بقاء الحال من المحال والتغيير والتجديد داخل أى مؤسسة أو كيان هو سنة الحياة التى فطر الله الناس عليها، ولولا التجديد والتغيير فى الحكومات والمؤسسات ما رأينا أفكارا جديدة ومتميزة عن سابقيها، وما كنا نستطيع أن نفرق بين الغث والسمين ولا الصالح من الطالح، ولا النشيط من المتكاسل، لذلك نشجع التغيير دائما نظرا لأهميته ولأنه يعبر عن فترة جديدة، وقدرة على مواجهة التحديات بأفكار جديدة، وهذا ما تدركه القيادة السياسية جيدا وعملت على تنفيذه فى الوقت المناسب لذلك.

 

وإذا كنا نطالب بالتغيير فمؤكد أننا لا نطالب بتغيير وجوه أو أسماء فليس المهم تغيير الوجوه أو الأسماء، ولكن الأهم أن تكون هناك نية واضحة لتغيير السياسات فى كثير من القطاعات، لأن كلمة السر لأى حكومة وأى نظام هى رضا المواطن، الذى نعمل جميعاً من أجله لذلك نجد تكليفات الرئيس عبدالفتاح السيسى للدكتور مصطفى مدبولى بتشكيل الحكومة الجديدة، جاءت فى وقت شديد الأهمية، فالقيادة رأت أن الدولة المصرية تحتاج إلى تغيير سياسات وضخ دماء جديدة تتناسب مع دقة المرحلة التى تمر بها مصر والعالم، ولا شك أن مصر فى حاجة إلى حكومة قادرة على التعامل مع التحديات الراهنة. 

الدكتور مصطفى مدبولى كما ذكرنا فى مقال سابق قدم خلال السنوات الماضية، أداء متميزاً فى قيادة العمل بمجلس الوزراء وبذل مجهوداً ضخماً، لكن الحكومة فى النهاية ليست عملاً فردياً، وإنما مسئولية جماعية تتطلب تناغماً وتجانساً فى العمل، وكفاءات فنية وإدارية وتطويراً فى الأفكار التى تؤدى إلى تحقيق الهدف الذى يسعى إليه الرئيس لبناء جمهورية مدنية جديدة ديمقراطية تمتلك عناصر القوة الشاملة.

ولهذا وفى إطار التكليفات الرئاسية أعتقد أن هناك معايير ومواصفات مهمة مطلوبة فى الوزراء الجدد.

أولها: أن يكونوا كما طالب الرئيس من الكفاءات والخبرات والقدرات المميزة حتى يكونوا قادرين على استكمال مسيرة العمل الوطنى وتحقيق السطور المرجو فى الأداء الحكومى.

وأن يكونوا مدركين لخطورة المسئولية فى هذا الظرف الصعب وأن العمل الوزارى ليس تشريفاً بل مهمة قتالية فى بلد لا يمتلك رفاهية الوقت بل يسابق الزمن من أجل تحقيق إنجازات كبرى وعملية وإصلاح شامل وصولاً إلى الهدف الأسمى وهو البناء، وأن يكونوا من أصحاب الأفكار المبتكرة فى ملفاتهم حتى يستطيعوا أن يضيفوا رؤى جديدة تناسب الظروف الحالية وتسهم فى القدرة على الإنجاز السريع وتحقيق القفزات الكبرى المطلوبة تنموياً وإدارياً فى كل الملفات.

وأن يكونوا قادرين على مخاطبة الرأى العام والحوار مع الناس وشرح أفكارهم وطرح ما لديهم من برامج وأولويات وإقناع المواطن بها لأنه فى النهاية هو السند الحقيقى للحكومة والدولة، ولا يحتاج سوى للشفافية ومناقشته وإشراكه فى القرار، وهذا يتطلب أيضاً وزراء يعلمون جيداً حجم التحديات، كل فى وزارته وملفه، قريبين من الناس، يستمعون إليهم وإلى مطالبهم، ليعملوا على تحقيقها بما يتماشى مع أهداف التنمية، وأن يكون التشكيل الحكومى متجانساً بما يضمن التعاون والعمل الجماعى، وليس نظام الجزر المنعزلة، فكما أن المسئولية الحكومية واحدة، فالعمل والتحرك الوزارى أيضاً يجب أن يكون بنفس المستوى والفكر.

يجب على الوزراء الجدد أن تكون لديهم القدرة على خلق أجيال جديدة من القادة، وأن يفتحوا الباب لكل إبداع أو أفكار مختلفة بما يثرى العمل الحكومى، وأن يمنحوا مساحة للمشاركة بعيداً عن السيطرة الفردية على كل الملفات، وأن يقدموا رؤى وتصورات تساهم فى توسيع مساحة المشاركة للقطاع الخاص، باعتباره القاطرة التى تراهن عليها الدولة فى خطة التنمية خلال الفترة القادمة.

