رأى النائب هاني قبيسي ان "ما نسمعه من رفض للحوار ، ورفض للتفاهمات، ورفض للمقاومة ودفاعها عن حدودنا هي مواقف ملتبسة، ولا تؤدي الى وحدة وطنية والى وحدة قضية مركزية على مستوى الوطن". وقال  في احتفال تأبيني في بلدة عبا الجنوبية: "ان الواقع في لبنان هذه الايام مزر، والبعض بعيد كل البعد من الوحدة الوطنية، فلا نرى احد يبحث عن الوحدة الوطنية الداخلية على ساحتنا اللبنانية سوى من آمن بالمقاومة وارتضاها مسلكا ونهجا".

ولفت الى ان  "الساعي  للوحدة الداخلية هو من يسعى بشكل دائم، لتكريس الحوار والتفاهم بين كل الطوائف، رافضين كل صيغة تكرس الانقسام والطائفية في لبنان. فنحن كثنائي وطني سعينا وبشكل دائم الى التواصل بين كل مكونات البلد، دعونا الى الحوار ليكون لهذا الوطن وحدة موقف ، موقف واحد فلا يمكن لدولة يعتدى عليها من عدو ينتهك سيادتها وحدودها وتدمر قراها واركان دولتها متفرقون مختلفون". أضاف: "للاسف في لبنان، البعض لا يرى المقاومة ضرورة وطنية وآخرون يرون بأن الواقع الداخلي اهم من الدفاع عن الحدود وعن سيادة الوطن، ونحن نقول ان سيادة الوطن لا تتحقق سوى بالدفاع عن حدوده، لا تتحقق سوى بدماء الشهداء الذين يضحون بأنفسهم دفاعا عن قضية يؤمنون بها كرسها الامام المغيب  السيد موسى الصدر من خلال دعوته الى مقاتلة اسرائيل وبقوله قاتلوها بأسنانكم واظافركم وسلاحكم مهما كان متواضعا وبحمد الله وبسواعد المجاهدين لم يعد سلاحنا متواضعا ، بل اصبحنا نشكل قوة ردع تمنع اسرائيل من التمادي في عدوانها على بلدنا".

تابع: "هزمنا اسرائيل بالامس، واخرجناها من بلدنا مذلولة مهزومة وسنهزمها مجددا بفضل صمود مقاومتنا واهلنا بوجه كل من يحاول الاعتداء على بلدنا، و ما نسمعه من رفض للحوار ورفض للتفاهمات ورفض للمقاومة ودفاعها عن حدودنا، هي مواقف ملتبسة ولا تؤدي الى وحدة وطنية والى وحدة قضية مركزية على مستوى الوطن".

وأسف "لان لبنان محاصر معاقب، وبعض اللبنانيين ما زالوا ينتظرون قرارات خارجية غربية لا تسعى سوى الى تدمير هذا الوطن، يزرعون الخلافات ويضعون الشروط على الخطة الاقتصادية وعلى عمل المؤسسات ويسعون الى تعطيل كل شيء لتكون لهم دولة تؤيدهم وتسير بسياستها بحالات التطبيع، يسعون لتكريسها على مساحة الشرق الاوسط بسياسة الخنوع التي فرضوها على اغلب الدول العربية . يختطفون الانتخابات لانهم يريدون رئيسا يسير بقرراتهم وآراءهم، ينفذ عقوباتهم على الساحة اللبنانية". تابع: "قلنا للجميع على مستوى ساسة الوطن، تعالوا لنتحاور لنتفق على رئيس للجمهورية فمن يرفض الحوار الداخلي على مساحة لبنان، هو من يختطف الانتخابات الرئاسية، هو من يعطل الانتخابات. قلنا وما زلنا نقول، نحن جاهزون للحوار مع كل الاطراف اللبنانية، تعالوا لنتفق على المبادئ الاساسية لننتخب رئيسا للجمهورية، لنتفق على دعم الجيش اللبناني بإمكانات واسلحة وقدرات، ولنتفق على وضع خطة اقتصادية نعالج من خلالها الوضع المعيشي للمواطن. نحن مع حوار يعيد بناء الدولة ويقوي الجيش، لاننا اصحاب نظرية بأن قوة لبنان بوحدة شعبه وجيشه ومقاومته".

ختم: "هذا ما سنتمسك به ، ليبقى لبنان قويا ومقاوما، فلا يمكن ان تنكشف ساحتنا امام الاعتداءات الاسرائيلية، سنحافظ على عناصر قوتنا داعين الجميع الى وقفة ضمير لننقذ بلدنا".

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: الى وحدة

إقرأ أيضاً:

إطلاق كتاب جان عبيد ستة عقود في الوطن

أطلق الكاتب والصحافي نقولا ناصيف كتابه "جان عبيد ستة عقود في الوطن" الصادر عن دار "النهار للنشر"، في احتفال أقيم الرابعة بعد ظهر اليوم، في "واجهة بيروت البحرية"، برعاية اللبنانية الأولى نعمة عون وحضورها ممثلة رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون.

كما حضرت رندة بري ممثلة رئيس مجلس النواب نبيه بري، نائب رئيس مجلس الوزراء طارق متري ممثلا رئيس مجلس الوزراء نواف سلام، الرؤساء: أمين الجميل وعقيلته جويس، ميشال سليمان وعقيلته وفاء، فؤاد السنيورة وعقيلته هدى، وتمام سلام، نائب رئيس مجلس النواب الياس بو صعب، ووزراء: الخارجية والمغتربين يوسف رجي، الدفاع الوطني اللواء ميشال منسى، الثافة غسان سلامة، والسياحة لورا لحود.

وحضر النواب: مروان حمادة، زياد حواط، ايلي خوري، هاغوب بقرادونيان، أشرف ريفي، وائل أبو فاعور، آلان عون، سيمون أبي رميا، ملحم خلف، نعمة افرام، ووليام طوق، رئيس المجلس الاقتصادي الاجتماعي شارل عربيد، الوزراء والنواب السابقون: بهية الحريري، ليلى الصلح حماده، رشيد درباس، دميانوس قطار، كرم كرم، عباس الحلبي، زياد المكاري، روني عريجي، سمير الجسر، جوزف الهاشم، ناجي البستاني، خليل الهراوي، اسطفان دويهي، رياض رحال، نزيه نجم، وبشاره مرهج، نقيب المحررين جوزف القصيفي، منى الهراوي، رباب الصدر شرف الدين، نادر الحريري، زوجة المكرم وعائلته وشخصيات سياسية واجتماعية وإعلامية.

