لا يُعتقَد أنّ ما سُمّيت بـ"مبادرة المعارضة"، أو ما وصفته هي بـ"خريطة الطريق لإنجاز الاستحقاق الرئاسي"، ستنجح حيث فشل غيرها من الوساطات التي سبقتها، داخليًا وخارجيًا، بل إنّ هناك من استعجل في الحكم عليها بالفشل، لحدّ القول إنّها سقطت منذ اليوم الأول، خصوصًا بعد بيان رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، الذي اعتبر البعض أنّه أفرغها من مضمونها، بل "أحرقها" من الأساس، إن جاز التعبير.


 
مع ذلك، فإنّ بعض المواقف التي صدرت إزاء المبادرة تبدو مثيرة للانتباه، ومنها موقف "التيار الوطني الحر" الذي أبدى بحسب بيان لمجلسه السياسي، "تجاوبه مع ما تمّ عرضه"، مشدّدًا في الوقت نفسه على وجوب "تجاوز بعض الشكليات إذا ما كانت النتيجة مضمونة بإجراء الانتخاب"، في إشارة ضمنية إلى الحديث عن "أعراف جديدة"، ومناشدًا الطرفين المتنازعين على هذه الشكليات، أي المعارضة والممانعة، وجوب "تخطّيها".
 
وقد أثار موقف "التيار" الجدل في الأوساط السياسية، في محاولة لتفسيره، فهل أراد بشكل أو بآخر إحياء "التقاطع السابق" مع المعارضة على ترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، ولذلك أبدى انفتاحه على المبادرة التي طرحتها؟ وهل يتوافق "التيار" فعلاً مع المعارضة على "خريطة الطريق" التي تقدّمت بها، بكلّ بنودها، وصولاً إلى فكرة "الجلسة المفتوحة"؟ وهل من رسائل أراد إيصالها إلى "الثنائي" من خلال تعليقه على مبادرة المعارضة؟
 
"تقاطع غير مكتمل"
 
يقول العارفون إنّ موقف "التيار الوطني الحر" من مبادرة المعارضة، لجهة "التجاوب" مع ما تمّ عرضه من قبلها، يشكّل في مكانٍ ما تأكيدًا على "التقاطع" المستمرّ معها، أقلّه من طرف "التيار"، وذلك على الرغم من كلّ الخلافات التي برزت في الآونة الأخيرة، خصوصًا من خلال التصويب المتكرّر عليه من جانب رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، والذي يصرّ "العونيّون" على فصله عمليًا عن فحوى "التقاطع".
 
لكنّ هذا "التقاطع" بين "التيار" بشخص رئيسه الوزير السابق جبران باسيل والمعارضة لا يبدو مكتملاً، بحسب ما يقول العارفون، فالموقف الذي أعلنه المجلس السياسي لـ"التيار" لجهة التجاوب مع المبادرة لم يصل لحدّ التبنّي الكامل لها، حتى إنّ البعض وصفه بـ"القبول المقنّع"، وذلك على خلفيّة حديث "التيار" عن "شكليّات"، وهو ما فُهِم منه انتقادًا ضمنيًا للمعارضة، أو بالحدّ الأدنى، "مراضاة" للثنائي، لعدم إغضابه.
 
إلا أنّ العارفين يشيرون إلى أنّ هذه الجزئية لا تعني أنّ "التيار" لا يتقاطع مع المعارضة على مضمون مبادرتها، فهو لا يرفض خريطة الطريق كما وردت في متن مبادرتها، عبر الدمج بين التشاور والانتخاب، فهو يؤيد التشاور بالدرجة الأولى، بمعزل عن الشكل الذي يمكن أن يأخذه في نهاية المطاف، لكنّه يدفع نحو انتخاب الرئيس وفق الأصول الديمقراطية في حال عدم التوصل إلى توافق حول انتخاب الرئيس.
 