كما يجب أن يدرك كل وزير فى الحكومة أنه ليس موظفاً يؤدى عملاً لمدة، بل صاحب مسئولية فى البناء والتطوير، وأن ينظر إلى المصلحة العليا للدولة وما يحقق أمنها واستقرارها، وأن الركيزة الأساسية فى كل هذا هو المواطن وما يلمسه من تغيير حقيقى، ما يجعله يمنح ثقته للحكومة وهذا لن يتحقق إلا بالشعور بالأعباء التى يتحملها المواطن والسعى الجاد لتحقيق طموحاته، على الجميع أن يدرك أن مسار الإصلاح لم يعد اختياراً بل هو مسار لا بديل عنه ولا تراجع، لأنه يمثل الأمل لهذا الوطن فى بناء مستقبل آمن للمصريين، ومهما كانت العقبات والتحديات، إلا أن الحكومة عليها أن تتمسك باستكمال هذا المسار الذى يمثل حياة أو موتاً للوطن.

الخلاصة أن التغيير الوزارى الذى وضع الرئيس أهم ملامحه وشروط ومعايير إجرائه هدفه مزيد من الإنجاز لصالح المواطن ومواجهة جادة للتحديات وتصدٍ حقيقى للأزمات وليس ترحيلها، نتمنى للحكومة الجديدة التوفيق والعمل كتفا بكتف على تحقيق مطالب الرئيس التى تصب قطعا فى صالح المواطن، كى ننهض بوطننا الذى نعمل جميعا من أجل أمنه وأمان مواطنيه، كما نتمنى أن تتخلى الحكومة عن فكرة أن الضرائب وزيادة الأسعار هى الحل لحل مشاكلها، لأن حل المشكلة يأتى من الانتاج وتغيير الأفكار ومراجعة تجارب السابقين والاستفادة منها حتى نكسب رضا المواطن الذى تحمل الكثير وما زال يتحمل من أجل وطنه الذى يؤمن به وعلى استعداد أن يضحى بنفسه من أجل رفعه شأنه بين الأوطان، أرجوكم لا تكلفوا المواطن فوق طاقته حتى لا يتجه للأبواق الشريرة أصحاب الأجندات الخارجية التى لا تريد الخير والتقدم للوطن. 

 

حفظ الله مصر وحفظكم

 

المصدر: بوابة الوفد

كلمات دلالية: فطر الله السياسات الدولة المصرية أن یکونوا من أجل

إقرأ أيضاً:

الرئيس الشرع يعلن انطلاقة مرحلة سوريا الجديدة بعد رفع العقوبات

 

أعلن الرئيس السوري أحمد الشرع، في خطاب متلفز مساء الأربعاء، انطلاق مرحلة جديدة من إعادة الإعمار في سوريا، وذلك عقب قرار الإدارة الأميركية رفع العقوبات عن البلاد، معتبرًا الخطوة "نقطة تحول تاريخية" نحو استعادة الاستقرار والنهوض بالاقتصاد الوطني.

وأكد الشرع أن هذه المرحلة تأتي نتيجة تلاحم السوريين في الداخل والخارج، والدعم العربي والدولي المتزايد للقيادة الجديدة. وعبّر عن تقديره للمواقف الإيجابية من دول المنطقة، التي قال إنها "أثبتت أن وحدة المصير العربي لا تزال حية".

وفي خطابه، وصف الشرع الحقبة الماضية بأنها "مرحلة مأساوية في تاريخ سوريا الحديث"، عاش خلالها السوريون القتل والتهجير والاعتقال، وفقدت الدولة مكانتها الإقليمية والدولية. وأشار إلى أن "نظامًا ساقطًا حوّل البلاد إلى كيان منبوذ ونهب مقدراتها"، مؤكداً أن هذه الحقبة قد طُويت.

وقال الرئيس السوري إن بداية الأمل انطلقت من إدلب، حيث بزغ فجر "الثورة السورية المباركة"، مشيرًا إلى أن تحرر البلاد جاء بفضل إرادة السوريين وتضحياتهم. وأضاف: "من إدلب بُنيت ملامح سوريا الجديدة، ومن هناك بدأ الحلم بالتحقق".

استعرض الرئيس الشرع أبرز الخطوات التي قامت بها الحكومة الانتقالية خلال الأشهر الستة الماضية، من تشكيل الحكومة واللجنة الانتخابية، إلى الإعلان الدستوري، وعقد المؤتمر الوطني، وتحرير السوق، وإلغاء القوانين الجائرة. كما أشار إلى جهود إعادة هيكلة المؤسسات ومعالجة مواطن الخلل الإداري.

