الثورة نت:
2025-08-02@14:19:47 GMT

ثقافة الغدير كأساس للتغييرات الجذرية

تاريخ النشر: 24th, June 2024 GMT

تُعد ثقافة الغدير من المفاهيم المحورية في الفكر الإسلامي، حيث ترتبط بحدث تاريخي هام وهو إعلان النبي محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) ولاية الإمام علي بن أبي طالب (عليه السلام) في غدير خم. هذا الإعلان ليس مجرد واقعة تاريخية بل هو مبدأ يتضمن قيماً ومعاني عميقة يمكن أن تشكل أساساً لتغييرات جذرية في المجتمعات الإسلامية الحديثة.


فثقافة الغدير تستند إلى أن المعايير الإيمانية هي الأساس في اختيار القادة ووضع التشريعات. فالقائد في هذه الثقافة ليس مجرد مدير أو مسؤول، بل هو شخص ذو إيمان عميق وأخلاق رفيعة. تتطلب هذه المعايير أن يكون القائد قدوة في السلوك والعمل، مما يجعل قراراته وتشريعاته منبثقة من إيمان راسخ بالقيم القرآنية.
كما أن أحد المبادئ الأساسية في ثقافة الغدير هو ضرورة التطابق بين القانون ومن يطبقه. فالقانون لا يمكن أن يكون فعالاً إلا إذا كان المشرع والقائم على تنفيذه مؤمناً به وبأهدافه. فهذا المبدأ يضمن أن التشريعات ليست مجرد نصوص قانونية، بل هي انعكاس لإيمان عملي يهدف إلى تحقيق العدالة والخير في المجتمع.
فيجب أن يتجاوز الاحتفال بعيد الغدير الجوانب الطقوسية والعاطفية ليصل إلى الجوانب العملية والتطبيقية. وهذا الانتقال يتطلب أن يُستفاد من هذه المناسبة لصياغة قوانين وتشريعات مستوحاة من روح القرآن الكريم وتعاليمه. فالهدف هو أن يتحول الاحتفال إلى مناسبة لتعزيز العمل بالقيم الإيمانية وترسيخها في حياة الناس اليومية.
فالإيمان الحقيقي، كما تؤكد ثقافة الغدير، هو الذي يقترن بالعمل الصالح. هذا الإيمان العملي يعني أن تطبيق القيم الدينية في الواقع اليومي هو ما يعكس الإيمان الحقيقي. عندما ينعكس هذا الإيمان على سلوك الأفراد والمجتمع، فإنه يؤدي إلى تحسين الحياة الاجتماعية والاقتصادية والثقافية، ويخلق بيئة يسودها العدل والسلام.
إن اعتماد ثقافة الغدير كمنهج حياة سيؤدي إلى تغييرات جذرية في المجتمعات الإسلامية، فهذه الثقافة تدعو إلى دمج الإيمان بالعمل، والقيم الروحية بالنظام القانوني. فعندما تكون القوانين والتشريعات مبنية على قيم إيمانية راسخة، وتُطبق من قبل أشخاص مؤمنين بهذه القيم، فإن ذلك يؤدي إلى بناء مجتمع قوي وعادل.
إن ثقافة الغدير تقدم نموذجاً شاملاً يكون أساساً لتغييرات جذرية في المجتمعات الإسلامية. بالتركيز على المعايير الإيمانية في القيادة، والتطابق بين التشريع والتطبيق، وتجاوز الطقوس إلى التطبيق العملي، يمكن لهذه الثقافة أن تسهم في بناء مجتمع قائم على العدالة والقيم الأخلاقية. إن تحقيق هذا الهدف يتطلب التزاماً جاداً من قبل القادة والمجتمع ككل، حيث يكون الإيمان والعمل يداً بيد لتحقيق مستقبل أفضل.

وكيل محافظة شبوة

المصدر: الثورة نت

إقرأ أيضاً:

تدوير النفايات في سلطنة عمان..  ثقافة المواطن أم غياب البنية؟

د. داود البلوشي

في مقال نُشر مؤخرًا بجريدة "عمان"، طُرحت مسألة تدوير النفايات المنزلية كقضية مجتمعية، ودُفعت المسؤولية بشكل مباشر إلى المواطن تحت عنوان "نقص الوعي المجتمعي"، في حين غُيّبت بذكاء إشكالية جوهرية، وهي تأخُّر البنية التحتية البيئية والخدماتية الداعمة لهذا السلوك الحضاري.

لقد جاءت التوجيهات السامية لحضرةِ صاحبِ الجلالةِ السُّلطان هيثم بن طارق المُعظّم -حفظهُ اللهُ ورعاهُ- واضحةً وصريحةً في مسألة تطوير المحافظات، إذ اعتبر جلالتُه تنميةَ المحافظات والمدن المستدامة من أولويات الرؤية المستقبلية لعُمان، وركيزةً استراتيجية لتحقيق تنميةٍ شاملةٍ ومستدامةٍ اقتصاديًّا واجتماعيًّا، بما يعزّز قدرةَ المحافظات على إدارة مواردها واستغلالها بكفاءة.

