عززت دراسة علمية حديثة الفكرة القائلة بوجود اختلافات بين الجنس والجندر، حيث تم فحص أدمغة أطفال بينت تأثير الجنس والجندر على مناطق مختلفة من الدماغ.

وينطوي الفرق بين الجنس والجندر على الاختلاف بين الجنس البيولوجي لشخص ما، والجندر الذي ينتمي إليه هذا الشخص.

ويُستخدم مصطلحا الجنس والجندر على أنه الشيء ذاته لدى البعض، لكن بعض الدراسات تشير إلى أنهما مختلفان.

وتضع بعض القواميس تعريفين مختلفين لهذين المصطلحين، بينما تعتبرهما بعض القواميس متطابقين.

ووفق المعاهد الكندية لأبحاث الصحة، فإن الجنس يشير إلى مجموعة من السمات البيولوجية لدى البشر والحيوانات، بينما يشير مصطلح الجندر إلى الأدوار والسلوكيات لديهم، وهو يؤثر على كيفية إدراك الناس لأنفسهم ولبعضهم البعض.

وتوصي دراسة سابقة منشورة على جامعة يل إلى ضرورة استخدام الجنس لتصنيف الأعضاء التناسلية، والجندر للإشارة إلى رؤية الشخص لذاته كذكر أو أنثى، أو كيفية استجابة المؤسسات الاجتماعية لهذا الشخص.

ويتم تحديد جنس الأشخاص عموما وفقا  للأعضاء التناسلية لهم عند الولادة، لكنهم قد يواجهون التمييز والمضايقة والعنف أحيانا لو تحدثوا عن "جندر" مختلف عن الجنس.

ووجد استطلاع سابق، أجراه مركز بيو للأبحاث أن معظم الأميركيين البالغين يرون أن جندر الشخص يتحدد من خلال الجنس المخصص له عند الولادة. 

وقال ثمانية كل 10 بالغين في هذا الاستطلاع أن هناك على الأقل بعض التمييز ضد الأشخاص المتحولين جنسيا، لكن في الوقت نفسه، قال 60 في المئة  إن جندر الشخص يتحدد عند الولادة.

ووجدت الدراسة الجديدة التي أجريت على حوالي 5000 طفل تتراوح أعمارهم بين 9 و10 سنوات أن الجنس والجندر يؤثران بشكل مختلف على أدمغة الأطفال.

وقال مؤلفو الدراسة إن البحث يعطي نظرة أولى على كيفية تأثير الجنس والجندر الاجتماعي على "التأثيرات القابلة للقياس والفريدة" على الدماغ.

وقالت الدكتورة إلفيشا دامالا، الأستاذة المساعدة في الطب النفسي في معاهد فينشتاين للأبحاث، المؤلفة المشاركة للدراسة، التي نُشرت في مجلة Science Advances: "في المستقبل، نحتاج حقا إلى النظر في الجنس والجندر بشكل منفصل، إذا أردنا أن نفهم الدماغ بشكل أفضل".

ونظر الباحثون في بيانات التصوير الدماغي لـ 4757 طفلا في الولايات المتحدة، 2315 منهم تم تصنيفهم إناثا عند الولادة و2442 تم تصنيفهم ذكورا،

كانوا ضمن دراسة التطور المعرفي للدماغ لدى المراهقين (ABCD)، وهي أكبر دراسة لتطور الدماغ وصحة الطفل في الولايات المتحدة. 

وعلى مدى 10 سنوات، خضع الأطفال في الدراسة لتقييمات عصبية ونفسية شاملة. وأجرى العلماء استطلاعات رأي للأطفال وأولياء أمورهم ركزت على الجندر. وسُئل الأطفال عن كيفية تعبيرهم عن جنسهم وكيف شعروا به. 

وسُئل الآباء أيضا عن سلوك الطفل أثناء اللعب وما إذا كان الطفل يعاني من أي اضطرابات في الهوية الجنسية.

وعندما نظر الباحثون في مسح دماغ الأطفال، أظهرت النتائج أن الجنس يؤثر على مناطق مختلفة من الدماغ تشارك في المعالجة البصرية والمعالجة الحسية والتحكم الحركي وبعض المناطق المشاركة في الوظيفة التنفيذية، مما يسمح للفرد بتنظيم المعلومات ودمجها.

ووجدوا أيضا أن الشبكات التي تاثرت بالجندر أكثر انتشارا في جميع أنحاء الدماغ، بما يؤثر على أشياء مثل الانتباه والإدراك الاجتماعي والمعالجة العاطفية.

ويشير المؤلفون إلى أن الجندر ليس شيئا ثابتا بالضرورة، ويمكن أن يتغير فهم الشخص لجندره طوال حياته.

ولا تستطيع الدراسة أيضا تحديد الأشياء في بيئة شخص محدد، التي قد تؤثر على وظائف المخ من حيث الجنس أو الجندر، ولا يمكنها تحديد التوجه الجنسي للشخص.

