كشف تقرير نشاط غرفة المنشآت والمطاعم السياحية عن فترة مجلس الإدارة المنضى مدته ، وتولى لجنة لتسيير أعمال الغرفة برئاسة عادل المصرى ، رئيس الغرفة السابق ، رئيس لجنة تسيير الأعمال للغرفة  ،بعناصر من المجلس السابق لإدارة الغرفة عن تلك الفترة ، عن نجاح المجلس واللجنة في تحقيق العديد من النجاحات على أرض الواقع بما فيها من تيسيرات وإمتيازات وتسهيلات لأعضاء الجمعية العمومية للغرفة خلال تلك الفترة  والتي شهدت أزمتين دولتين الأولى إنتشار فيروس كورونا ، والثانية إندلاع الحرب  الروسية الأوكرانية بالإضافة إلى الحرب الإسرائيلية على دولة فلسطين ( غزة )  المجاورتين لمصر ، وتأثير هذه الأزمات على القطاع السياحى.

وأكد التقرير ، على أن المجلس ولجنة تسيير الأعمال قد نجحا في تخفيض الرسوم المفروضة على المطاعم العائمة على النيل وتعديلها  حيث كانت 180جنيه  للمتـر فى جميــع الأدوار لتصبح 180 جنيه  للدور الأول ، 150 جنيه للدور الثانى ، و120 جنيه للدور الثالث.

كما نجحت جهود الغرفة فى تعديل رسوم التراخيص لتصبح مطابقة للواقع الفعلى بعدد  الأدوار وإلغاء المخالفات التى كانت ستطبق بأثر رجعى .

وأشار التقرير إلى أن الغرفة نجحت أيضاً بالإتفاق مع هيئة النقل النهرى لمنح العائمات النيلية مهلة 3 شهور لتجديد التراخيص لحين وضع بروتوكول بالأشتراطات المطلوبة لتجديد التراخيص، والتوصل إلى إتفاق بعدم تحريك المراكب فى ممشى أهل مصر والقيام بأعمال الممشى أثناء تواجدها ، وإنه في إطار التنسيق مع هيئة النقل النهرى ، وهيئة المشروعات الهندسية  تم الاتفاق معهما لتحديد 3 مكاتب تفتيش فنى للمراكب على النيل لعمل كشف على قاع  المراكب  والتأكد من صلاحيتها  .

وأوضح التقرير أن الغرفة قامت بإعفاء  عدد من المطاعم المتعثرة والمتوقفة عن التشغيل من رسوم الغرفة السنوية ، وتقديم المساعدات الممكنة سواء المادية أو الفنية ، واللوجستية .

وأن الغرفة بالإتفاق مع هيئة صحة وسلامة الغذاء ، نجحت في تخفيض رسوم  المعاينات والتراخيص لنسبة تصل إلى لحوالى 50%، والإتفاق معها على عقد دورات توعوية وتدريبية ، والتواصل بين مندوبين من هيئة صحة وسلامة الغذاء ، واستضافتهم للرد على تساؤلات وإستفسارات المطاعم في إطار التسهيل والتيسير على أعضاء الجمعية العمومية .

وأشار التقرير الذى إعتمده عادل المصرى ، رئيس لجنة تسيير الأعمال للغرفة ، إلى الجهود المبذولة من قبل المجلس واللجنة مع المسئولين بقطاع الحمابة المدنية ( الدفاع المدنى ) بعمل نموذج للفحص على المطاعم السياحية توحيداً للمعايير، والإتفاق على مد فترة الترخيص وتجديده لمدة عامين للمطاعم الثابتة ، وسنوياً للمطاعم العائمة ، والتوصل إلى حلول عملية وعلمية بخصوص مخارج الهروب والأمان ، وتقديم المندوبين عن الدفاع المدنى دورات تدريبية حول وسائل مقاومة الحرائق والإشتراطات الخاصة بالدفاع المدنى بالمطاعم On Job training ، إلى جانب  الموافقة على منح الترخيص لمدة عامين للمطاعم عدا المراكب وأى أماكن لديها مخازن للخمور.

