حكومة ستارمر تواجه أول اختبار أخلاقي: هل تستمر بحماية نتنياهو؟
تاريخ النشر: 11th, July 2024 GMT
يواجه حزب العمال البريطاني أول امتحان أخلاقي له في السلطة بعد الفوز بالانتخابات، ويقف حاليا أمام خيار حماية رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي بنيامين نتنياهو من المحاكمة أمام محكمة الجنايات الدولية.
ونشرت صحيفة "الغارديان" مقالا للمحامي البريطاني المعروف ومؤسس "داوتي ستريت تشامبرز"، جيفري روبرتسون بعنوان: "هل يجب محاكمة بنيامين نتنياهو؟"، قال فيه إن حكومة ريشي سوناك السابقة حاولت منع حدوث هذا، ولكن يجب على إدارة كير ستارمر أن تحدد موقفها.
وفي أيار/مايو الماضي، تقدم مدعي عام الجنائية الدولية بطلب لقضاتها من أجل مذكرة اعتقال ضد نتنياهو لارتكابه جرائم حرب وقصف لا يميز المدنيين في غزة، حيث استشهد حتى الآن أكثر من 15,000 طفلا إلى جانب استخدام التجويع كوسيلة حرب ضد المدنيين.
ويعود الأمر إلى المحكمة كي تقرر فيما إن توفرت أدلة كافية لتقديم نتنياهو إلى المحكمة.
وجاء في المقال أن "حكومة سوناك وبالإنابة عن بريطانيا حاولت وبهدوء وقف المحكمة، عندما أعلنت عن نيتها تقديم جدال قانوني يشي بأن إسرائيل تتمتع بحصانة في غزة ويمكنها ارتكاب أي جريمة تريد، وهذه مبادرة مشينة، لكن المحكمة الجنائية الدولية منحت حكومة ستارمر فرصة لكي تقرر إن كانت تريد مواصلة التدخل أو عدمه، ولو قررت المواصلة، فستكون قد ارتكبت أول خطأ أخلاقي".
وتضمن المقال أن فلسطين "هي عضو في المحكمة الجنائية الدولية منذ عام 2015، وقررت الجنائية في 2021 أن لديها مجال اختصاص قانوني ( سلطة قانونية) للتحقيق ومعاقبة جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل في فلسطين".
واعترضت بعض الدول الأعضاء على هذا القرار، مع أن بريطانيا لم تكن واحدة منها. إلا أن بريطانيا تحاول إفشال المحاكمة بالزعم أن اتفاقا غامضا في 1995 يمنع محاكمة الإسرائيليين بتهم ارتكاب جرائم حرب في غزة، ولا يمنع محاكمة أحدا أخر، بمن فيهم قادة حماس التي وجهت المحكمة اتهامات لثلاثة من قادتها.
وتقدمت بريطانيا بالطلب في أيار/مايو، إلا أن وزارة الخارجية استفاقت على حقيقة عقد انتخابات عامة في بريطانيا، وربما لم تشعر الحكومة ارتياحا به، ولهذا طلبت تمديدا لتقديم جدالها القانوني حتى نهاية تموز/يوليو الحالي.
وحتى ذلك الحين، فيجب على وزير الخارجية أن يقرر فيما إن كان يريد المضي بجداله والقول إن إسرائيل تتمتع بحصانة في غزة.
وأشار المحامي روبرتسون إلى أن مجادلة بريطانيا هي تكرار للأقوال الإسرائيلية وهي أن اتفاقيات أوسلو بين ياسر عرفات وإيهود باراك في الفترة ما بين 1993- 1995 وبمساعدة من الوسطاء النرويجيين تمنع فلسطين من محاكمة الإسرائيليين.
وناقشت محكمة الجنايات الدولية في حالة عام 2021 أن هذا الكلام "غير ذي صلة" لحقها في محاكمة ومعاقبة جرائم الحرب، ففلسطين هي دولة عضو وأي جريمة في أراضيها تقع ضمن اختضاص الجنائية الدولية.