وقد أكّد جلالةُ السُّلطان -أعزّهُ اللهُ- في خطابهِ بمناسبةِ الانعقاد السنوي الأول للدورة الثامنة لمجلس عُمان 2023، قائلًا: إنّ الاهتمام بتنمية المحافظات وترسيخ مبدأ اللامركزية نهجٌ أسّسنا قواعده من خلال إصدار نظام المحافظات، وقانون المجالس البلديّة، استكمالًا لتنفيذ رؤيتنا للإدارة المحليّة القائمة على اللامركزية، سواءً في التّخطيط أو التنفيذ، ولتمكين المجتمع المحلي من إدارة شؤونه والإسهام في بناء وطنه.

من غير العدل تحميل المواطن عبءَ التقصير في غياب الحد الأدنى من الخدمات الأساسية. إذ لا تزال معظم الحارات والمجمّعات السكنية في السلطنة، حتى اليوم، تعاني من مشكلات مزمنة في جمع النفايات. فالحاوياتُ بعيدةٌ ومهترئة، والمخلفاتُ تتكدّس لأيام، والانبعاثات تنشر الأمراض والروائح، كيف نطلب من المواطن فرز نفاياته منزليًّا، في الوقت الذي لا تُوفَّر له حاوية مناسبة أو نظام واضح للتجميع؟

ما لا يجب تجاهله أنّ المواطن العُماني ليس غريبًا عن فكرة الفرز، كثيرٌ من المواطنين يفرزون الورق والكارتون والمعادن والزجاج دون توجيهٍ رسمي، فقط بدافعٍ أخلاقي. العُمانيون، بطبعهم، يحبون بيئتهم ونظافة مدنهم. المشكلةُ ليست في الوعي، بل في البنيةِ التي تأخرت عن اللحاق بهذا الوعي، وفي غياب أدواتِ الدعم والتشجيع.

منطقةٌ مثل سيح المالح، التابعة لشركة تنمية نفط عُمان، تُعدُّ نموذجًا مُشرقًا لما يمكن أن يكون عليه التخطيطُ البيئي السليم: حاويات ملوّنة للفرز، نظام جمعٍ متكامل، بنية طرق تخدم النقل البيئي، وسكان يتجاوبون مع النظام بسهولة. لماذا لا يتم تعميم هذا النموذج؟ ولماذا لا يكون حجرَ أساس في خطة وطنية تُطلقها هيئة البيئة بالشراكة مع المحافظات؟

للوصول إلى نظام متكامل ومستدام، لماذا لا يُؤسَّس كيان وطني جديد، شركة مساهمة عامة بيئية وخدمية، تُعنى بجمع النفايات وتدويرها، وتطوير مياه الصرف، والحدائق، والإنارة، والخدمات العامة، ويُسمح للمواطنين بالمساهمةِ فيها مباشرة؟ رسومُ الخدمات التي يدفعها المواطن اليوم لشركة "بيئة" يمكن تحويلها إلى رأسمالٍ تشغيلي لتلك الشركة الجديدة، في نموذجِ شراكةٍ فعليٍّ بين المواطن والدولة.

لا يمكن أن نطلب من المواطن ما لم تفعله الدولة. لا يجوز لومُ الناس على سلوكياتٍ لم تُعزَّز بخدمات مناسبة، ولا تحميلُ الوعي المجتمعي ما هو في الأصل مسؤوليةٌ حكوميةٌ وتشريعيةٌ وتنظيمية.

الخطوةُ الأولى لتدوير النفايات في عُمان ليست في نشرات التوعية، بل في خدمةٍ محترمة، وتشريعٍ مُلزِم، وحاويات مخصصة، وشراكة حقيقية بين القطاعين العام والخاص.

مقالات مشابهة

  • أهالي الغدير الأخضر والأبيض في المفرق يطالبون بتحسين الخدمات الأساسية .. فيديو
  • الشارقة الإسلامي يعزز ثقافة الادخار لدى الأجيال الناشئة
  • وزير الثقافة يتفقد مديرية ثقافة اربد
  • الطيور تمتلك “ثقافة” و”تراثا” تتناقله الأجيال
  • «الجليلة» و«دبي للتحكيم الدولي» يتعاونان لتعزيز ثقافة العطاء
  • محمد مندور يكتب: ثقافة الإصغاء وتحقيق العدالة الثقافية
  • ملتقى السيرة النبوية بالجامع الأزهر: الإيمان والتوكل أساس عز المسلمين ونصرهم
  • كم عمر الدرع وأبناء درع السودان وهل لديهم ثقافة حرب عمرها يتجاوز العشرين عام
  • الطيور تمتلك ثقافة وتراثا تتناقله الأجيال
  • تدوير النفايات في سلطنة عمان..  ثقافة المواطن أم غياب البنية؟