ملامح من سيرة البطلة رابحة الكنانية
تاريخ النشر: 19th, June 2024 GMT
د. خالد محمد فرح
Khaldoon90@hotmail.com
لئن كان سجل الأساطير والقصص العربي القديم قد حفظ لنا قصة " زرقاء اليمامة " التي أنقذت قومها من مغبة هجوم ماحق كان يوشك أن يباغتهم به جيش عرمرم معادٍ لهم ، بأن أنذرتهم وحذرتهم منه ، بعد أن أبصرته وهو يزحف عليهم من بعيد ، بفضل ما أوُتيت من قدرة استثنائية على الإبصار من مسافات بعيدة ، ولئن ظل الفرنسيون يفخرون إلى يوم الناس هذا ، بمآثر بطلتهم " جان دارك " التي عاشت في أواخر العصور الوسطى ، فإن في تاريخنا السوداني بطلات عظيمات كان لهن من مآثر البطولة والشجاعة والفداء والوطنية الصادقة ما يملؤنا بالزهو والافتخار.
فمن بين هؤلاء البطلات السودانيات العظيمات ، امرأة اشتهرت باسمها الأول ولقبها الذي يبين انتسابها إلى قبيلتها فحسب ، ألا وهي: " رابحة الكنانية ". ارتبطت هذه البطلة بعمل بطولي فذ ، نفذته في شجاعة ووطنية نادرتين ، وفي مرحلة مفصلية وقعت متزامنة مع البدايات الأولى للثورة المفدية في السودان. ذلك بأن الإمام المهدي ، كان قد ارتحل بأنصاره من الجزيرة أبا بالنيل الأبيض إلى كردفان ، وانحاز بهم إلى منطقة " قدير " بجبال " تقلي " الحصينة في جوار المك " آدم أم دبالو " ، لكي يُحكم الاستعداد منها في تؤدة وأمان ، من أجل الاستمرار في الثورة ، ومنازلة قوات الإدارة الاستعمارية الغاصبة ، وذلك عقب نجاحه في الانتصار على قوات الحكومة بقيادة أبو السعود باشا ، وسلبها أسلحتها في أولى معارك المهدية في " أبا ".
علم راشد بك أيمن مدير فشودة بوصول المهدي وقواته إلى جبال تقلي ، فتحرك من هناك بتاريخ 9 ديسمبر 1881م ، في قوة مدججة بالسلاح والعتاد ، قاصداً مهاجمة معسكر الإمام المهدي في قدير ، بهدف القضاء على حركته قبل أن تستفحل ويشتد عودها. وقد بذل راشد بك قصارى جهده في كتمان أمر مسيره ذاك ، بقصد مباغتة المهدي وأنصاره ، وأخذهم على حين غرة بهجوم خاطف مدمر. ولكن رابحة الكنانية المذكورة ، كانت قد شاهدت حركة راشد بك أيمن وجيشه ، فانطلقت تعدو برجليها بكل ما أُوتيت من قوة ، ولمسافة طويلة جدا ، حتى وصلت إلى معسكر الإمام المهدي في قدير في الثلث الأخير من ليلة الخميس 16 محرم 1299 هـ ، الموافق 28 ديسمبر 1881م ، كما يخبرنا بذلك نعوم شقير في تاريخه الكبير ، فقصت عليه القصص ، وأخبرته بتدبير راشد بك ومسيره إليه. فاستعدّ المهدي وأنصاره لقوات راشد ، وكمنوا لها ، فأوقعوا بها هزيمة منكرة ، أسفرت عن وقوع عدد كبير من القتلى في صفوف الأعداء ، بمن فيهم راشد بك نفسه. وقد مثّل ذلك الانتصار في تلك الموقعة ، فتحاً معنوياً وعملياتياً ولوجستياً ودعائياً كبيراً ، ومهماً للغاية بالنسبة لدعوة الإمام المهدي ولثورته ، مما شجع المزيد من الناس من شتى أصقاع السودان على الانضمام إلى ركب الثورة وهم يرتجزون:
هوّاي .. هوّاي نسيرو
للمهدي في قديرو
ولكن ... من هي رابحة الكنانية هذه على وجه الدقة والتحديد والتفصيل ؟ لا تمضي جل المصادر التي عرضت لهذه الجزئية من تاريخ الثورة المهدية ، بما في ذلك كتاب: تاريخ وجغرافية السودان لنعوم شقير الذي أشرنا إليه آنفا ، إلى أكثر من ذكر الاسم الأول لهذه المرأة ، متبوعاً بلقبها الذي هو عي الواقع نسبتها إلى قبيلة " كنانة ".