وألقى الكاتب ناصيف كلمة قال فيها: "لو قدر لجان عبيد أن يكتب بنفسه سيرته ولا تروى عنه، لأعطى الكتاب عنوانا آخر، هو أقدار في سيرة رجل. تصنع الأقدار تاريخ الأوطان والشعوب، لكنها تصنع كذلك سِير الرجال، هو من طراز الذين وقفت الأقدار أمام أبوابهم أو دونهم. جان عبيد من قلة من أجيال عارفي لبنان، الوطن والدولة اللذين يختلط حاضرهما بماضيهما. ولد في الجمهورية الأولى، وتدرب في الجمهورية الثانية، وصعد في الجمهورية الثالثة. فيه يصح أن يقال إن الجمهوريات الثلاث أقامت، لكل منها معه قصة ممّا روي له أو خبر معايشتها أو خاض تحدياتها بنجاحاتها وخيباتها، هو العابر في عقود ستة بتعاقب رجالاتها الأولين والمتأخرين، وتوالي حقب الحروب الصغيرة والكبيرة، والعداوات والصداقات، والانقسامات والتواطؤات، والتحالفات والخيانات، هو أيضا السياسي الذي أقام الصحافي القديم في يوميات حياته بلا انقطاع. الشفوي بامتياز الذي لا يرتوي حاضره من ماضيه ويراكم فيه".

أضاف: "سيرة العقود الستة في المكان بدأت بعلما ومرت في طرابلس قبل أن تصل إلى بيروت وتمتد إلى دمشق وعواصم أخرى قريبة وبعيدة. ثم تتوسع الوجهات، دونما أن تتبدل الخيارات والاقتناعات. ستة عقود في الزمان أيضا لإنضاج تجربة خاصة استهلت بالولوج إلى العقائد قبل أن تشق طريقها إلى الصحافة، ومنها إلى السياسة كي تلبث في داخل السلطات في صعود متدرج. سيرة ثقافات متشعبة عرجت على التاريخ والأديان والآداب والسير والفلسفات وقلبت فيها. مختبر حياة جربت كل ما يفترض أن يجرب، ويتعظ منه ويحفظ ويروى، لأنه لم يعط له أن يكتبه، لأن الوقت كما راح يقول سيكون طويلا أمامه بعد، هذا جان عبيد الكتاب مقدار ما حاول أن يكون، وليس كتابا عن جان عبيد فحسب".

وتحدث سليمان عبيد نجل المكرم باسم العائلة، فقال: "أقف أمامكم اليوم، لا لأرثي والدي، بل لأشهد على حضوره الذي لا يغيب، أقف أمامكم لأؤكد حضور رجل ترك أثرا لا يمحى وصوتا لا يزال يسمع. لا لنترحم على راحل، بل لنحيي فكره ونحتفي بمسيرته ونخلد ذكراه ونوقع على صفحات من ماض ساهم في كتابته. نقف سويا لاستحضار بعض من طيبة روحه، وجزء من رجاحة عقله الذي أضاء ظلمات السياسة في لبنان، وغيض من غزارة ثقافته الشمولية التي جعلت من الحوار راية، ومن الاختلاف صحة، ومن الكلمة موقفا بألف موقف".

أضاف: "لن أعبر، باسمي وباسم والدتي وإخوتي، عن مدى اشتياقنا، ستبدو الكلمات متواضعة أمام أمير الكلام.

بل اسمح لي، يا أبي، أن أتحدث باسمِك هذه المرة، لأشكر من رعت هذا اللقاء، السيدة الأولى نعمة عون، وقد بات القصر شاغلا بمن يستحق. أشكر أيضا الوفود المحبة التي أمت، أشكر الخطباء أحباءه، الذين عاصروه، أحبوه، انخرطوا في معاركه، شاركوا في إنجازاته، ابتهجوا عند إشراقاته، وزعلوا عند خيباته. سنترك لهم سرد تجارب وعبر ومحطات كل واحد منهم معه".

أضاف: "اليوم لا نكرّم جان عبيد فحسب، نكرم القيم والمزايا التي عاش وناضل من أجلها: الاعتدال في زمن التطرف، الرصانة في زمن الانفعال، الأخلاق في زمن الانحطاط، الحوار في زمن القطيعة. ومن خلال هذه المناسبة، نستعرض مشهدا وطنيا وثقافيا وثق حياة رجل وازن بين طموحاته ومبادئه ومرونته ومواقفه. تقي نقي، لم تلوثه السياسة، بل استعملها لعمل الخير، لإفراج عن مخطوفين، ومساهمة في مصالحات وربط بين المناطق والطوائف والأحزاب، هذا الكتاب أكبر دليل على أن السياسة يمكن أن تكون نزيهة، وأن الكرامة ليست ضعفا، وأن اللطف ليس سذاجة، دخل الصحافة بقلم يحترم الحقيقة، دخل السياسة بضمير يرفض الخضوع".

وتابع: "ستة عقود في الوطن، واكب فيها الكبار، في لبنان والخارج، وكان صانعا لأحداث وإنجازات، في هذا الشرق المجنون وأبعد منه، في الثورات والانقلابات وحركات التحرر، وفي حرب لبنان، ثم في مرحلة السلام وإعادة البناء، بشرا وحجرا، قبل أن نبلغ زمن الاغتيالات وصم الأفواه بالنار. أما عقوده الخمسة العائلية فكانت حبا وحنانا وهيبة واحتراما. لم يكن جان عبيد بالنسبة إلينا مجرد أب أو زوج أو عم أو خال، بل كان، وما زال في غيابه، مرجعية وقدوة ومصدر آمال ومثالا في العاطفة والمحبة والتفاني والحماية، فأحبوه وحملوا معه هم الرسالة والبيت والوطن. أعطى من دون حساب، لم يطلب من أحد محبة وعاطفة، إلا وأعطى اضعافها، ولم يطلب من أحد موقفا أو خدمة، إلا وسلف ما هو أكبر منه بكثير".

وأردف: "نوقع اليوم، فعليا، على شهادة ووفاء لرجل عاش، كما تمنى، ومضى كما عاش، كبيرا، هادئا، محبا، محترما ومؤمنا، وسنستمر يا أبي. أمي وإخوتي وعائلاتنا، في المؤسسة التي تحمل اسمك وتبشر به، تماما كما بشرت بأن السياسة أخلاق، وبأن الوطن مساحة اجتماع لا فرقة، وبأن العالم العربي هو امتدادنا الطبيعي. سنستمر، من المدرسة التي تحمل اسمك في طرابلس، إلى الكتاب الذي يروي سيرتك، إلى محطات قادمة متعددة في وطن نأمل له شفاء من أمراض عاينتها وعانيت منها، سنفتخر دوما بأننا أبناء جان عبيد، رصيدنا الأساسي، تماما كما سيفتخر أولادنا بأنهم أحفاد جان عبيد".

