جنيف - صفا

قال المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، يوم السبت، إن أوامر الإخلاء القسري التي أصدرها جيش الاحتلال الإسرائيلي شمالي رفح وجنوبي خانيونس في جنوبي قطاع غزة، وطردهم المنهجي من منازلهم وأماكن عيشهم، وحصر المئات الآلاف منهم في نطاق جغرافي محدود يجري تقليصه باستمرار، واستهدافه بشكل متعمد ومباشر من الجو والبر والبحر، يعكس إصرار "إسرائيل" على الاستمرار في ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية في قطاع غزة لليوم 295 على التوالي، وإخضاعهم لظروف معيشية قهرية تؤدي بهم نحو الهلاك الفعلي.

وأوضح المرصد الأورومتوسطي, في بيان وصل وكالة "صفا"، أن أوامر الإخلاء التي أصدرتها قوات الاحتلال الإسرائيلي صباح السبت 27 يوليو/تموز، والتي شملت السكان المدنيين في أحياء "الحشاش"، و"مصبح" في رفح، و"المنارة"، و"السلام"، و"قيزان النجار"، و"قيزان أبو رشوان" و"جورت اللوت" في خانيونس، هي في الحقيقة أوامر تهجير قسري، تشكل بحد ذاتها جريمة ضد الإنسانية وفقًا لميثاق روما الأساسي، عدا عن كونها فعلًا من أفعال جريمة الإبادة الجماعية المستمرة في القطاع منذ السابع من تشرين أول/ أكتوبر الماضي.

وقال الأورومتوسطي إن عملية التهجير القسري الأخيرة تأتي امتدادًا لأكبر وأوسع عملية تهجير قسري جماعية طالت حتى الآن نحو مليوني إنسان في قطاع غزة، غالبيتهم اضطروا للنزوح القسري المتكرر عدة مرات، حيث تضم هذه الأحياء عشرات آلاف السكان الذين كانوا نزحوا أصلًا من رفح ومن خانيونس، ومن شمالي قطاع غزة، خلال الأشهر الماضية، ومنهم آلاف نزحوا إلى هذه المناطق بعد أوامر التهجير في خانيونس بتاريخ 22 يوليو/تموز الجاري.

وذكر أن جيش الاحتلال الإسرائيلي يوسع هجومه في هذه المناطق كامتداد لاجتياحه محافظة رفح منذ 7 مايو/أيار الماضي، والمستمر حتى الآن، إلى جانب توغله الثاني في خانيونس منذ يوم الاثنين الماضي 22 يوليو/تموز، مواصلاً سياسته المنظمة في ارتكاب جرائم القتل الجماعي وإحداث الإصابات والتدمير الواسع للمنازل والمباني والبنى التحتية الحيوية والحرمان من الرعاية الطبية وتدمير أبسط مقومات الحياة والتجويع والإفقار والترويع ضد الشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وجعل قطاع غزة مكانًا غير قابل للحياة والسكن.

وحذر الأورومتوسطي، بأن تقليص جيش الاحتلال الإسرائيلي لما يسميها "المنطقة الإنسانية" في "المواصي" للمرة الثانية خلال أقل من أسبوع، مع استمرار دفع السكان والنازحين قسرًا للتجمع في هذه المنطقة الجغرافية محدودة المساحة، مع تشديد الحصار عليها، واستمرار استهدافها بشكل مباشر ومتعمد بالقصف الجوي والقصف المدفعي من الدبابات والزوارق الحربية، يؤشر لنوايا إبادة الشعب الفلسطيني ووضعه أمام خيارات بقاء صعبة وسط حصار مشدد.

و أشار المرصد الأورومتوسطي إلى أنه تابع نشر أحد جنود جيش الاحتلال الإسرائيلي مقطع فيديو لتفجير محطة خزان مياه مركزي في مدينة رفح، وهو ما يندرج في إطار النهج الإسرائيلي لتدمير مقومات الحياة في قطاع غزة، بما فيها آبار وخزانات وشبكات المياه، كما يفعل مع تدمير آلاف الدونمات الزراعية والمزارع هناك؛ ليحرم الفلسطينيين من مصادر الماء والطعام في إطار حرب التجويع والتعطيش التي يشنها ضمن جريمة الإبادة الجماعية المتواصلة منذ قرابة 10 أشهر.

وذكر الأورومتوسطي أنه بالتزامن مع ذلك تستمر قوات الاحتلال الإسرائيلية في قصف المنازل ومراكز الإيواء على رؤوس سكانيها من النازحين وترتكب جرائم قتل جماعي فيها.