أما كنانة التي تنتسب إليها البطلة رابحة الكنانية ، فهي قبيلة سودانية تنتسب إلى قبيلة كنانة العربية القديمة ، ويعيش أفرادها على ضفتي أعالي النيل الأزرق ، حيث يتركز معظمهم بنواحي سنار وسنجة ، وجنوب الجزيرة بين النيلين الأزرق والأبيض. وإلى منطقتهم يعود اسم مشروع ومصنع سكر كنانة المشهور ، كما يشتهرون في هذه المنطقة بتربية واحدة من أجود سلالات الأبقار المعروفة بوفرة إنتاجها من اللبن. ولقبيلة كنانة وجود قديم ومعتبر في كردفان شمالها وجنوبها كذلك ، وخصوصاً في مناطق الحمادي والدبيبات جنوب مدينة الأبيض ، ويستمر انتشارهم إلى الجنوب من ذلك حتى منطقة تقلي يشرق جبال النوبة ، وإلى هؤلاء الأخيرين كانت تنتمي بطلتنا رابحة الكنانية ورهطها> هذا ، ومن أبرز أعلام كنانة بشمال كردفان: " الشيخ كباشي تور بُقُلْ " بضم الباء والقاف ، وهو مذكور في كتاب الطبقات لمحمد النور بن ضيف الله.
على أن الأستاذة الجامعية والباحثة الفرنسية الراحلة ، الدكتورة فيفيان أمينة ياجي ، رحمها الله ، تفيدنا في كتابها الموسوم ب " الخليفة عبد الله... حياته وسياسته " ، بأن الاسم الكامل لبطلتنا هو: " رابحة بت علي ود مرعي ". ولكن صديقنا الباحث والصحافي والشاعر الشاب الأستاذ " عماد محمد بابكر " ، يخبرنا في مخطوطة كتاب يزمع إصداره قريباً عن قبيلة كنانة وتراثها الشعبي ، اطلع كاتب هذه السطور على طرف من محتوياته ، أن الاسم الكامل الكامل لهذه البطلة هو: " رابحة بت حسن ود زايد الكناني العريقابي " ، نسبة للعريقاب ، وهم بطن من كنانة كانوا يسكنون على سفح جبل بمنطقة تقلي يقال له " الجرادة " في الزمان الذي وقعت فيه معركة راشد بك أيمن ، وفقاً لإفادة من أحد أبناء تلك المنطقة ، فالله أعلم أيُّ ذلك كان !.
ومهما يكن من أمر ، فإنّ ما صنعته البطلة رابحة الكنانية ، سوف يظل مأثرة خالدة أبد الدهر ، من مآثر البسالة والبطولة والتضحية تكلل هامات بنات السودان وأولاده كذلك ، بأكاليل المجد والعزة والفخار على مرِّ الأزمان ، وتعاقب الأجيال.
