الطرف الآخر في الحرب وبنك الأهداف الذي قد يستهدفه وحدود قدراته ونقاط ضعفه، كما أنهما بنفس الوقت واقعان في مأزق استراتيجي لن ينجيهما من تبعاته سوى الانخراط في الحرب.
فإسرائيل تعاني بشدة من سقوط نظريتها الردعية بما يؤثر بشكل كبير على ميزان القوة الاستراتيجي في المنطقة؛ الذي حرصت على ضمان التفوق فيه طوال العقود السابقة، في حين أن حزب الله، بوصفه أحد أهم أذرع إيران في المنطقة، يواجه احتمالات نشوء محور جديد قد يؤدي إلى إضعاف مكانة إيران الاستراتيجية في المنطقة بشكل كبير.
بناء على ذلك، قد يكون الطرفان مستعدان لتحمل أثمان الحرب في حال اندلاعها، إذ وفق تقديراتهما، قد تكون الأثمان التي سترتبها الحرب عليهما، رغم فداحتها وثقلها، أقل بكثير من الخسائر الاستراتيجية التي تلوح لهما في الأفق، ما يجعل الحرب في هذه الحالة الخيار الأكثر ملاءمة لتعديل الموازين الاستراتيجية التي انهارت، أو في طريقها للانهيار في المرحلة المقبلة.
السؤال الآن: ماذا سيترتب على هذه الحرب في حال اندلاعها؟ وما التحولات التي ستصنعها في المشهد العام للمنطقة؟ يتوقف الأمر إلى حد بعيد على طبيعة الحرب وحدودها والمدى الذي ستصل إليه، فهل ستكون استكمالا للتراشق الحالي لكن ضمن كثافة نيرانية أعلى، أم أنها ستشمل نطاقا واسعا من الأراضي وضرب أهداف استراتيجية على مستوى عال من الأهمية والخطورة؟
لا يمكن التحكم بمسارات الحروب بعد وقوعها، كما لا يمكن ضبط مجرياتها، إذ تتركز الأهداف الأساسية لدى أطرافها على مسألتين رئيسيتين؛ تحقيق أكبر قدر من الأذى للطرف الآخر وهزيمته وإخضاعه، وذلك لتبرير الأثمان التي دفعها الطرف الآخر لبيئاته الداخلية وللأطراف الإقليمية والدولية، وفي حالة الصراع في المنطقة؛ فإن أحد أسباب ضراوتها هي التحولات المتوقع حصولها كنتيجة حتمية لها، في ظل صراع جيوسياسي عريض تنطوي المنطقة في إطاره وينخرط فيه معظم الفاعلين الإقليميين والدوليين.
x.com/ghazidahman1
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي مقالات كاريكاتير بورتريه إسرائيل لبنان تصعيد حزب الله لبنان إسرائيل حزب الله تصعيد مقالات مقالات مقالات سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد صحافة رياضة اقتصاد سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الطرف الآخر فی المرحلة فی المنطقة
إقرأ أيضاً:
وزير الري: العلم ضرورة حتمية لتحسين إدارة الموارد المائية وتعظيم كفاءة استخدامها
قال وزير الموارد المائية والري الدكتور هاني سويلم إن المياه باتت من أكثر القضايا العالمية إلحاحًا، موضحا أن العلم ليس رفاهية، بل ضرورة حتمية لتحسين إدارة الموارد المائية وتعظيم كفاءة استخدامها.
جاء ذلك في كلمة الوزير خلال الاحتفال رفيع المستوى الذي عٌقد بالعاصمة الفرنسية باريس بمناسبة مرور 50 عامًاً على انطلاق البرنامج الهيدرولوجي الدولي، بحضور عدد من الوزراء البارزين حول العالم للمشاركة في هذه المناسبة المهمة.
وقدم الدكتور سويلم خلال كلمته بتحية خاصة إلى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة يونسكو على تنظيم هذا الحدث البارز والذي يأتي في وقت يشهد فيه العالم تصاعداً غير مسبوق في التحديات المائية.
وأضاف أن المرحلة التاسعة من البرنامج الهيدرولوجي الدولي لليونسكو تحت شعار (العلم من أجل عالم آمن مائياً في بيئة متغيرة) تمثل دعوة واضحة لتوظيف البحث العلمي والابتكار في خدمة الأمن المائي.
وتابع "أن أولويات هذه المرحلة تشمل (البحث العلمي والابتكار - التعليم في ظل الثورة الصناعية الرابعة - المعرفة القائمة على البيانات - الإدارة المتكاملة للموارد المائية - الحكم القائم على العلم)، وهي جميعها أدوات عملية لا غنى عنها لتحسين مستقبل المياه عالميًا".
وتناول أبرز التحديات التي تواجه قطاع المياه في مصر، مشيرا إلى أن البلاد تعتمد بشكل شبه كلي على نهر النيل لتلبية احتياجاتها المائية، ومع انخفاض نصيب الفرد إلى نحو نصف المعدل العالمي الآمن الذي يُعد مرجعًا دوليًا لقياس الندرة المائية الشديدة، أصبحت مصر من بين الدول الأشد ندرة في المياه، مما يستدعي تبنّي سياسات مائية تركز على الكفاءة والابتكار والاعتماد على الحلول العلمية.
وأشار إلى أن السياسة المصرية ثابتة في دعم التعاون والتكامل الإقليمي، سعيًا لتحقيق الازدهار لجميع دول حوض النيل، منوهًا بأن مصر تقدر وتدعم جهود منظمة يونسكو والبرنامج الهيدرولوجي في تنفيذ مشروع FRIEND-Nile الذي يعد منصة محورية للتعاون العلمي والبحث الهيدرولوجي وتبادل البيانات بين دول الحوض.
ولفت إلى مجالين محوريين يمكن أن يسهما في تعزيز التعاون الإقليمي وهما: التنبؤ الهيدرولوجي، والمياه الخضراء، موضحًا أن التباين المناخي الكبير بدول الحوض، بجانب الأنماط المطرية غير المنتظمة، وزيادة الطلب على المياه وغياب تبادل البيانات بين الدول، كلها عوامل تُحتّم الاعتماد على نمذجة هيدرولوجية متقدمة وتوقعات مناخية دقيقة، وهذه الأدوات العلمية توفر لغة مشتركة للحوار وأساسًا لفهم متبادل ومتوازن لاحتياجات دول المنبع والمصب، بما يدعم بناء الثقة وتنسيق تشغيل السدود وإعداد خطط للتعامل مع الجفاف.
وفيما يخص المياه الخضراء وهي مياه الأمطار التي تخزن في التربة والمستخدمة من قبل النباتات، قال وزير الري إنها المصدر الأساسي للرطوبة في 80% من الزراعة العالمية، كما أنها تدعم الأمن الغذائي لمليارات البشر.
وأكد أن غياب المياه الخضراء عن استراتيجيات المياه الوطنية والإقليمية يُعد ثغرة ينبغي تداركها عبر نهج شمولي على مستوى حوض النيل، يدمج المياه الخضراء في التخطيط الهيدرولوجي والسياسات الزراعية وجهود الحفاظ على النُظم البيئية واستراتيجيات بناء السلام.
اقرأ أيضاًوزير الري يبحث أعمال حماية الشواطئ بسواحل مصر الشمالية
وزير الري: توفير الاحتياجات المائية فور طلبها من المنتفعين خلال إجازة العيد
وزير الري يؤكد أهمية تعزيز مشاركة الأفراد والمنظمات في فعاليات أسبوع القاهرة الثامن للمياه