"دور وسطي"
 
لكن، أبعد من هذه المبادئ، يتحدّث العارفون عن بعض "الفوارق" في مقاربة "التيار" للأمر، وهو ما أشار إليه أساسًا بحديثه عن "الشكليات"، فهو يعتبر أنّ الطرفين المتنازعين أصبحا شبه متّفقَين على العناوين العريضة، لكنّهما يختلفان على التفاصيل التي لا تقدّم ولا تؤخّر، إلا أنّ الشيطان يكمن فيها، ومن بينها شكل التشاور أو الحوار، وما يُحكى عن أعراف جديدة، وكذلك التمييز بين الجلسة المفتوحة والجلسات المتتالية، وكلّها أمور يمكن تجاوزها لتحقيق الهدف.
 
صحيح أنّ البعض يضع هذا الاختلاف في خانة الملاحظات التي سبق أن أبداها "التيار" على مقاربة المعارضة لترشيح الوزير السابق جهاد أزعور، حين اعتبر أنه كان بالإمكان طرح أكثر من مرشح على الطرف الآخر، حتى لا يصوَّر الأمر "فرضًا" بالنسبة إليه، لكن هناك من يرى في الأمور سعيًا من جانب "التيار" لتأكيد دوره "الوسطي"، وقد سعى في المرحلة الأخيرة لتشكيل ما يشبه "الحلف" مع كتل الوسط، ككتلتي اللقاء الديمقراطي والاعتدال.
 
بهذا المعنى، يقول العارفون إنّ "التيار" قد يؤيد مضمون مبادرة المعارضة، لكنّه لا يتبنّاها، أولاً لتركيزها على الشكليات، وهو ما ألمح إليه في موقفه، حين ردّ على منطق "العرف" بالقول إنّ هناك من قد يعتبر ما أقدمت عليه، عبر نصّ مكتوب، تأسيسًا لعرف جديد أيضًا، وثانيًا، وربما الأهم، لعدم انفتاحها على الطرف الآخر، وتحديدًا رئيس مجلس النواب نبيه بري، في وقت يدرك الجميع أنّ إنجاز الاستحقاق الرئاسي يتطلب التعاون معه، وليس العكس.
 
لا يقتنع كثيرون بوسطية "التيار"، الذي لم يُعرَف سابقًا بمثل هذه المواقف، لكنّ أكثر منهم من لا يقتنعون بنظرية "تجاوبه" مع مبادرة المعارضة، بل يضعون البيان الذي أصدره في هذا الصدد، في موقعة "الموافقة في معرض الرفض"، إن جاز التعبير. وبين هؤلاء وأولئك، ثمّة من يرى أنّ مواقف "التيار" كلّها لا تزال تندرج ضمن "خطة" تهدف حصرًا لإسقاط ترشيح رئيس تيار "المردة"، ليُبنى على الشيء مقتضاه بعد ذلك!  المصدر: خاص "لبنان 24"

المصدر: لبنان ٢٤

كلمات دلالية: مبادرة المعارضة

إقرأ أيضاً:

المعارضة الفنزويلية من أوسلو: انتقال السلطة سلمياً بعد مادورو حتمي

1- "مادورو سيغادر سواء بالتفاوض أو بدونه": ماتشادو تؤكد التركيز على انتقال "منظم وسلمي" في فنزويلا.2-أول ظهور علني بعد عام من الاختفاء: الحائزة على نوبل تُشيد بـ"الضغط الحاسم" من واشنطن على كاراكاس.3- المعارضة الفنزويلية تستعد لحكم ما بعد مادورو وتدعو الجيش للانصياع للسلطة المدنية الجديدة.

أكدت زعيمة المعارضة الفنزويلية والحائزة على جائزة نوبل للسلام لعام 2025، ماريا كورينا ماتشادو، يوم الجمعة، أن الرئيس نيكولاس مادورو "سيغادر السلطة" سواء تم التوصل إلى اتفاق تفاوضي بهذا الشأن أم لا، مشددة على أن هدفها الأساسي حالياً هو تحقيق انتقال "منظم وسلمي" للسلطة في فنزويلا.