ولفت إلى استشهاد أكثر من 30 فلسطينيًّا وإصابة 100 آخرين بقصف نفذته الطائرات الإسرائيلية بعد ظهر اليوم السبت واستهدف مدرسة "خديجة" التي تؤوي آلاف النازحين في دير البلح وسط قطاع غزة، وهي ضمن المنطقة التي تدفع "إسرائيل" السكان للنزوح إليها.

وشدد المرصد الأورومتوسطي على أن استمرار جرائم جيش الاحتلال الإسرائيلي بنمط واضح ومتكرر ضد السكان المدنيين بالقتل وارتكاب المجازر الجماعية والتجويع ومنع المساعدات الإنسانية والتهجير القسري وتدمير الممتلكات وغيرها من الأعيان المدنية، وعلى نحو واسع ومنهجي، ومنع أي شكل من أشكال الاستقرار والحياة؛ يدلل على أن ما تفعله "إسرائيل" يهدف إلى تدمير الفلسطينيين في قطاع غزة وإهلاكهم على نحو فعلي وبكافة الطرق المتاحة أمامه.

وجدد الأورومتوسطي مطالبته لجميع الدول بتحمل مسؤولياتها الدولية بوقف جريمة الإبادة الجماعية وكافة الجرائم الخطيرة التي ترتكبها "إسرائيل" في قطاع غزة، وحماية المدنيين هناك، وضمان امتثال "إسرائيل" لقواعد القانون الدولي وقرارات محكمة العدل الدولية، وفرض العقوبات الفعالة عليها، ووقف كافة أشكال الدعم والتعاون السياسي والمالي والعسكري المقدمة إليها، بما يشمل التوقف الفوري عن عمليات بيع وتصدير ونقل الأسلحة إليها، بما في ذلك تراخيص التصدير والمساعدات العسكرية.

وشدد على ضرورة مساءلة ومحاسبة الدول المتواطئة والشريكة مع "إسرائيل" في ارتكاب الجرائم، وبخاصة تلك التي تزود إسرائيل بأي من أشكال الدعم أو المساعدة المتصلة بارتكاب هذه الجرائم، بما في ذلك تقديم العون والانخراط في العلاقات التعاقدية في المجالات العسكرية والاستخباراتية والسياسية والقانونية والمالية والإعلامية، وغيرها من المجالات التي قد تساهم في استمرار هذه الجرائم.

ودعا الأورومتوسطي إلى مساءلة ومحاسبة الموظفين والأفراد صانعي القرارات ذات الصلة في هذه الدول، باعتبارهم متواطئين وشركاء في الجرائم المرتكبة في قطاع غزة، بما في ذلك جريمة الإبادة الجماعية، ويتحملون مسؤولية جنائية فردية عنها.

وطالب جميع الدول بالبدء بإجراء التحقيقات الجنائيـة والمحاكمات أمام محاكمها الوطنية، استنادًا للولاية القضائية العالمية، وتنفيذا لالتزاماتها القانونية الدولية التي تتحملها جميع الدول فيما يخص ضمان مساءلة ومحاكمة مرتكبي الجرائم الدولية ومنع إفلاتهم من العقاب، وإلقاء القبض عليهم ومقاضاتهم وفقًا للقوانين الدولية والوطنية ذات الصلة.

المصدر: وكالة الصحافة الفلسطينية

كلمات دلالية: طوفان الاقصى العدوان على غزة الابادة الجماعية جیش الاحتلال الإسرائیلی جریمة الإبادة الجماعیة المرصد الأورومتوسطی فی قطاع غزة بما فی

إقرأ أيضاً:

الاحتلال الإسرائيلي أمام اتهامات بالإبادة الجماعية في غزة.. أدلة متزايدة ورفض رسمي

نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية، مقالا، للصحفي إيشان ثارور قال فيه إنّ: "منظمتان إسرائيليتان بارزتان في مجال حقوق الإنسان (بتسيلم وأطباء من أجل حقوق الإنسان)، أصدرتا هذا الأسبوع، تقريرين منفصلين يشرحان أن أفعال إسرائيل في قطاع غزة ترقى إلى مستوى إبادة جماعية". 

وبحسب المقال الذي ترجمته "عربي21" فإنّ: "تقييماتهما قد توافقت مع الاستنتاجات التي سبق أن توصل إليها عدد من منظمات حقوق الإنسان الدولية الرائدة، والحكومات الأجنبية، والباحثون في دراسات الإبادة الجماعية خلال 21 شهرا".

