بعد أيام قليلة من حديث وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان حول استعداد بلاده للعمل وفقاً لخريطة الطريق الجاهزة لحل الأزمة اليمنية، أطلق زعيم الحوثيين تهديدات جديدة تجاه الرياض.

زعيم الجماعة هدد في أحدث خطاباته بمهاجمة مطارات وبنوك السعودية، متهماً إياها بالضلوع فيما أسماها "الحرب الاقتصادية" ضد جماعته، في خطوة تتناقض مع حالة الهدوء التي سادت العلاقة بين الجانبين، خلال الأشهر الماضية.

كما تأتي هذه التصريحات المفاجئة بعد اختتام مشاورات مسقط بين الحوثيين والحكومة اليمنية، بمشاركة ممثلين عن التحالف، حول ملف الأسرى، فهل تنسف هذه التصريحات جهود السلام الحالية؟

تهديد ووعيد

زعيم جماعة الحوثي في اليمن خرج في خطابه بمناسبة العام الهجري الجديد بتصريحات معادية للمملكة، متهماً إياها بخدمة الأجندة الأمريكية والإسرائيلية.

وقال الحوثي في خطابه إن الرياض تقف وراء نقل مقرات البنوك من صنعاء إلى العاصمة المؤقتة عدن، والعمل على تعطيل مطار صنعاء وإيقاف الرحلات، ومحاولة تعطيل ميناء الحديدة.

حديث الحوثي يتعلق بالإجراءات التي اتخذها البنك المركزي اليمني، أواخر مايو الماضي، التي نصت على وقف التعامل مع 6 بنوك لديها تعاملات مع الحوثيين، وما تلاها من إجراءات اعتبرها خبراء بمنزلة ضربة لاقتصاد الحوثيين.

وقال الحوثي في خطابه إن على السعودية أن تكف عن المسار الخاطئ، وإلا فإن الجماعة ستقابل "مطار الرياض بمطار صنعاء، والبنوك بالبنوك، وهكذا الموانئ بالميناء".

وبالتزامن مع خطاب زعيم الجماعة الهجومي، نشرت حسابات تواصل اجتماعي تابعة للجماعة صوراً جوية لمطارات سعودية، مع الإشارة إلى إمكانية استهدافها.

موقف السعودية

تصريحات زعيم الجماعة جاءت بعد أيام من تأكيد وزير الخارجية السعودي الأمير فيصل بن فرحان، أن خريطة الطريق لحل الأزمة اليمنية أصبحت جاهزة، مؤكداً استعداد المملكة للعمل وفقاً لها.

وقال الوزير فيصل بن فرحان، في تصريحات صحفية أدلى بها قبل أيام: "نعتقد أنه بالتوقيع على خريطة الطريق سيكون بوسعنا المضي قدماً، ونأمل أن يحدث ذلك عاجلاً وليس آجلاً"، معرباً عن أمله في أن يتم "التوقيع على خريطة الطريقة اليمنية في أقرب وقت ممكن".

بن فرحان أشار إلى أنه من المهم الانتقال إلى حالة أفضل؛ لأن الأوضاع في ‎اليمن لا تزال صعبة، لا سيما على الصعيد الاقتصادي.

ومنذ أبريل 2022، عملت الرياض على تهيئة الأوضاع لإنهاء الحرب في اليمن، ولأول مرة يزور وفد من المملكة العاصمة صنعاء الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، في أبريل 2023، ثم زار وفد رفيع من الحوثيين للعاصمة السعودية، والتقى بوزير الدفاع الأمير خالد بن فرحان، في سبتمبر 2023.

وتعليقاً على هجوم زعيم الحوثيين قال الصحفي السعودي عبد الله آل هتيلة، إن العلاقات الأخوية التاريخية بين السعودية واليمن لم ولن تتأثر بخربشات من أسماهم "الصغار"، الذين يعيشون على الهامش مرتهنين لأجندات خارجية تعادي كل ما هو عربي.

الضغط على الحكومة

ويمكن فهم تصعيد الحوثيين تجاه السعودية في سياق حالة الاشتباك القائمة بين الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، وبين جماعة الحوثي، وفق أستاذ العلوم السياسية بجامعة صنعاء الدكتور ناصر الطويل.