وشكر لـ"الكاتب نقولا ناصيف جهد سنوات، ولدار النهار المواكبة والنشر، ولجميع من ساهم وساعد لإصدار هذا الكتاب".

كما شكر لـ"إدارة Seaside Pavillion بشخص الصديق شارل عربيد وفريق العمل المساعد والتقنيين وجميع الأصدقاء".

وألقى القاضي زياد شبيب كلمة دار "النهار للنشر" قال فيها: "مرة جديدة، يجتمع أهل جان عبيد ومحبوه حوله، هذه المرة ليست لوداعه، بل لتخليد ذكراه، هو الذي آمن بأن أفضل مهنة يقوم بها إنسان هي بأن يجمع الناس، ها هو يستمر في رسالته رغم الغياب. سفر جديد خطه نقولا ناصيف، المبدع في أدب السيرة، والمتقدم في كتابة تاريخ هذا البلد عبر سير كباره، قدم لنا اليوم أحد أهم إنجازاته وأكثر كتبه شمولا واكتمالا ودقة وموضوعية".

أضاف: "إنجاز كتاب سيرة جان عبيد، هو مصدر فرح لي شخصيا، لأن في الأمر رسالة حب للرجل الذي عرفته للمرة الأولى في بيتي الوالدي في عام 1992 ولم تنقطع بعدها المودة والتواصل. وفي أيام خدمتي العامة، كان دائما من أعز المتصلين لتقديم النصح أو الدعم أو الاطمئنان. إنجاز الكتاب هو أيضا مصدر اعتزاز لنا في دار النهار التي تعود بقوة إلى عالم النشر، وأخذت على نفسها عهدا بأن تتسبب بنهضة جديدة، وقد بدأت بالفعل، بالتوازي مع استعادة الكتاب الورقي عافيته ومكانته بعد ثبوت الحاجة إليه وعدم القدرة على استبداله بأي نوع من الوسائط الالكترونية الحديثة، وبعد ثبوت القدرة على تسخير الذكاء الاصطناعي في صناعة الكتاب القائم على الإبداع البشري، بدل إحلاله محله".

وتابع: "لقد علمنا جان عبيد أن الإنسان يمكن أن يكون مؤمنا ممارسا، وعلمانيا في الآن عينه، لأن كلا من الأمرين ينتمي إلى حيز مختلف من الوجود والاجتماع الإنساني. وقد آن أوان اعتماد هذا الفصل بين الحيزين في حياتنا العامة. وأثبت أن الهويات لا تكون بالضرورة قاتلة، ويمكن أن يكون اللبناني لبنانيا حقيقيا كامل الصفات وعربي الهوية والانتماء في الوقت عينه. وأثبت أيضا أن الطموحات الكبرى لا تتحقق بالتنازل عن القيم والمبادئ، وأن الغاية لا تبرر الوسيلة، وأن بلوغ القمم لا يتم زحفا، بل ارتقاء".

وختم شبيب: "لم يكن جان عبيد يجمع المتناقضات، بل يراكم في مراحل عمره، وعقوده الستة في الوطن، ويزداد، نضوجا وارتقاء وحكمة. الجميع يتمنى لو أنه ما زال بيننا، وهذا الكتاب قد يعوض بعض الغياب، ويخلد الذكرى، ويعطيك شعورا يقارب الحضور. شكرا للصديق نقولا ناصيف، وللعائلة، ولمؤسسة جان عبيد، ولفريق دار النهار، جان عبيد، سيكون ذكرك مؤبدا".

بدوره، قال درباس: "القبر يندى بالطيوب وحميم أحزان القلوب، العشب لم ينبت على لهف المفارق والدورب، تتمرد الذكرى فلا يلتئم جرح بالندوب، ضم الثرى عينيه فانبثق الشعاع من الثقوب، ألا لا بارك الله في دموع الحبر، إذا ذرفت حزنا عليه، تبا للخط إذا كان رقيما، فأنا لم أعاقره إلا إدمانا على اكتشاف خزائنه ونشر ملائحها ودررها حتى اتهمت بأني ظل خجول لابن عبيد الله، لما علمت، فزعت إلى أكياس المسابح التي أهدانيها، حاولت ان أتذكر كلامه في مزايا كل واحدة، حدقت بحباتها التي كان يقربها لي من النور، ليريني محتوياتها الخفية، فلم أر فيها إلا وجهه، يطل علي من عمق الكهرمان باسما، لاذعا شاتما، ناعما صارما، صادقا، ناصحا وحكيما".

اضاف: "جمعت مسابحي تلك التي شكها في خيط الوجدان على حوالي نصف قرن، فقرأت فيها عناد الضوء ولسعتني كهرباؤها، فتكشف لي كم تغيرت طباعي من خلال صداقته، دون انتباه، كانت محطة كلامه الآية الكريمة: "فإذا الذي بينك وبينه عداوة، كأنه ولي حميم".

وتابع: "كان يحب من أحب، ويصالحني مع من لم أحب وحسبي من ذلك كله أنه قدمني إلى الرئيس الشهيد رفيق الحريري الذي أحاطني بعناية حميمة وزرع في قلبي محبة مقيمة. وكم حدثني عن أيام سجنه واختطافه، وصفحه رغم ذلك عن كل من أساء إليه".

وأردف: "الفتى الطرابلسي "العلماوي" العلماني عربي الوجه واليد واللسان، يسير في ملاعب جنة فلا يحتاج الى ترجمان، تماما كما الحكيم سليمان، صامدا بغير تشنج عابرا للحواجز الحربية، متنقلا بين القذائف، يركب المخاطر لإنقاذ مخطوف وإغاثة ملهوف ورد البسمات إلى الأبناء والزوجات والأمهات، برد عزيزهم إليهم، بما له من حجة ودماثة وشجاعة وطلاوة لسان".

وقال: "عرفته أول مرة أثناء الحرب المشؤومة، قافزا مع المرحوم الشيخ الياس الخازن فوق اللهب ليصلا إلى طرابلس لاسترجاع ثلاثة من رهبان الكسليك الذين احتجزتهم الصاعقة، فكأنه بعد تمرسه في عبور الحواجز برع بعد ذلك في عبور القارات، وزيرا للخارجية موضع إعجاب قادة العرب والعالم، ولقد قال له الرئيس خاتمي مرة، إنه كلما التقاه، استفاد من فهمه العميق للإسلام والأديان".

اضاف: "قال أحدهم فيه إنه انتمى إلى قيم الأديان بعد أن توغل فيها، وفقه جواهرها، بل مارس طقوسها المقدسة، ورغم ذلك فقد سلم مصيره إلى إيمانه المسيحي، إذ اعتقد دائما أنه مكتوب في غيب ما، يراه، ولا نراه. وعلى هذا القياس رأيت جان عبيد بطلا في رواية حدائق النور لأمين معلوف، هناك سخر (ماني) عمره للجمع بين عناصر من ديانات مختلفة، تقديرا للمعرفة باعتبارها الخير المطلق، في كنف انتصار النور على الظلمات".