وتابع: "منذ ذلك الحين، ألحق الجيش الإسرائيلي أضرارا أو دمّر معظم مباني غزة، وسوى معظم أحيائها بالأرض، وشرّد السكان الفلسطينيين في القطاع مرارا وتكرارا من خلال أوامر الإخلاء والقصف المتواصل. قُتل أكثر من 60 ألف شخص، وفقا للسلطات الصحية المحلية، وتنتشر المجاعة بين السكان الناجين، وفقا لمراقبي الأمم المتحدة، حيث يعانون من: مجاعة واسعة النطاق وسوء تغذية وأمراض". 

وقالت المنظمتان الحقوقيتان الإسرائيليتان، وفقا للمقال نفسه، إنّ: "سلوك إسرائيل خلال الحرب وخطاب العديد من القادة السياسيين والعسكريين الإسرائيليين يُظهران "نية متعمدة من صناع القرار الإسرائيليين لاستهداف جميع سكان غزة بدلا من استهداف المقاتلين فقط، وتدمير حياة الشعب الفلسطيني"، كما أفاد مراسلو واشنطن بوست. ودعا هؤلاء القادة الإسرائيليون، من بين أمور أخرى، إلى حرمان المدنيين في غزة من الغذاء والماء والتطهير العرقي للقطاع".

إلى ذلك، قالت مديرة منظمة بتسيلم، يولي نوفاك: "لكل إبادة جماعية في التاريخ مبرراتها، على الأقل في نظر مرتكبيها: الدفاع عن النفس في وجه خطر وجودي، وحرب لا خيار فيها، وضحايا 'جلبوها على أنفسهم'".

وأوضح المصدر أنّ: "تهمة "الإبادة الجماعية" تُعتبر تهمة مُثقلة ومُحفوفة بالمخاطر، خاصة عند استخدامها ضد دولة نتجت عن تجربة الهولوكوست. صاغ هذا المصطلح المحامي البولندي رافائيل ليمكين عام 1944 لتفصيل مشروع النازيين المنهجي لقتل اليهود، وتم تعريفها بموجب اتفاقية الأمم المتحدة لعام 1948 بشأن الإبادة الجماعية كجريمة تحمل "نية التدمير الكلي أو الجزئي لجماعة قومية أو إثنية أو عرقية أو دينية".

وأردف: "تعتقد الحكومات التي اتهمت إسرائيل في محكمة العدل الدولية بارتكاب إبادة جماعية، أن هناك أدلة كافية تُظهر أن إسرائيل تنوي جعل حياة الفلسطينيين في غزة مستحيلة. وفي هذا الرأي، يدعمهم عددٌ متزايد من علماء الإبادة الجماعية. في كانون الأول/ ديسمبر 2023، أصدر معهد منع الإبادة الجماعية، الذي يحمل اسم ليمكين، بيانا حذّر فيه من "استخدام لغة الإبادة الجماعية الواضحة على جميع مستويات المجتمع الإسرائيلي تقريبا".

في السياق نفسه، كتب الخبير الاجتماعي الرائد في مجال الإبادة الجماعية ومؤلف كتاب "ما هي الإبادة الجماعية؟" الصادر عام 2007، مارتن شو، الأسبوع الماضي، أنّ: "العديد من القادة والصحفيين الغربيين عازمون على "تجنب استخدام كلمة 'إبادة جماعية' بأي ثمن عند تقييم أفعال إسرائيل"، ويرجع ذلك جزئيا إلى حساسية هذه الكلمة".

لكن شو جادل بأنّ: "تراكم البؤس والمعاناة في غزة على مدى 21 شهرا الماضية، والجهود الفوضوية التي تبذلها مبادرة مدعومة من إسرائيل لتقديم المساعدات الإنسانية إلى غزة منذ انهيار وقف إطلاق النار قصير الأمد في آذار/ مارس، تعني أنّ: سد إنكار الإبادة الجماعية التفسيري قد انهار تماما".

وتصدر المؤرخ البارز للهولوكوست في جامعة براون، عمر بارتوف، عناوين الصحف، قبل أسبوعين، بمقال رأي في صحيفة "نيويورك تايمز" جادل فيه بأن إبادة جماعية تحدث في غزة. في مقابلة لاحقة مع شبكة سي إن إن أوضح بارتوف أنه "اعتقد في البداية أن إسرائيل ربما ترتكب جرائم حرب، وليس إبادة جماعية".