ونقل موقع"الخليج أونلاين" عن الدكتور الطويل قولة بإن الحوثيين ينظرون بتعالٍ تجاه السلطة الشرعية، ويرون أن كل السياسيات والإجراءات لا تعود لها، وإنما بإيعاز من السعودية، وربما من أطراف دولية أخرى.

وأضاف أن الحوثيين يحاولون ابتزاز السعودية لإجبارها على ممارسة الضغط على الحكومة الشرعية للتراجع عن الإجراءات التي اتخذتها مؤخراً.

جني ثمار المرحلة

ويرى الطويل أن الحوثيين ينظرون إلى أن السعودية تنتهج سياسة المماطلة، وهم في عجلة من أمرهم؛ لجني مزيد من المكاسب، بناء على ما يرونه من استحقاقات ناتجة عن الاشتباكات في البحر الأحمر وخليج عدن، وبحر العرب.

وأضاف: "يسعون لابتزاز السعودية لضمان التوقيع على خريطة السلام في هذه المرحلة؛ لأنهم يرون أن ميزان القوة يميل لصالحهم، ومن ثم فهذا الأمر ينبغي أن ينعكس -من وجهة نظرهم- من خلال المفاوضات، وفي المكاسب التي حققوها".

وأشار الطويل إلى أن جماعة الحوثي تدرك أيضاً أن حرب غزة تقترب من نهايتها، وأنه في حال توقفت ستعود الجماعة لمواجهة الضغوط والمطالب الشعبية.

محاولة لابتزاز المملكة

ولا تخفي السعودية رغبتها في طي صفحة الأزمة اليمنية وإنهاء الحرب، تمهيداً لحالة سلام دائمة، وهو ما يغري جماعة الحوثي ويدفعها لمحاولة استثمار هذا التوجه.

ووفقاً للصحفي اليمني عدنان الجبرني، فإن الحوثي "يستغل الرغبة السعودية بعدم استئناف الحرب، ولذلك يبالغ في رفع السقوف ركوناً إلى هذه الرغبة، ومنتشياً بالصواريخ الباليستية والمسيرات والتكنولوجيا المتقدمة التي نقلتها طهران إليه في فترة رئيسي".

وأشار إلى أن مستوى الارتباك الذي أبدته الولايات المتحدة الأمريكية فيما يخص الهجمات البحرية، خلال الأشهر الماضية، ساعد الحوثي على التصعيد وإطلاق التهديدات.

ولفت الجبرني في تدوينة على منصة "إكس"، إلى أن تهديدات الحوثيين تمثل نموذجاً على خطأ الرهان على استمالة الحوثي بالمغريات، لأن طبيعة مشروع الجماعة تفرض عليه مواصلة الابتزاز بلا أي قواعد".

المصدر: مأرب برس

إقرأ أيضاً:

تقرير بنيويورك تايمز: إبراز إسرائيل عضلاتها العسكرية لا يضمن لها السلام

أكد تقرير نشرته نيويورك تايمز أن إسرائيل مصرة على إبراز عضلاتها العسكرية كما ظهر مؤخرا في اغتيالها أحد كبار المسؤولين العسكريين في حزب الله في الضاحية الجنوبية لبيروت، ضمن سلسلة غارات شبه يومية تستهدف أعضاء الحزب وأحيانا مدنيين.

وقد أثارت هذه الغارة -حسب تقرير لروجر كوهين نشرته صحيفة نيويورك تايمز- اهتمام وسائل الإعلام بسبب هدفها، وهو هيثم علي الطباطبائي، الذي كان جزءا من القيادة العليا للحزب وكان عضوا فيه منذ أيامه الأولى.

اقرأ أيضا list of 2 itemslist 1 of 2موقع عبري: 7 أسئلة وأجوبة لفهم ملابسات طلب نتنياهو العفو عنه‎list 2 of 2هآرتس: "لا" هي الرد المنطقي الوحيد على طلب نتنياهو العفوend of list

ونبه الكاتب -الذي سبق أن ترأس مكتب نيويورك تايمز في باريس- إلى أن هذه الهيمنة العسكرية لم تتحول بعد إلى أمن إستراتيجي طويل الأمد، لأن كل قتل يبدو أنه يعزز عزم أعداء إسرائيل، ويضعف فرص السلام.

