الجديد برس:

أكدت مجلة “ذا ناشيونال إنترست” الأمريكية، أنه لا يوجد أي مسار، “يمكن لأوكرانيا من خلاله إلحاق هزيمة عسكرية صريحة بروسيا في المستقبل المنظور”.

وبحسب المجلة، فإن روسيا أكبر من أن تتمكن أوكرانيا من هزيمتها، “وذلك لامتلاكها موارد جيدة ورجال أكفاء”.

ومع ذلك، إذا تم التعامل بمهارة، فقد يتم في بعض الأحيان “تحويل الهزائم التكتيكية التي تلحق بخصم أضعف، إلى نجاح استراتيجي”، في ما تمثل الخطة التالية مثل هذه الفرصة.

وعددت “ذا ناشيونال إنترست”، نقاط القوة التي تمتلكها روسيا، والتي تتمثل بوجود كميات هائلة من الموارد الطبيعية، والعديد من الحلفاء الحيويين الذين يمكنهم توفير المواد الحربية، وقاعدة صناعية عسكرية كبيرة ومتوسعة، وأكثر من 3 أضعاف عدد الرجال في سن الخدمة العسكرية عن أوكرانيا.

ومن الناحية التاريخية، تكبّدت روسيا معدلات مروعة من الضحايا طوال حروب متعددة، وما زالت “تحافظ على الدعم العام”.

وفي اللغة العسكرية، يشير مصطلح “مركز الثقل” إلى “السمة أو القدرة أو الموقع الذي تستمد منه القوات المعادية والصديقة حرية العمل والقوة البدنية أو الإرادة للقتال”.

ويرتكز مركز الثقل في روسيا، وفقاً للمجلة، على ركيزتين أساسيتين: قدرتها على شن الحرب فعلياً (القوى البشرية، والأسلحة، والذخيرة، والقدرة الصناعية) لفترة طويلة، والدعم السياسي من جانب سكانها.

وبدون هذين الأمرين، “لن يتمكن” الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، من “خوض حرب أو الفوز بها”.

ومن أجل انتزاع أي نجاح استراتيجي من روسيا، سوف يتعيّن على أوكرانيا أن “تزعزع” توازن مركز الثقل الروسي بما يكفي، من أجل إجبار بوتين على قبول نتيجة أقل من المرغوب فيها، علماً أن هذا الأمر سوف يكون في “غاية الصعوبة”.

وأشارت المجلة إلى أن الهدف الاستراتيجي الرئيسي لروسيا، يتلخص في “الحد من التهديد التقليدي على حدودها الغربية، إلى مستوى يمكن إدارته”، لافتةً إلى أن موسكو مقتنعة بأن وجود حلف شمال الأطلسي “الناتو” على حدودها في أوكرانيا يمثل “تهديداً وجودياً”، وهي على استعداد لدفع أي ثمن مالي أو سياسي من أجل تحقيق هذا الهدف.

أما الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، فيتعيّن عليه أن يحافظ على القدرة على شن الحرب على مدى فترة من الزمن، والدعم السياسي المحلي، والمساعدة الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية الدولية. وبدون أي من هذه المكونات (وخاصة المكون الثالث)، “لن تتمكن أوكرانيا من الفوز”، بحسب ما ذكرت “ذا ناشيونال إنترست”.

كما أشارت إلى أن روسيا تمتلك ثروة من الموارد الطبيعية في مختلف أنحاء البلاد، فضلاً عن القدرة الصناعية المحلية التي تمكنها من الاستمرار إلى ما لا نهاية تقريباً، في حالة اندلاع حرب، أما أوكرانيا، فتعاني من قيود شديدة على إمداداتها من الموارد الطبيعية.

وبدون الدعم المادي والدبلوماسي الهائل والمستدام من بقية العالم، “لن تتمكن” أوكرانيا من خوض معركة استنزاف طويلة الأمد. وحتى مع هذا الدعم الخارجي، فقد “لا تتمكن كييف من الفوز” بسبب نقطة ضعفها الأكثر أهمية: القوى العاملة.