وتابع: "دفع جان أثمانا باهظة بسبب اعتداله وكياسته ولياقته، وعروبته الصادقة التي ولد فيها وأعطاها زهرة شبابه في شوراع طرابلس ومدارسها حيث حمل على كتفه مقعد دراسته، كما الصليب، متنقلا من مدرسة الفرير إلى مدرسة الطليان، إلى الثانوية الرسمية، ولكنه رغم تشرده ذاك، استعاض عن الانتظام في الصفوف بالابحار في محيط القرآن الكريم والتاريخ وأبي الطيب وابن الرومي بإيقاع متناغم مع رسائل القديسين وأشعار لامارتين وبودلير، كأنه يؤكد أن المعارف يمكن أن تؤخذ من مصادرها بغض النظر عن الانتظام في الصفوف وحفظ الأمثولات. المفارقة أن من عاند المدارس وعاندته، صار وزيرا للتربية في أصعب الظروف، فإذا به يصادق المعلمين بالجملة والمفرق، وأظن أنه لو طال به المقام هناك، لصادق طلاب لبنان على اختلاف أجيالهم".

وقال: أيها الاخ الغالي، كنت المحرر البارع، ولسان الحال الفصيح، وصيادا بلا بندقية، فلما هجرت الكتابة صرت معقد الأقلام، ولما هجرت الدنيا جمعك، بقرار من العائلة نقولا ناصيف في كتاب، هو حوض لمصب الروافد على أنواعها، رقراقها وثائرها، فرحها وحزينها، فإذا ضحكنا لطرفة، عاجلتنا غصة جحود، كمثل ما طغت المرارة على كلام وليد جنبلاط وهو يعلن اعتذارا بالأصالة والوكالة للتاريخ الوطني لأننا لم نستفد من لغة التصالح والحكمة، ولم نسلم الرؤوس لوسادتك الناعمة التي تمتص التصادم وتؤلف الأحلام".

واردف: "ربما أنت الآن في مجلس صديقك أبي الطيب، تتبوأ مكانا فخما، بعد ما فاتنا أن تتبوأ السدة الفخمة، فتبوأت لحدا، كما فاتك أن تودعنا، وما أخلفت من قبل وعدا، فذبل زهر الليمون في مدينتك قبل أن يعقد، وما كدنا نحاط علما، حتى وارى تراب "علما"، علما تناسقت فيه الألوان حتى تجسدت أرزة في المخيلة والذاكرة".

وختم: "أيها العاشق الأزلي، يا "قيس لبنى"، وأبا سليمان وهلا وأمل وجنى وبدوي، يا شقيق إيلي وميلان وفؤاد يا رفيق سونيا، هاتفك البشري الذكي، أيتها الفرصة الضائعة، إن يدي على خدر ويراعتي في متاهة، وعيني ترى الناس معزيا بعضهم بعضا ففي ذهابك اتحاد الخسارة الشخصية بالخسارة العامة. كنت، في كل مرة أكتب فيها مقالا، تهاتفني بعد أن تمسك بي متلبسا باقتباس أفكارك، وتذكرني بالبحتري الذي قال فيه ابن الرومي:

يغير ليلا على الموتى ويسلبهم

حر الكلام بجيش غير ذي لجب".

وختم: "كم كان يسعدني ذلك إذ كنت أغير عليك حيا، وجهارا نهارا، أما الآن فستظل انت تغير علي فجرا وليلا، صحوا ومناما إلى أن نلتقي. كان الأقربون إليك، يعرفون من ربطات اعناقهم، ونوع مسابحهم، الآن يعرفون من لون أحزان العيون. سار الشروق بشمسه متعجلا نحو الغروب "ذهب الذين تحبهم" فاذهب إلى الزمن الكئيب". 

وقالت رئيسة مؤسسة الحريري للتنمية النائبة السابقة بهية الحريري: "يوم ٢٢ تشرين الأول ١٩٩٢ كان أول ثلاثاء يلي الخامس عشر من تشرين الأول، يوم التأم المجلس النيابي المنتخب لأول مرة بعد عشرين عاما من الإنقطاع عن الإنتخابات، يومها دخلت إلى المجلس النيابي وأنا في حالة من الغربة والريبة. كنت وحيدة بكل ما تعنيه هذه الكلمة من غربة وضياع، وكان الزملاء النواب مجموعات وثنائيات يتسابقون على اختيار مقاعدهم لأربع سنوات قادمة، كنت أنا وحدي ولا أعرف كيف أختار مقعدي، وكان أن جلست ضمن مجموعة من الزملاء النواب ولا أعرف أحدا منهم. وأنا في صميم حيرتي اقترب مني الزميل الكبير الأستاذ جان عبيد وعرفني بنفسه، وطلب مني الجلوس إلى جانبه، مع الأستاذ الكبير عبد اللطيف الزين. عندها شعرت بفيض من الثقة والأمان. وانتقلت إلى ذلك المقعد المحاط بالحكمة والخبرة والوطنية والصداقة، ولم أغادر ذلك المقعد طوال فترة وجودي في المجلس النيابي على مدى ثلاثين عاما".

أضافت: "يوم ٣١ تشرين الأول ١٩٩٢ تشكلت حكومة الرئيس رفيق الحريري الأولى، ومنذ ذلك اليوم أصبحنا نعرف أنه كل يوم جمعة الساعة السابعة صباحا، سيكون هناك لقاء إستثنائي بين الرئيس رفيق الحريري والنائب والصديق الاستاذ جان عبيد. وأصبحت في كثير من الأحيان أطلب من الأستاذ جان عبيد المساعدة في بعض الموضوعات ليتولى بحكمته الحديث فيها مع الرئيس رفيق الحريري، الذي كان شديد الاعتزاز بصداقته والإصغاء إلى حكمته ومعرفته، ولقاء الجمعة السابعة صباحا استمر بانتظام وبدون انقطاع حتى السابعة من صباح ١١ شباط. يوم الجمعة الأخيرة  قبل يوم الاثنين ١٤ شباط ٢٠٠٥ اليوم الخميس في ٢٩ ايار ٢٠٢٥. وفي اتصال من الإمارات العربية المتحدة.. مع الرئيس سعد الحريري، هذا الصباح حملني خلاله إلى هذا اللقاء خالص المودة والتقدير والاحترام".

