كيف تبدو تبعات خفض التصعيد الاقتصادي في اليمن؟
تاريخ النشر: 26th, July 2024 GMT
بعد أشهر من تصاعد الصراع المالي والاقتصادي بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي، أعلن المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، الثلاثاء، توصل طرفي النزاع إلى اتفاق لوقف التصعيد الاقتصادي بين الجانبين.
وأفاد مكتب غروندبرغ في بيان أن الحكومة وجماعة الحوثي "اتفقا على عدة تدابير لخفض التصعيد فيما يتعلق بالقطاع المصرفي والخطوط الجوية اليمنية".
وأضاف البيان أن "المبعوث الأممي تسلم من الطرفين نصا يتضمن إلغاء القرارات والإجراءات الأخيرة ضد البنوك من الجانبين، والتوقف مستقبلا عن أي قرارات أو إجراءات مماثلة".
وتضمن الاتفاق "استئناف طيران اليمنية للرحلات بين صنعاء والأردن وزيادة عددها إلى 3 يوميا، وتسيير رحلات إلى القاهرة والهند يوميا أو بحسب الحاجة".
كما نص على أن "تعقد اجتماعات لمعالجة التحديات الإدارية والفنية والمالية التي تواجهها الخطوط الجوية اليمنية، والبدء في عقد اجتماعات لمناقشة جميع القضايا الاقتصادية والإنسانية بناء على خارطة الطريق".
وتعليقا على البيان، رحبت الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي بإعلان المبعوث الأممي، وذلك في بيانين منفصلين للجانبين.
وبعد ساعات من الاتفاق، "أعلن محافظ البنك المركزي اليمني أحمد غالب المعبقي تقديم استقالته إلى مجلس القيادة الرئاسي"، في إشارة على ما يبدو إلى رفض ضمني للتراجع عن القرارات الأخيرة للبنك.
لكن مجلس القيادة الرئاسي الذي يضم رئيسا و7 أعضاء، أعلن بالإجماع رفض استقالة محافظ البنك المركزي، مفيدا بأن المعبقي باق في منصبه.
تم الاتفاق على خلفية إعلان البنك المركزي في العاشر من يوليو /تموز الجاري، وقف تراخيص 6 من أكبر بنوك اليمن تقع مراكزها الرئيسية في العاصمة صنعاء الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وكان البنك المركزي وجه في 30 مايو/أيار الماضي بوقف التعامل مع هذه البنوك لعدم نقل مقراتها من صنعاء واستمرار تعاملها مع جماعة الحوثي، وردت الأخيرة بحظر التعامل مع 13 بنكا في مناطق نفوذ الحكومة.
وقبل ذلك كانت جماعة الحوثي أعلنت للمرة الأولى في أبريل /نيسان الماضي، صك عملة معدنية فئة 100 ريال (تعادل قرابة 20 سنتا).
وأوضحت الجماعة حينها أن "طرح الفئة الجديدة من العملة لن يؤثر على أسعار الصرف، كون الإصدار خصص لاستبدال العملات التالفة ولن يكون هناك إضافة لأي كتلة نقدية معروضة".
وردا على ذلك، اعتبر البنك المركزي اليمني إصدار الحوثي عملة معدنية "تصعيدا خطيرا وغير قانوني لا يأخذ بعين الاعتبار بأي شكل من الأشكال مصالح المواطنين".
وإضافة إلى صراع البنوك، برز مؤخرا خلاف مالي بين الحكومة والحوثيين بشأن العوائد المالية للخطوط الجوية اليمنية، وسط اتهامات من الجانبين باستغلال أرباح الشركة.
تبعات خفض التصعيد
بعد أن تم الإعلان عن اتفاق خفض التصعيد الاقتصادي، تحولت القضية إلى رأي عام في اليمن، وسط تباين في مسألة تقييم تبعات ذلك.