وقال الباحثون إنهم يأملون في يوم من الأيام أن يتعلموا المزيد عن كيفية تفاعل الجنس والجندر في حياة الشخص، وكيف يؤثران على بعضهما البعض وعلى المخ طوال العمر.

وتقول الدراسة إنها "تقدم لمحة مهمة عن التشفير المختلف للجنس والجندر في الدماغ أثناء تطوره. وإذا أكدت الدراسات المستقبلية هذه النتائج، فسوف يتضح أن علوم الأعصاب لابد أن تأخذ في الاعتبار الاختلافات بين الجنسين إلى جانب إجراء أبحاث إضافية لتوضيح كيفية عمل الجنس والجندر في الدماغ".

المصدر: الحرة

كلمات دلالية: عند الولادة بین الجنس

إقرأ أيضاً:

المركز الدولي ينشر دراسة رائدة بعنوان «الشهادة الشفوية بين التوثيق التاريخي والإثبات القانوني والتجريم»

أصدرت الهيئة الدولية لدعم حقوق الفلسطينيين «ICSPR» دراسة قانونية رائدة بعنوان «الشهادة الشفوية بين التوثيق التاريخي والإثبات القانوني والتجريم»، من تأليف الدكتور صلاح عبد العاطي، المحامي والباحث والناشط الحقوقي ورئيس الهيئة. تتناول هذه الدراسة إحدى أهم القضايا في مجال التوثيق القانوني والوطني، ألا وهي الرواية الشفوية الفلسطينية ودورها المحوري في إثبات الجرائم الدولية التي ارتكبتها سلطات الاحتلال الإسرائيلي بحق الشعب الفلسطيني، وفي محاسبة مرتكبيها على المستويين الوطني والدولي.

الشهادة الشفوية: ذاكرة وطنية وأداة قانونية

تتناول الدراسة، بمنهجية قانونية وصفية تحليلية، أهمية الشهادة الشفوية كوسيلة أساسية لحفظ التاريخ الفلسطيني، وتوثيق الانتهاكات والجرائم الجسيمة، وتقديمها كأدلة مقبولة أمام المحاكم الجنائية الدولية. وتستند الدراسة إلى شهادات الضحايا والشهود الذين عايشوا المجازر والانتهاكات، بدءًا من نكبة عام ١٩٤٨، وصولًا إلى الحروب المتكررة على غزة، وآخرها الإبادة الجماعية عام 2023

وتؤكد الدراسة أن الشهادة الشفوية ليست مجرد وسيلة لتوثيق المعاناة، بل هي أيضاً عنصر حيوي في بناء الملفات القانونية لملاحقة مجرمي الحرب الإسرائيليين وضمان عدم إفلاتهم من العدالة، استناداً إلى مبدأ عدم الإفلات من العقاب على الجرائم الدولية.

دراسة تكشف عن فجوة في الوثائق الرسمية الفلسطينية

تُسلّط الدراسة الضوء على ضعف الجهود الفلسطينية الرسمية في التوثيق القانوني والمساءلة الدولية، وعدم استغلال عضوية فلسطين في المحكمة الجنائية الدولية بفعالية. وتُشير إلى عدم تقديم ملفات شاملة تُحاسب الاحتلال منذ النكبة، بل اقتصرت إحالة السلطة الفلسطينية على قضايا محدودة، كملف تسوية عام 2014.

ويخلص البحث إلى أن التجربة الفلسطينية في توثيق الروايات الشفوية، وخاصةً على المستوى الرسمي، لم ترق إلى مستوى التحديات. وهذا يستدعي صياغة استراتيجية وطنية شاملة تُشرك مؤسسات المجتمع المدني والجامعات ومراكز الأبحاث، وتُوظّف التكنولوجيا لحفظ الذاكرة الفلسطينية.

وسائل الإثبات أمام المحاكم الدولية

تُقدّم الدراسة نظرة شاملة على وسائل الإثبات القانونية المُعترف بها دوليًا، مُوضّحةً مكانة الشهادة الشفوية إلى جانب الأدلة الكتابية والمرئية والمسموعة. وتُؤكّد الدراسة على إمكانية قبول الشهادات المُسجّلة والمقابلات، بل وحتى الإشاعات، في المحاكم الدولية بموجب مبدأ «الإدانة القضائية».

وتشير أيضاً إلى أن المحاكم مثل المحكمة الجنائية الدولية ليوغوسلافيا السابقة ومحكمة رواندا اعتمدت بشكل كبير على الشهادات الشفوية، على عكس محاكمات نورمبرغ، التي ركزت على الوثائق، مما يدل على مرونة العدالة الجنائية الدولية في قبول الروايات الشفوية، شريطة أن تكون موثقة وذات مصداقية.

