الحرة: وائل الغول – دبي
تسببت الاشتباكات بين القوات الحكومية الإثيوبية ومليشيات "فانو" المحلية بإقليم أمهرة، في أزمة إنسانية على الحدود بين إثيوبيا والسودان، حيث وجدت مئات الأسر السودانية نفسها عالقة، بينما يكشف صحفيون ونشطاء من البلدين عن ملامح تلك الأزمة وتداعياتها على المنطقة بأسرها.

ماذا يحدث في أمهرة؟
والاثنين، اتهم مسؤول إثيوبي كبير، ميليشيا (فانو) في إقليم أمهرة بمحاولة الإطاحة بالحكومتين المحلية والاتحادية، بعد أيام من القتال الذي دفع السلطات لإعلان حالة الطوارئ.



وأقر المدير العام لجهاز المخابرات الوطني الإثيوبي، تمسكن طرونه، الذي عين للإشراف على تطبيق حالة الطوارئ، بأن مقاتلي الميليشيا تمكنوا من الاستيلاء على بعض البلدات والمناطق، حسب ما نقلته وكالة "رويترز".

وقال سكان في جوندر، ثاني أكبر مدن إقليم أمهرة، إن نيران الأسلحة الثقيلة، التي بدأت الأحد، استمرت حتى صباح الاثنين.

والأحد، أعلن مدير منظمة الصحة العالمية، تيدروس أدهانوم غيبريسوس، أن "أعمال العنف المستمرة" في أمهرة تعوق ايصال المساعدة الإنسانية إلى هذه المنطقة الواقعة في شمال إثيوبيا.

وأشار إلى "صعوبة ايصال المساعدة الإنسانية بسبب قطع الطرق"، مؤكدا أن "الاتصالات صعبة بسبب تعليق الإنترنت".

والسبت، كان مقاتلو ميليشيا "فانو" يسيطرون على 3 مدن كبرى في المنطقة هي "لاليبيلا وغوندار وديسي"، بحسب ما أفاد سكان لوكالة "فرانس برس".

وأفادت اللجنة الإثيوبية لحقوق الإنسان، الجمعة، بأن مدنيين تعرضوا لهجمات وتعرضت ممتلكات إلى أضرار، فضلا عن تعليق خدمات النقل والإنترنت في مناطق عدة من أمهرة.

وعلقت الخطوط الجوية الإثيوبية رحلاتها المتجهة إلى ديسي ولاليبيلا وغوندار.

وأعلنت الحكومة الإثيوبية، الجمعة، حالة الطوارئ لمدة ستة أشهر في أمهرة، ثاني أكبر أقاليم البلاد، بعد اشتباكات استمرت لأيام بين الجيش وميليشيا "فانو".

وفي اليوم نفسه، أعلنت السلطات السودانية بولاية القضارف، إيقاف إجراءات السفر إلى إثيوبيا عبر معبر القلابات الحدودي، ومن يومها أصبحت الكثير من الأسر السودانية عالقة داخل "الأراضي الإثيوبية".

الهروب من حرب لأخرى
وحسب الصحفي السوداني، محمد إلياس، هناك مئات الأسر السودانية العالقة داخل إثيوبيا نتيجة إغلاق معبر القلابات الحدودي بين البلدين.

وبسبب الوضع المتفجر في أمهرة، أغلق السودان حدوده، ونتيجة ذلك علق ما يقدر بـ50 ألف سوداني، بعضهم عاد للقضارف، لكن البعض الآخر مازال ينتظر دخول إثيوبيا، وفقا لحديثه لموقع "الحرة".

وفي سياق متصل، يتحدث مدير وكالة "ون برس" الإخبارية السودانية، عوض الله نواي، عن "أزمة قديمة متجددة" تشهدها إثيوبيا نتيجة الصراع بين الحكومة الفيدرالية الإثيوبية والمليشيات بإقليم أمهرة.

وألقت الأزمة بظلالها على "العالقين السودانيين" داخل إثيوبيا، وهناك عدد كبير من الأسر تقطعت بها السبل بسبب الأحداث الجارية، وفقا لحديثه لموقع "الحرة".