Rabha the Sudanese Marathoner
شعر
د.أحمد جمعة صديق
When the sun came down on the mountains
And all creatures crept to their heaths
And the roaring lions set out of their dens
And the birds were back to the trees
When the village fire was no longer burning
And the sleepy children climbed to their beds
When every couple to his dwell were returning
And the dogs in their huts hid their heads
When the African night crept like a ghost
And veiled with his dark sheet every place
(Rabha stealthily left her home with a (post
And out of the village she began the race
In the darkness of darkness, she fled away
As lonely as a baby whose mother had lost
Through the dark forest she forced her way
And down the hills staggered with her post
As a hurricane she was fast to go
And her heart like a drum strongly beating
Her small feet the spaces were to mow
And the wind on her cheeks fiercely heating
She could hardly see her way as it was too dark
As no moon was there, the earth to light
And fear sharpened his teeth, a brutal shark
But Rabha was fearless and full of delight
(Pheidippides) much waters was said to wade
For two days he did not stop to breathe
To Sparta he ran so fast to seek the aid
And Athena at last had won the wreath
So, Rabha did not fear the slimy things under her feet
She did not fear the lions roaring near in their dens
And she did not fear the hyena hunting for the meat
And she did not fear things skulking in the fens
But bravely ran from Fonger to Gadeer
She defeated her fear and her human soul
She ran fast and fast like an African deer
She sold herself for a highly sacred goal
She ran over hill and vale and on the passage
Her face was full of happiness, as happiness should be
And in the early morning she came with the message
And those were the last words delivered to the Mahadi
'The enemy is approaching in heavy heaps of guns'
'With seventeen hundred men with food and horses'
She uttered those last words, and her soul was gone
And with those words she changed the history courses
Rabha was the lesson we shall teach to all generations
She was the dream that the Turks could never ban
She was the symbol and the pride of the nation
Rabha was the song for every dame and man
She was the greatest heroine of our land
And the hope we have to plant on every sand
المصدر: سودانايل
كلمات دلالية: الإمام المهدی
إقرأ أيضاً:
خطيب المسجد النبوي: سيرة النبي محمد دستور يصلح حال البشرية كلها
تحدّث إمام وخطيب المسجد النبوي الشيخ الدكتور عبدالباريء بن عواض الثبيتي، عن سيرة النبي محمد - صلى الله عليه وسلم - بوصفها منهجًا ودستورًا يصلُحُ بها حالُ البشرية جمعاء في كل زمان ومكان، وتمثّل رسالة تنبضُ بالحياة، تُحيي القلوب والضمائر، وترسّخ مباديء العدل والرحمة والمساواة، وتُلغي كل تفاضُلٍ زائف بين البشر قائمٌ على العِرق أو المال أو اللون أو الجِنس، وتمنحُ البصيرة في زمن الفتن.
وأوضح الشيخ عبدالباريء الثبيتي في خطبة الجمعة من المسجد النبوي اليوم، أن سيرة نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - تُمثّل رحلة مفعمة بالدروس من المهد إلى اللّحد، من خلوته في غار حِراء حيث بدأ الوحي، إلى مِنبر المدينة حيث أُعلنت الرسالة، من يُتمٍ وابتلاءٍ إلى ريادةٍ وتمكين، من أول نداءٍ بالعلم: "اقرأ" إلى آخر وصية خالدة،"الصلاة الصلاة، وما ملكت أيمانُكُم".
ويسرد إمام المسجد النبوي السيرة العظيمة لنبي الرحمة والهدى - صلى الله عليه وسلم - مبينًا أنه وُلِد يتيمًا، لكن اليُتم ليس ضعفًا، وإن بدا في ظاهره حرمانًا، فهو حافزٌ للنبوغ، ودافعٌ للتوكُّل على الله أولًا، ثم الاعتماد على النفس بثقة وثبات، فحطن يلتقي اليُتم بالإرادة، يتحوّل إلى شعلة تضيء الطريق، وهذا ما تجلّى في سيرة النبي الكريم - صلى الله عليه وسلم -، وسِيَر العُظماء قبله وبعده، فكم من يتيم خطّ اسمه في سجلّ الخالدين، وارتقى بالإيمان، وتسلّح بالعلم، وسما بالعمل، حتى أصبح من روّاد النهضة، وصُنّاع الحضارة،
وبين أن النبي - عليه الصلاة والسلام - تزوّج خديجة بنت خويلد - رضي الله عنها-، فكان زواجًا أُسّس على حبٍّ صادقٍ، ووفاءٍ ثابت، ومودة ورحمة، وشراكة صادقة، وأي بيت تُبنى دعائمه على هذه القيم النبيلة، لا تهزّه العواصف، ولاتفته الخلافات، ولا ينهار أمام أتفه الأسباب.