وتابعت: "يوم ٧ تشرين الثاني ١٩٩٦ تولى الأستاذ جان عبيد حقيبة وزارة التربية الوطنية، وكنت حينها رئيسة لجنة التربية النيابية، وبادر معالي الوزير الأستاذ جان عبيد إلى إطلاق أكبر عملية تحديث وتطوير للمناهج التربوية مما جعلنا نعمل كفريق واحد كل من موقعه. وكانت لجنة التربية النيابية تحظى بحضور واهتمام استثنائي من معالي وزير التربية الوطنية، الشديد الوطنية، مما جعل من إنجاح عملية التحديث والتطوير قضية متحققة، والتي أحدثت بارقة أمل كبرى باستعادة لبنان مكانته التربوية العميقة والمميزة".

واردفت: "الصديق والزميل والوزير الأستاذ جان عبيد كان شديد الحرص على الإيضاح وحسن التعبير وعلى الإصغاء للصغار والكبار بدقة متناهية واحترام وبدون استثناء، وكان شديد الحرص على التعريف بمسيرته الوطنية ومحطات حياته البالغة الخصوصية والتي حرص أن يتعرف عليها كل الأصدقاء، وهي الثنائية الشديدة المودة والحميمية والإحترام. (وهي هو.. وهو هي) أي أن السيدة الفاضلة لبنى هي الأستاذ جان والأستاذ جان هو السيدة لبنى مما جعل الوصول إلى بيت الصديقين السيدة لبنى والأستاذ جان حاجة ضرورية وخاصة ودائمة لما كانا يحيطاننا به من كرم ومودة واهتمام. وعائلة السيدة لبنى والأستاذ جان جمعت حولها كل الأجيال والتشكيلات والأهواء تحت سقف الكرم والحكمة والمودة والوفاء".

وختمت: "يوم  ٨ شباط ٢٠٢١ عز على الإنسان جان عبيد أن يرى البشرية جمعاء وقد أصبحت في حالة عجز تام وفقدت القدرة على التواصل والتلاقي بين الأحبة والأصدقاء وبين الإنسان والإنسان، فآثر الغياب على البقاء، وها هي السيدة الفاضلة لبنى وعائلتها الكريمة ودار النهار ومؤسسة جان عبيد والكاتب المميز الأستاذ نقولا ناصيف، وقد جعلونا اليوم نلتقي من جديد مع الأستاذ جان عبيد في لقاء لا يشبه أي لقاء، مع قامات وطنية كبيرة وسيدات وسادة كرام، من أصدقاء وأحباء الأستاذ جان عبيد، وبرعاية كريمة من اللبنانية الأولى السيدة الفاضلة نعمت جوزاف عون التي نتطلع إلى حضورها الدائم ورعايتها لكل ما يعيد المحبة والوئام والوفاء الى وطننا الحبيب لبنان".
بدوره، قال وزير الثقافة: "ثلاث كلمات تلخص جان عبيد. الكلمة الاولى هي  الحوار كان رجل حوار، وكان كارها للعنف، وكاد ان يسقط ضحية العنف، وكان في الاجمال ينبذ العنف. وأن تكون رجل حوار يعني ان تكون مستعدا للحجة، وكانت حجته في الاجمال قوية وكان يرد على الحجة بالحجة وان خانته الحجة لجأ الى اية من القرآن الكريم او الى بيت شعر من المتنبي او لامارتين لكي يستمر في محاججته. كان يدرك تماما بأن الحوار ليس بديلا عن القتال وان الحوار هو شكل من أشكال القتال، فالقتال قتال مع الاخر، اما الحوار فهو قتال مع الذات. الحوار يقتضي ان تحارب نفسك لكي تجعلها تقبل بوجود الاخر وباختلافه عنك، وان تقدم للاستماع اليه لا ان تكتفي بالتأثير عليه". 

اضاف: "اما الكلمة الثانية فهي الاعتدال كاد ان يكون متطرفا في اعتداله، كان يعتبر ان الاعتدال، هو بوصلة السياسة، وحمله هذا الولع بالاعتدال الى نوع من الواقعية لمعرفة دقائق الأمور في لبنان والمنطقة والعالم، كان كثير الاسئلة ليدرك قواعد اللعبة، وكان يبتسم حين يقوم من يصغره سنا ويحاول ان يقول له هذه قواعد اللعبة ولكن اللعبة بحاجة الى تغيير في قواعدها. ولم يكن يسعى لتغيير القواعد لأنه كان حريصا على ادراك التفاصيل".

وتابع: "اما الكلمة الثالثة فهي العروبة ولو كان حيا بيننا اليوم لكان حزينا مثلي ومثلكم على الحال التي وصلت اليه الحال العربية، ينظر الى آخر قمة عربية لم يحضرها ربع زعماء العرب، ودامت اقل من ساعتين ولم يصدر عنها ما يشفي الغليل بينما المنطقة في حال من التحول والعنف والتغير، ولكان نظر في اوضاع العرب ورأهم قد تشتتوا بين مطبع ومقاوم بين مختلف ومساوم".

وختم: "ان الحوار، الإعتدال والعروبة تلك هي الجسور التي جمعتني بجان عبيد".

أما الرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، فتحدث عبر تقنية الفيديو، واستذكر السياسي والصحافي الراحل جان عبيد، لافتا الى أنه "يعد جزءا من تراث كمال جنبلاط، ومن التراث الوطني والعربي للبنان، من تلك الشخصيات الاستثنائية المثقفة والوطنية والتي لم تجرها العصبيات الضيقة المقيتة التي دمرت لبنان في مكان ما".

وذكر بأن عبيد كان "محاورا كبيرا مع كل الجهات، كما كان يعي الأخطار عن هذا البلد الصغير، وحاول تقديم النصح والعمل ببعض المجالات لتخفيف آثار الحرب لكن الصراعات على لبنان كانت أكبر".

وقال: "جان عبيد رجل دولة من الطراز الأول، عندما كان وزيرا في الحكومات السابقة وكان طموحه أن يصبح رئيسا وهو مشروع شرعي، لكن الظروف آنذاك لم تساعده، إذ إنه في مرحلة معينة كان من الصعب على الوصاية السورية آنذاك القبول بشخصية كجان عبيد، شخصية مستقلة، لها وجهة نظر ولا تقبل الأوامر".

أضاف: "ذهب جان عبيد، أخذه القدر بالرغم من أننا كنا بحاجة إليه، وعلى المستوى الشخصي عرفته، في العام 1978 أو 1979، تعرفت إليه عندما كان في دار الصياد، واستمرت العلاقة، وفي كل صباح في منزل كمال جنبلاط في المصيطبة، فرن الحطب، كان يطل في الصباح يختلي مع كمال جنبلاط في الغرفة على يسار المدخل ويذهب وكان يقدم لي النصح لاحقا عندما أصبحت في موقع المسؤولية وكانت نصائحه في مكانها واستفدت الكثير منه".

