بقلم صلاح شعيب

في الأنباء أن قائد البراء قد دعا الشباب لترك - ما معناه - التبضع بالحناجر في الإنترنت، والنزول لمقاتلة الدعم السريع ميدانياً. وهذا التصريح يأتي بعد فشل حملات الاستنفار في ولايات السودان، إذ ليس للشباب فيها كثير طاقة لمواجهة أهوال الحرب. وغير ذلك فإن معظم الشباب أخرجته الحرب من دياره برفقة أسرهم لرعاية الأم، والأب، في أحسن الأحوال.

والشي الآخر أن شباب الحركة الإسلامية معظمهم في الخارج مستأمنين به عوضاً عن تقدم الصفوف. بل إن لا حاجة لهم للقتال ما فتئت الحركات المسلحة الدارفورية جاهزة لأداء الدور، وفقا لعروض الحكومة المركزية المادية، أو العينية، أو الرمزية.
والأكثر من ذلك أن آباء هؤلاء الشباب المتأسلم، وأمهاتهم، يستمتعون بدفء إسطنبول، أو القاهرة، أو الدوحة، ويريدونهم بجوار سكنهم ليواصلوا دراسة الطب، أو الهندسة، أو الطيران. اماً أبناء الغلابى فهم إنما مضطرون لملء الفراغ ما دام كثيرهم مغشوش، وينظر لأمر الحرب بأنها للكرامة.
تصريح قائد البراء دليل على التيقن التام بأن الجيش يعاني من ضعف الإمداد البشري. فالذين يحاربون لصفه لا يستطيعون أن يحققوا نصراً، حتى ولو باسترداد "الإستراتيجية". فالحقائق على الأرض توضح أن الجيش في كل عام يُرذل. فلا نفعت حملات الاستنفار في تعويض النقص، ولا كان الطيران الذي يقصف عشوائيا عامل حسم. بالإضافة إلى أن جهاد الميديا القائم على الكذب -على أهميته الكيزان - لم يحقق تطلعات البراءيين، وغير البراءيين من البلابسة. وإذا تحدثت عن السعي الدبلوماسي للجيش فقد فشلت سياسته في كسب جولات أفريقية، وإقليمية، ودولية لصالحه.
فحكومة الأمر الواقع بالكاد تحاول إقناع المصريين بأنها حكومة السودان، ذلك برغم الرباطات التاريخية بين البلدين كما نصر نحن مع الدبلوماسيين على تكرار هذه العبارة.
اما إذا جاز السؤال عن قدرة هذه الحكومة الموصوفة عاليه على فرض سيطرتها على ما تبقى من ولايات لديها، فإن الضمانات قليلة، أو تكاد لا تذكر. فالحقيقة تشيء بأن الجيش ما يزال بعيداً عن اتخاذ سياسة الهجوم على الدعم السريع حتى يحمي ولاياته من أن يزحف عليها الأشاوس كما أطلقت عليهم هذا المصطلح أخوات نسيبة في ذلك الاحتفال الموثق في اليوتيوب أثناء فترة البشير.
إن البراءيين في حاجة إلى معجزة لحمل الشباب على حمل السلاح لمقاتلة صنيع نظامهم. فالشباب كان قد قام بثورته، ولكن قائد الجيش، وقائد البراء، عرقلا طموحه، وقتلا حلم الكنداكات، وإخوانهن. وقد شوهد قائد البراء في يوم فض الاعتصام مهرولاً يسعى لتمزيق الجداريات بعد أن شارك في جريمة الفض، وكاد يبدد حلم أنداده الشباب.
وإذا احتجنا لمعجزة أخرى لسحق الدعم السريع كليةً في أرض القتال فإن ما يستلزم على قائد البراء، والبرهان نفسه، هو الحصول على روح معنوية جديدة. فالحرب في العام الماضي أثبتت أن الجانب المعنوي للجيش قد قاده للإفلاس، والذي تمثل في قصف ما رآه حواضن الدعم بلا سبلة. كما أن جزه للرؤوس، وسلخ البني آدم، واختلاق الأكاذيب، يدل على انهيار المعنويات أكثر من الثقة في القدرات القتالية..تلك التي توجد ضربات موجعة لأشاوس النسيبيات.
لا بد أن زعيم البراء يدرك لاحقا ً أن الحركة الإسلامية كانت قد استعاضت بالنقص في حرب الجنوب، وفرضت الخدمة الإلزامية، وكان قائد البراء وقتها طفلاً يحبو. ومع ذلك لم ينفع استشهاد آلاف الطلبة حين تم التوصل إلى سلام نيفاشا بالتفاوض. والآن الأوضاع غير مساعدة للتجنيد الإجباري، كما أن ضياع الآلاف من شبابنا السوداني المتأسلم، وغيرهم، في حرب الجنوب ينبغي أن يكون عبرة لمن يعتبر.
ولذلك، وبسبب حفظ البراءيين كرصيد وطني بارع في توظيف الميديا، ينبغي على قائد البراء أن يجنح للحض على معاني السلم، بدلاً عن قيادة شباب ثورة ديسمبر للهلاك، ونسبتهم لا تقل عن نسبة حسين خوجلي الذي قال أيام الثورة ان نسبة "98%" من شباب الشارع الثائر هم مع الإسلاميين، يا الدقير. ولو أن قائد البراء اعتذر لشباب الثورة لمشاركته في فض الاعتصام فربما يكون ذلك "خمس" نجاح لدعوته، في أحسن الفروض. ولكن هل تراه يعتذر عن مشاركته في فض الاعتصام، وربما مشاركته في رمي جثث الشباب في النهر؟!
نصيحتي لقائد البراء كأخ أكبر منه - إن لم أكن في عمر والده - أن ينادي بالصلح حتى تقف الحرب، ومن ثم نستأنف الانتقال نحو الديمقراطية، ونستثمر في إمكانيات شبابنا لإعادة بناء الوطن على أسس سليمة. وإن لم يستمع لنصحي فالأحسن له أن يخوض المعارك بنفسه تأسياً بنبيه الكريم، عوضاً عن أن يكون نجما في الميديا الجديدة ليس إلا. أللهم إني بلغت فأشهد.