وأضاف: وفي سن الأربعين، وبينما كان النبي يختلي بنفسه في غار حراء، متأملًا في ملكوت الله، نزل عليه جبريل عليه السلام، يحملُ أعظم نداءٍ سَمعتهُ البشرية: "اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ" نداءٌ لم يكن مجرد أمرٍ بالقراءة، بل إعلانٌ لميلادِ أمة، شعارها القراءة باسم الله، ومنهجُها العلم، وحِصنُها الإيمان، فبدأت الرسالة الخالدة بـ "اقرأ" لِتؤسّس إنسانًا يعي، وعقلًا يُفكّر، وقلبًا يؤمن، وأمة تنهضُ على نورٍ من الوحي.
وتابع بقوله، عاد النبي -صلى الله عليه وسلم- إلى بيته، وقد ارتجف جسدُه من هول أول لقاء بالوحي، فلم يجِد مأوىً أحنُّ ولا أصدقَ من حضن خديجة - رضي الله عنها-، فاحتوته بسكينة المرأة الحكيمة، وثبات القلبِ المُحبّ، وقالت كلمتها الخالدة التي سكنت قلبه، وبدّدت خوفه: "كلا، أبشر، فوالله لا يُخزيك الله أبدًا، إنك لتصِلُ الرّحِم، وتصدُقُ في الحديث، وتحمل الكلَّ، وتُقريء الضيف، وتُعين على نوائب الحقّ"، وبناء على ذلك لن يُخزي الله أبدًا، من سار على هدي نبيّه، فجعل الإحسان طريقه، والرحمة خُلُقه، والنبوّة قدوته.
وأضاف الشيخ عبدالباريء الثبيتي أن المنهج النبوي في الدعوة كان مؤسسًا على التوجيه الإلهي: "ادْعُ إِلَىٰ سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ" فانطلقت دعوته بكلمة طيبة تلامسُ القلوب، وصبرٌ جميلٌ يغلبُ الصُّدود، يردُّ على الجهل بالحِلم، ويقابل القسوة بالرفق، كانت دعوة النبي - صلى الله عليه وسلم- رحمة تسري، لا سطوة تُفرض؛ قال تعالى: "وَمَآ أَرْسَلْنَٰكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَٰلَمِينَ"، رحمة بالحائر، ورفقٌ بالجافي، وحِلمٌ على من أساء، حتى في أشدّ المواقف، لم يُقابل الجهل بجهلٍ، ولا الغِلظة بغِلظة، بل قاد القلوب إلى الله باللين، وفتح المغاليق بالمحبة.
وذكر أن زمننا هذا كثُرت فيه الأصوات، وارتفع فيه الجدل، وقلّ فيه الأسلوبُ الحكيم، ونحن في أمسّ الحاجة للعودة إلى ذلك المنهج النبوي الراشد، منهجٌ يُخاطب العقول بالحكمة، والقلوب بالرحمة، ويدعو إلى الله برفقٍ يُحيي، لا بغلظةٍ تُنفّر.
وبيّن إمام وخطيب المسجد النبوي أنه إذا تحدثنا عن خُلُق النبي محمد - صلى الله عليه وسلم -، فلن توفيه الكلمات قدره؛ فهو خُلُق تجسّد، ورحمة تمشي، فكان الصفحُ عنده سجيّة، والكرم عادة، والتواضع طريقًا، وكان يعفو عمن ظلمه، ويصلُ من قطعه، ويُُكرم من أساء إليه، يُواسي الحزين، ويمسح على رأس اليتيم، ويَرحمُ الصغير، ويوقِّر الكبير، لا يُفرّق بين غنيٍ وفقير، يجلس بين أصحابه، يُصغي إليهم ويؤانسهم، كأنه واحدٌ منهم، ومع ذلك كانت له هيبة تملأ النفوس، ومحبةٌ تأسر القلوب.