نحو المساءلة: المسؤولية الجنائية والمدنية للاحتلال

تُحدد الدراسة أركان المسؤولية القانونية الجنائية والمدنية لدولة الاحتلال الإسرائيلي، مؤكدةً أن الجرائم المرتكبة بحق الفلسطينيين على مدى عقود تندرج ضمن جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، مما يُمكّن من محاكمة القادة والمنفذين أمام المحاكم الدولية، لا سيما بموجب اتفاقيات جنيف ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية.

كما تؤكد أن مسؤولية إسرائيل لا تقتصر على الأفراد بل تمتد إلى تعويض الشعب الفلسطيني عن الأضرار المادية والمعنوية، بما في ذلك تدمير الممتلكات والقتل والتهجير القسري والتطهير العرقي.

العقبات الدولية والوطنية أمام المساءلة

تدرس الدراسة بعمق التحديات الوطنية والدولية الرئيسية التي تعوق مقاضاة مجرمي الحرب الإسرائيليين، وأبرزها:

- غياب قانون فلسطيني موحد لملاحقة الجرائم الدولية.

هيمنة القوى الكبرى على مجلس الأمن الدولي والانحياز الأميركي لإسرائيل.

تراجع بعض الدول الأوروبية عن تطبيق مبدأ الاختصاص القضائي العالمي لأسباب سياسية.

ضعف التعاون القضائي الدولي وانعدام الإرادة السياسية الفلسطينية الجادة.

- الفشل في طلب الحماية الدولية أو إنشاء محكمة خاصة بموجب قرار "الاتحاد من أجل السلام".

توصيات استراتيجية للحفاظ على الذاكرة وتحقيق المساءلة

وتقدم الدراسة مجموعة شاملة من التوصيات العملية للحفاظ على ما تبقى من الروايات الشفوية الفلسطينية ومأسسة التوثيق والمساءلة، بما في ذلك:

- إعداد استراتيجية وطنية لتوثيق الشهادات الشفوية لكافة الفلسطينيين في الوطن والشتات.

إنشاء مركز وطني للذاكرة الفلسطينية ضمن الجامعات ومراكز الأبحاث بالشراكة مع منظمات حقوق الإنسان.

تعزيز التفاعل مع الآليات القانونية الدولية واستخدام التكنولوجيا لأرشفة الشهادات.

إطلاق حملة تضامن عالمية لتوثيق الجرائم الإسرائيلية، على غرار حركة المقاطعة «BDS».

- الدعوة إلى تفعيل مبدأ الولاية القضائية العالمية وإنشاء محكمة خاصة لمحاسبة إسرائيل منذ عام 1948.

أهمية الدراسة: سد الفجوة القانونية وتوثيق الذاكرة الفلسطينية

يؤكد المركز الدولي للدراسات السياسية والحقوقية (ICSPR) أن هذه الدراسة تُشكل مساهمة قانونية وأكاديمية مهمة في المكتبة الحقوقية الفلسطينية والعربية، إذ تُقدم رؤية استراتيجية قائمة على تدويل الصراع وتوثيق الرواية الفلسطينية كأداة للمساءلة القانونية.

وتأتي هذه الدراسة في لحظة حرجة في ظل تصاعد الجرائم الإسرائيلية وغياب المحاسبة الدولية، ما يتطلب حشد كافة القدرات القانونية والأكاديمية، وتعزيز الشراكات بين مكونات النظام السياسي الفلسطيني، لبناء مسار قانوني حقيقي يحفظ حقوق الضحايا ويضع حداً للإفلات من العقاب.

اقرأ أيضاًعشرات الجرحى من الأطفال.. استشهاد 8 فلسطينيين إثر قصف الاحتلال لمدينة غزة

الاحتلال الإسرائيلي يعتقل 20 فلسطينيا على الأقل من الضّفة الغربية

حركة فتح: نثمن موقف الاتحاد الأوروبي ودعمه للقضية الفلسطينية

مقالات مشابهة

  • المركز الدولي ينشر دراسة رائدة بعنوان «الشهادة الشفوية بين التوثيق التاريخي والإثبات القانوني والتجريم»
  • دراسة: نصف الشباب يفضلون عالمًا بلا إنترنت
  • العمل لساعات طويلة أسبوعياً يُضخّم دماغك بنسبة 19٪
  • دراسة: الجلوس الطويل يوميًا يُهدّد صحة الدماغ حتى مع ممارسة الرياضة
  • دراسة: ساعات العمل الطويلة قد تُغير بنية الدماغ
  • كيف يضيء الدماغ أفكارك.. دراسة تظهر تأثير لحظات الإدراك على الذاكرة
  • تحذير.. هذا المشروب يسبب السرطان.. دراسة جديدة تكشف التفاصيل
  • دراسة صادمة: مشروبات الطاقة قد ترتبط بمرض خبيث يهدد الحياة
  • دراسة تكشف دور منتجات الألبان في تنظيم مستويات السكر لدى النباتيين
  • دراسة بحثية لـ «تريندز»: جولة ترامب تبرز التحول نحو الشراكات الاقتصادية والتكنولوجية