تعرف على رئيس وزراء بريطانيا الجديد كير ستارمر
تاريخ النشر: 5th, July 2024 GMT
حسم حزب العمال فوزه بأغلبية كبيرة في الانتخابات البرلمانية، تسلط الأضواء على كير ستارمر رئيس الوزراء بريطانيا المقبل بعد قرار رسمي من الملك. ستارمر محامٍ وشغل منصب محرر لمجلة تروتسكي في شبابه، وكان مناهضاً للملكية، بحسب تقرير لصحيفة "واشنطن بوست".
فقد اعترف أحد كتاب سيرته الذاتية بأنه "من الصعب تحديد هوية ستارمر"، حيث استخدم ستارمر، البالغ من العمر 61 عاماً، هذا الغموض لصالحه.
كما أن ستارمر أول زعيم منذ جيل جاء من الطبقة العاملة في بريطانيا حيث أتى بعد رئيس الوزراء ريشي سوناك الذي وجهت له تهم بأنه أكثر ثراء من أفراد العائلة المالكة.
وخلال الحملة الانتخابية، قدم ستارمر نفسه قائلا: "كانت أمي ممرضة، وكان والدي صانع أدوات".
كما تحدث عن نشأته مع فواتير غير مدفوعة وانقطاع الهاتف.
وسجل ستارمر نتائج جيدة في الاختبارات، وتمكن من الالتحاق بمدرسة ثانوية راقية. وكان من أوائل الأشخاص الذين التحقوا بجامعة ليدز، ثم قضى عاما في جامعة أكسفورد.
فيما يقول ستارمر إن والده شعر "بعدم الاحترام" بسبب عمله في أحد المصانع، وإنه كان بعيدا عاطفيا.
وبصفته أبا، يقول إنه يحاول "تخصيص وقت للأطفال" والتوقف عن العمل أيام الجمعة الساعة 6 مساءً.
أما حياته العملية كمحام، ففي بداية حياته المهنية، انضم ستارمر إلى شركة Doughty Street Chambers، المعروفة بتوليها قضايا حقوق الإنسان الكبيرة والمثيرة للجدل.
وقد حارب عقوبة الإعدام في دول الكومنولث، ودافع، على حد تعبير الصحف الشعبية، عن "قتلة الأطفال وقتلة الفؤوس".
كذلك كان جزءا من الفريق القانوني الذي دفع المحكمة الدستورية الأوغندية إلى إبطال الأحكام الصادرة بحق جميع الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام البالغ عددهم 417 شخصا.
وعمل ستارمر أيضا مجانا مع اثنين من الناشطين النباتيين الذين وزعوا منشورات تتهم مطاعم ماكدونالدز بتدني الأجور والقسوة على الحيوانات ودعم إزالة الغابات.
في حين رفع المطعم دعوى قضائية بتهمة التشهير، واستمرت هذه القضية والطعون العديدة فيها عقدا من الزمن، وهي واحدة من أطول المعارك القانونية في التاريخ البريطاني وانتهت القضية بنوع من التعادل.
كما أشرف على أول محاكمة بريطانية لإرهابيي تنظيم القاعدة، ووجه اتهامات ضد سياسيي حزب المحافظين والعمال المتورطين في فضيحة النفقات المتفجرة، التي كشفت عنها الصحافة لأول مرة.
واتُهم هو والمدعون العامون معه بالتحيز الشديد عندما تعاملوا بشدة مع الاعتقالات والتهم للأشخاص الذين قاموا بأعمال شغب في لندن بعد مقتل رجل أسود يُدعى مارك دوغان بالرصاص على يد الشرطة في عام 2011.
لم يدخل ستارمر في السياسة حتى بلغ الثانية والخمسين من عمره. كان ذلك قبل تسع سنوات فقط، في بلد بدأ فيه العديد من أعضاء البرلمان بالتخطيط لصعودهم إلى السلطة في أيام الدراسة الجامعية.
تم انتخابه لتمثيل منطقة هولبورن وسانت بانكراس في لندن في عام 2015 وعمل "وزير الظل" في المعارضة، نظرا للمهمة الناكرة للجميل المتمثلة في التفاوض على موقف حزب العمال الهش بشأن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.
وكان ستارمر ضد مغادرة الاتحاد الأوروبي، لكن العديد من ناخبي حزب العمال كانوا يؤيدون ذلك.
فيما كانت التسوية الغامضة التي توصل إليها الحزب هي أنه ليس مع خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي ولا ضده، ولكنه يريد إجراء استفتاء ثان.
وربما ساهمت هذه القضية وستارمر أيضا في خسارة حزب العمال الهائلة أمام المحافظين في عام 2019.
لكن بعد تلك الانتخابات، خرج زعيم حزب العمال جيريمي كوربين، ودخل ستارمر. وقد شرع في إعادة تشكيل حزب العمال.
إلى ذلك يشكك النقاد من اليسار في أن ستارمر لن يكون جريئا عندما يصبح رئيسا للوزراء، لكنه سيلتزم بالوسطية الناعمة.
وسينصب الكثير من تركيزه على السياسة الداخلية في محاولة لدعم الاقتصاد البريطاني ومعالجة شعور الناس بأن التكاليف اليومية أصبحت خارجة عن السيطرة.
وهو يريد خفض تكاليف الكهرباء المرتفعة من خلال إنشاء شركة مرافق خضراء جديدة تديرها الدولة.
كذلك يريد تقليل أوقات الانتظار للمواعيد الطبية وطب الأسنان.