وهرب هؤلاء من الحرب في السودان، ليجدوا أنفسهم وسط "حرب أخرى" وفي ظل "انفلات الوضع الأمني" داخل إثيوبيا، فلا يستطيع هؤلاء العودة لبلادهم أو الوصول إلى العاصمة أديس أبابا، حسب نواي.

ومن جانبه يتحدث الصحفي الإثيوبي، أنور إبراهيم، عن أعداد كبيرة من "العالقين السودانيين" على الحدود، والذين هربوا للنجاة بأنفسهم وأسرهم ليجدوا أنفسهم "محاطين بحرب أخرى" في أمهرة.

واتجهت تلك الأسر لأمهرة باعتبارها النقطة الأقرب للعبور إلى العاصمة أديس أبابا للمكوث داخل إثيوبيا، أو المغادرة لدول أخرى، لحين استقرار الأوضاع داخل السودان، وفق توضيحه لموقع "الحرة".

ويشير إلى "سوء أوضاع تلك الأسر السودانية العالقة التي يوجد بينها نساء وأطفال وعجائز، ومنهم مرضى لا يجدون الدواء"، بسبب الوضع الحالي.

وتواجه تلك الأسر "مأساة إنسانية"، فهم لا يجدون حاليا "الخبز والماء والدواء وغيرها من الاحتياجات"، وفق الصحفي الإثيوبي.

ويتفق معه المحلل السياسي الإثيوبي، عبد الشكور عبد الصمد، الذي يؤكد أن الاشتباكات المشتعلة بين المليشيات والقوات الحكومية داخل إقليم أمهرة تتسبب في "عدم قدرة أفراد أسر سودانية على العودة لديارهم".

وفي حديثه لموقع "الحرة"، يكشف أن جزءا كبيرا من الأسر السودانية موجود في عدة مدن بإقليم أمهرة، وعلى الحدود بين إثيوبيا والسودان، ونتيجة الاضطرابات والقلاقل وإغلاق المطار وبعض الطرق وجدت تلك الأسر نفسها "عالقة" لا تستطيع الذهاب للعاصمة، ولا العودة للسودان.

تداعيات خطيرة
ويحذر محمد الياس من تداعيات" مزدوجة" خطيرة لتصعيد الصراع في أمهرة من جانب، واستمرار الاقتتال في السودان من جانب أخر، مما سيؤدي لـ"اشتعال المنطقة بأكملها".

وبسبب الاشتباكات في أمهرة فإن إثيوبيا على حافة الانفجار وقد يكون هناك لاجئون إثيوبيون يحاولون الوصول للسودان من جانب، بينما سوف تزداد أعداد السودانيين العالقين على الحدود بين البلدين، وفق إلياس.

لكن عبد الشكور عبد الصمد، يستبعد ذلك السيناريو، ويرى أنه من الصعب أن يلجأ الإثيوبيون إلى النزوح للسودان نتيجة الاقتتال الدائر هناك.

وإذا حدث ذلك فلن يكون بأعداد كبيرة، لكن قد يكون هناك موجة نزوح لمناطق أخرى داخل إثيوبيا، وفق المحلل السياسي الإثيوبي.  

المصدر: سودانايل

كلمات دلالية: على الحدود فی أمهرة

إقرأ أيضاً:

موسم في مهبّ الريح.. مزارعو البقاع اللبناني يواجهون قسوة المناخ وتخلّي الدولة

البقاع- على امتداد سهل البقاع، حيث كانت خضرة الأرض تحاكي زرقة السماء، يقف المزارع اللبناني اليوم في مواجهة أقسى موسم زراعي في تاريخه الحديث، وسط أزمة مناخية واقتصادية خانقة. ولم تعد الأمطار تغيث الأرض، ولا الدولة تمدّ يد العون.

وفي ظل هذا الفراغ، جاءت ضريبة المازوت لتقصم ظهر الفلاح، وترفع كلفة الإنتاج إلى مستويات لم يعهدها من قبل.

في الماضي، كانت السماء تمنح الأرض ماءها، أما اليوم فيرويها المزارع من عرقه، بعدما تضاعفت تكلفة الري لتشكل نحو 30% من إجمالي النفقات، مقارنة بـ10% فقط في السنوات السابقة. هذا الواقع دفع كثيرين إلى تقليص المساحات المزروعة، بل التخلي عنها تماما في بعض الحالات.