                         القيادي البارز في حزب الله أبو علي الطباطبائي قتل في غارة إسرائيلية (مواقع التواصل)

وأوضح كوهين أن لبنان، على سبيل المثال، يعيش في منطقة رمادية بين الحرب والسلام، في وقت يسعى فيه حزب الله إلى الصمود رغم الضغوط المتزايدة لنزع سلاحه، مما يجعل أي اتفاق مستدام يبدو بعيد المنال.

وأشار الكاتب إلى أنه سافر مؤخرا على جانبي الحدود الإسرائيلية اللبنانية لتغطية الذكرى السنوية الأولى لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحزب الله، فلم يجد أي دلائل تشير إلى أن القوة الإسرائيلية، كما تستخدم حاليا، ستؤدي إلى مستقبل أكثر سلمية وطويل الأمد لإسرائيل والمنطقة.

وفي كل من لبنان وسوريا، يرى الكاتب أن إسرائيل غير مستعدة للتخلي عن العمل العسكري ولا حتى تقليصه لإعطاء الأولوية لمسار دبلوماسي مع حكومات جديدة قد توفر على الأقل إمكانية نوع من الحوار.

إسرائيل تمارس قوتها بلا هوادة لكنها تواجه تحديا دبلوماسيا كبيرا لأن الهيمنة العسكرية وحدها لا تضمن السلام

ومع ذلك، فالهيمنة العسكرية الإسرائيلية واضحة، ومحور المقاومة بقيادة إيران في حالة ضعف نسبي، وإيران نفسها باتت أضعف بعد المواجهات الأخيرة، وسوريا لم تعد كما كانت خط مرور للأسلحة إلى حزب الله، وفقا للكاتب روجر كوهين.

إعلان

ومع ذلك -يتابع الكاتب- يبقى السؤال الأكبر هو كيف يمكن تحويل هذا التفوق العسكري إلى أساس للسلام في منطقة ما زالت جروحها عميقة؟ علما أن قضية إقامة الدولة الفلسطينية، التي لم تحل بعد، ستبقى عقبة رئيسية أمام أي تسوية طويلة الأمد.

في النهاية، يبدو أن إسرائيل تمارس قوتها بلا هوادة، لكنها تواجه تحديا دبلوماسيا كبيرا لأن الهيمنة العسكرية وحدها لا تضمن السلام، وقد تكون مسارا مسدودا ما لم ترافقها جهود سياسية ودبلوماسية جادة.

مقالات مشابهة

  • الجالية اليمنية لـ "اليوم": نشكر قيادة المملكة لدعمها المتواصل ونفخر بمبدعينا في الفعاليات السعودية
  • انطلاق منتدى الاستثمار والأعمال وتوقيع اتفاقيات.. السعودية وروسيا تعززان التعاون الاقتصادي
  • مخازن وسراديب سرية.. الحوثي يحصن أسلحته في جبال إب
  • تقرير بنيويورك تايمز: إبراز إسرائيل عضلاتها العسكرية لا يضمن لها السلام
  • اعتراف بارز يكشف حجم حضور «حزب الله» داخل جماعة الحوثي
  • مسعد بولس يطلق تصريحات جديدة ويطالب بمحاسبة طرفي الصراع في السودان.. ترامب جعل تحقيق السلام أولية
  • زعيم الحوثيين يتحدّث عن لبنان.. ماذا قال اليوم؟
  • صنعاء تكشف الضغوط الدولية على المفاوضات مع السعودية وتضع القوى اليمنية الموالية أمام خيارين حاسمين
  • اليمنية تلغي شرط حجز تذاكر العودة للسفر إلى السعودية بتأشيرة عمل لأول مرة!
  • اليمنية تلغي اشتراط حجز تذاكر ذهاب وعودة للمسافرين من اليمن إلى السعودية