وتابع التقرير ، أن الغرفة وبالتعاون مع المسئولين بوزارة السياحة والآثاروخاصة خلال فترة إنتشار  فيروس كورونا تم إصدار تعليمات مشددة وإجراءات صارمة لمواجهة الفيروس والعمل على عدم إنتشاره من خلال المخالطة ، وضرورة توافر كافة عوامل الأمان من الفيروس من المطهرات والواقيات ، والإبقاء على خدمة التوصيل للسلاسل  لمدة 24 ساعة ، وتدريجياً وبعد الفيروس تم تعديل مواعيد التشغيل حتى وصلنا إلى ساعات التشغيل من 6 صباحاً 6  صباح البوم التالى ( 24 ساعة لمن يرغب ) وعلى الأخص السلاسل والملاهى الليلية ومسارح المنوعات .

وأكد  التقرير أن صدور قانون المنشآت  الفندقية والسياحية ، قد حد الكثير من توغل المحليات في الشأن السياحى وخاصة المطاعم ، فضلاً عن التنسيق الذى شهدته العديد من الإجتماعات التنسيقية بين وزيرا السياحة والآثار ، والتنمية المحلية ، الأمر الذى كان وراء إدراك وتعريف العديد من موظفي المحليات دورهم في التعامل مع المنشآت والمطاعم والفنادق السياحية ، وإحترام من يملك رخصة سياحية* .

وإنه في هذا الإطار فقد نجحت الغرفة عبر دورتيها مجلس الإدارة  المنتخب ، ولجنة تسيير الأعمال في وضع حلول جذرية للمشاكل التي واجهت المطاعم والمنشآت السياحية ، مع الضرائب نتيجة للرسوم المفروضة عليها بصورة جزافية ، وخاصة ضريبة الملاهى والتي أسفرت عن توقيع بروتوكول بين الغرفة والاتحاد ووزارة المالية يتضمن أسس تطبيق القانون، فضلاً عن إصدار قرار من الدكتور محمد معيط ، وزير المالية ، بتشكيل لجنة لدراسة التظلمات وتضم كل من  القطاع السياحى عادل المصرى رئيس مجلس إدارة غرفة المنشآت والمطاعم السياحية ، ومحمد عبد الله عضو مجلس إدارة إتحاد الغرف السياحية  رئيس اللجنة القانونية ، ومحمد أيوب نائب رئيس غرفة المنشآت الفندقية .

وأستعرض التقرير مساهمات صندوق التكافل التي تم تقديمها لأعضاء الجمعية العمومية خلال الفترة من 2018 حتى 2024  والتي بلغت إجمالي هذه المساهمات لنحو928 ألف و967 جنيه لنحو 18 حالة مساهمة في مصاريف  العلاج ، و4 حالات  للتعويض في الحريق والهدم ، و8 حالات لمساهمات في الوفاة ، وأن المجلس واللجنة قررا زيادة قيمة تعويضات الحرائق والهدم من 50 ألف جنيه لتكون 100 ألف جنيه.

وذكر التقرير إنه في إطار الرعاية الصحية والإجتماعية والعلاج الطبي ، فقد نجحت الغرفة ولجنة تسيير الأعمال في تجديد التعاقد والإتفاقيات مع العديد من الصروح الطبية  العملاقة في كل من القاهرة والإسكندرية وجنوب سيناء  والفيوم والأقصر وأسوان لتقديم أفضل الخدمات الصحية والطبية للأعضاء  ومعامل التحاليل الطبية ، ومراكز الأشعة ، سواء بالعيادات الخارجية وخدمات الطوارئ و10% على كشف وخدمات الاسنان والتحاليل الطبية والاشعة و 5% على القسطرة التشخيصية والعلاجية (ماعدا الادوية والمستلزمات)  ليتمتع بها كل من يحمل كارنيه الغرفة بعدما تم إضافة أقاربه من الدرجة الأولى ( الــزوج ، والزوجه ، والأولاد ، والأب والأم ) إلى قائمة المستفدين من هذه الخدمات ، فضلاً عن التعاقد مع العديد من المستشفيات ذات الفروع المنتشرة والمراكز الطبية المتخصصة في أمراض العيون والأسنان  ومحلات النظارات ، لمنح أعضاء الجمعية العمومية  تخفيضات فى الكشف الطبي ، والخدمات الطبية في حالات العمليات الجراحية التي تصل إلى 15% بالمقارنة بالأسعار المعلنة.