ومن ضجيج القذائف إلى صمت الحقول، ومن أرض كانت تزهر إلى أرض تتشقّق من العطش، يعيش الفلاح البقاعي تحت حصار متعدد الأوجه: مناخي، واقتصادي، وسياسي، يهدد ليس فقط موسمه الحالي، بل مصير الزراعة برمّتها في لبنان.

وفي حديث خاص للجزيرة نت، وصف رئيس تجمع مزارعي وفلاحي البقاع، إبراهيم الترشيشي، واقع القطاع الزراعي بـ"السلسلة المتشابكة من الأزمات التي وضعت الموسم بأكمله في مهبّ الريح"، مؤكدا أن حجم الإنتاج تراجع بشكل مقلق هذا العام، في ظل انسداد الأفق وغياب أي دعم فعلي من الدولة.

وأوضح الترشيشي أن الموسم الزراعي بدأ هذا العام تحت القصف، إذ عاش المزارعون 66 يوما في ظل الحرب، وما إن انتهى رعب القذائف حتى حلّ شبح الجفاف، الذي خيّم على المنطقة وجعل الأمل في محصول جيد يتلاشى.

كلفة الري تقفز من 7% إلى أكثر من 30% في البقاع لتثقل كاهل المزارعين في ظل أزمات متلاحقة (الجزيرة) أمطار شحيحة

وأشار الترشيشي إلى أن معدلات الأمطار سجّلت تراجعا غير مسبوق هذا العام، موضحا أن المعدل السنوي الطبيعي للأمطار في البقاع يتراوح بين 600 و625 ملم، بينما لم يتجاوز هذا العام 230 ملم فقط، أي ما يقارب 35% من المعدل المعتاد.

إعلان

هذا النقص الحاد في الهطول تسبّب في خسائر متفاوتة بين المزارعين، نحو 15% منهم فقدوا محاصيلهم بالكامل، في حين لم يحصد نصفهم سوى نصف الكمية المعتادة، رغم أنهم تحمّلوا تكاليف الإنتاج نفسها. أما الباقون، فقد اضطروا إلى رفع كلفة الري إلى 4 أضعاف.

وأضاف الترشيشي: "في السابق، كانت كلفة الري تشكّل نحو 7% من إجمالي تكاليف الإنتاج، أما اليوم فقد تجاوزت 30%، وهو ما يثقل كاهل الفلاحين بشكل خطير".

وأكد أن محصول القمح كان الأكثر تضررا من غياب الأمطار، مشيرا إلى أن بعض المزارعين راهنوا على شتاء متأخر، لكن الشهور من يناير/كانون الثاني إلى أبريل/نيسان مضت دون أن تحمل غيثا يُرتجى، مما أسفر عن تراجع كبير في إنتاج الأشجار المثمرة أيضا.

وحذّر الترشيشي من أن بساتين يعود عمرها لعشرات السنين باتت مهددة بالموت، وهو ما يصعب تعويضه بأي شكل من الأشكال.

ونوّه إلى أن تقلص المساحات المزروعة سيؤدي حتما إلى انخفاض الإنتاج وارتفاع الأسعار، مشدّدا على أن "الغلاء ليس نتاج جشع، بل نتيجة لندرة المعروض وارتفاع كلفة الزراعة"، وضرب مثالا بسعر الكرز الذي وصل إلى 20 دولارا للكيلوغرام، نتيجة تأثر الإنتاج الشديد بالتقلّبات المناخية.

أسعار المحاصيل تتراجع في الأسواق رغم ارتفاع كلفة الإنتاج (الجزيرة) التصدير في مأزق

وفي ما يتعلّق بتسويق المحاصيل، أشار الترشيشي إلى أن الطريق البري إلى الدول العربية -الذي يُعد شريانا حيويا للقطاع- لا يزال مغلقا منذ أكثر من 3 سنوات ونصف سنة.

وقال: "نحتاج سنويا إلى تصدير نحو 200 ألف طن من البطاطا، لكن الطريق البري ما زال مقفلا".

وكشف عن اقتراح قدمه المزارعون إلى الدولة اللبنانية يقضي بنقل البضائع إلى الحدود السعودية أو الأردنية، ثم إعادة تحميلها على غرار ما يقوم به السوريون، لكن حتى اليوم لم يصدر أي رد رسمي على هذا المقترح.