وبالطبع، يمكن لنتنياهو أن يطرح هذا السؤال أثناء محاكمته، إلا أن قرار بريطانيا طرحه الآن هو لغز. ولم يقدم ديفيد كاميرون (وزير الخارجية السابق) تفسيرا لهذا، وهناك اقتراحات بأن طلب الجدال القانوني قدم بطلب من البيت الأبيض. ذلك أن الولايات المتحدة ليست دولة عضو في الجنائية الدولية، وتتوقع من بريطانيا النظر في مصالحها بالمحكمة.
وشجب الرئيس جو بايدن قرار المحكمة طلب مذكرة اعتقال ضد نتنياهو مع أنه كال الثناء عليها بعدما أصدرت مذكرة اعتقال ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بتهم ارتكاب جرائم في أوكرانيا.
ويعتقد بايدن أن السبب الواضح وراء ضرورة تخلي وزير الخارجية عن هذه المبادرة الجاهلة هو أنها سخافة قانونية.
فاتفافيات أوسلو ميتة، وكانت هناك محاولات لتحقيق حل الدولتين قبل عدة سنوات وانتهت بالفشل في كامب ديفيد أثناء إدارة بيل كلينتون. وخرق الطرفان بنود الإتفاق، وبخاصة "إسرائيل" التي شجعت المستوطنات غير الشرعية.
علاوة على هذا لم تكن الجنائية الدولية قائمة في 1995، فقد أعلن عنها عام 2002، وفكرة منعها بموجب بند مؤقت عفا عليه الزمن وتم التفاوض عليه قبل 30 عاما، من التحرك ضد انتهاكات القانون الدولي الجنائي، تدعو على الضحك.
ويقوم جدال "إسرائيل" الذي تبنته بريطانيا (حتى الآن) على فكرة أن فلسطين ممنوعة من محاكمة الإسرائيليين، وهذا يعني أنها لا تستطيع "تفويض" هذه المحاكمة للمحكمة الجنائية الدولية. وهذا خطأ، يقول روبرتسون لأن مدعي عام الجنائية الدولية ليس مندوبا عن فلسطين.
فكريم خان، مدع عام مستقل يقوم بجمع الأدلة وتقديمها إلى المحكمة ويطلب منها إصدار مذكرة اعتقال، ولا علاقة له بالسلطة الوطنية.
يضاف إلى هذا، فالجنائية الدولية تعمل على مستوى القانون الجنائي الدولي ولا تتعامل مع القوانين المحلية بما تتضمنه من عفو وحصانة وقيود على المحاكمة.
وكون عدم محاكمة سلطات غزة الإسرائيليين لا يمنع الجنائية الدولية من عمل هذا في مجال القانون الجنائي الدولي، ولو كان الجدال القانوني البريطاني صحيحا، فلن يمنع هذا الجيش الإسرائيلي من وضع الأطفال الفلسطينيين في صف وإعدامهم من نقطة قريبة. ولن يكون هناك حساب ضد أي جريمة ارتكبت ضد الإنسانية، بحسب المقال.
وأضاف المقال "لهذا السبب فالجدال القانوني خطأ وهناك حاجة لتقديم توضيح ولماذا أخبرت بريطانيا المحكمة الشهر الماضي أنها تنوي بالمضي به.
ومن المفترض أن الطلب القانوني البريطاني جاهز، وكان سيقدم هذا الأسبوع، إلا أنه مدد لأسبوعين، ودفعت كلفته من المال العام، حيث أعده محام مختص.
ويجب على النائب العام الجديد (محامي القانون الدولي الفاهم) وبشكل عاجل، مراجعة الطلب، وكذا وزير الخارجية ديفيد لامي ثم سحبه.
وقالت وزارة الخارجية في الأسبوع الماضي لـ "الغارديان" إنها تحركت نظرا لأهمية تعامل المحكمة مع اتفاقيات أوسلو.
وجاء في ختام المقال "هذا ليس صحيحا، إلا في حالة استخدام نتنياهو في دفاعه لها أو حالة تدخل دولة أخرى لطرح هذه النقطة السيئة. ولماذا تضيع بريطانيا وقتها وأموالها وتشوه صورتها في مجال حقوق الإنسان، وترتكب هذا الخطأ وتدافع عن هذه الحجة التافهة والتي تقول أنه يجب عدم تحقيق العدالة الدولية لجرائم ضد الإنسانية ارتكبها الإسرائيليون في غزة؟" .