ورأى المحلل المالي محمد خالد أن "تراجع البنك المركزي عن قراراته -امتثالا لاتفاق خفض التصعيد- سيؤدي إلى إضعاف وضعه في القطاع المصرفي وقطاع الصرافة لصالح البنك المركزي في صنعاء التابع للحوثيين".
وأضاف في حديث للأناضول: "بعد هذا التراجع لن تستجيب البنوك ومنشآت الصرافة للبنك المركزي في عدن، ولن تتم موافاته بالبيانات مستقبلا، وعليه لن يتمكن من ممارسة وظيفة الرقابة على البنوك".
وتوقع المحلل المالي أن يؤدي ذلك "إلى تغول بنك صنعاء على القطاع المصرفي، والتحكم الكامل به"، وقال "سيتيح انكسار البنك المركزي اليمني للحوثيين اتخاذ إجراءات إضافية في هذا القطاع، وكذا طباعة عملات ورقية".
وأضاف: "سيؤدي ذلك إلى فقدان البنك المركزي لثقة المؤسسات الدولية، ومنها خدمة سويفت، حيث سبق أن أبلغها بسحب تراخيص البنوك الموجودة في صنعاء، ثم طلب تأجيل القرار لمدة أسبوعين وبعدها إلغاء القرار".
وفيما يتصل بموقف الحوثيين بعد إعلان وقف التصعيد يقول خالد: "لن يتراجع البنك في صنعاء عن أي خطوات قام بها في القطاع المصرفي، ومنها طباعة فئة 100 ريال التي تسببت في التصعيد".
واعتبر أن الاتفاق "حد من قدرة البنك المركزي في عدن من اتخاذ أية إجراءات مماثلة مستقبلا".
مشاورات مرتقبةبعد إعلان خفض التصعيد، من المتوقع عقد مشاورات بين الحكومة والحوثيين، حيث أفاد بيان المبعوث الأممي الصادر الثلاثاء بأنه "سيتم عقد اجتماعات لمناقشة كافة القضايا الاقتصادية والإنسانية بناء على خارطة الطريق".
وتعقيبا على ذلك، طالب غروندبرغ "بضرورة تعاون الطرفين من أجل التوصل إلى اقتصاد يخدم جميع اليمنيين، ويدعم تنفيذ وقف إطلاق النار على مستوى البلاد واستئناف عملية سياسية جامعة".
وبشأن المشاورات المتوقعة، يرجح الباحث الاقتصادي محمد الجماعي "أن يتم التفاهم بين الحكومة والحوثيين على عدد من الضوابط في المجال الاقتصادي والإنساني، وفقا لما سميت بخارطة الطريق".
ويقول الجماعي لوكالة الأناضول "برضوخها لهذا الاتفاق، تم الإطاحة بأهم أسلحة الحكومة الشرعية في المجال الاقتصادي، دون حديث عن أي مقابل لموافقتها على هذا الاتفاق المفاجئ".
ويضيف: "تبدو الحكومة كمن قام بكسر حصار مفروض عليه منذ نحو 3 أعوام، حرمت فيه من مواردها النفطية والغازية، كما أنها أثبتت استقلالية قرارها بدليل تداعي الأطراف الخارجية كلها لإلغاء قرارات البنك المركزي أو تأجيلها".
ويتابع أن "من أهم الأوراق المتوقع نقاشها في المشاورات المقبلة، توحيد العملة وكسر الفارق في أسعار العملات في المحافظات الواقعة تحت سلطة الحكومة والمناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين".
وتوقف تصدير النفط في أكتوبر/تشرين الأول 2022، جراء هجمات شنها الحوثيون على موانئ نفطية في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة.
ويتمسك الحوثيون برفض السماح باستئناف تصدير النفط، ويشترطون الاتفاق على آلية يتم فيها دفع رواتب كافة الموظفين العموميين في جميع مناطق اليمن من عائدات النفط.
ويعاني اليمن أزمة مالية كبيرة، زاد من تأثيرها توقف تصدير النفط منذ عام ونصف العام، نتيجة تداعيات الصراع بين الحكومة والحوثيين، وبدأ عقب سيطرة الأخيرة على العاصمة صنعاء وعدة محافظات نهاية 2014.