وشدد على أن هذه التحركات تزامنت مع تحرك دبلوماسي واسع لتعريف المجتمع الدولي بـ"سوريا الجديدة"، أسفر عن إعادة رفع العلم السوري في الأمم المتحدة، وفتح قنوات للتعاون مع العالم العربي والغرب.

وأشاد الشرع بالدور العربي في دعم سوريا، مشيرًا إلى لقاءاته مع قادة السعودية وتركيا وقطر والإمارات والبحرين والأردن ومصر، وقال إن هذه اللقاءات "كانت صادقة وتعكس حرصًا حقيقيًا على وحدة سوريا وعودتها إلى محيطها الطبيعي".

وخصّ بالشكر ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وأمير دولة قطر الشيخ تميم بن حمد، ورئيس دولة الإمارات الشيخ محمد بن زايد، على مواقفهم الداعمة.

 

كما وجّه الشرع تحية للجاليات السورية في الخارج، مشيدًا بدورها في التأثير على الرأي العالمي ومساندة قضيتها الوطنية. واعتبر قرار رفع العقوبات الأميركية "تاريخيًا وشجاعًا"، صادرًا عن الرئيس الأميركي دونالد ترمب، ويعكس إدراكًا عالميًا لحاجة سوريا إلى التعافي والاستقرار.

 

واختتم الرئيس السوري خطابه بالتأكيد على التزام الحكومة بتطوير البيئة الاستثمارية، وتحسين التشريعات الاقتصادية، وتقديم التسهيلات اللازمة للمستثمرين السوريين والعرب والأجانب. ودعا جميع أبناء سوريا والأشقاء في المنطقة للمساهمة في جهود إعادة الإعمار.

وقال الشرع: "سوريا لن تكون ساحة لصراعات الآخرين، ولن نسمح بإعادة إنتاج سرديات النظام السابق. سوريا الجديدة ستكون لكل أبنائها، ووفية لكل من وقف معها في أوقات الشدة".


© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com)

سيف الزعبي

قانوني وكاتب حاصل على درجة البكالوريوس في الحقوق، وأحضر حالياً لدرجة الماجستير في القانون الجزائي، انضممت لأسرة البوابة عام 2023 حيث أعمل كمحرر مختص بتغطية الشؤون المحلية والإقليمية والدولية.

الأحدثترند الرئيس الشرع يعلن انطلاقة مرحلة سوريا الجديدة بعد رفع العقوبات ليفربول يواصل سعيه لضم فيرتز رغم المنافسة الشرسة إثيوبيا تقترب من إنجاز سد النهضة بالكامل تشكيلة برشلونة المتوقعة ضد إسبانيول في الدوري الإسباني 2024-25 العراق: استيراد سيارات خاصة لذوي الهمم Loading content ... الاشتراك اشترك في النشرة الإخبارية للحصول على تحديثات حصرية ومحتوى محسّن إشترك الآن Arabic Footer Menu عن البوابة أعلن معنا اشترك معنا حل مشكلة فنية الشكاوى والتصحيحات تواصل معنا شروط الاستخدام تلقيمات (RSS) Social media links FB Linkedin Twitter YouTube

اشترك في النشرة الإخبارية لدينا للحصول على تحديثات حصرية والمحتوى المحسن

اشترك الآن

© 2000 - 2025 البوابة (www.albawaba.com) Arabic social media links FB Linkedin Twitter

مقالات مشابهة

  • في ذكرى التأسيس محمد مشيشو والي أمن مراكش يشخص بدقة استراتيجية ولاية أمن مراكش
  • عقد عمل «مواطن دارس» ضمن نسبة التوطين في «الخاص»
  • حساب المواطن يوضح الإجراء المطلوب حال تجديد عقد الإيجار
  • «التحديات تتطلب وقفة موحدة».. نص كلمة الرئيس السيسي في القمة العربية ببغداد
  • وجه طلبا لترامب.. ماذا قال الرئيس السيسي في كلمته بقمة بغداد؟
  • الرئيس السيسي: أطالب الرئيس ترامب ببذل كل ما يلزم من جهود لوقف إطلاق النار فى غزة
  • ننشر نص كلمة الرئيس السيسي في القمة العربية ببغداد
  • خبير: مشاركة الرئيس السيسي بقمة بغداد تأكيد لحرص مصر على توحيد الموقف العربي
  • لبنانية وزيرة للهجرة الكندية في الحكومة الجديدة.. والمطران تابت يهنّئ
  • الرئيس الشرع يعلن انطلاقة مرحلة سوريا الجديدة بعد رفع العقوبات