المصدر: عربي21
كلمات دلالية: سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة اقتصاد رياضة مقالات صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة تفاعلي سياسة مقابلات سياسة دولية سياسة دولية نتنياهو ستارمر الجنائية الدولية بريطانيا بريطانيا نتنياهو الجنائية الدولية ستارمر المزيد في سياسة سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة دولية سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة سياسة اقتصاد رياضة صحافة أفكار عالم الفن تكنولوجيا صحة الجنائیة الدولیة وزیر الخارجیة مذکرة اعتقال إلا أن فی غزة
إقرأ أيضاً:
أولمرت: حكومة نتنياهو تقودنا إلى الهاوية بارتكاب جرائم حرب في غزة
اتهم رئيس وزراء الاحتلال الإسرائيلي الأسبق، إيهود أولمرت، الحكومة الحالية برئاسة بنيامين نتنياهو، بارتكاب جرائم حرب ممنهجة في قطاع غزة، وتحويل تل أبيب إلى دولة منبوذة دولياً، محذرًا من تداعيات كارثية "قد تطيح بعلاقات إسرائيل مع أصدقائها الغربيين وتقودها إلى عزلة غير مسبوقة".
وقال أولمرت في مقال شديد اللهجة نشرته صحيفة "هآرتس" العبرية، إن إسرائيل تخوض حاليًا "حربًا بلا هدف، بلا تخطيط، ودون أي احتمال للنجاح"، مشددًا على أن جيش الاحتلال الإسرائيلي ينفّذ عمليات عسكرية لا تمت بصلة لأهداف مشروعة، وأن نتائجها الوحيدة حتى الآن هي كارثة إنسانية تتكشف في قطاع غزة.
حرب بلا غاية
وصف أولمرت العملية العسكرية المسماة "عربات جدعون" بأنها فوضوية وعشوائية، حيث تنتشر القوات الإسرائيلية في أحياء سبق أن خاضت فيها مواجهات عنيفة، وعادت إليها مجددًا دون منطق عسكري واضح.
وأشار إلى أن الجنود يواجهون مخاطر جديدة في مناطق سبق أن قُتل وأصيب فيها العديد منهم، وقتلوا فيها أيضًا عددًا كبيرًا من مقاتلي حركة حماس، إلى جانب عدد هائل من المدنيين الأبرياء.
وأضاف: "أولئك المدنيون انضموا إلى قائمة الضحايا الفلسطينيين التي بلغت مستوى وحشيًا لا يمكن تبريره، وأي تبرير لهذا العدد من القتلى يعد مهزلة أخلاقية وسياسية".
جرائم حرب واتهامات بالإبادة
ورغم أن رئيس الوزراء قد دافع سابقًا عن جيش الاحتلال الإسرائيلي في محافل دولية "نافياً أن تكون هناك نية متعمدة لاستهداف المدنيين"، قال أولمرت إنه لم يعد قادرًا على تبنّي هذا الموقف.
وأضاف: "ما نفعله الآن في غزة هو حرب تدمير شامل: قتل مدنيين بلا تمييز، وبقسوة إجرامية. هذا لم يعد نتيجة فقدان السيطرة، بل هو سياسة حكومية واضحة وعن سابق إصرار".
وأكد أولمرت أن تصرفات الحكومة تُعد جريمة حرب مكتملة الأركان، خصوصًا في ما يتعلق بتجويع سكان غزة، موضحًا أن "كبار المسؤولين لا يخفون نواياهم، بل يعلنون صراحة أنهم يستخدمون الحرمان من الغذاء والدواء كسلاح ضد السكان المدنيين، تحت ذريعة أن كل الغزيين ينتمون إلى حماس".
وأشار إلى أن سياسة التجويع المعلنة تأتي بتوجيه من قيادة تحاول التملص من المسؤولية القانونية، بينما يفاخر بعض الوزراء والمقربين من نتنياهو بهذه الاستراتيجية على الملأ، معتبرين أنها "جزء من الحرب على حماس"، في تجاهل تام لواقع أن أكثر من مليوني إنسان يعانون يوميًا من الكارثة.