المصدر: الجزيرة
كلمات دلالية: حراك الجامعات حريات بین الحکومة والحوثیین المبعوث الأممی القطاع المصرفی البنک المرکزی خفض التصعید المرکزی فی
إقرأ أيضاً:
شطارة يحذر من سفر قيادات البنك المركزي لضمان استقرار العملة
في خضم تحسّن غير مسبوق شهده سعر صرف الريال اليمني خلال الأيام الماضية، دعا عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي، لطفي شطارة، إلى منع سفر قيادات البنك المركزي اليمني إلى الخارج، معتبرًا أن أي تحرك خارجي قد يعرقل استقرار الإجراءات الحالية، التي لم تُثبت فعاليتها بعد على المستوى المعيشي والخدماتي.
وفي منشور له على صفحته الرسمية بمنصة "إكس" (تويتر سابقًا)، قال شطارة: "قيادة البنك المركزي.. انتبهوا، أحد منهم يسافر للخارج تحت أي مبرر كان، إلى أن يمر شهر على الإجراءات التي وضعوها، وتستقر أوضاع العملة وتنزل أسعار المواد الغذائية، وتُصرف المرتبات، وتتحسن الكهرباء. لأن الذي يجري الآن حتى أم الفال عاجزة عن تفسيره. لا وديعة ضُخت، ولا تصدير نفط بدأ".
وتأتي تصريحات شطارة في وقت يشهد فيه الريال اليمني تحسنًا كبيرًا في سوق الصرف، حيث تراجع سعر الدولار الأميركي إلى قرابة 2000 ريال بعد أن كان يلامس حاجز 2900 ريال الأسبوع الماضي، فيما انخفض سعر الريال السعودي إلى نحو 500 ريال مقارنةً بـ780 ريال قبل أيام فقط.
ورغم عدم وجود تدفقات مالية معلنة أو ضخ وديعة جديدة في البنك المركزي بعدن، يرى مراقبون ومصرفيون أن هذا التحسن لا يعود إلى إصلاحات اقتصادية عميقة، بل إلى قرارات سياسية ضاغطة وإجراءات تنظيمية تهدف للسيطرة المؤقتة على السوق، في محاولة لتثبيت سعر الصرف عند مستوى محدد قبيل الانتقال إلى مرحلة أكثر صرامة.
وعلى الصعيد التنظيمي، واصل البنك المركزي في عدن إصدار قرارات بإيقاف تراخيص شركات ومنشآت صرافة مخالفة. وكان أحدث قرار قد شمل سبع شركات جديدة، من بينها شركة المجربي، وشركة المنتاب إخوان، ومنشأة نون، وسعد اليافعي، والمشعبة، والمقبلي، بالإضافة إلى وكيل حوالة "علي دبلة".
وبهذه الدفعة الأخيرة، يرتفع عدد شركات ومنشآت الصرافة التي تم إيقافها إلى 38 خلال أقل من أسبوعين، وفقًا لتقارير الرقابة الميدانية التي ينفذها قطاع الرقابة على البنوك.
بحسب مصادر مصرفية، فإن التحسن المفاجئ في سعر صرف العملة لا يمكن عزوه فقط إلى الإجراءات الفنية للبنك، بل يُرجّح أنه نتيجة قرارات سياسية بغطاء اقتصادي مؤقت. وتشير تلك المصادر إلى أن البنك المركزي ربما يستعد لاحقًا لاتخاذ إجراءات أشد صرامة تهدف لتعزيز هذا التحسن ورفع قيمة الريال اليمني بصورة أكثر استدامة.
وأضافت المصادر أن التحسن الحالي يهدف إلى كسر موجة التدهور السابقة والحفاظ على نوع من الثقة في العملة الوطنية، لكن تأثيراته على أسعار السلع، والرواتب، والخدمات الأساسية، خصوصًا الكهرباء، لا تزال غير ملموسة حتى اللحظة.