وتابع قائلًا، كان عليه الصلاة والسلام قائدًا يُربّي الرجال على الإيمان والصِدق، وحاكمًا يُدير دُفة أمة، ويُقيم أركان حضارة، وزوجًا حنونًا يرعى شؤون بيتِه بمحبة ومسؤولية، وعبدًا شكورًا يقوم بين يدي ربه في جوفِ الليل حتى تتفطّر قدماه، ومُصلحًا حكيمًا يُداوي عِلل المجتمع بالرحمة والعقل والبصيرة، وفي كل جانب من هذه الجوانب، كان النبي - صلى الله عليه وسلم - نموذجًا فريدًا، ومُعلمًا للقدوة والاقتداء.
وذكر أنه في حجته الأخيرة، وقف النبي - صلى الله عليه وسلم - على صعيد عرفات، تُحيطُ به أمواج من القلوب المؤمنة، أكثر من مئة ألف نفسٍ، تُنصت بخشوعٍ، لِتشهد أعظم بيانٍ عرفه التاريخ.
وأورد الشيخ الدكتور عبدالباريء الثبيتي ما تضمنته خطبة النبي صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، مبينًا أنه رسم فيها للأمة خارطة الطريق، وحدّد فيها معالم البقاء وعوامل العزّ، وأعلن فيها المساوا ة بين البشر، وأبطل كل تفاضُلٍ زائفٍ قائمٌ على النَسَب أو المال أو اللون أو الجنس، وغَرَس في القلوب ميزانًا ربانيًا واحدًا هو التقوى، ثم أوصى بالنساء خيرًا، وحذّر من الظُلم، وذكّر بحرمة الدماء والأعراض، وأرسى مبادئ العدل والرحمة، وختم عليه الصلاة والسلام خطبته العظيمة، بوصيةٍ خالدة، هي حبل النجاة، ودستورُ الفلاح في الدنيا والآخرة، فقال: " تركتُ فيكم أمرين؛ لن تضلّوا ما إن تمسّكتم بهما: كتابُ الله، وسُنّتي".
وأضاف أنه بعد أن بلّغ النبي -صلى الله عليه وسلم- الرسالة، وأدى الأمانة، وربّى أمة، وأقام حضارةً، اشتد عليه المرض في أيامه الأخيرة، لكنه لم يغفل عن أمته، بل كانت آخر وصاياه: "الصَّلاة الصَّلاة وما ملكت أيمانكم"، لعِظمِ شأنها، وجلالة قدرها.
وختم إمام وخطيب المسجد النبوي خطبة الجمعة مُذكرًا بوفاة النبي -صلى الله عليه وسلم- إذ خرج إلى الناس في لحظاته الأخيرة، يتأمّلهم بعين المحبة، وكأن قلبهُ يطوفُ بهم مودّعًا، ثم عاد إلى بيته، وأسلم روحه الطاهرة في حِجر عائشة - رضي الله عنها، وارتجّت المدينة، لكن نوره لم ينطفئ، وسُنتهُ لم تَغِبْ، بل بقيت حية في قلوب المؤمنين راسخة في حياة الأمة، فمات الجسدُ، لكن بقي الأثر، وبقيت الأمانة في أعناق هذه الأمة، ليسيروا على هديه، ويحيوا سُنّته، ويُبلّغوا رسالته للعالمين، فمن أحبّ النبي حقًا، فليقتفِ أثره، وليُحيي سُنته في نفسه وأهله ومجتمعه، فالمحبة الصادقة ليست ادعاء باللسان، بل اتباع بالأفعال.