وأوضحت أن القوة البشرية العسكرية، لا تعني ببساطة عدد الأفراد الذين تستطيع دولة ما أن تجندهم في الجيش، بل عدد المهنيين المدربين الذين تستطيع الدولة تعبئتهم في وحدات قتالية منظمة وفعالة.

وألقت المجلة الضوء على دراسة حديثة أجراها معهد الخدمات المتحدة الملكي، مفادها أن المدنيين الذين “يتلقون دورات تدريبية مدة 3 أشهر، ثم يُطلَب منهم أن يؤدوا نفس الأداء الذي يؤديه المحاربون القدامى الذين أمضوا 7 سنوات في الخدمة، هي وصفة كارثية”.

ولفتت إلى أن أوكرانيا تعاني من نقص حاد في المجندين الجدد، كما أولئك الذين تحصل عليهم غير مدربين بشكل كافٍ.

ورأت المجلة أن تحقيق كييف لنصر عسكري صريح هو “أقرب ما يكون إلى الصفر في الوقت الحاضر”، ذلك أن روسيا تمتلك قدراً كبيراً من القوة “لا يمكن التغلب عليها”، نظراً للظروف القائمة.

وتابعت أن المسار الضيق للغاية الذي قد تواجهه أوكرانيا، هو “انتزاع مثل هذه التكلفة المرتفعة” على روسيا، إلى الحد الذي “يجعل بوتين يحسب أن من مصلحته أن يكتفي بأقل من أهدافه القصوى”.

وذكّرت “ذا ناشيونال إنترست” بحديث بوتين، في 14 يونيو الماضي، والذي حدد فيه الحد الأدنى من المتطلبات، عندما قال إنه من أجل إنهاء الحرب، يتعيّن على أوكرانيا تسليم المقاطعات الـ4، وسحب جميع القوات الأوكرانية من تلك الأراضي، وتبني “وضع محايد وغير منحاز وغير نووي”، ليعتبر زيلينسكي بدوره أن هذه القائمة من المطالب بمثابة “إنذار نهائي” للاستسلام.

وتساءلت المجلة، كيف يمكن لأوكرانيا تجنّب هذه النتيجة غير المرغوبة، وماذا يمكن لزيلينسكي أن ينتج في ظل اختلال التوازن الحالي في القوات.

كما اعتبرت أنه في غياب أي تغييرات كبيرة في أهداف الحرب الغربية والأوكرانية، فإن “إنذار” بوتين لديه احتمالات عالية “بشكل مقلق” للتحقق.

ورأت أن الأمل الأكثر واقعية لأوكرانيا هو “السعي إلى الاحتفاظ بكل الأراضي التي تسيطر عليها حالياً، وعدم التنازل عن أي أرض أخرى، والتفاوض على إنهاء الأعمال العدائية”.

وأضافت: “يتعيّن علينا أن نعترف بأن الأوان قد فات بالفعل لتوقع حتى هذه النتيجة المحدودة”. لا يريد حلف شمال الأطلسي سوى “تحقيق النصر لأوكرانيا والخسارة لروسيا”، ولكن التحليل الرصين يُظهر أن هذه النتيجة غير قابلة للتحقيق سواء الآن أو في المستقبل، بحسب المجلة.

ونبّهت إلى أنه في حال رفض الغرب الخضوع للواقع، فإن النتيجة الأكثر ترجيحاً لأوكرانيا، هي الهزيمة العسكرية التي قد تشمل حتى خسارة أوديسا وخاركوف في نهاية المطاف والمزيد من الأراضي، حتى تلك التي حددها بوتين في الإنذار النهائي في يونيو 2024.

وختمت المجلة بالقول إنه من الأفضل لأوكرانيا وأوروبا أن “تسعيا إلى التوصل إلى تسوية تفاوضية غير مقبولة ولكن قابلة للتحقيق”، بدلاً من “تجاهل الواقع ومعاناة العار” المتمثل في هزيمة عسكرية حاسمة في نهاية المطاف. وأضافت: “إنه خيار رهيب، لكن يجب القيام به”.