وختم: "هذه الحياة، فقدنا صديقا وطنيا عربيا كبيرا وعندما أقول ذلك، يعني أنه لا يمكن أن يكون هناك أي تناقض بين الوطن اللبناني الذي هو جزء من الوطن العربي الكبير الذي حلمنا وما زلنا نحلم، بأن يتوحد في يوم ما وأن يبنى على أساس الوحدة والديمقراطية والحريات كما أرادها كمال جنبلاط، إذ إن الطريقة الوحيدة لمواجهة المشروع الصهيوني الذي يمتد ويدمر هي الحرية وحدها التي تستطيع ان تخلصنا من هذا المأزق ووحدها العروبة".

وتحدث الرئيس الجميل في كلمته عن "علاقة الصداقة التي جمعته بجان عبيد"، وقال: "جمعتني به صداقة امتدت إلى نصف قرن. بدأنا جيرانا، ورافقنا لبنان المضطرب الذي عرفناه - وكلانا من مدرسة وفي موقعين مختلفين وأحيانا متباينين ـ أنموذجا يستحق الحياة، وتليق به التجربة وثقافة الحوار. كان لبنان بالنسبة إلينا أمثولة تعاش، ولا تختبر أو تمتحن. رحلة تلاق تعددي في أدق يومياته في السلم الذي عبرنا فيه، وتمسكا بالبقاء والصمود والحق في الاختلاف في الحرب التي لم تباعد بيننا".

أضاف: "احتفظ كلانا باقتناعاته وخياراته وتصوراته للحاضر والمستقبل، ولم يتخل عن حلفائه ولم يهادن خصومه، ما كان يجمعنا هو الإصرار على الاعتدال والموضوعية لتحقيق مصلحة لبنان ووحدته، والتخاطب المباشر، والحريات التي لا مساومة عليها، والديموقراطية فسحة التواصل، والتسوية الحتمية لأي خلاف أو تباعد. لم يكن جان عبيد من أولئك الذين اقتلعتهم الحرب من بيوتهم، لم يكن من أولئك الذين خافوا على حياتهم من شجاعتهم، وإصرارهم على مواقفهم وثوابتهم. تجرأ وصمد حيث كان، وعاند كما لو أن لبنان آنذاك في حسبانه لا يلبث ان يعود قدر اللبنانيين أيا يكن انقسام مجتمعهم، وتناحر طوائفهم ومذاهبهم، وتفكك دولتهم".

وتابع: "جمعنا حب لبنان في المطلق والعمل على إنقاذه، وحرصنا ـ كل من موقعه أو اقتناعاته أو خياراته ـ على ابتكار القاسم المشترك الذي يشكل خلاصة المصلحة الوطنية والطريق التي تؤدي إلى التلاقي. عملنا معا على اقتناعات يمكن أن يلتقي من حولها العدد الأكبر من اللبنانيين. بدلا من التحدث في الأفكار المتناقضة، باحترامنا بعضنا بعضا، نفتش عن خلاصاتنا المشتركة وترجمتها إلى خارطة طريق فلا تبقى حبرا على ورق. ببعض الأفكار، ساهمنا في تحقيق التقارب أو التلاقي بين سياسيين لم يكن في ما بينهم حد أدنى من الود، ما ساعد على تذليل عدد من العقبات، ذلك تَبَلْورَ في خلال رئاستي بأن ساهم هذا النهج في تذليل كثير من العراقيل، لا سيما عندما كان علي اتخاذ مواقف حساسة كانت تتطلب حنكة سياسية جامعة للسير بين السطور".

وقال: "لا تتخصر الممارسة السياسية والخبرات في هذه الرؤية فقط، بل سهل هذا النهج الطريق أمام الكثير من الإنجازات على الصعيد الوطني. عرفت جان عبيد مستشارا منذ مطلع ولايتي في رئاسة الجمهورية في الملفين الأكثر جدلا والتباسا، الملفان اللذان أوجدا أحد أكثر أسباب الحرب الطويلة في لبنان وعلى الدولة واللبنانيين، هما ملفا العلاقات اللبنانية - السورية واللبنانية- الفلسطينية، فأتاح أوسع مروحة من الأفكار لاستنباط الحلول".

وختم: "في الحرب والسلم، تلاقينا على تقديم مثال الشخصية اللبنانية العابرة للطوائف، في مرحلة طبعها التشنج والتطرف وتطلبت الجرأة والمجازفة، وهي في اعتقادي النموذج الحقيقي للشخصية اللبنانية التي تأبى التقوقع، لا تندمج في القِيَم والمذاهب والطوائف فحسب، بل كذلك في الأفرقاء إلى أي فئة وخيار وعقيدة انتموا، وعبر الكاتب نقولا ناصيف خير تعبير عن تعقيدات هذه الحقبة، والتفاعل الوطني الذي ساهم في تحقيق هذا التوافق، وإنقاذ لبنان في مراحل كثيرة من الضياع. وبرحيله المفاجىء خسرنا حضور جان عبيد بيننا، لكننا ربحنا النموذج".

والقى الرئيس بري عبر تقنية الفيديو كلمة قال فيها: "جان عبيد فخامة الحاضر، في ذكرى حضوره وارتحاله الرابعة، بعضا مما أحب ومما حفظنا عنه، منه أستعير وإليه أهدي. أبلغ عزيزا في ثنايا القلب منزله، إن غاب عنا فالروح مسكنه، من يسـكن الروح كيف القلب ينساه. أبو سليمان في ذكراك، كما في وداعك، لن أرثيك فالرثاء للأموات مثلك من الرجال رجال لا يموتون، إلا بالنسيان وخيانة العهود. أما أنت باق فينا بقاء الأرز والزيتون".

أضاف: "جان عبيد الصديق الصدوق فخامة الراحل الحاضر، يا وجه الوطن الذي نحب حريّ بنا أن نستدعيك ويستعيدك كل محب للبنان قدوة لرجال الدولة قامة فكرية ووطنية في الزمن الصعب. رجل يحمل الكلمة المسؤولية، والسياسة أخـلاقا، والوطـن رسالة لا تنكسر وجسـرا بين المختلفين حين تتقطع سـبل اللقاء، وإيمانا لا يتزعزع بالحوار لا بالتصادم، وبالوحدة لا بالتفرقة، وصـوتا صارخا في برية الوطن، لبنان لا يبنى إلا بالعـقـول النيرة والقلوب الكبيرة".

وختم: "في ذكراك يقيناً، ستبقى ضمير الوطني الحيّ في وجدان كل من عرفك وأحب فيك الإنسان قبل السياسي، في يومك وكل يوم يذرفك الوطن نجما لا يعرف الأفول، جان عبيد عشت للبنان وستعيش فينا من أجل لبنان".