وأختتم التقرير بالإتفاق الذى أبرمته الغرفة  مع البنك الأهلى لمنح قروض للمنشآت السياحية
حيث تم الأتفاق مع البنك الأهلى على منح قروض للمنشآت الصغيرة والمتوسطة حتى 3 مليون جنيه بفائدة متناقصة 5% على خمس سنوات – مع تسهيل فى الإجراءات والأوراق المطلوبة دعماً للمنشآت السياحية .*

المصدر: بوابة الوفد

إقرأ أيضاً:

المنصات العائمة تحول بنيوي لمصادر النفط والغاز بدأ عام 1897

لم يكن البحر يوما مجرد صفحة زرقاء على الخرائط، بل هو مسرح صامت تتراكم فوقه أسئلة أكثر من زبده، والمهندسون الذين مدوا ركائز خشبية لأول رصيف بحري قبالة سواحل كاليفورنيا عام 1897 لم يدركوا أنهم فتحوا فصلا جديدا في تاريخ الصناعة.

تبلور هذا الحلم بعد نصف قرن، حين حفرت شركة الطاقة الأميركية العريقة "كير ماكجي" أول بئر بحرية كاملة خارج مدى الساحل في خليج المكسيك عام 1947.

بعد ذلك بعامين، شُيّدت مدينة "نفت داش لار" الطافية في بحر قزوين، التي تعد أول مدينة نفطية بحرية في التاريخ، وبُنيت فوق شبكة من المنصّات المتصلة بجسور حديدية، تضم طرقا ومساكن وورشًا ومرافئ صغيرة، مما جعلها أول بنية صناعية متكاملة تُقام بالكامل لتكون عائمة فوق البحر.

شكّلت هذه المدينة التي أنشأها الاتحاد السوفياتي وتقع اليوم في أذربيجان، نقطة تحول حقيقية نقلت صناعة النفط من أطراف اليابسة إلى قلب المحيطات، حينها أُعلن رسميا عن تحول البحر من هوامش الخرائط إلى قلبها.

تساؤلات

في ظلال هذا المشهد ظهر تناقض صارخ في الجانب القانوني، فكيف للتكنولوجيا أن تنزل إلى 3000 متر تحت الماء، في وقت يقف فيه القانون الدولي عند مستوى السطح.

وبدأ هذا التناقض في التبلور من خلال حادثة "ديب وورتر هورايزن" عام 2010، التي لم تكن مجرد حادث تسرب نفطي بسيط، بل كانت لحظة كشفت للعالم أن البحر حين يثور يضع الدولة والشركة المُشغلة والقانون الدولي الذي لم يواكب التغيرات في اختبار واحد.

وهنا تطرح أسئلة عدة، منها من يحكم الأعماق؟ ومن يتحمل الثمن عندما تتحرك التيارات أسرع من التشريعات، وتخطئ التكنولوجيا، ويختل التوازن بين الإنسان والبحر؟

تعمل هذه المنصات ضمن منظومة قانونية صيغت في زمن لم يعرف بعد ماذا كان يعني "الحفر في اللامكان"، والآن تمتلك الشركات معدات تتحدى قوانين الفيزياء، في حين لا تستطيع الدول مساءلتها.

إعلان

صناعة تتحرك بسرعة المستقبل، بالمقابل لا تزال قوانين ضبطها عالقة في ذاكرة القرن الماضي، من هذه الخلفيات يبدأ التحقيق رحلة إلى قلب صناعة لا تُرى لكنها تُحرك العالم.

منصة بحرية في خليج المكسيك (شترستوك)الطاقة تعيد رسم الجغرافيا

لم يعد التحول في قطاع الطاقة مسألة تقنية أو استثمارية محضة، بل أصبح عنصرا بنيويا في إعادة تشكيل الجغرافيا السياسية العالمية.

فالمعطيات تشير إلى انتقال تدريجي وعميق في مركز الثقل الطاقي من اليابسة إلى البحار، وما يحمله ذلك من انعكاسات مباشرة على توازنات القوة وأنماط النفوذ، ومفهوم السيادة بحد ذاته.

وتظهر آخر البيانات المنشورة عن إدارة معلومات الطاقة الأميركية أن الإنتاج النفطي البحري شكّل في عام 2015 نحو 30% من إجمالي الإنتاج العالمي، استنادا إلى بيانات إنتاج النفط الخام من الحقول البحرية والبرية على السواء.