المصدر: الجديد برس

كلمات دلالية: أوکرانیا من من أجل إلى أن

إقرأ أيضاً:

السودان على مفترق طرق: حرب استنزاف أم مفاوضات جادة؟

واستعرض برنامج "سيناريوهات" التطورات الميدانية الأخيرة التي شهدت إعلان قوات الدعم السريع سيطرتها على مدينة بابنوسة الإستراتيجية وحقل هجليج النفطي، أهم وأكبر حقل نفطي في السودان.

بدوره، أعلن الجيش عن "انسحاب تكتيكي" بهدف حماية المنشآت النفطية الحيوية، في تطور يدخل الحرب مسارا تصعيديا ينذر بمرحلة أصعب.

وطرح البرنامج على ضيوفه تساؤلات جوهرية حول مستقبل السودان، ورأوا أن مستقبل السودان تحدده 3 سيناريوهات رئيسية:

استمرار حرب الاستنزاف لفترة طويلة على عدة جبهات رغم التكلفة البشرية والاقتصادية الباهظة. ترسيخ مناطق نفوذ يسيطر فيها كل طرف على مساحات شاسعة، مما يزيد احتمال تفكك البلاد. الضغوط الإقليمية والدولية المتزايدة وتفاقم الكارثة الإنسانية قد تجبر الأطراف على العودة إلى مفاوضات جادة والقبول بهدنة إنسانية على الأقل.

وقد أسفرت الحرب حتى الآن عن مقتل نحو 150 ألف شخص، وفق تقارير الأمم المتحدة، بينما تجاوز عدد النازحين في الداخل والخارج 12 مليون سوداني.

وتفشت المجاعة في مناطق واسعة، خاصة في إقليم دارفور، مع وضع إنساني متدهور إلى مستويات غير مسبوقة.

وأشار الخبير الإستراتيجي والسياسي الدكتور أسامة عيدروس إلى أن الحدث الأكبر في التطورات الجارية هو سقوط مدينة الفاشر وما تلاها من مجازر وتصفيات عرقية.

ورأى عيدروس أن جغرافيا الحرب تظل كما هي دون تغيير كبير، مشيرا إلى أن الجيش يحتفظ بقوته النوعية من 25 فرقة، فقد منها 6 فرق كانت محاصرة، لكنه استطاع سحب قواته منها وإعادتها إلى الشمال.

السيطرة الجغرافية

وعلى صعيد توزيع السيطرة الجغرافية، أوضح رئيس تحرير صحيفة الوسط الدكتور فتحي أبو عمار من ميلانو أن 90% من كردفان -باستثناء عاصمة الإقليم الأبيض والدلنج وكادقلي- تحت سيطرة الدعم السريع، إضافة إلى الصحراء غرب دنقلا والدبة والمثلث والعوينات.

ومن جهة أخرى، شدد المتحدث باسم التحالف المدني الديمقراطي لقوى الثورة -المعروف باسم صمود- الدكتور بكري الجاك من كمبالا على عدم وجود صيغة معروفة للحسم العسكري.

وأكد رفض التحالف للحرب مبدئيا وأنه لا يرى فيها وسيلة لتحقيق أي حلول في البلاد، محذرا من أن انخراط القوى المدنية والسياسية في الحرب يجعل تقسيم البلاد أمرا يسيرا وسهلا.

وفي إطار البحث عن الحلول الممكنة، استعرض البرنامج المبادرات الرئيسية لإنهاء الحرب، بدءا من مبادرة جدة التي انطلقت في مايو/أيار 2023 برعاية سعودية وأميركية وأدت إلى توقيع إعلان جدة الإنساني الذي نص على حماية المدنيين والمرافق، لكن الطرفين لم يلتزما به.

