وكالة الصحافة المستقلة:
2025-08-03@03:30:18 GMT

حرية الصحافة بين التدجين والفوضى

تاريخ النشر: 31st, May 2025 GMT

مايو 31, 2025آخر تحديث: مايو 31, 2025

أسماء محمد مصطفى

إذا سأل سائل: هل توجد حرية صحافة في العراق؟ يمكن القول إنّ ما تشهده الصحافة العراقية ــ في الجانب المعوَّل عليه منها ــ هو ومضات ومحاولات للحرية يقوم بها صحافيون مغامرون قلّة، في ظل واقع باهت ومتقلب للصحافة التي تحوّلت إلى صدى بدلاً من أن تكون صوتاً هادراً، بسبب أمزجة القوى المتناحرة على السلطات.

فإذا كان الصحافي التابع يكتب ما تمليه عليه تلك السلطات والأحزاب ويُلمّع صورتها، متحوّلاً إلى وسيلة دعائية لها، فإن الصحافي غير التابع يتنفس تحت الماء، ويتحرّك في مساحة ضيّقة من الحرية المتذبذبة بين الخوف والرقابة والتهديد المباشر أو غير المباشر، حريصاً على اختيار القضايا التي، وإن كانت تنطوي على جرأة، إلا أنها تُبقيه في وضع آمن؛ أي إنه لا يقترب مما هو فوق الخطوط الحمر التي قد يتعرّض بسببها إلى تهديدات تؤدي إلى طرده من العمل أو تهدّد حياته. وهذا بسبب غياب الحماية القانونية له، مما دجّن الصحافة، وحرَمها من الاستقلال، وحوّلها إلى وظيفة روتينية مرهونة بالسلطات الأعلى منها، بدلاً من أن تكون مهنة البحث عن الحقائق لا عن المشاكل فحسب.

وإذا كانت هناك منصات وصحافيون ينتقدون أداء المسؤولين والمؤسسات، إلا أن المشهد ما زال غير مكتمل لنتفاءل ونقول إن صحافتنا حرّة، لا سيما أن أولئك الصحافيين غالباً ما يكونون خارج نطاق وصول السلطات والجهات المسلحة إليهم، وليسوا داخل العراق بالضرورة.

وحين نتحدث عن حرية الصحافة، فإننا نؤكد أنها لا تعني الصحافة الفوضوية التي تعتاش على التضليل، وكيل الشتائم للمسؤولين، والتشهير بحياتهم الشخصية، ونشر الإشاعات حولهم، وإثارة الفضائح لمجرد الإساءة، بل تعني الحرية المسؤولة التي تُشخّص مواضع الخلل في أداء المسؤولين والمؤسسات، وتبحث في قضايا الفساد الإداري والمالي، وتعمل على إيصال قضايا الناس الحرجة والملحّة إلى أصحاب الشأن، وتقوم على التحقّق من المعلومات بدقة، وأمانة نقلها، واحترام كرامة الأفراد، وفصل الرأي عن الخبر، والتوازن والحياد في التغطية، والعمل وفق أخلاقيات المهنة، لا وفق أجندات خفية.

إن السلطة الرابعة ليس لها وجود فعلي في العراق وسط اختلال العلاقة بين السلطات الثلاث التي تأتي بها المحاصصة، وهي: السلطة التنفيذية المتمثلة بالحكومة العاجزة عن مواجهة الفساد بسبب التوازنات الحزبية والضغوط الخارجية، والسلطة التشريعية (البرلمان) التي تعمل من أجل مصالح كتلها السياسية التي جاءت بها، لا من أجل الشعب، والسلطة القضائية التي يتحدث البعض عن شكوك حول استقلاليتها في إصدار القرارات، لا سيما المتعلقة بالأحزاب السياسية أو أصحاب النفوذ.

إذن، الصحافة الحرة المسؤولة تحتاج إلى مناخ تنمو فيه، وسط حماية قانونية، وميثاق مهني يتضمن ضوابط العمل الصحافي الحرّ الحقيقي، ويحفظ حقوق جميع الأطراف، فتزدهر الحرية في ظله، وتتمكن من بناء وعي جماهيري بعيداً عن الفوضى والتضليل.

المصدر: وكالة الصحافة المستقلة

إقرأ أيضاً:

لجنة نيابية توضح: قانون حرية التعبير والتظاهر جرى تعديله ولن يكمم الأفواه

لجنة نيابية توضح: قانون حرية التعبير والتظاهر جرى تعديله ولن يكمم الأفواه

مقالات مشابهة

  • التنظيم أم الهيمنة؟ قراءة دستورية ومقارنة دولية في مشروع قانون المجلس الوطني للصحافة بالمغرب
  • اتهامات لرئيس وزراء مالي السابق بسبب منشور ينتقد الحكم العسكري.. وتصاعد للهجمات المسلحة
  • حقوق الإنسان النيابية عن تعديلات قانون حرية التعبير: تضع المتظاهر تحت الحماية
  • قبل التصويت.. النسخة الأخيرة من قانون حرية التعبير والتظاهر السلمي في العراق
  • من حرية التعبير إلى “الطشة”.. الإعلام العراقي رهينة بين الديمقراطية والفوضى
  • نصب الحرية يتشح بـالوعد الصادق.. تظاهرات في بغداد لفك الحصار عن غزة (صور)
  • عاملونا كمجرمين.. شهادات صادمة من ناشطي أسطول الحرية بعد احتجازهم من قبل الجيش الإسرائيلي
  • فرنسا توقف استقبال لاجئين غزيين بسبب منشور لطالبة فلسطينية
  • الدكتور محمد عبد اللاه: الهجمات الإعلامية التي تتعرض لها مصر بسبب موقفها من القضية الفلسطينية مؤامرة
  • لجنة نيابية توضح: قانون حرية التعبير والتظاهر جرى تعديله ولن يكمم الأفواه