من جهته ذكر معهد الأبحاث الفرنسي المستقل "آي دي دي آر آي" (IDDRI) أن البحار تؤمن قرابة ثلث إنتاج النفط العالمي ونحو ربع إنتاج الغاز الطبيعي. وهذا المركز متخصص في التنمية المستدامة والطاقة والعلاقات الدولية، وتعد تحليلاته مرجعًا معتمدا في الأوساط الأكاديمية وصنع السياسات الأوروبية.

وفي السياق، تظهر قواعد بيانات مرصد الطاقة العالمي "غلوبل إنرجي مونيتور" أن غالبية المشاريع التي دخلت مراحل التطوير في عام 2024 كانت مشاريع بحرية، وأن الاكتشافات الجديدة الأكبر من حيث حجم الموارد القابلة للاستخراج تتركز في البيئات البحرية.

ويقدم المرصد توصيفا دقيقا لمواقع المشاريع وطبيعتها ومراحلها التطويرية، مما يسمح بتحول استثماري مؤكد نحو البحار.

أوروبا تتحول

تظهر تحليلات صادرة عن الوكالة الدولية للطاقة أن أوروبا أعادت تشكيل بنية إمدادات الطاقة منذ عام 2022، وتَمثّل هذا التحول في الابتعاد عن الإمدادات البرية الروسية مقابل توسع ملحوظ في الاعتماد على المسارات البحرية، ولا سيما الغاز الطبيعي المسال وخطوط الأنابيب البحرية العائمة.

غير أن هذا التحول لا يعني انتقال أوروبا إلى إنتاج بحري بالضرورة، بل يعكس إعادة توطين الاعتماد داخل سلاسل إمداد بحرية معقدة، فالإمدادات الجديدة تمر عبر منشآت تسييل خارج القارة، ثم عبر ناقلات بحرية، قبل أن تدخل الشبكة الأوروبية من خلال موانئ ومحطات استقبال ساحلية.

وقد وثقت المفوضية الأوروبية الزيادة السريعة في واردات الغاز الطبيعي المسال منذ 2022، إلى جانب التوسع في محطات الاستقبال العائمة والثابتة على سواحل بحر الشمال والبحر الأدرياتيكي والمحيط الأطلسي.

وتظهر تقارير وكالة التعاون بين منظّمي الطاقة "إيه سي إي آر" (ACER) التابعة للاتحاد الأوروبي أن التحول الأوروبي أدى إلى تغيير ملموس في طبيعة حوكمة الإمدادات، فبدل إدارة المخاطر المرتبطة بخطوط الأنابيب البرية، والعقود الثنائية المستقرة نسبيا، باتت الإمدادات الأوروبية أكثر ارتباطا بأسواق عالمية مفتوحة، وبآليات تسعير وشحن تتأثر بعوامل العرض والطلب على المستوى الدولي.

ولا تشير أيّ وثيقة رسمية إلى أن هذا التحول منح الاتحاد الأوروبي سيطرة مباشرة على مصادر الإنتاج، بل تؤكد التقارير أن أمن الإمدادات بات يعتمد بدرجة كبرى على التنسيق بين الدول الأعضاء، وعلى إدارة المخزون وآليات التضامن وقدرة المؤسسات الأوروبية على التعامل مع تقلبات السوق العالمية، أكثر مما يعتمد على التحكم المباشر في المورد.

إعلان

إلى جانب الحوكمة، تبرز مرونة الشبكات الداخلية بصفتها عنصرا حاسما في إنجاح هذا التحول، وعليه فإن التحول البحري في الإمدادات الأوروبية لا يقاس فقط بتنوع المصادر، بل بقدرة الشبكات على استيعاب الإمدادات وتوزيعها بكفاءة، وإن كان هذا الموضوع يخضع في حقيقة الأمر إلى عمليتي تكييّف تقني ومؤسساتي مستمريْن، إذ إن للإنتاج البحري في مجمله خصائص مختلفة.

منصة نفط عائمة تشغلها شركة شيفرون في حقل أغبامي النفطي بالمياه العميقة في نيجيريا (غيتي)اختلافات بين الإنتاج البحري النفطي والغازي

وثقت تقارير "دي إن في"، وهي هيئة تصنيف واستشارات تقنية نرويجية، أن التطور المتسارع في بناء سفن الإنتاج والتخزين والتفريغ العائمة أتاح استغلال الحقول البحرية العميقة دون الحاجة إلى بنى تحتية ساحلية ثابتة.

