لقاء مرتقب بين وزيري الخارجية الصيني والأميركي في لاوس
تاريخ النشر: 26th, July 2024 GMT
أعلنت الصين اليوم الجمعة أن وزير خارجيتها وانغ يي "سيلتقي" نظيره الأميركي أنتوني بلينكن على هامش اجتماع لرابطة دول جنوب شرق آسيا (آسيان) في لاوس.
وأوضحت المتحدثة باسم الخارجية الصينية ماو نينغ خلال مؤتمر صحفي أن الوزيرين "سيتبادلان وجهات النظر حول مسائل ذات اهتمام مشترك"، من دون أن تحدد تاريخ اللقاء.
وأضافت "سيتم الإعلان عن الموعد المحدد لهذا الاجتماع وظروفه في الوقت المناسب، أدعوكم إلى متابعة الإعلانات المحتملة، لكنني واثقة من أنهما سيتبادلان وجهات النظر حول مسائل ذات اهتمام مشترك". ومن المتوقع أن يصل بلينكن إلى فينتيان عاصمة مملكة لاوس غدا السبت.
وعلى الرغم من التوترات، فإن العلاقات بين القوتين العالميتين استقرت منذ القمة بين الرئيسين الصيني شي جين بينغ والأميركي جو بايدن في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي.
وثمة مواضيع خلاف كثيرة لا تزال قائمة بين الطرفين، يتصدرها بحر جنوب الصين وتايوان والتنافس في مجال التكنولوجيا الجديدة، أو حتى بشأن الدعم الذي تؤكد واشنطن أن الصين تقدمه لصناعات الدفاع الروسية.
وأكد دبلوماسي سيشارك في الاجتماعات، رفض ذكر اسمه، أن التوترات البحرية بين الصين ودول آسيان عامة، ومع الفلبين خاصة، مدرجة أيضا في جدول أعمال اجتماع آسيان.
وتطالب بكين بالسيادة شبه الكاملة على بحر جنوب الصين، متحدثة عن أسباب تاريخية، كما تطالب دول مجاورة عدة بأجزاء من هذه المنطقة البحرية، من بينها الفلبين وفيتنام وماليزيا وبروناي وإندونيسيا وسنغافورة.
وسعى بايدن لجعل منطقة المحيطين الهندي والهادي "منطقة حرة ومفتوحة ومزدهرة"، وهو شعار يحمل في طياته انتقادا للصين وطموحاتها الاقتصادية والإقليمية والإستراتيجية في المنطقة.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات
إقرأ أيضاً:
كريم وزيري يكتب: صُنع في السماء السابعة
ليست عقيدة الجيوش نصوصًا جامدة تُحفظ في الأدراج، ولا شعارات تُرفع في المناسبات، بل هي روح تسكن المقاتل، ومنهج تفكير يسبق السلاح، وإيمان راسخ بأن حماية الدولة مسؤولية لا تقبل المساومة، وعندما نتأمل عقيدة الجيش المصري، ندرك أننا أمام مدرسة خاصة، صُنعت عبر آلاف السنين، وتبلورت بتجارب قاسية، حتى باتت أقرب إلى منظومة قيم وطنية شاملة، يمكن القول إنها صُنعت في السماء السابعة، حيث يلتقي الواجب بالإيمان، والانضباط بالوعي، والقوة بالحكمة.
الجيش المصري ليس وليد اللحظة، ولا نتاج مرحلة سياسية بعينها، بل هو امتداد تاريخي لدولة عرفت معنى التنظيم العسكري قبل أن تُعرف الجغرافيا الحديثة، من جيوش الفراعنة التي حمت مصر علي مر العصور.
العقيدة القتالية للجيش المصري تقرم على مبدأ واضح لا لبس فيه جيش للدفاع لا للعدوان، وهذا المبدأ ليس مجرد توصيف دبلوماسي، بل قاعدة حاكمة لكل ما يُبنى عليه الجيش من تدريب وتسليح وانتشار، فالقوة هنا ليست استعراضًا، وإنما ردع، والجاهزية ليست تهديدًا، بل طمأنة، والرسالة الأساسية هي أن مصر لا تبدأ حربًا، لكنها لا تسمح أبدًا بفرضها عليها.
اللافت في العقيدة المصرية أنها لا تفصل بين الأمن القومي بمعناه العسكري، والأمن الشامل بمعناه الاجتماعي والاقتصادي، فالجندي الذي يحمل السلاح على الحدود، هو ذاته ابن هذا الشعب، الخارج من بيئته، العارف بقيمه وتقاليده، والمدرك أن حماية الوطن تعني أيضًا حماية استقراره ووحدته، ومن هنا جاء الارتباط الوثيق بين الجيش والمجتمع، وهو ارتباط لم تصنعه الدعاية، بل صاغته التجربة، ورسخته اللحظات الفارقة في تاريخ الدولة.
وفي قلب هذه العقيدة تقف فكرة الجاهزية الدائمة، فالجيش المصري لا ينتظر الخطر حتى يتحرك، بل يبني قدراته على افتراضات متعددة، وسيناريوهات متغيرة، وبيئة إقليمية مضطربة، لذلك كان التنوع في مصادر التسليح، والتوازن بين الأفرع الرئيسية، والتحديث المستمر للقدرات، انعكاسًا طبيعيًا لعقيدة تؤمن بأن الاستقلال في القرار العسكري لا يتحقق إلا بالقدرة على الحركة بحرية، دون ارتهان لطرف أو مدرسة واحدة.
لكن السلاح وحده لا يصنع عقيدة، ما يصنعها حقًا هو الإنسان، والمقاتل المصري هو حجر الزاوية في هذه المنظومة، يُربى منذ لحظة دخوله المؤسسة العسكرية على الانضباط، واحترام التسلسل، والإيمان بأن ما يقوم به ليس وظيفة، بل رسالة، ولهذا لا تُقاس كفاءة الجندي فقط بقدرته على تنفيذ الأوامر، بل بوعيه بطبيعة المرحلة، وإدراكه لحساسية الدور الذي يؤديه.
العقيدة المصرية تبرز بوضوح في تعامل الجيش مع التحديات غير التقليدية، وعلى رأسها الإرهاب، فهنا لم يكن الحل أمنيًا صرفًا، بل مقاربة شاملة، تمزج بين القوة العسكرية، والعمل الاستخباري، والتنسيق مع مؤسسات الدولة الأخرى، فالمعركة لم تكن ضد جماعات مسلحة فقط، بل ضد فكر، ومحاولة لاختراق الدولة من الداخل، وهو ما كشف مرونة العقيدة وقدرتها على التكيف دون التفريط في الثوابت.
كما أن العلاقة بين القيادة والجنود تمثل أحد أهم ملامح هذه العقيدة، فهي علاقة تقوم على الثقة المتبادلة، والوضوح، وتحمل المسؤولية، القيادة هنا لا تُدار من أبراج عاجية، بل من الميدان، حيث القرار مرتبط بالواقع، والإنسان حاضر في كل معادلة، وربما كان هذا ما منح الجيش المصري قدرته على الصمود في لحظات الضغط، والعبور من أزمات معقدة دون انكسار.
وحينما نقول إن هذا الجيش صُنع في السماء السابعة، فالمقصود ليس المبالغة، بل الإشارة إلى تلك المنطقة العليا التي تلتقي فيها الأرض بالسماء، والواجب بالعقيدة، والسلاح بالإيمان.