أما خيار التصدير البحري، فقد ضاعف كلفة الشحن من 1800 دولار إلى أكثر من 5500 دولار للحاوية، وهو ما يجعل من المستحيل منافسة دول مثل مصر وسوريا وباكستان.

غياب الدولة

في ختام حديثه، حمّل الترشيشي الدولة اللبنانية مسؤولية التقاعس في مواجهة الجفاف، قائلا: "صحيح أن المناخ ليس بيد أحد، لكن الدولة مسؤولة عن بناء السدود وتخزين مياه الشتاء، وهذه المشاريع لا تزال غائبة بالكامل".

وأضاف بأسى: "عندما تفيض السيول نصرخ، بينما كان يفترض أن نكون قد خزّناها قبل أن تضيع. نحتاج إلى تفعيل الدعم الزراعي فعليا، وليس بمسميات فقط. مؤسسة إيدال كانت توفّر دعما حقيقيا، أما اليوم فيُحسب على سعر صرف 1500 ليرة (للدولار)، بينما تجاوز الدولار 60 ألفا".

البقاع اللبناني يواجه جفافا غير مسبوق يهدد الزراعة ومواسم الحصاد (الجزيرة) القطاع المنكوب

من جهته، أكد المزارع حمزة الموسوي أن الموسم الحالي هو "الأسوأ منذ سنوات"، مشيرا إلى أن آبار الري قد جفّت بالكامل، وأنهم باتوا يعتمدون على مضخات تعمل بالمازوت بكلفة باهظة، ازدادت بعد فرض ضرائب إضافية على المحروقات.

وحذّر الموسوي من أن نسبة كبيرة من المزارعين ستتوقف عن الزراعة هذا الصيف، متوقعا أن تصل نسبة الأراضي غير المزروعة إلى 70%، وهو ما يشكّل تهديدا مباشرا للأمن الغذائي في لبنان.

إعلان

وأشار إلى أن أسعار المحاصيل تتراجع في الأسواق رغم ارتفاع كلفة الإنتاج، مما يعكس أزمة حادّة في التسويق وغياب قنوات البيع الفاعلة.

وختم حديثه بحسرة: "لا نشعر بوجود الدولة. لا توجد خطة إنقاذ، ولا دعم حقيقي، المزارع يستيقظ كل يوم على كارثة جديدة دون أن يجد من يصغي إليه".

نداء المزارعين

وسط هذه الظروف القاسية، وجّه المزارع حسن نداء مباشرا إلى الدولة اللبنانية، داعيا إلى التفاتة عاجلة تجاه المزارعين الذين يعانون من غلاء فاحش في الأسعار والتكاليف، خصوصا في ظل موجة الجفاف القاسية التي ضربت البلاد.

وطالب برفع سعر البطاطا قليلا، في محاولة لتعويض الارتفاع الحاد في تكاليف الإنتاج، مؤكّدا أن القطاع الزراعي يشكّل "ركيزة أساسية في اقتصاد لبنان، بل قد يكون أهم من القطاع الصناعي في بعض المناطق، لأنه يوفر فرص عمل كثيرة ولا ينبغي تركه يتهاوى".

مقالات مشابهة

  • إثيوبيا تحتفي بتخريج أول دفعة من ضباط البحرية
  • النيابة تأمر بتشكيل لجنة هندسية لمعاينة حريق سنترال رمسيس
  • آلاف الأطفال في غزة يواجهون خطر الموت لعدم حصولهم على الغذاء اللازم
  • نحو مليون فلسطيني يواجهون أزمة عطش ونظافة في مدينة غزة
  • طارق العكاري: إثيوبيا تحاول الحصول على إقليم صومالي لعمل منفذ بحري
  • سوق الفاشر يتحول إلى مأساة.. 5 قتلى ونازحون يواجهون الجوع والكوليرا
  • المليشيات الإثيوبية .. أعمال عدائية داخل الأراضي السودانية
  • ما الخطوات القادمة لمصر والسودان بعد إعلان إثيوبيا اكتمال “سد النهضة” ودعوتهما لحضور الافتتاح؟
  • المودعون يواجهون المأساة: نموت يومياً ألف مرّة
  • موسم في مهبّ الريح.. مزارعو البقاع اللبناني يواجهون قسوة المناخ وتخلّي الدولة