هذا التحول التقني مكّن من تطوير موارد كانت سابقا تُصنّف على أنها مكلفة وغير مجدية اقتصاديا، ولاسيما في البرازيل وغرب أفريقيا، حيث أسهمت هذه المنصات في تجاوز القيود الجغرافية والاستثمارية التقليدية.

أما في قطاع الغاز، فقد دخلت منشآت تسييل الغاز الطبيعي العائمة المعروف اختصارا بـ"إف إل إن جي" حيز التشغيل في عدد محدود من المشاريع.

ويُعد مشروع "بريلود إف إل إن جي" الواقع قبالة السواحل الأسترالية، والذي تشغله شركة "شل"، مثالا حيا على ذلك، ومع ذلك وثّقت هيئة السلامة الوطنية للعمليات النفطية البحرية الأسترالية المسماة اختصارا "نوبسيما" أعطالا تشغيلية كهربائية متكررة خلال الفترة الممتدة بين 2020 و2022، مما أدى إلى تعليق الإنتاج أكثر من مرة، الأمر الذي يعكس تفاوتا واضحا في مستوى التحكم في التكنولوجيا مقارنة بالمنصات النفطية العائمة الأكثر استقرارا.

المنصات العائمة.. قيود فيزيائية وهندسية صارمة

تبيّن المعايير الهندسية الصارمة المعتمدة لدى "دي إن في" أن الضغط الهيدروستاتيكي في البيئات البحرية -هذا المصطلح يستخدم في أدبيات هندسة السواحل والمنشآت البحرية، والذي يعني دراسة سلوك الموائع في حالة السكون- يزداد بمعدل يقارب بارا واحدا كل عشرة أمتار من العمق، "بما يقارب 100 كيلو باسكال أي ما يعادل ضغطا جويا واحدًا لكل عشرة أمتار"، وهي قاعدة فيزيائية ثابتة لا تخضع للتأويل أو التقدير وتنعكس مباشرة على تصميم الأنظمة تحت البحرية، أي من رؤوس الآبار إلى خطوط التدفق والمعدات التحكمية، مما يحتم استخدام مواد عالية المقاومة وأنظمة عزل معقدة، الأمر الذي يرفع التكلفة ويقلص هامش الخطأ التشغيلي.

وقد أشارت جمعية مهندسي النفط "إس بي إي"، وهي منصة علمية مهنية مستقلة تجمع مهندسين وباحثين وأكاديميين وخبراء صناعة من أكثر من 130 دولة، إلى أن الأنظمة المعتمدة في المنصات العائمة تسجل أعلى معدلات الأعطال، ليس بسبب ضعف التصميم، بل نتيجة التآكل المتسارع، والتعرض المستمر للضغط والملوحة، وصعوبة التدخل التقني للإصلاح في الأعماق، والذي يحتاج إلى معدات خاصة وسفن دعم، مما يجعل من زمن الاستجابة أطول وكلفة الإصلاح أعلى.

وقد وثقت الإدارة الوطنية الأميركية للمحيطات والغلاف الجوي، التي تسمى اختصارا "إن أو إيه إيه" (NOAA)، عواصف بحرية شديدة في شمال الأطلسي وخليج المكسيك، أدت إلى تعليق الإنتاج وإجلاء العاملين، بل إيقاف المنصات عن العمل كإجراء احترازي، حيث تشير الخبرة إلى أن هذه المنصات العائمة أكثر عرضة إلى التسريبات النفطية الواسعة النطاق، ولا أحد ينسى كارثة خليج المكسيك المعروفة باسم "ديب ووتر هوريزن" عام 2010 حين تسرّب النفط لمدة 87 يوما، بحسب تقرير اللجنة والوطنية الأميركية للتحقيق، وهو ليس بحادث معزول.

منصة إنتاج النفط قبالة سواحل سيناء المصرية (غيتي)الإطار القانوني للمنصات العائمة

تشكل اتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار المرجعية القانونية الأساسية لتنظيم استخدام البحار والمحيطات، إذ تحدد بدقة نطاق السيادة البحرية، وحقوق الدول الساحلية في المناطق الاقتصادية الخالصة، وحدود الولاية القضائية على الموارد الطبيعية.