جاءت تصريحات ماتشادو القوية خلال مؤتمر صحفي عُقد في العاصمة النرويجية أوسلو، في أول ظهور علني لها منذ قرابة عام، بعد رحلة هروب محفوفة بالمخاطر غادرت فيها بلادها لتسلم جائزة نوبل التي منحتها لها اللجنة النرويجية تقديراً لـ "جهودها الدؤوبة في تعزيز الحقوق الديمقراطية في فنزويلا".

"الانتقال حتمي ولا رجعة فيه"

أوضحت ماتشادو أنها تركز على بناء إطار عمل يضمن استقرار البلاد بعد رحيل النظام الحالي، ورفضت المخاوف من أن يؤدي سقوط مادورو إلى حالة من الفوضى أو حرب أهلية مشابهة لما حدث في دول مثل سوريا أو ليبيا.

وقالت ماتشادو، متحدثة باللغة الإسبانية: "الانتقال لا رجعة فيه... مادورو سيغادر السلطة، سواء من خلال التفاوض أو بدونه، ونحن نسعى لأن يكون هذا الانتقال منظماً وسلمياً". وأضافت أنها على ثقة بأن "الغالبية العظمى من القوات المسلحة والشرطة الفنزويلية ستطيع الأوامر والتعليمات الصادرة عن السلطة المدنية التي يختارها الفنزويليون بمجرد بدء المرحلة الانتقالية".

إشادة بالضغط الدولي وتخطيط للمستقبل

أشادت ماتشادو بالإجراءات الدولية، وخاصة الضغط الذي تمارسه الولايات المتحدة، بقيادة الرئيس دونالد ترامب، معتبرة أن هذه الخطوات "كانت حاسمة للوصول إلى حيث نحن الآن، حيث أصبح النظام أضعف بكثير". وتأتي تصريحاتها في أعقاب الإعلان عن مصادرة ناقلة نفط فنزويلية خاضعة للعقوبات قبالة سواحل البلاد، بالإضافة إلى حشد عسكري أمريكي واسع النطاق في جنوب البحر الكاريبي.

وأكدت المعارضة الفنزويلية أن فريقها يعمل على وضع خطط مفصلة لـ "الأيام المئة الأولى" التي تلي مغادرة مادورو للسلطة، بهدف إعادة بناء المؤسسات، وتحقيق الاستقرار الاقتصادي والسياسي، وإجراء انتخابات حرة ونزيهة في غضون عام من الانتقال. وتعهدت بأن الحكومة الجديدة "لن تضطر إلى مقاضاة سوى بضعة عشرات فقط من كبار مسؤولي النظام الحالي".

وتسلمت ابنة ماتشادو، آنا كورينا سوسا، جائزة نوبل للسلام نيابة عن والدتها يوم الأربعاء، بعد أن تعذر وصول ماتشادو في الوقت المناسب بسبب التحديات الأمنية والقيود المفروضة عليها من قبل سلطات كاراكاس التي تعتبرها "هاربة" إذا غادرت البلاد.


 

طباعة شارك فنزويلا كاراكاس ماتشودو رينال عويضة مادورو

مقالات مشابهة

  • فصل التيار الكهربائي عن هذه المناطق غدا
  • المعارضة الفنزويلية من أوسلو: انتقال السلطة سلمياً بعد مادورو حتمي
  • للأسبوع الرابع على التوالي.. مسيرة في تونس احتجاجًا على القمع وتجريم المعارضة
  • الشعبية «التيار الثوري» تدعو لوقف إطلاق نار إنساني فوري
  • بعدما أبدى رغبته بالتحدث معه.. قرار جديد من مدرب ليفربول تجاه محمد صلاح
  • المعلوف على لوائح التيار؟
  • تواكُلُ المعارضة التونسية على الغرب.. إعادة إنتاج العجز في خطاب جديد
  • نتنياهو اقتحم الزنزانة فجرا.. لينا الطبال تروي لـعربي21 ما حدث معها داخل سجون الاحتلال (شاهد)
  • كهرباء المنوفية: فصل التيار الكهربائي عن منطقة المحكمة بالشهداء غدًا
  • آيات أباظة تتصدر تريند جوجل: رحلة شجاعة نحو التعافي من السرطان تتفاعل معها الجماهير