بعد ذلك، قدمت هلا عبيد اللبنانية الأولى، وقالت: "هي ليست السيدة الاولى للجمهورية اللبنانية، بل هي أيضا صديقة عزيزة وامرأة ملهمة، وأرى في حضورها النبيل انعكاسا للقيم التي أحببناها وعشناها وتربينا عليها في منزل جان عبيد. اسمحوا لي بكل فخر وباسمي وباسم عائلتي أن أدعو اللبنانية الاولى للتفضل بالقاء كلمتها".

وتحدثت اللبنانية الأولى فقالت: "يصعب الحديث عن الوزير والنائب جان عبيد بعد أن شهد له أصدقاؤه، وأي أصدقاء، سياسيون وزعماء وأدباء ومثقفون خاضوا معه غمار العمر، بل كتبوا صفحات من تاريخ لبنان، فيصبح أي نقش من بعدهم في مجسم ذكراه، لا يجرؤ عليه إلا من رأى بجان عبيد الانسان قبل السياسي، والمؤمن قبل المفكر، والمواطن قبل الخصم أو الحليف، والمتمسك بقيمه التي هي ميزة كل لبناني، وما أجمل وأصعب أن تكون لبنانيا، كما كان جان عبيد".

أضافت: "أنا هنا لا لأتحدّث عن جان عبيد السياسي المدافع الأول عن التربية والتعليم والمسكون بحس العدالة ورجل الإعلام الراقي أو المتجذر في بيئته والرابط التاريخ بالجغرافيا، بل جئت أحدثكم عن رجل مسكون بحب عائلته، ومواطن مجبول بحب وطنه. وأصوب خيارات جان عبيد كانت زوجته، لبنة حياته، لا مكان عندها للأنانية أو لبخل في العطاء. وكان لي شرف التعرف إليه في جامعة الـ LAU من خلال ابنته هلا، التي تحمل بشائر اسمها، بل تحمل مزايا إرثه. وكنا، كلما دعوناه الى احتفال، يكون أول الحاضرين وآخر المودعين، كأنه على موعد مع حبيبة هي ابنته، يكرمها بحضوره بتواضع الآباء الذين هم بحجم جبل".

وتابعت: "حضن بناته الثلاث وابنيه، حضانته لزوجته ووطنه. لم يغره منصب، أو تلهه سلطة، أو يعمه مجد. حفظ إرث والديه فحرث الارض بقلمه وحرسها بمواقفه. وانتقل، بارتباطه بابنة قائد للجيش، الى طبقة الاثرياء بوطنيتهم. وأنا الأعلم، من خلال أولادي أيضا، مدى صعوبة وفخر أن يكون أحد أفراد العائلة ضابطا أو عنصرا في الجيش اللبناني، يرهن حياته للدفاع عن مجتمعه ووطنه، وعن حدود استبيحت، معرضا حياته للموت كي يعيش اللبنانيون بعز ولا تنتهك سيادة. هكذا تربّت العزيزة لبنى، وهكذا ربت، وكانت أول خطوط الدفاع عن زوجها، وكانت جيشا خلفه – كي لا أقول مخابرات".

وأردفت: "عندما عينت عزيزتي هلا مديرة لمكتبي، عينتها لكفاءاتها ووفائها ووطنيتها، ولكن أيضا لأني أعرف طينتها، ومرباها، ومثالها الأعلى. علمنا جان عبيد من خلال التزامه العائلي والوطني، بأن لا أهمية للطبقة التي انتمى اليها أهلنا، المهم ألا يحدنا طموح، وأن القيم العائلية هي من عبادة الله، وأن المدرسة الرسمية هي مدرسة وطنية، ويجب أن تكون خيارا للبنانيين لا ملجأ للذين لا خيار لهم، وأن المناطق النائية هي في قلب لبنان، وأن التعرف على الآخر وتقبله هو اكتشاف للذات ولسموها، وأن نبذ الخوف والتقوقع يحرر الانسان، وأن بناء الحصون هي من بناء الجسور، وأن الحوار هو أمضى سلاح، وأن كلفة الحروب هي أكبر من كلفة السلام، وأن العدالة والمساواة هما ضمانة السلم الأهلي والانتماء الوطني، وأن اختلاف اللبنانيين على تاريخهم لا يجب يكون مصدرا لتشتت الهوية، بل فرصة لبناء وعي جماعي يمنعنا من تكرار أخطائنا وخطايانا، ويدفعنا الى التمسك بتعدديّتنا وتنوّعنا وأقلياتنا كي نغني خيارات بناء المستقبل، وحدها الدولة تحمينا، ووحدها تضمن هواجسنا، وتستوعب وتحضن هوياتنا المركبة والمعقدة والغنية".