يشار إلى أنه نادراً ما تتغير سياسة بريطانيا الخارجية في ظل حكومة جديدة، وفق مراقبين لا سيما أن السياسة الخارجية تبقى دون تغيير لافت خلال التحول من حكم المحافظين إلى حكم حزب العمال.
وقال ستارمر في وقت سابق إن بريطانيا ستظل عضوا قويا في حلف شمال الأطلسي، وستدعم أوكرانيا في حربها ضد روسيا، وتدعم حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد حماس، بينما يدعو إلى وقف إطلاق النار.
وعلى الرغم من أن خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي يُنظر إليه على أنه فشل، وعدم وجود حماس لإجراء استفتاء آخر، فمن المحتمل أن تسعى بريطانيا تحت قيادة ستارمر إلى إقامة علاقة أوثق مع الاتحاد الأوروبي.
المصدر: السومرية العراقية
كلمات دلالية: الاتحاد الأوروبی حزب العمال
إقرأ أيضاً:
كوربين يخرج من عباءة العمال ويشكل حزبا جديدا.. هل يصنع مفاجأة؟
أعلن زعيم حزب العمال السابق جيريمي كوربين عن تأسيس حزب جديد بالتعاون مع النائبة السابقة زارا سلطانة، تحت اسم مبدئي "حزبكم ـ Your Party"، واعدًا بـ"بناء حركة ديمقراطية تواجه الأثرياء وأصحاب النفوذ ـ وتنتصر عليهم".
الخطوة، التي وُصفت بأنها قد تعيد رسم خريطة اليسار البريطاني، تأتي بعد سنوات من التوتر بين كوربين وقيادة حزب العمال الحالية برئاسة كير ستارمر، الذي دفع باتجاه إقصاء التوجهات اليسارية الجذرية من الحزب.
كوربين أكد، في منشور على منصة "إكس"، أن المؤتمر التأسيسي للحزب الجديد سيعقد في الخريف المقبل، دون تحديد موعد نهائي حتى الآن. وأشار إلى أن الهدف من الحزب ليس فقط خوض الانتخابات، بل تشكيل "حركة جماهيرية" تنطلق من قاعدة شعبية واسعة.
إعلان كوربين يأتي في وقت حرج بالنسبة لحزب العمال، الذي عاد إلى السلطة مؤخرًا بقيادة ستارمر، بعد سنوات من حكم المحافظين. ومع أن الحزب الجديد لم يُعلن بعد برنامجه الكامل أو توجهه الانتخابي، إلا أن ملامح "السيادة الشعبية" والعدالة الاجتماعية التي يروج لها كوربين قد تجد صدى لدى شريحة من الناخبين الساخطين على الوسطية الليبرالية التي يتبناها ستارمر.
It's time for a new kind of political party - one that belongs to you.
Sign up at https://t.co/0bhBHhWvVa. pic.twitter.com/UwjHBf4nZQ — Jeremy Corbyn (@jeremycorbyn) July 24, 2025
في مقابل هذا الحراك اليساري الجديد، شهدت المملكة المتحدة عدة تطورات أخرى على المستويات الدبلوماسية والاجتماعية:
ـ "يوم تاريخي" كما وصفه كير ستارمر بعد توقيع اتفاق تجارة مع الهند، قال عنه إنه "الأكبر منذ البريكست"، في حين أشاد رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي بالاتفاق واعتبره "خارطة طريق لازدهار مشترك".
ـ بينما تتجه الحكومة نحو مراجعة قوانين اللجوء، حذر وزراء من احتمال تصاعد الاحتجاجات حول مراكز إيواء اللاجئين، بعد أحداث شهدتها منطقة "إيبينغ".
ـ سياسيون وناشطون دعوا للاعتراف الفوري بدولة فلسطين، في ظل تزايد الإدانات لجرائم الاحتلال في غزة، من بينها وصف رئيس أساقفة يورك لما يحدث بأنه "بربرية وتجريد من الإنسانية".
ـ إد ديفي، زعيم الديمقراطيين الأحرار، دعا سلاح الجو البريطاني لإلقاء المساعدات جواً على غزة، في ظل تواصل الحصار وتعثر إدخال المساعدات براً.
ـ في مشهد لا يخلو من مفارقة، أبدت كيمي بادينوخ، وزيرة الأعمال، إعجابها بالرئيس الأرجنتيني اليميني المتطرف خافيير ميلي، قائلة إنها تطمح لأن تكون "ميلي بريطانيا"! في مؤشر على مدى انقسام الطيف السياسي في البلاد.
السؤال المطروح الآن: هل يستطيع كوربين أن يستثمر رصيده الشعبي ـ خاصة بين الشباب والناشطين المناهضين للرأسمالية ـ ليُحدث خرقًا في نظام حزبي تقليدي شديد الاستقطاب؟ أم أن تجربته الجديدة ستُضاف إلى سلسلة مشاريع سياسية هامشية لم تتمكن من الصمود في وجه الحزبين الكبيرين؟
ما يبدو واضحًا هو أن كوربين لا يراهن فقط على الانتخابات، بل على "تحريك الوعي" وإحياء خطاب العدالة الاجتماعية ورفض هيمنة المؤسسات المالية على القرار السياسي، وهو ما قد يعيد إحياء جزء من إرثه السياسي الذي تعمد حزب العمال طمسه بعد مغادرته القيادة.
وفي بلد تتسع فيه الفجوات الطبقية ويُطرح فيه ملف الهوية الوطنية والهجرة بقوة، قد يكون لصوت كوربين ـ ولو من خارج المؤسسة ـ دور في إعادة صياغة أولويات النقاش العام في بريطانيا ما بعد البريكست.