إعلان

غير أن هذا الإطار على شموله الجغرافي، لا يواكب التعقيد التقني الذي بلغه الإنتاج النفطي والغازي البحري المعاصر.

فالاتفاقية، في صيغتها المعتمدة عام 1982، لا تتضمن معايير تشغيل تقنية ملزمة للمنصات العائمة، ولا تنظم متطلبات السلامة، أو إدارة المخاطر في البيئات العميقة، كما تفتقر إلى آليات دولية واضحة وواجبة النفاذ لمعالجة مسؤولية المشغّلين والتعويض في حالة التلوث العابر للحدود، وهو فراغ قانوني يزداد وضوحا كلما توسع الإنتاج في أعالي البحار.

فالقانون صُمم لمعالجة إدارة النزاعات السيادية وتنظيم تقاسم الموارد، لا لمعالجة المخاطر التشغيلية العابرة للدول والتي تفرضها صناعة الطاقة البحرية الحديثة، مما يجعل معالجة الحوادث الكبرى رهينة ترتيبات وطنية أو اتفاقات ظرفية، بدل منظومة قانونية عالمية متماسكة.

توازن هش

تظهر المعطيات الموثقة، دون أي مواربة، أن التوسّع النفطي والغازي البحري ليس مجرد خيار تقني فرضته الجغرافيا أو نضوب الموارد البرية، بل هو تحول بنيوي أعاد تعريف المخاطر بين الطاقة والسيادة، والمسؤولية.

فحين شكّل الإنتاج البحري قرابة 30% عام 2015، وفق البيانات المتاحة، لم يكن ذلك تعبيرا عن ذروة الاستقرار، بل تعبيرا عن توازن هش بين القدرة الهندسية وحدود الطبيعة.

فالتقدم التقني الذي حوّل الأنظمة تحت البحرية إلى منصات عائمة، مكّن الصناعة من اختراق الأعماق التي كانت تُعد خارج نطاق الاستغلال، لكن في الوقت نفسه عمّق درجة التعرُض للمخاطر الفيزيائية والمناخية والبيئية، فالضغط الهيدروستاتيكي والعواصف الكبيرة وصعوبة التدخل التقني في حقيقة الأمر ليست متغيرات طارئة، بل هي الثوابت التي تحكم هذا النمط من الإنتاج، وأيّ خلل محدود في بيئة بحرية عميقة يمكن أن يتحول إلى أزمة تتجاوز المشغّل والدولة، وتمتد آثارها البيئة والاقتصادية والسياسية عبر الحدود.

وعليه فإن مستقبل الطاقة البحرية لا يقاس بقدرتها على زيادة الإنتاج وحده، بل بقدرة المنظومة الدولية على إعادة ضبط المعادلة كاملة. بمعنى آخر لابد من هندسة أكثر تحفظا، وحوكمة قانونية أشد صرامة، وآليات مساءلة عابرة للحدود، من شأنها أن تحوّل البحر من مجرد فضاء للاستغلال، إلى ساحة اختبار حقيقية لمدى النضج العالمي في إدارة المخاطر المشتركة، فالمعضلة الحقيقية للطاقة البحرية ليست في الأعماق، بل في كيفية التعامل معها فوق السطح.

مقالات مشابهة

  • محمود كارم: تقرير القومي لحقوق الإنسان السنوي يتضمن توصيات ضرورية
  • المنصات العائمة تحول بنيوي لمصادر النفط والغاز بدأ عام 1897
  • محمود كارم: تقرير المجلس القومي لحقوق الإنسان يقدم تقييما موضوعيا ومتوازنا
  • 9 مشاهد من تقرير المجلس القومي عن حالة الحقوق والحريات بمصر
  • رئيس شبكة أهلية بغزة: الاحتلال دمّر الغالبية العظمى من المنشآت والبنى التحتية
  • أسعار الرحلات النيلية السياحية في أسوان وطريقة الحجز
  • التقرير المبدئي وضح وفاتها بسبب الضرب المبرح.. محامي عروس المنوفية يوضح تقرير الطب الشرعي
  • غرفة القليوبية تستضيف رئيس تنمية التجارة
  • رئيس تنمية التجارة يتفقد الخدمات المتكاملة في غرفة القليوبية قبل تدشين «السجل المميز»
  • "غرفة القليوبية" تستقبل رئيس "تنمية التجارة" وتتفقد استعدادات افتتاح مكتب السجل المميز