بحكمها الصادر الأسبوع الماضى، برفض الطعن على دستورية مادتين من قانون العقوبات والإجراءات الجنائية تخصان جريمة القذف، وحظر توقيع عقوبة سالبة للحرية فى جرائم قذف الموظف العام عن طريق النشر، تعزز المحكمة الدستورية العليا دورها الرائد فى الدعم القضائى لحريات الرأى والتعبير والصحافة، وترسى مبادئ حق المجتمع فى العلم المعرفة بحقائق ما يجرى فى قضايا تخص الشأن العام، وتعظم دوره فى المراقبة والمساءلة لمن يتولون مسئوليات الخدمة العامة.
أحد جوانب أهمية هذا الحكم يعود إلى أن أحكام المحكمة الدستورية العليا وقراراتها نهائية وغير قابلة للطعن عليها. وهو من جانب آخر يكشف أن قوى الظلام الاستبدادى، اللابدة فى دوائر السلطات التنفيذية، لا تكف عن التحرك لحرمان المجتمع المصرى من حقوقه الدستورية فى صحافة حرة، تمتلك من الوعى والمسئولية ما يمكنها من أداء دورها فى الكشف عن الحقائق والدفاع عن حقوق الدولة والمجتمع، وتعقب أوجه الفساد الذى ينهش خيرات البلاد، ومساءلة من يرتكبونه أيا كانت مواقعهم التنفيذية.
ومنذ المعركة الفاصلة التى قادتها نقابة الصحفيين، بدعم غير مسبوق من منظمات المجتمع المصرى، من أجل إسقاط القانون 93 لسنة 1995، الذى شدد عقوبات الحبس والغرامة والتأثيم فى جريمة قذف الموظف العام بواسطة النشر، والقوى المهزومة من جراء سقوطه، ولطالما كانت تخشى كل أنواع الحريات الديمقراطية، لأنها ببساطة تتعارض مع مصالحها غير المشروعة، لا تتوقف عن السعى لوضع مزيد من القيود التشريعية المتعسفة، على حرية الصحفيين فى القيام بعملهم.
ومنذ سنوات ونقابة الصحفيين تكافح من أجل الغاء العقوبات السالبة لحريات الرأى والتعبير فى القضايا التى تتضمن النشر فى الصحف ووسائل الإعلام المرئية والمسموعة، والمؤتمرات العامة، من أجل توسيع نطاق الحريات الديمقراطية فى المجتمع المصرى. كما تقدمت بمشروع قانون تفصيلى بذلك للجهات التنفيذية المسئولة، مازال مهملا فى أدراجها لأجل غير مسمى. ولعل صدور حكم المحكمة الدستورية الأخير، أن يكون حافزا لكى يضع مجلس النواب على جدول أعماله، قبل انتهاء الدور التشريعى الحالى، مشروع قانون نقابة الصحفيين لمناقشته، عند بدء الدور الجديد، بجانب النقاش الدائر حول مطالبة مجلس امناء الحوار الوطنى، بالغاء الحبس الاحتياطى فى قضايا الرأى، وإضافة التعويض المادى فى نصوصه، فى حال اتمام البراءة.
استخدمت الحكومات المتعاقبة فى معظم العهود، جرائم السب والقذف لفرض مزيد من القيود على حرية الصحافة والإعلام. وحين أباح المشرع فى قانون العقوبات القذف والطعن فى عمل الموظف العام، أو الذى يحمل صفة نيابية أوالشخص المكلف بخدمة عامة، بالنشر فى الصحف والمجلات وغيرها من وسائل النشر، فهو يحمى الصحفيين للقيام باداء مهام وظيفتهم دون قيود، ويحمى المجتمع من استغلال نفوذ الموظف العام.
ويعد قذفا كل من أسند لغيره أمورا لو صدقت لأوجبت احتقاره من أهل وطنه، وألزمت معاقبته. وبهذا يفهم لماذا استثنى القانون آحاد الناس من تلك الإباحة التى تطول الموظف العام. أما السب – وفقا لكتاب القاضى شريف كامل الجرائم الصحفية الذى استعين بتعريفه –فهو ما يتضمن أى معنى شائن يخدش الشرف وينشر فى الصحف. وبينما تقع جريمة القذف بنسبة جريمة محددة إلى من وجهت إليه، فإن السب يقع بأية عبارة تشكل خدشا لشرف المجنى عليه وسعمته بين الناس دون إسناد واقعة محددة.
حرية الصحافة والإعلام والتعبير ليست ترفا، بل احتياج لبناء اجتماعى صحى ومتماسك. بل إن تحقيقها هو فى صلب الحفاظ على أمن مصر القومى، الذى بات هدفا لعدوان أحمق مغامر من الداخل، وأهوج مغرور بقوته من الخارج. وحكم المحكمة الدستورية الأسبوع الماضى، لم يكن الأول من نوعه فى تمسكه بتعزيزها.