suanajok@gmail.com  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: قائد البراء فض الاعتصام

إقرأ أيضاً:

دعوة إسرائيلية لتوظيف الإنجاز في إيران لإنهاء الحرب في غزة

انطلقت دعوات إسرائيلية لاستغلال الإنجاز الذي تحقق في التعامل مع التهديد الإيراني، من أجل التوصل إلى اتفاق في قطاع غزة، وكسب تعاطف الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي من الممكن أن يضمن إطلاق سراح الأسرى، وتشكيل مستقبل جديد للمنطقة.

دورون هدار، القائد السابق لوحدة الأزمات والمفاوضات في جيش الاحتلال، ذكر أنه "عندما خططت حماس لطوفان الأقصى في السابع من أكتوبر 2023، تصورت أن تندلع حرباً إقليمية متعددة القطاعات، سيعمل فيها، بجانب غزة، الضفة الغربية، وحزب الله من لبنان، والحوثيون من اليمن، والمنظمات من سوريا، والميليشيات الشيعية من العراق، وإيران أيضًا، صحيح أن كل هذا حدث، ولكن بالتدريج، وليس بالتزامن الكامل كما كانت تتوقع الحركة، وتريد".

وأضاف في مقال نشرته القناة 12، وترجمته "عربي12" أن "ترسانة الأسلحة التي كانت لدى كل هذه الجبهات في تلك اللحظة كانت ستضع تل أبيب في مواجهة حرب وجودية، بقوة نيران ستُسبّب أضراراً هائلة، وخسائر بشرية تقدر بآلاف الإسرائيليين".