وختمت: "جان عبيد كان مدرسة في الوطنية وحلم بكتاب تربية وطنية على مستوى تحديات لبنان، إن أردنا تكريمه علينا أن نكون أوفياء لثوابته وأحلامه، أي علينا جميعا أن نلتزم هنا بأن ندعم المدارس اللبنانية في رسالتها في بناء المواطنية، مدرسة تؤمن بالإبداع اللبناني، وقوة الحوار، والانفتاح، والاعتدال، والحق، والسلام، وبقدسية لبنان وطنا ومواطنين". مواضيع ذات صلة بكلمات مؤثرة... جنبلاط يستذكر جان عبيد Lebanon 24 بكلمات مؤثرة... جنبلاط يستذكر جان عبيد 29/05/2025 19:45:58 29/05/2025 19:45:58 Lebanon 24 Lebanon 24 السفيرة برّي: "كتاب روّاد من بلاد الأرز انجاز وطني كبير" Lebanon 24 السفيرة برّي: "كتاب روّاد من بلاد الأرز انجاز وطني كبير" 29/05/2025 19:45:58 29/05/2025 19:45:58 Lebanon 24 Lebanon 24 عامر جلول يوقع كتابه "صراع الهويات والجدل التاريخي" في معرض الكتاب Lebanon 24 عامر جلول يوقع كتابه "صراع الهويات والجدل التاريخي" في معرض الكتاب 29/05/2025 19:45:58 29/05/2025 19:45:58 Lebanon 24 Lebanon 24 بهية الحريري تسلمت من مروان القطب كتابه "الوجيز في القانون الإداري العام" Lebanon 24 بهية الحريري تسلمت من مروان القطب كتابه "الوجيز في القانون الإداري العام" 29/05/2025 19:45:58 29/05/2025 19:45:58 Lebanon 24 Lebanon 24 لبنان أفراح ومناسبات قد يعجبك أيضاً بالفيديو.. "حزب الله" ينشر: نحن لا نهزم! Lebanon 24 بالفيديو.. "حزب الله" ينشر: نحن لا نهزم! 12:32 | 2025-05-29 29/05/2025 12:32:39 Lebanon 24 Lebanon 24 مساءً... ماذا تشهد مباني الضاحية؟ Lebanon 24 مساءً... ماذا تشهد مباني الضاحية؟ 12:18 | 2025-05-29 29/05/2025 12:18:45 Lebanon 24 Lebanon 24 بعد إطلاق الجيش الإسرائيلي النار على كفركلا.. ماذا أعلنت الصحة؟ Lebanon 24 بعد إطلاق الجيش الإسرائيلي النار على كفركلا.. ماذا أعلنت الصحة؟ 11:59 | 2025-05-29 29/05/2025 11:59:55 Lebanon 24 Lebanon 24 المطران ابراهيم عرض الاوضاع مع الرئيس الجديد لمخابرات الجيش في البقاع Lebanon 24 المطران ابراهيم عرض الاوضاع مع الرئيس الجديد لمخابرات الجيش في البقاع 11:45 | 2025-05-29 29/05/2025 11:45:06 Lebanon 24 Lebanon 24 في الدورة.. عصابة سرقة سيّارات في قبضة مكتب مكافحة جرائم السّرقات الدوليّة Lebanon 24 في الدورة.. عصابة سرقة سيّارات في قبضة مكتب مكافحة جرائم السّرقات الدوليّة 11:43 | 2025-05-29 29/05/2025 11:43:48 Lebanon 24 Lebanon 24 الأكثر قراءة بالصورة: نبيلة عواد ترزق بطفلها الأول وتكشف اسمه Lebanon 24 بالصورة: نبيلة عواد ترزق بطفلها الأول وتكشف اسمه 06:12 | 2025-05-29 29/05/2025 06:12:51 Lebanon 24 Lebanon 24 ممثل شهير يُرزق بمولودته الثانية ويطلق عليها هذا الاسم (صورة) Lebanon 24 ممثل شهير يُرزق بمولودته الثانية ويطلق عليها هذا الاسم (صورة) 13:59 | 2025-05-28 28/05/2025 01:59:31 Lebanon 24 Lebanon 24 خبر سارّ للعسكريين... إليكم ما أقرّه مجلس الوزراء Lebanon 24 خبر سارّ للعسكريين... إليكم ما أقرّه مجلس الوزراء 07:42 | 2025-05-29 29/05/2025 07:42:18 Lebanon 24 Lebanon 24 خانها مع ممثلة.. زوجة نجم شهير ترفع دعوى طلاق ضده (صور) Lebanon 24 خانها مع ممثلة.. زوجة نجم شهير ترفع دعوى طلاق ضده (صور) 01:29 | 2025-05-29 29/05/2025 01:29:51 Lebanon 24 Lebanon 24 ممثلة لبنانيّة: ما ارتحت مع كارين رزق الله وبعتذر من باميلا الكيك Lebanon 24 ممثلة لبنانيّة: ما ارتحت مع كارين رزق الله وبعتذر من باميلا الكيك 05:35 | 2025-05-29 29/05/2025 05:35:50 Lebanon 24 Lebanon 24 أخبارنا عبر بريدك الالكتروني بريد إلكتروني غير صالح إشترك أيضاً في لبنان 12:32 | 2025-05-29 بالفيديو.. "حزب الله" ينشر: نحن لا نهزم! 12:18 | 2025-05-29 مساءً... ماذا تشهد مباني الضاحية؟ 11:59 | 2025-05-29 بعد إطلاق الجيش الإسرائيلي النار على كفركلا.. ماذا أعلنت الصحة؟ 11:45 | 2025-05-29 المطران ابراهيم عرض الاوضاع مع الرئيس الجديد لمخابرات الجيش في البقاع 11:43 | 2025-05-29 في الدورة.. عصابة سرقة سيّارات في قبضة مكتب مكافحة جرائم السّرقات الدوليّة 11:42 | 2025-05-29 بكلمات مؤثرة... جنبلاط يستذكر جان عبيد فيديو خلعت زوجها الأول.. هل تتزوج النجمة الشهيرة مجدّداً؟ (فيديو) Lebanon 24 خلعت زوجها الأول.. هل تتزوج النجمة الشهيرة مجدّداً؟ (فيديو) 03:41 | 2025-05-28 29/05/2025 19:45:58 Lebanon 24 Lebanon 24 انهار سقف منزلها بشكل مفاجئ.. هذا ما حصل مع هذه المؤثرة الشهيرة (فيديو) Lebanon 24 انهار سقف منزلها بشكل مفاجئ.. هذا ما حصل مع هذه المؤثرة الشهيرة (فيديو) 01:41 | 2025-05-28 29/05/2025 19:45:58 Lebanon 24 Lebanon 24 بعد قرارتها الأخيرة: فنان سوري شهير يُهاجم نقابة الفنانين.. هذا ما قاله (فيديو) Lebanon 24 بعد قرارتها الأخيرة: فنان سوري شهير يُهاجم نقابة الفنانين.. هذا ما قاله (فيديو) 04:49 | 2025-05-27 29/05/2025 19:45:58 Lebanon 24 Lebanon 24 Download our application مباشر الأبرز لبنان خاص إقتصاد عربي-دولي بلديات 2025 متفرقات أخبار عاجلة Download our application Follow Us Download our application بريد إلكتروني غير صالح Softimpact Privacy policy من نحن لإعلاناتكم للاتصال بالموقع Privacy policy جميع الحقوق محفوظة © Lebanon24

مقالات مشابهة

  • رئيس مركز نجع حمادي يحيل طاقم "وحدة القناوية" للتحقيق بعد رصد غيابهم ومريض دون رعاية
  • إطلاق كتاب جان عبيد ستة عقود في الوطن
  • «الداخلية» تنفي شائعة إخفاء أوراق تحقيقات قضية جنح بالتجمع الأول
  • وزارة الداخلية تنفى شائعة إخفاء أوراق تحقيقات قضية جنح بالتجمع الأول
  • العيسوي: الوحدة الوطنية والتفاف الأردنيين حول قيادتهم الهاشمية دعامة البناء الوطني
  • الداخلية تكشف قضية غسل أموال بقيمة 80 مليون جنيه
  • الداخلية تكشف عن حقيقة إدعاء فتاة تلفيق رجال الشرطة قضية لها
  • أسعد نكد خلال لقائه بالمفتي غزاوي: زحلة أسقطت مشاريع التفرقة بين مختلف الطوائف
  • عون الى العراق الاحد ولقاء بعبدا يستبق الحوار الرئاسي مع الحزب
  • أهلي صنعاء بطل الأشبال ومايو بطلاً للبراعم:تكريم أبطال بطولة كرة القدم للأندية بملتقى الوحدة الصيفي