قبل سنوات أكدت المحكمة فى القضية رقم 37 لسنة 11 قضائية ما يلى: إن من الخطر فرض قيود ترهق حرية التعبير، بما يبعد المواطنين عن ممارستها. وإن الطريق للسلامة القومية، إنما يكمن فى ضمان الفرص المتكافئة للحوار المفتوح، لمواجهة الأشكال المتباينة من المعاناة، وتقرير ما يناسبها من الحلول النابعة من الإرادة العامة. ومن ثم كان منطقيا، بل أمرا محتوما أن ينحاز الدستور إلى حرية النقاش والحوار فى كل أمر يتصل بالشئون العامة، ولو تضمن انتقادا حادا للقائمين بالعمل العام. إذ لا يجوز أن يفرض على غيره صمتا ولو كان معززا بالقانون. ولأن حوار القوة، إهدار لسلطان العقل والحرية والإبداع والأمل والخيال. وهو فى كل كل حال يولد رهبة تحول بين المواطن والتعبير عن أرائه، بما يعزز الرغبة فى قمعها.. وهو ما يهدد فى النهاية أمن الوطن واستقراره.
وصايا المحكمة الدستورية العليا، أيقونة مشرقة للنجاح والتقدم، فهل تجد من ينصت إليها؟!
المصدر: بوابة الوفد
كلمات دلالية: على فكرة أمينة النقاش المحكمة الدستورية العليا المحکمة الدستوریة الموظف العام
إقرأ أيضاً:
بدء الجلسة النقاشية بنقابة الصحفيين لتعديل المادة 12 بقانون تنظيم الصحافة
كتب- عمرو صالح:
بدأت منذ قليل الجلسة النقاشية بشأن سبل تعديل المادة ١٢ من قانون تنظيم الصحافة والإعلام رقم ١٨٠ لسنة ٢٠١٨ وإلغاء النص على ضرورة الحصول على تصاريح للتغطية والتصوير في الأماكن العامةً بنقابة الصحفيين.
وكان النقيب خالد البلشي، قد وجه دعوة إلى الزملاء الصحفيين أعضاء مجلسي النواب والشيوخ، لحضور الجلسة والتي ستتناول الطلب، الذي تقدمت به النقابة، لتعديل المادة (12) من القانون رقم (180) لسنة 2018م، الخاص بتنظيم الصحافة والإعلام.
كما تم إطلاق حملة تعديل المادة (12) يوم 17 مايو الجاري، وأكد أن الحملة تهدف إلى تسهيل عمل الزملاء الصحفيين، خاصة المصورين، واستعادة قيمة كارنيه النقابة، وخطابات الصحف والمواقع المعتمدة، كتصريح وحيد للعمل الصحفي. كما تهدف الحملة إلى تعزيز دور الصحفي في ممارسة مهنته بحرية دون قيود تعيق أداء رسالته الإعلامية.
لمعرفة حالة الطقس الآن اضغط هنا
لمعرفة أسعار العملات لحظة بلحظة اضغط هنا
قانون تنظيم الصحافة نقابة الصحفيين خالد البلشيتابع صفحتنا على أخبار جوجل
تابع صفحتنا على فيسبوك
تابع صفحتنا على يوتيوب
فيديو قد يعجبك:
الأخبار المتعلقةإعلان
إعلان
بدء الجلسة النقاشية بنقابة الصحفيين لتعديل المادة 12 بقانون تنظيم الصحافة
روابط سريعة
أخبار اقتصاد رياضة لايف ستايل أخبار البنوك فنون سيارات إسلامياتعن مصراوي
اتصل بنا احجز اعلانك سياسة الخصوصيةمواقعنا الأخرى
©جميع الحقوق محفوظة لدى شركة جيميناي ميديا
القاهرة - مصر
27 14 الرطوبة: 17% الرياح: شمال شرق المزيد أخبار أخبار الرئيسية أخبار مصر أخبار العرب والعالم حوادث المحافظات أخبار التعليم مقالات فيديوهات إخبارية أخبار BBC وظائف اقتصاد أسعار الذهب أخبار التعليم فيديوهات تعليمية رياضة رياضة الرئيسية مواعيد ونتائج المباريات رياضة محلية كرة نسائية مصراوي ستوري رياضة عربية وعالمية فانتازي لايف ستايل لايف ستايل الرئيسية علاقات الموضة و الجمال مطبخ مصراوي نصائح طبية الحمل والأمومة الرجل سفر وسياحة أخبار البنوك فنون وثقافة فنون الرئيسية فيديوهات فنية موسيقى مسرح وتليفزيون سينما زووم أجنبي حكايات الناس ملفات Cross Media مؤشر مصراوي منوعات عقارات فيديوهات صور وفيديوهات الرئيسية مصراوي TV صور وألبومات فيديوهات إخبارية صور وفيديوهات سيارات صور وفيديوهات فنية صور وفيديوهات رياضية صور وفيديوهات منوعات صور وفيديوهات إسلامية صور وفيديوهات وصفات سيارات سيارات رئيسية أخبار السيارات ألبوم صور فيديوهات سيارات سباقات نصائح علوم وتكنولوجيا تبرعات إسلاميات إسلاميات رئيسية ليطمئن قلبك فتاوى مقالات السيرة النبوية القرآن الكريم أخرى قصص وعبر فيديوهات إسلامية مواقيت الصلاة أرشيف مصراوي إتصل بنا سياسة الخصوصية إحجز إعلانك