ثم تلتها مبادرة الهيئة الحكومية الدولية المعنية بالتنمية (إيغاد) التي بدأت في يوليو/تموز 2023 بدعم الاتحاد الأفريقي، لكنها واجهت تحديات بسبب رفض الحكومة السودانية رئاسة كينيا للجنة الرباعية متهمة الرئيس الكيني وليام روتو بالانحياز لقوات الدعم السريع.

ثم جاءت المبادرة الرباعية -التي تضم الولايات المتحدة ومصر والسعودية والإمارات- كآخر المحاولات لإنهاء الصراع

ودعا بيان المجموعة الصادر في 12 سبتمبر/أيلول الماضي إلى هدنة إنسانية مدتها 3 أشهر لتوفير المساعدات العاجلة، يليها وقف دائم لإطلاق النار ثم عملية انتقال سلمي للسلطة تمتد لـ9 أشهر تفضي إلى حكومة مدنية مستقلة.

شروط المبادرة

ولإنجاح هذه المبادرة، شدد مستشار المبعوث الأميركي السابق إلى السودان الدكتور كاميرون هدسون على ضرورة قبولها من الطرفين بدون شروط لوقف إطلاق النار، وهو الأمر الذي أكد صعوبة تحقيقه.

واتهم هدسون دولا إقليمية بالضلوع في تأجيج الأزمة في السودان، مما يحول دون نجاح المبادرة الرباعية، موضحا أن الدعم الذي تتلقاه قوات الدعم السريع من دول إقليمية لا يمكن مقارنته بالدعم المحدود الذي يتلقاه الجيش السوداني من مصر أو السعودية أو قطر أو تركيا.

ويرى الجاك أن السيناريو المرجح ليس تقسيما إداريا منتظما كما حصل في ليبيا، بل تحول البلاد إلى كانتونات عسكرية تحكم بواسطة أمراء حرب يتقاسمون السلع ويسيطرون على بعض الموارد الاقتصادية، محذرا من استخدام عملات مختلفة وتوقف الخدمة المدنية والتعليم في مناطق واسعة.

وخلص عيدروس إلى أن السودان يقف على مفترق طرق خطير، حيث يتطلب إنهاء الحرب تضافر الجهود الدولية والإقليمية مع نهوض السودانيين أنفسهم لمقاومة العدوان ووقف النزيف، مع ضرورة ظهور طبقة سياسية جديدة ونخبة مستنيرة قادرة على تجاوز الصراع الصفري على السلطة وبناء مستقبل مستقر للبلاد.

Published On 12/12/202512/12/2025|آخر تحديث: 01:58 (توقيت مكة)آخر تحديث: 01:58 (توقيت مكة)انقر هنا للمشاركة على وسائل التواصل الاجتماعيshare2

شارِكْ

facebooktwitterwhatsappcopylink

حفظ

مقالات مشابهة

  • أردوغان يقترح على بوتين هدنة محدودة بين أوكرانيا وروسيا.. ماذا تشمل؟
  • صدام تايلاند وكمبوديا: مقاتلات أمريكية في مواجهة صواريخ صينية وروسية
  • أمين الناتو: خطة إنهاء حرب أوكرانيا ستكون اختبارًا لرغبة بوتين في السلام
  • السودان على مفترق طرق: حرب استنزاف أم مفاوضات جادة؟
  • ترامب "مستاء" من مواقف أوكرانيا وروسيا حيال خطة إنهاء الحرب
  • تقدم تدريجي.. روسيا تعلن السيطرة على مدينة سيفيرسك شرق أوكرانيا
  • ارتفاع وتيرة العمليات النوعية التي تنفذها أوكرانيا ضد روسيا
  • حل لغز القراءات الغريبة التي سجلتها مركبة “فوياجر 2” لأورانوس عام 1986
  • زيلينسكي: نُنجز وثيقة من 20 نقطة تحدد معايير إنهاء الحرب مع روسيا
  • روسيا: دفاعات كييف مسئولة عن تضرر المنشآت المدنية في أوكرانيا