واستدرك: "لكن تطبيق سياسات معاقبة جميع سكان غزة "تفاقم بشكل كبير" في الأشهر التالية، على حد قوله، كما أن تدمير إسرائيل للبنية التحتية المدنية والمستشفيات والمتاحف والجامعات، وأي شيء من شأنه أن يُمكّن السكان بعد الحرب من إعادة بناء أنفسهم، في غزة، يعزز أيضا تهمة الإبادة الجماعية".

بارتوف ليس الوحيد. ففي حزيران/ يونيو، قالت رئيسة الرابطة الدولية لعلماء الإبادة الجماعية، ميلاني أوبراين، وهي رابطة تضم أكثر من 700 باحث، في مقابلة إن "ما يحدث في غزة يُمثل إبادة جماعية" ويندرج ضمن التعريفات القانونية للجريمة التي حددتها اتفاقية الإبادة الجماعية ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية. 

أيضا، كتب تانر أكام وماريان هيرش ومايكل روثبرغ، الأكاديميون الذين ساعدوا في تأسيس شبكة أزمة دراسات الإبادة الجماعية والمحرقة، التي انضم إليها أكثر من 400 باحث بعد إطلاقها في نيسان/ أبريل، في مقال رأي بصحيفة الغارديان هذا الأسبوع أنّ: "المسؤولين الإسرائيليين وحلفاءهم برروا العنف الإبادي ضد الفلسطينيين بمساواتهم بين حماس والنازية، مستغلين ذكرى المحرقة لتعزيز العنف الجماعي بدلا من منعه".


في أيار/ مايو، أجرت صحيفة NRC الهولندية استطلاعا لآراء سبعة باحثين بارزين في مجال الإبادة الجماعية، والذين أجمعوا على أن إبادة جماعية تحدث في غزة. كان المؤرخ الإسرائيلي ومدير برنامج دراسات المحرقة والإبادة الجماعية في جامعة ستوكتون في نيوجيرسي، راز سيغال، من أوائل الباحثين في هذا المجال الذين أشاروا إلى الإبادة الجماعية، محذّرا بعد أسبوع واحد فقط من عملية 7 أكتوبر من أن "حالة إبادة جماعية نموذجية" تتكشف في غزة. 

وختم المقال بالقول: "جادل دانيال بلاتمان وآموس غولدبرغ، مؤرخا دراسات الهولوكوست والإبادة الجماعية في الجامعة العبرية في القدس، في وقت سابق من هذا العام، بأن المحاسبة بالنسبة لإسرائيل ستتجاوز بكثير حدود الأكاديميا". 

وكتبا في صحيفة "هآرتس" العبرية، في كانون الثاني/ يناير: "بمجرد انتهاء الحرب، سيتعين علينا نحن الإسرائيليين أن ننظر إلى أنفسنا في المرآة، حيث سنرى انعكاس مجتمع لم يكتفِ بفشله في حماية مواطنيه من هجوم حماس القاتل، وإهمال أبنائه وبناته الأسرى، بل ارتكب أيضا هذا الفعل في غزة، هذه الإبادة الجماعية التي ستلطخ التاريخ اليهودي من الآن فصاعدا وإلى الأبد. علينا أن نواجه الواقع ونفهم عمق الرعب الذي ألحقناه".

مقالات مشابهة

  • "الأورومتوسطي": "إسرائيل" دمّرت 97% من ثروة غزة الحيوانية
  • عشرات الشهداء والجرحى باستهداف الاحتلال المجوعين وخيام النازحين
  • الإبادة والمجاعة مستمرتان في غزة: قصف إسرائيلي متواصل على النازحين / شاهد
  • "عرب المليحات" يطالبون بتدخل دولي لوقف جريمة التهجير القسري بحقهم
  • أهالي عرب المليحات يطالبون بتدخل دولي لوقف جريمة التهجير القسري بحقهم
  • أيمن الرقب: مصر رفضت مخطط التهجير القسري من غزة منذ اليوم الأول
  • مشهد يؤكد الخيانة.. «إخواني» يرفع العلم الإسرائيلي أمام السفارة المصرية في تل أبيب
  • خبير عسكري: سحب الفرقة 98 من غزة يؤكد تحول إسرائيل من الهجوم إلى الدفاع
  • الاحتلال الإسرائيلي أمام اتهامات بالإبادة الجماعية في غزة.. أدلة متزايدة ورفض رسمي
  • استشهاد 13 فلسطينيا بغارات استهدفت خيام النازحين