وأوضح أن "ما حدث خلال العشرين شهرا الماضية أن الشرق الأوسط تغير كليا، فقد تم القضاء على معظم القادة الذين أداروا تلك المنظمات، وخسرت حماس مكانتها، وفقدت معظم قدراتها، وسقط نظام الأسد، وتراجع حزب الله عقوداً من الزمن، وتآكل نفوذه في لبنان، ويعاني الحوثيون من ضربات شديدة، وهاجمت إسرائيل إيران بهدف إلحاق أضرار جسيمة ببرامجها النووية والصاروخية، وإزالة تهديد وجودي وصل نقطة اللاعودة".



وأشار أن "نتائج الهجوم على إيران لم تُعرف بعد، وستتضح لاحقاً، لكن لا شك أن جرأة تل أبيب لم تُعِد له الردع الذي تحطم في السابع من أكتوبر، بل وأيضاً الردع الإقليمي، حيث تخوض حرباً في قطاع غزة منذ عشرين شهراً، ولا يزال 53 رهينة يقبعون في أنفاق حماس، فيما يحاول الرئيس ترامب تشكيل واقع جديد، كصانع سلام في شكل التطبيع مع السعودية، وإنهاء الحرب بين روسيا وأوكرانيا، وهو يسمع من كل الغرف أنه لن يكون ممكناً المضي قدما بالاتفاق مع المملكة طالما استمرت الحرب في غزة".

وأوضح أنه "من المفارقات أن ما تسبب في الاضطرابات الإقليمية قد يكون هو نفسه ما سيجلب الاستقرار للمنطقة بأكملها، ويمنح ترامب إنجازاً كبيراً يعزز صورته، وربما يمنحه جائزة نوبل للسلام، ما يستدعي إرسال وفد للدوحة، ومنحه تفويضا للتفاوض على إنهاء الحرب في غزة، يحقق كل المطالب، بما فيها الإفراج عن جميع الرهائن، ونقل السلطة من حماس، وإنشاء منطقة عازلة، والمعابر، وإعادة الإعمار على أساس تقدم الانفراج، وأكثر من ذلك".

وأكد أن "دولة إسرائيل مطالبة بأن تتفاوض بصدق وإرادة، وتعيد المختطفين، وتستعيد علاقاتها الدولية مع الدول الصديقة، وتسمح للرئيس ترامب بإبرام اتفاقيات جيدة إضافية في المنطقة، لأنها أثبتت أنها لا تحتاج للغرق في الوحل اللبناني لتحقيق النصر؛ ولا يوجد سبب يجعلها تفعل ذلك وسط أنقاض غزة، والآن هناك فرصة سانحة لإحداث تحول استراتيجي، بموجبه التوصل لاتفاق يعيد جميع الرهائن، ويعمل، بالتعاون مع رئيس أميركي متعاطف، على إعادة تشكيل وجه الشرق الأوسط بأكمله للأجيال القادمة".

مقالات مشابهة

  • مبادرة لدعم موظفي بلدية الشارقة المقبلين على الزواج
  • قائد الجيش عرض مع نظيره الإيطالي الأوضاع في لبنان والمنطقة
  • جنوب كردفان.. مصرع قائد ميداني بارز بالدعم السريع
  • دعوة إسرائيلية لتوظيف الإنجاز في إيران لإنهاء الحرب في غزة
  • عن أوضاع العسكريين والأمن... هذا ما أعلنه قائد الجيش
  • قائد الجيش الإيراني يتوعد أمريكا برد حاسم بعد استهداف منشآت نووية
  • قائد الجيش الإيراني: نقاتل من أجل النصر ونتمسك بالدفاع عن الوطن ووحدة أراضيه
  • قائد الجيش الإيراني يتوعد أمريكا بـرد قوي بعد ضرباتها على بلاده
  • قائد الجيش الإيراني: نقاتل اليوم من أجل النصر
  • الجيش الإيراني: مقـ.ـتل قائد لواء و3 ضباط وجنديين في هجوم إسرائيلي غرب البلاد