عزلة دولية متزايدة
وقال أولمرت "إن الحلفاء التقليديين لإسرائيل في أوروبا والغرب لم يعودوا قادرين على تجاهل ما يحدث في غزة"، موضحًا أن قادة كفرنسا وبريطانيا وهولندا وإيطاليا بدأوا يعبّرون بوضوح عن استيائهم الشديد من سياسات حكومة نتنياهو.
ونقل عن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قوله: "نقاتل إلى جانبكم ضد أعدائكم، وتتهموننا بدعم الإرهاب؟"، مضيفًا "أن ماكرون، وستارمر، وشوف، وميلوني، ليسوا أعداء لإسرائيل، بل أصدقاء قلقون من مسار الحكومة الذي قد يقود البلاد إلى مواجهة قاسية مع العالم".
وحذّر أولمرت من أن الدعوات تتصاعد لمراجعة اتفاقات الشراكة مع الاحتلال الإسرائيلي وفرض عقوبات دولية، لا سيما في ظل تقارير متزايدة عن انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان في غزة والضفة الغربية.
العدو من الداخل
اتهم أولمرت حكومة نتنياهو بأنها تمثّل "العدو الداخلي الأخطر" في تاريخ إسرائيل، قائلاً: "لم يسبق أن ألحق أي عدو خارجي ضررًا بإسرائيل كما فعلت هذه الحكومة المتطرفة، التي يقودها ائتلاف من اليمين المتطرف ممثلاً في إيتمار بن غفير وبتسلئيل سموتريتش".
وأضاف: "لقد دمرت هذه الحكومة النسيج الاجتماعي الإسرائيلي، وأضعفت وحدة الشعب، ودفعت إسرائيل إلى حافة التفكك السياسي والدبلوماسي".
ولم تقتصر انتقادات أولمرت على قطاع غزة، إذ حمل حكومة نتنياهو مسؤولية ما وصفه بـ"الجرائم اليومية" التي تُرتكب بحق الفلسطينيين في الضفة الغربية، حيث ينفذ المستوطنون، خصوصًا "شباب التلال"، هجمات متكررة على القرى الفلسطينية، بحماية الجيش أو في ظل صمت أمني مريب.
ولفت إلى أن التصريحات التحريضية مثل دعوة رئيس مجلس الضفة الغربية٬ يوسي داغان، إلى "تدمير القرى الفلسطينية"، تشكّل دعوات صريحة للإبادة الجماعية، في ظل غياب تام للمحاسبة أو تحرك جاد من الشرطة والجيش.
تجاوزات داخل الجيش
واعترف أولمرت بوجود ممارسات إجرامية داخل الجيش نفسه، قائلاً: "هناك وقائع موثقة لإطلاق نار عشوائي على المدنيين، وتدمير الممتلكات، وسرقة منازل، بل وتفاخر بعض الجنود بتلك الجرائم على مواقع التواصل الاجتماعي".
وأوضح أنه لا يتفق تمامًا مع تصريحات رئيس الأركان السابق، موشيه يعلون، التي اعتبر فيها أن إسرائيل تمارس تطهيرًا عرقيًا، لكنه يرى أن "الواقع بات يقترب من ذلك بشكل خطير، وإذا لم تتوقف هذه السياسة فورًا، سنجد أنفسنا في قفص الاتهام أمام المحكمة الجنائية الدولية بلا دفاع قانوني مقنع".
دعوة لإنهاء الحرب فورًا
وفي ختام مقاله، وجه أولمرت نداءً صريحًا لإنهاء الحرب فورًا، "قبل أن تُطرد إسرائيل من أسرة الأمم"، محذّرًا من أن "استمرار النهج الحالي لن يؤدي سوى إلى الانهيار الأخلاقي والدبلوماسي لإسرائيل".
وختم بالقول: "كفى يعني كفى. لقد تجاوزنا كل الحدود. ما يجري لا علاقة له بأمن إسرائيل، بل هو سياسة تدميرية تُدار بيد حكومة فقدت بوصلتها الأخلاقية والسياسية. لقد حان وقت التوقف… الآن، وليس غدًا".